إذا كان الاسلام واحداً فلماذا يتفرق المتدنيون به؟ وإذا كانت القضية الوطنية واحدة فلماذا يتقاتل الوطنيون؟ **** لا كرامة لوطن يفتقد فيه المواطن عزته وكرامته. **** المقاومة حق مشروع لكل الشعوب التي تتطلع الى الاستقرار والحرية والسيادة وتقرير المصير. **** إن وحدة المسيحيين مسؤولية سياسية إسلامية ووحدة المسلمين مسؤولية سياسية مسيحية **** إن شريعة لبنان الحضاري هي شريعة الدين والعقل لا شريعة الهوى والقتل، وهي شريعة اللقاء والحوار لا شريعة الخصام والدمار **** إن أي فئة من الفئات لا يمكنها ان تبني لبنان على صورتها، سواء كانت حزبية أو طائفية أم عنصرية. **** إن لغة التخاطب مع العدو الدخيل على الجوار تختلف عن لغة التخاطب مع الشقيق المتعاون في حمى الديار. **** الكرامات التي يعتدي عليها العدو الاسرائيلي خليقة بأن تثير ضمير العالم ليتحرك الى جانبنا. **** إن تحرير الوطن يكون بتحريره من العدو الاسرائيلي وتوفير السيادة له كاملة غير منقوصة. **** إن الواقع المقطّع الأوصال والضائع في متاهات اللا أمن واللا استقرار، يُشجع كل صاحب غرض لأن يحقق غرضه، وخصوصاً العدو الإسرائيلي الذي يريد أن يلعب بالنار ويستغل الظروف. **** إن أعز نداءٍ إلى قلبي هو المحافظة على وحدة هذا الوطن وقوته وأن تعيشوا في ظلاله اخوة متلاقين متحابين في السراء والضراء فالقيمة الحقيقة للمواطن هي بما يعطي وطنه من مواهب لا بما يحققه لنفسه من مكاسب **** ان الخطر على لبنان من داخله إذا وزنت الوطنيةُ فيه بميزانين. **** من يطبق القانون بحزم في جهة ويتردد في تطبيقه في جهة أخرى يرد موارد الظلم. **** حريُّ بلبنان، أنشودة التلاقي بين المتدينين، أن يكون رائداً من رواد الحضارة الروحية في عصرنا. **** الطائفية هي تشنج صارخ بقشور الدين وانغلاق وحشي على الإنسانية وضياءها. **** إن لبنان بلد التلاقي الروحي لا الإبتزاز الديني، وان التدين ممارسة صادقة لحقيقة الدين وانفتاح مطلق على الإنسانية بأسرها. **** إننا نريد للبنان أن يكون بلد التعايش السياسي لا التعايش الطائفي. **** إن حقنا في وطننا ليس ملكاً يتصرف به البعض كما يهوى ويشتهي إنما هو أمانة نحملها في أعناقنا جميعاً لنسلمها إلى أحفادنا وإلى أجيالنا المقبلة. **** إن تحرير الوطن ينبغي ان توازيه حركة تحرير المواطن وتحقيق المساواة الوطنية التامة. **** إن من يزن العدل بميزانين يخطئ في حق لبنان. **** وحدة المسلمين والمسيحيين في وطنٍ واحد مسؤوليةٌُ لبنانية مشتركة **** إن تحرير المجتمع اللبناني لا يقوم إلا بتكامل الطاقات الإسلامية والمسيحية. **** المواطن اللبناني لا يكون كبيراً إلا إذا بسطت السلطة الشرعية ظلها على كامل تراب الوطن **** إن لبنان لا يمكن أن يكون إلا على صورةٍِ من التجانس البديع بين جميع طوائفه **** إن نهوض لبنان وتقدمه مرهونٌ بتحقيق العدالة والمساواة بين اللبنانيين ومناطقهم **** الطائفية السياسية والساسة الطائفيون كلاهما ينتفع بالآخر ويتغذى عليه وكل ذلك على حساب لبنان وسلامته وازدهاره. **** إن دعوتنا لوحدة المسلمين ليست إلا دعوة لوحدة اللبنانيين. **** إن أخطر العبودية المعاصرة هي عبودية الإنسان لأهوائه وشهواته التي أحبطت مستواه الخلقي والاجتماعي والحضاري. **** إننا لسنا من هواة إثارة الهالات من حولنا ولا نحب أسلوب العمل الفوضوي ولسنا تجار مبادىء. **** عروبة لبنان هي الشرط الأول لبقائه سيداً حراً مستقلاً. **** إن الإنهيارات الخلقية والإجتماعية على صعيد الأفراد والشعوب، ما هي في الواقع إلا نتيجة طبيعية لفقدان القدرة لدى الإنسان المعاصر على إقامة التوازن الدقيق بين الروح والمادة. **** إن مهمتنا هي أن نحكم بالعدل في نطاق صلاحياتنا وأن نطالب بالأفضل لشعبنا في نطاق الأدب والحكمة. **** لا ديمقراطية ولا عدالة بوجود الطائفية. ****
May 2024 02
الخميس 23 شوال 1445
حكـــــمة الاسبـــــوع




لا تستح من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه



سجـــــل الإصدقـــــاء
رســائـــل التضامـــــن
رســــائـــل التــحيـــة
الـــــى الشــــــــــهيد
16 أيار
روابــــــــــط
المســـابقة التشجيعيـة
اســـــتفتــــــــاء
هل انت مع سحب المبادرة العربية للسلام نتيجة المجزرة الاسرائيلية على سفينة المساعدات؟
إشترك نتائج
   الشيخ حسن خالد في الأعلام
   
   
 


العنوان : السلاح مادة قاتلة ووسيلة ظالمة
التاريخ : 1985-10-08
المرجع : جريدة العمل

نحن أصبحنا فئة محرومة والوصف لم يعد ينطبق على سوانا
موارد صندوق الزكاة لهذا العام تدل على أن هناك وعياً إسلامياً بوجوب دفع فريضة الزكاة
المؤسسات الاسلامية على الأرض اللبنانية منها الصحية والتربوية ومنها الرعائية والاجتماعية
نوجه الشكر والتقدير لمؤسسة الحريري وأجهزتها وبالذات الى الأستاذ رفيق الحريري
إن وجود السلاح على الأرض فرز الواقع فالمساعدات تذهب في اتجاهات فئوية بضغط من المسلحين
سيكون لنا قريباً موقف حول سحب المسلحين من بيروت الغربية
مازلنا نتلقى الوعد تلو الوعد بأن السلاح سيسحب من الشارع وأن المسلحين لن يكونوا على الأرض


أكد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد ان "نأبى تشطيرنا الى فئات ومذاهب وان نفرز الى كتل وميليشيات". وقال: "الرجولة والبطولة لا تكونان بحمل السلاح، وانما بتمالك الاعصاب وحفظ الحدود وعدم الاعتداء على الآخرين". وأعلن "سنكون في النهاية ارباب الحق وليس اولئك الذين ظلموا او اعتدوا او جاروا على الناس". وأكد ان "نحن حزب واحد واتباع محمد فهو قائدنا وسيدنا ومعلمنا ومرشدنا".

في حوار مع مجلة "الفكر الاسلامي" رد المفتي خالد على الاسئلة الآتية:

الوضع العام

• نحن على ابواب السنة الهجرية الجديدة، كيف تنظر الى الوضع العام في لبنان وهل انت متفائل بالاجواء التي تبدو في الافق؟

- لا شك في اننا دوما نشكر الله تعالى ان يعيننا في كل يوم لنتمكن من حمل المسؤولية والاعباء الملقاة على كواهلنا، ولنصل بجهدنا المتواضع الى بعض ما تنشده المصلحة الاسلامية ثم المصلحة الوطنية في هذا البلد.

ونحن نتطلع الى هذا الواقع من خلال السنوات الطويلة التي مرت، تطلع المعانين والمتضايقين من كثير من المتاعب والاحداث المتلاحقة التي تحيط بالانسان وتعيقه عن اخذ طريقه نحو ما يتمنى الوصول اليه من قوة ومن وجود فعال وايجابي.

ولكننا مع ذلك نحن ما زلنا على مستوى لا بأس به من الأمل في الله سبحانه وتعالى وهذا المستوى الايماني الكبير هو الذي يرفدنا دوما بالعزيمة وبالجهد وبالقدرة على المواصلة وعلى العطاء.

وبهذا الايمان ننظر الى مشاكلنا والى ظروفنا الصعبة التي نمر بها، والتي لا نفتأ نبحث مع غيرنا من المسؤولين على هذه الأرض. وفي هذا الوطن عن الحلول وعن الرؤى والتطورات التي يمكن ان تساعدنا للعودة بلبنان الى وضعه الطبيعي والعودة بهذا الشعب اللبناني ايضا ليعيش كما يعيش غيره من الشعوب وليتمكن من تعزيز الركب الحضاري وبناء حياته بناء كريما وعزيزا.

ونحن كمسلمين في لبنان ومن خلال الواقع القائم تبقى معاناتنا مشتركة مع معاناة الاخرىن من ناحية العمل الادارية ومن ناحية النشاط الاسلامي ونعاني من القدرة المالية، ومن الكفايات التي نحن احوج ما نكون اليها كما نعاني من الواقع الاسلامي العام المتشرذم، ومن الواقع السياسي المتحطم، والاقتصادي المتدهور. نعاني من كل هذه الامور ولكننا على رغم كل هذا ما زلنا على سلاحنا وما زلنا واقفين على اقدامنا. ونأمل من الله سبحانه وتعالى في ان يحقق لنا في الغد ما لم نتمكن من تحقيقه اليوم.

• في الفترة الاخيرة لعبت دار الفتوى دورا سياسيا واجتماعيا كبيرا وهذا الدور طرح تساؤلات كثيرة عن قدرة دار الفتوى على تلبية حاجات الناس المتراكمة، والتي هي فعلا فوق امكاناتها، فماذا فعلت دار الفتوى حتى الآن لاستيعاب هذه المرحلة؟

- طبعا انتم تعلمون ان الوضع الاسلامي العام في بحران هذا الواقع اللبناني المتفجر وضع بائس، وسبب بؤسه انه ناله اكثر ما يمكن ان ينال فئة في هذه المنطقة من المصائب والكوارث. فمجتمعنا الاسلامي اصيب في مؤسساته الاقتصادية واصيب في مؤسساته الاجتماعية واصيب في مؤسساته التربوية وكذلك الصحية والمالية.

اضافة الى ذلك اصيب ابناؤه في اقتصادهم العام فهدمت مساكن الكثيرين، وعدد هائل من المتاجر الامر الذي اجبر عشرات الآلاف على الهجرة الى خارج الوطن، كما اصيب الكثيرون بمصائب مختلفة منها التشويه في الاجساد ومنها بتر بعض الاعضاء ومنهم من أصيبوا بمصاب الموت فاحدث الترمل والتيتم، ومنهم من فقد العمل الى ما هناك من الامور الكثيرة جدا ولا سبيل الى احصائها وعرضها الان. وهذه المصائب لا بد من معالجتها ولكي تعالج لا بد من الارتفاع الى مستواها من القدرة، فمتى استطعنا معالجة الجانب المؤسسي نكون قادرين بعدها على معالجة القضايا الصحية والتربوية والاجتماعية ولمعالجة كل هذه الامور لا بد من توفر الآتي:

الامكانات التنظيمية التي تتحقق من خلال الاجهزة البشرية. ولا بد قبل ذلك من توفر الامكانات المالية  التي تساعد على ايجاد هذه الاجهزة التي تنظم الامور وتنجز ما تخططه. وهذا كله من الصعوبات في مكان لان السبب سنضع الاجابة عنه في المستقبل.

كذلك لو نظرنا الى المصائب البشرية، التهجير، هدم البيوت، التشويه في الاشخاص، البتر للاعضاء.. الى اخره. كل ذلك يتطلب معالجات اذ لا بد من ترميم البيوت، ولا بد من اعادة بناء ما تهدم ولا بد من ايجاد العمل للعاطلين عن العمل، ولا بد من معالجة المرضى ولا بد من معالجة المشوهين ولا بد من مساعدة الذين فقدوا بعض اعضائهم. واعظم ما نحن نفتقر اليه في هذه الظروف هو المال، المال هو عصب الحياة المال الذي يوجد الاجهزة البشرية التي تضع الانظمة والكادرات والهيكليات التنظيمية ومن خلال هذه الهيكليات التنظيمية يمكن ايجاد الاعداد البشرية التي تقوم بالنشاط وتقوم بالاعمال سواء كان ذلك على صعيد الاطباء او الاداريين او الماليين او المحاسبين، او في مجال من مجالات الحركة العمرانية التي تتطلبها اعادة بناء هذا الوطن المنكوب.

كيف يمكن ان يتحقق كل هذا والمال غير موفور بين ايدينا نحن كما يقول الناس تقلي البيض بالهواء: نحن نحمل الانسان على ان يتغذى ويأكل من الهواء ونحمله على ان يعيش في الفراغ ويحيا على الآمال... نحاول ان نشعره بأننا معه، نحاول ان نخفف عنه آلامه ونواسي مصيبته. وكل ذلك كلام معسول وجميل، من ان نكون قادرين بالاجمال على تلبية كل هذه الحاجات. واذا كنا قادرين فإننا نلبي نصف في المئة على الكثير.

والمساعدات التي وردتنا كاجتماعيين في الفترة الماضية لم تتجاوز عشرين مليون ليرة، والتي استلمناها نحن لم تتجاوز عشرة ملايين ليرة. وهذه الملايين العشرة منها ما ورد الى صندوق الزكاة ومنها ما ورد الى المؤسسات العامة، وهذا المبلغ من المال لا يكفي لمؤسسة من هذه المؤسسات. يعني لو أخذنا مؤسسات الخدمات الاجتماعية التي ترعى 500 طالب وفيها ما لا يقل عن 80 موظفا هذه وحدها تحتاج الى عشرة ملايين ليرة حتى تقدر ان تقضي حاجة هؤلاء التلاميذ ومسؤولية هؤلاء الموظفين. فكيف بمؤسسة التأهيل؟
وكيف بمؤسسات الرعاية الاجتماعية للأيتام؟ وكيف بمؤسسة دار العجزة؟ وكيف بمؤسسات المقاصد؟ وكيف بكلية التربية والتعليم في طرابلس، والمستشفى الاسلامي في طرابلس؟ ومدارس المقاصد في صيدا وبعلبك والبقاع... والمؤسسات المختلفة التربوية والاجتماعية وغيرها والتي لا استطيع تحديدها في هذه المعالجة.. كيف يمكن ان تقضي حاجة هؤلاء بهذا المبلغ الضئيل.. الضئيل.. الضئيل من المال؟

نحن اذا في حاجة الى مخصصات.. مخصصات كبيرة حتى نستطيع ان نلبي حاجات الناس في هذه الظروف الصعبة.

وخدمات دار الفتوى لا شك في انها ناشطة وتعمل في شكل دؤوب كما ترون وانتم من الجهاز الموجود، لا يكاد الموظف يجد فراغا في نهاره يستطيع فيه ان يتكلم مع آخر. ومع ذلك فإننا نجد انفسنا مع كل هذه الجهود الجبارة التي نقوم بها ونؤديها نجد انفسنا عاجزين عن تلبية نصف في المئة من حاجات المسلمين، وحتى تلبي كل حاجاتهم لا بد من ان تكون المساعدات في مستواها.

مساعدة المحتاجين

• هناك عدد كبير من المسلمين يملك ثروات جيدة ويستطيعون الوقوف الى جانب اخوانهم المحتاجين. ولكنهم يتقاعسون في كثير من الاحيان، وبما انك المسؤول الاول للمسلمين، لماذا لا تلزم هؤلاء على مساعدة اخوانهم في حاجاتهم؟

- لا شك في اننا دعونا كل هؤلاء في شكل خاص وعام، ودعوناهم الى ان يسهموا في مساعدة المسلمين المحتاجين في هذه الظروف وذلك سجل في الخطب والاحاديث وفي التوعية التي سلطناها من خلال العلماء والدعاة ووسائل الاعلام، ولكن مع الأسف كل الذي حصلناه من هؤلاء لا يزيد عن 4 ملايين ليرة لبنانية بالنسبة الى صندوق الزكاة. وأظن بأنها لا تتجاوز ايضا الـ5-6 ملايين ليرة للمؤسسات الموجودة على الارض. هذه المبالغ التي وردت لا تستطيع ان تكون نقطة في البحر الذي نحن في حاجة الى ان نستمد منه لعطاء المحتاجين. اما لماذا لا نفرض على هؤلاء؟

اولا: هناك من هو اقوى واقدر مني فرض على هؤلاء ومع ذلك فإنهم لم يلبوا. فكيف يمكنني انا ان افرض عليهم؟

"الله سبحانه وتعالى فرض عليهم الزكاة. والله سبحانه وتعالى هو اقوى من كل قوي. واكبر من كل كبير. الله سبحانه وتعالى قال: "واقيموا الصلاة وآتوا الزكاة". فإيفاء الزكاة فرض على كل غني وعلى كل موسر، عندما يصل ما له الى حد النصاب الذي تكلمنا عنه اكثر من مرة وهو عبارة عن اثنتي عشرة ليرة عثمانية ذهبا عندما يصل الى هذا الحد يصبح مرغما بأمر الله سبحانه وتعالى ان يدفع عنه نسبة 2 ونصف بالمئة. ومع ذلك لا يلبون هذه الفريضة، فهل تتصورون بأن مطلوب مني ان احمل السلاح واجبرهم من خلال هذا السلاح كما يفعل البعض، وآخذ منهم هذا المال بالقوة؟

هذا الشيء لا يؤدي النتيجة المطلوبة وربما تكون عاقبته وخيمة وسيئة على المصلحة العامة. كما رأيناها بالنسبة الى ما نلمسه على الارض. فهناك كثير من الذين استعملوا القوة وادى استعمالهم لها الى ان تحول الامر من اخذ ما هو للمصلحة العامة الى سرقات والى نهب والى قتل واجرام والى غير ذلك، وهذا شيء لا يرضي الله سبحانه وتعالى ولا يرضي المسلمين، ونحن لا يمكننا ان نستعمل هذا.

"ولكننا نعتقد على ايمان هؤلاء، نعتمد على شعورهم بالمسؤولية تجاه أمتهم، تجاه مصالحهم، لأن المصابين هم اخوانهم في الله، هم ركائزهم في هذه الارض. وعليهم ان يتصوروا انه كان في الامكان ان تقع المصيبة فيهم بدلا من ان تقع في هؤلاء. ولكن الله سبحانه وتعالى اختار ان تقع في هؤلاء ليعلمهم وليحملهم على الاعتبار وليفتح لهم الفرصة ليكونوا قادرين على المساعدة، وعدم مساعدة الضعفاء والمحتاجين، مصيبة تقع على رؤوس القادرين، لانها ستلحق بهم ضرراً كبيرا في الدنيا، وضررا كبيرا في الآخرة عند الله سبحانه وتعالى عندما يقفون بين يديه ويسألهم.. ماذا فعلتم بهذا المال؟ ولماذا لم تؤدوا النصيب الذي كان مفروضا فيه للفقراء والضعفاء والمساكين".

موارد الزكاة

• مقارنة بين السنة الماضية والسنة الجارية، الموارد التي دخلت هذا العام الى "صندوق الزكاة" افضل من العام الماضي. وهذا يدل على ان هناك وعيا اسلاميا بوجوب دفع فريضة الزكاة. الا تشعرون بأن هناك نقصاً في الاجهزة الادارية في لجنة الزكاة وفي مؤسسة دار الفتوى في توصيل الوعي الكامل الى المسلمين ليؤدوا واجباتهم ويدفعوا زكاة اموالهم؟

- طبعا هذا العام كان ما دخل الى صندوق الزكاة هو احسن من العام الماضي. ولكن النسبة ليست كبيرة، يعني انه زاد كما اتصور حوالي نصف مليون ليرة لبنانية. وانما المصيبة هذا العام هي اكبر من العام الماضي بكثير، ومع ذلك فاننا نقول ان هناك تحسنا في فهم الواجب وفي تلمس الحق وفي تلبية النداء، لكن لا بد من ان يكون في المستوى الذي يريده الله، والذي تحتاج اليه المصلحة الاسلامية.

وطبعاً انا معك ان الجهاز عندنا مقصّر، ونحن لا نستطيع الا ان نكون مقصرين، لأن عدد الموظفين في دار الفتوى لا يتجاوز العشرة، وهذا العدد لا يمكن ان يتوصل الى تحقيق المطلوب من التوعية الواسعة لتشمل كل لبنان وتتصل بكل انسان وتتابع ذلك يوما بعد يوم، ولو اردنا ان نوجد الجهاز الصحيح لكان كل ما ورد الى صندوق الزكاة لا يغطي حاجات الموظفين للقيام بمهمة التوعية والتوجيه، ولكننا نحن رأينا ان نوفق بين الحاجة وبين الامكانات. فاقتصرنا على هذا العدد وعلى امل ان يرتفع هذا الوارد ويصبح في يوم من الايام في المستوى الذي يمكن ان نزيد فيه عدد الموظفين وبالتالي يكون لدينا الوفر الكامل لتغطية حاجات الناس الذين هم على الارض على مستوى حاجاتهم وفي الوقت نفسه نتمكن من سد رواتب العاملين على الزكاة.

في هذا العام كان ينبغي ان يكون واردنا 500 مليون ليرة.. ولكن مع الاسف لم يصل الينا منها الا واحد في المئة. فنحن نتطلع الى ان تصبح واردات صندوق الزكاة 500 مليون ليرة ، وعندما تدخل علينا يمكننا ان نغطي كثيراً من احتياجات المسلمين.

وأود هنا القول اننا اذا اردنا ان نقدم المساعدة الى حي من الاحياء يلزمنا على الاقل من 15 الى 20 مليون ليرة، مثلا حي بربور الذي ضرب أخيراً وحده في حاجة الى ما لا يقل عن 25 مليون ليرة، وحي مثل رأس النبع لو اردنا ان نساعد ابناءه اليوم وهو حي يضم ما لا يقل عن 70 الف ساكن لاحتجنا الى ما يقل عن 50 مليون ليرة كدفعة اولى لمساعدة هؤلاء الناس المتضررين. وحي الأزهر مثلاً الذي ضرب ومنطقة عائشة بكار والملا الى آخره... وخصوصا وانتم تعلمون ان الازهر اليوم محتل، من بعض الذين هجروا من منطقة الطريق الجديدة او رأس النبع او المخيمات، تعلم ان هذه المؤسسة محتلة  اليوم من هؤلاء المهجرين. كيف يمكننا ان نخرج هؤلاء ونزاول مهمتنا التعليمية في هذه المؤسسة التربوية اذا استمر وجودهم؟ وكيف يمكن ان نخرجهم من دون ان نقدم اليها المساعدة والمال؟ كيف يمكن والذي نعطيهم اياه لا يكفي لسد بعض اللقيمات وهم في حاجة الى سكن والى لباس والى قرش لسكناهم وفي حاجة الى علاج وادوية واطباء.

بالأمس جاءني احد الاشخاص وقال لي انا كنت ميسوراً، وكان عندي  سيارات كان عندي ادارة، فضربت ادارتي وتهدمت وضرب بيتي وضربت سيارتي كلها، والآن أنا في حاجة الى المال وارجو ان تساعدني.. ومثله كثير من المسلمين اليوم يعيش هذا الواقع.

وحتى تستطيع ان تعينهم لا بد اولاً من ان تنظر الى وضعهم الاقتصادي، وتنظر الى وضعهم الصحي، وتنظر الى وضعهم التربوي، وتنظر الى وضعهم الاجتماعي والنفسي، وكل هذا يحتاج الى مساعدات، من الناحية الصحية هم في حاجة الى مساعدة. من الناحية الاجتماعية هم في حاجة الى مساعدة، في حاجة الى بيوت للسكن، في حاجة الى مدارس لاولادهم. في حاجة الى مؤسسات للعمل. والا كيف يمكنهم ان يكتفوا، والا انت مضطر الى ان تطعمهم كل يوم حتى يكتفوا. فلا بد لهم من العمل. وحتى يعملوا لا بد من احياء المؤسسات. ولكي تحيي المؤسسات لا بد من مساعدتها فالمؤسسات التي ضربت وهدمت والتي منع اصحابها من العمل كدار العجزة وكالايتام وكمؤسسات الرعاية الاجتماعية وغيرها من المؤسسات.
هذه المؤسسات تستوعب العشرات بل المئات من الموظفين لا بد من ان تنشطر من جديد لتستطيع ان تؤدي جهدها ونشاطها وتخدم الناس.

المؤسسات الاسلامية

• بصفتك المسؤول الاول للمسلمين، وترعى جملة من المؤسسات هل لك ان تعدد لنا هذه المؤسسات وما تستوعبه من قوى بشرية؟

- الواقع ان عددا هائلا من المؤسسات على الارض اللبنانية ملك للمسلمين وتنشط لخدمة المصلحة الاسلامية العامة. فلدى المسلمين مؤسسات صحية، ومن المؤسسات الصحية مثلا مستشفى المقاصد، مستشفى البربير، مؤسسة التأهيل الطبي والمستشفى الاسلامي في طرابلس والمستشفى الموجود في البقاع، وعندنا مستوصفات مختلفة موزعة في احياء بيروت وفي مناطق الاقضية، في محافظة البقاع وفي مناطق طرابلس ومحافظة الشمال وفي احياء صيدا ومحافظة الجنوب، وكذلك في جبل لبنان لدينا المستوصفات الكثيرة التي تعمل جاهدة في خدمة الحاجة الصحية لدى المسلمين، هذه المستشفيات وهذه المستوصفات ضربت في اكثرها وهي تستوعب ما لا يقل عن 2000 الى 2500 سرير. وتقوم على خدمة الاف من المسلمين، وتضم المئات من الموظفين، وهؤلاء كلهم يعملون في خدمة المسلمين الصحية ويحتاجون الى موازنة كبيرة واتصور ان موازنة المستشفيات والمستوصفات هذه لا تقل عن 100 مليون ليرة، ولكنها الآن في حال من البؤس الشديد لانها لا تجد المال الذي يكفي حاجات المرضى بالجرحى والمشوهين والذين بترت اعضاؤهم والمصابين في انفسهم وغير ذلك من انواع الاصابات التي احدثتها الاوضاع المتفجرة في لبنان.

وعندنا مؤسسات تربوية في بيروت المقاصد الاسلامية وأزهر لبنان وكلية الدعوة الاسلامية وعندنا مدارس الايتام ومؤسسة الخدمات الاجتماعية وعندنا كذلك مؤسسات التربية والتعليم في طرابلس ومؤسسات كالبيادر والجماعة الاسلامية والايمان ومدارس اخرى في صيدا، وكذلك في البقاع هذه المدارس تضم على الاقل ما يزيد على 30 الف طالب، وهي تحتاج الى موازنة ضخمة والان تقع في عجز كبير جداً، وزاد في عجزها مصائب الناس وغيرهم عن ان يدفعوا اقساط ابنائهم المدرسية، مما اوقع هذه المؤسسات في النقص الكبير  الامر الذي يهدد قريباً ام بعيدا باغلاق هذه المدارس وتوقفها.

اضافة الى ذلك المؤسسات التي تقوم بخدمات رعائية كالايتام والتأهيل الطبي، والمؤسسات الاجتماعية التي تعني بالمشوهين والمعاقين وغير ذلك، وهذه المؤسسات ضخمة وتضم العدد الكبير من المسعفين والموظفين منها ببيروت ما لا يقل عن 5 مؤسسات وكذلك في طرابلس وصيدا، وكلها تنشط وتعمل وتقدم الخدمات للناس وترعى الايتام والآرامل والمشوهين والمعاقين وتقدم لهم الادوية مجانا والطعام مجانا، والكساء مجانا وتساعدهم ايضا وتساعد عائلاتهم وهذه الآن في بؤس شديد وفي حال من الكرب الذي لا يمكن ان يوصف خصوصا ان اكثر هذه المؤسسات لا تملك المال لدفع رواتب الموظفين فضلاً عن انها لا تملك المال لتقديم الطعام والكساء لهؤلاء الايتام او المعاقين.

هذه مؤسسات اسلامية تتناول الناحية الصحية والناحية التربوية والناحية الاجتماعية، وهناك مؤسسات اخرى لا استطيع الان ان اوردها في مجموعها مؤسسات اسلامية يفتخر الانسان عندما يتحدث عنها ويفتخر عندما يستحضر النشاطات والخدمات الجلى التي قدمتها في الماضي وتقدمها حالاً لابنائها وللمسلمين، وخصوصاً مؤسسات الدفاع المدني التي لم اذكرها عندنا مؤسسات الدفاع المدني المتبرعون يشترون السيارات ويعملون ويقدمون الادوية ويقدمون العلاج ويركضون وراء الناس عندما يصابون بقنبلة او بعبوة ناسفة لينقذوا ما يمكنهم انقاذه من هؤلاء المصابين. هذه المؤسسات كثيرة جدا وكلها مؤسسات اسلامية عاملة وناصبة على هذه الارض. ولكن مع الاسف اصبحت تلك المؤسسات تعاني من خطر الضياع وخصوصا ان ايدي المجرمين طاولتها واعتدت عليها وكسرت الكثير من اجهزتها وآلاتها ولم تعد ترى من يساعدها بالمال او ينظر اليها او يمدها بالاجهزة او يمدها بالمواد التي تحتاج اليها لمساعدة المرضى والمتضررين.

مؤسساتنا الاسلامية هذه كلها هي على الارض تعمل ولا يجوز ان تترك وتركها خسارة كبيرة للمصلحة العامة وعلى جميع المسلمين في لبنان وفي خارج لبنان ان يعيروا هذه المؤسسات ما تستحق، وان يقدموا لها المساعدات لتقف على ارجلها خصوصا انها مؤسسات انسانية تعمل في خدمة الانسان وليست مؤسسات عسكرية تخطئ وتصيب وتؤذي وتضر، ولكنها مؤسسات تعمل في جد واخلاص وبكثير من المتابعة والحرارة في خدمة الانسان المعذب على ارض لبنان، وهي عندما  تقدم المساعدة لا تنظر الى طائفة المسعف ولا الى مذهبه وانما تساعده كانسان يعيش على هذه الارض له كل حقوق الانسان.

ولا استطيع في هذه المناسبة ان اترك هذه الفرصة الا لاقول بأن هذه المؤسسات هي عصب الوجود الاسلامي في هذه المنطقة.

المسلمون هم ببشرهم وهم بمؤسساتهم، فاذا زال البشر او زالت المؤسسات لا يبقى لهؤلاء وجود كريم وحتى نحافظ على وجود البشر لا بد من ان ندعم المؤسسات وان نساعدها بالمال والرجال وبالفكر وبالتنظيم حتى تستطيع ان تتابع جهدها الخيري ونشاطها في خدمة الانسان الذي قلنا ووصفنا بأنه انسان معذب على هذه الارض.

• مؤسسة الحريري مؤسسة اسلامية تقوم اليوم بمساعدة المسلمين على كل المستويات فهل يوجد تنسيق بين دار الفتوى وهذه المؤسسات وهل تم وضع منهجية عمل حقيقية مستقبلية وكما تعلم ان مؤسسات الحريري ضربت ودمرت عن بكرة ابيها وهي تكلف مليارات الليرات في صيدا فما هو رأيك؟

- لا شك في ان هذه المؤسسة قامت وتقوم بعبء هام جدا وعبء محترم وفر على كثير من اللبنانيين معاناة ضخمة نحن لا يسعنا وقد طرح علينا هذا السؤال الا ان نوجه الشكر والتقدير لهذه المؤسسة ممثلة باجهزتها والعاملين فيها وبالذات لمن له الفضل الاول الاستاذ رفيق الحريري الذي وجد هذه المؤسسة ووضعها في خدمة المسلمين.

نحن طبعا متألمون جدا للمصاب الذي وقع على مؤسسة الحريري في صيدا لأنها مؤسسة انسانية تربوية لا علاقة لها بالسياسة ولا علاقة لها بالشؤون العسكرية ولا بالمؤمرات الدولية ولا في شيء مما هو واقع في الاحقاد وغير ذلك بين الناس. هذه المؤسسة فتحت لخدمة الانسان اللبناني ومع العلم ان الذين يشرفون على ادارتها هم من المسيحيين والعاملون فيها مسيحيون ومسلمون وهي في حد ذاتها مؤسسة لبنانية تضم كل الفئات لا تفرق بين لبناني ولبناني، ولا تفرق بين فئة وفئة عملت لخدمة الانسان وارادت ان تخدم هذا اللبناني خدمة صادقة ومخلصة وضربها هو عدوان على هذا الانسان. وعدوان على كرامة الانسانية والحرية الانسانية وانحراف عن الخط الذي ينبغي ان يلتزمه كل من يعمل في الشؤون السياسية فلا يجوز الخلط بين العمل الانساني والعمل السياسي وبين العمل العسكري والعمل الانساني.

هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فان بيننا وبين مؤسسة الحريري الكثير من التعاطف والكثير من التقدير وقد قامت المؤسسة بتلبية كثير من المطالب التي نطلبها وهي دوما تعبر عن استعدادها الكبير للتعاون معنا في كل مجالات، ولكننا حتى الان لم نصل مع هذه المؤسسة الى وضع نظام مؤسسي يكون قادرا على ايجاد تصور للواقع اللبناني وبالذات الاسلامي وحاجات المسلمين، وكيف يمكن معالجة هذه الحاجات؟ وما هي المؤسسات التي ينبغي ان نوجدها وسلم الاولويات في ايجادها.

وآمل كل الامل في ان يفكر المسؤولون في هذه المؤسسة وتكون لنا فرصة معهم لندرس هذا الامر ونحقق الامل المنشود كما وصفته في الكلمة المفصلة سابقا.

معاناة الانسان

• بعد حديثك رسمت صورة قاتمة لمعاناة الانسان في لبنان. في لبنان لا يمكن تجزئة المعاناة، فالمعاناة واحدة بين اللبنانيين، طبعا هناك حاجات ملحة وهناك حاجات مستقبلية، فما هو المطلوب اليوم في اسرع ما يمكن؟

- في اسرع ما يمكن نحن في حاجة الى المال الذي يمكن ان ينقذنا لدفع رواتب الدعاة والموظفين الاداريين، والموظفين الدينيين والمعلمين الدينيين، ولترميم بعض الاجهزة الدينية كبعض المساجد العاملة وبعض المؤسسات العاملة، فهذه لا بد منها وفي شكل سريع حتى نستطيع ان نحافظ على وجودنا الديني، اضافة الى ان لا بد من المساعدة المالية لتعزيز وجود المؤسسات التي فقدت المساعدات التي كانت تدفع لها سنة بعد سنة. وفقدت الدعم من الدولة للعجز المالي وفقدت الكثير من اجهزتها بسبب الدمار والهدم الذي مر عليها وبسبب الاجتياح الاسرائيلي. اذا لا بد من الدعم السريع لهذه المؤسسات التي نرعاها ليستطيع المسلمون متابعة جهودهم ونشاطهم.

هذا بالنسبة الى الشؤون الملحة، وبالنسبة الى الشؤون المستقبلية تكلمت في الحديث السابق ويمكن الرجوع اليه والاستفادة منه.

وجود السلاح

• الوضع الحالي للبنان طغت فيه السياسة على الناحية الاجتماعية، مع ذلك نرى ان هناك عدم تكافؤ في تقديم المساعدات عبر اجهزة الدولة او التغاضي عن تقديمها مع العلم بأن هناك امكانات متوافرة لتقديم هذه المساعدات ولكن لا تقدم فما هو موقفك؟

- الحقيقة ان وجود السلاح على الارض ووجود الميليشيات الفئوية فرز الواقع والتصرف. لذلك اذا كان هناك وجود لمساعدات مالية او مساعدات طبية او مساعدات غذائية او مساعدات كسائية، فلذلك ترى ان هذه المساعدات تذهب في اتجاهات فئوية بضغط من المسلحين، ومن هنا فإن كثيرا من المحتاجين لا يصل اليهم المال، وكثيرا من الذين ليسوا في حاجة يأخذون هذا المال، فاللعب بهذه المواد والموارد وارد بسبب الفئوية والتسلط الذي هو موجود من كل الفئات التي في يدها السلاح. ومن هنا فإن الدعم لا يصل الى كل الناس وحتى يصل لا بد من تحقيق ما ننشده دائما ونطلب دائما ونلح بالطلب فيه، وهو ازالة السلاح والمسلحين والمكاتب المسلحة وغير ذلك مما يعيق العمل النظامي الصحيح العادل المنصف الذي يخدم المحتاجين ولا احد غير المحتاجين.

• هل تعني ان ضعف المسلمين العسكري يحول دون حصولهم على حصتهم من الدولة اذا جاز التعبير؟

- لا شك في ان هذا الواقع الذي تتحكم فيه القوى المسلحة ستبقى فيه القوة لحملة السلاح، وطبعا المسلمين ونعني به نحن من هذه الناحية ليس لنا سلاح، وليست لنا اجهزة مسلحة، فنحن سنواجه كثيرا من الحرمان في هذه الناحية، ونحن انقلبنا الى الفئة المحرومة على رغم ان غيرنا هو الموصوف بالحرمان.

• في ظروف صعبة جدا مرت على  لبنان وخصوصا على بيروت الغربية كانت لك مواقف كبيرة خصوصا بعد تعرض اهالي بيروت الغربية لهجمات متعددة واعتداءات متكررة، وقد طالبك  اهالي بيروت باتخاذ مواقف في بعضها عسكري وكنت تتدارك في استمرار خطورة الوضع وتوقف صاعق التفجير، الى اي حد يمكن ان تستمر مواجهة الحال بالصبر؟ وفي الوقت نفسه ما زالت الاوضاع تضغط على المواطنين مما ينذر بتفجير يصعب ادراك نتائجه لأن الوجود المسلح ما زال قائما في بيروت الغربية ولم تتم الاستجابة لمطالب اهالي بيروت في الرحيل عنها؟

- اولا اجيب بين يدي السؤال ان الخطأ لا يزال بمثله، والانحراف لا يمكن ان يقابل بانحراف مثله والا تساوى الامران وسقطا، فنحن لا نريد ان نعالج هذا الواقع الا بالاسلوب الذي سلكناه وعملنا فيه ومن خلال الواقع لا شك كما وصفت، وسنبقى نتبع النهج الذي سلكناه ولن نغير ابدا. وعلى المسلمين جميعا ان يستفيدوا من تجربة الرسول صلى الله عليه وسلم في فترة جهاده في مكة المكرمة وقبل هجرته الى المدينة، ثلاثة عشر عاما بقي صابرا وبقي يقابل الاذى بالصبر والتنكيل بالتجلد والضغوط بكثير من التحمل والتجمل بالعزاء.

فنحن الان نؤمن بان السلاح الذي يستعمله الاخرون هو مادة قاتلة ووسيلة ظالمة في غالبية الاحيان، ولا يجوز ابدا اعتمادها في هذه الظروف، خصوصا وقد ثبت انها دمرت وقتلت وشردت واساءت وظلمت ووجدت مع الاسف في الغالب في ايدي فئة لا تتقي الله ولا تخشى الله ولا تخاف الله، ولا تدرك المعايير الانسانية الصحيحة، ولا تفهم ما امر به الله، وما نهى عنه الله، والا لماذا تسقط في الحرمات لماذا تقع في ما يؤدي الى المظالم؟ لماذا تتعدى ولماذا ترتكب الاثام وتجترح السيئات سواء كان بالسرقات او بالقتل او بالخطف او كان بدهم البيوت او كان بالتعرض لاعراض العباد؟ لماذا يقع هذا اذا كانت تلتزم الحدود التي امر بها الله سبحانه وتعالى؟

فاذا هذا السلاح كان وسيلة للاذى، وهو الان في غالبية لا تدرك الحدود ولا تلتزم به، ولا تعرف الاوامر والنواهي ولا تلتزم به. ومن اجل هذا فنحن لا نريد ان نتصدى لهم بثمل سلاحهم لاننا نعرف ان هذا التصدي سيؤدي في النهاية الى ضرر، ويؤدي الى خطأ ويؤدي الى مزيد من المصائب ومزيد من التشرد والتشرذم والخراب.

ثم نحن لا ننظر الى هؤلاء على انهم اعداء ولا ننظر اليهم على انهم فئة اخرى ولكننا ننظر اليهم على انهم منا وفينا ولكنهم مخطئون ومنحرفون، وعلينا ان نعيدهم الى الصف ونرجعهم الى سواء السبيل عن طريق الصبر وعن طريق الدعوة الطيبة وعن طريق الكلمة الجيدة والتعبير الحسن. كما امرنا الله سبحانه وتعالى الذي يقول: "ومن احسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)، والله سبحانه وتعالى الذي امرنا بهذا يعود فيبين لنا ان مثل هذا الخط يحتاج الى رجولة، والرجولة لا تكون في ان يحمل الانسان السلاح فكم من حامل سلاح ضعيف ومخذول وليس له مقومات الرجولة، وكم من شخص لا يحمل سلاحا وهو رجل شجاع وبطل من الابطال لأن الذي يستطيع ان يملك اعصابه ويحفظ حدوده ويتماسك من دون الاعتداء على الاخرين ومن دون الظلم على الاخرين، هذا هو الرجل وهذا هو البطل، ولكن الذي لا يستطيع ان يملك اعصابه ولا يستطيع ان يملك نفسه من دون العدوان على الاخرين فهذا ليس ببطل وهو الجبان، ليس له مؤهلات الاحترام والتقدير.

ولذلك فان الله سبحانه وتعالى يقول لنا ان الرجولة تكون بالمقومات التي تساعد على تحقيق هذه الرجولة حيث يقول "وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقاها الا ذو حظ عظيم".

فاذا نحن الان نريد ان نكون من هؤلاء ونحن سلكنا هذا الطريق ونحن نستعمل الصبر ونستعمل التجلد ونستعمل الوسائل الكريمة من التعبير لجميل ومن الخطاب الحسن ومن المرونة ومن التعامل مع الاخرين بما يمكن ان يجرهم للخير وينعطف بهم الى الخط المستقيم بدلا من ان يكونوا سائرين في الخط الاعوج وفي الطريق المنحرف.

لذلك فانني اقول سنبقى في اسلوبنا ولن نيأس ونحن باذن الله الاعلون ونحن الذين سنصل في النهاية الى ان نكون ارباب الحق وليس اولئك الظالمون والمعتدون والمنحرفون ولذلك املنا كبير في ان يوفقنا الله، وان يحقق آمالنا بي ان نصل يوما ما الى ما نصبو ونريد.

الموقف الاسلامي

• مصداقية الموقف الاسلامي على المحك، وقد وعدت من خلال "لقاء اسلامي" سابق بانه لم يصر الى سحب المسلحين من بيروت الغربية، فإن موقفنا سيتخذ، ولكن المسلحين استمروا في بيروت والموقف لم يتخذ حتى الان، والمسلمون سيشكون يوماً بهذه المواقف التي تصدر عن اللقاء الاسلامي، فما هو جوابك عن ذلك؟

- نحن لم نحدد الوقت الذي يكون لنا فيه هذا الموقف، قلنا سيكون لنا موقف وفي فترة قريبة، منذ ذلك الوقت ما زلنا نتلقى الوعد تلو الوعد بأن السلاح سيسحب من الشارع وبأن المكاتب ستسلم الى اصحابها وبأن المسلحين لن يكونوا على الارض. ما زلنا نتلقى هذه الوعود وما زلنا نجد بين لحظة واخرى ترددا وانسحابا، ولا يجوز لنا ان نأخذ موقفا متسرعا يزيد الامور تعقيدا وبلبلة اكثر مما هو متبلبل، فنحن نلجأ دوما الى الاسلوب الاسلم والخط الذي يمكن ان يساعد الى حد ما بتخفيف مصائب الانسان.

اما الموقف الذي كنا نلوح به فهو ان نعلن اضرابا عاما شاملا ويستمر مهما كان استمراره لنساعد الانسان لينتهي نهائيا من هذا المصاب، ولكن عندما وعدنا بأن هذا الواقع سيزول فلا بد من الصبر بعض الشيء. ولذلك نحن توقفنا وترددنا، ولم نأخذ هذا الموقف، انما اتخاذ الموقف لا يزال واردا هناك مواقف اخرى يمكن ان تكون واردة ليست منا، بل من غيرنا، فالانسان الموجود على الارض عذب كثيرا واعتدى عليه كثيرا وظلم كثيرا ولا بد من ان يكون لهذا الظلم حدود ولا بد من ان يكون لهذا الصبر حدود، والانسان الذي يصبر يتحمل اياما وسنين ولكن الى متى لا بد من ان يأتي وقت ويقول: لم اعد اصبر وعند ذلك تكون الطامة والكارثة على اولئك الذين لا يسمعون ولا يستيجبون للحق الذي نحن ندعو اليه.

حزب موحد

• نطالب بعض الطروحات باقامة حزب ذي طابع مذهبي؟

- اولاً احب ان يفهم الجميع اننا نحن سواء انشأنا حزبا او لو لم ننشئ حزبا نحن حزب موحد، نحن اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وهو قائدنا وسيدنا وهو معلمنا وهو موجهنا، ولو كان انتقل الى الرفيق الاعلى فما زالت كلماته ترن في آذاننا وتتردد في قلوبنا، ولا يزال اشعاع نوره ينير لنا الطريق فنحن نتبع أثره ونقتدي به ونتعلم منه فهو قائدنا وسنبقى نتعلم من هذا القائد العظيم، الله تعالى يقول لنا: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) ونرجو الله أن نكون من هؤلاء.

ثانياً: ونحن نصف أنفسنا بأننا حزب واحد فنحن لا نتعدى أمر الله ووصف الله، الله سبحانه وتعالى يقول: (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الأخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناؤهم أو إخوانهم أو عشيرتهم)، الآية فنحن مسلمون موحدون نأبى العدوان على أي مسلم ونأبى الأضرار بأي مسلم، ونأبى أن نشطر إلى فئات وإلى مذاهب وإلى أصنام وأن نفرز إلى كتل وإلى ميليشيات، فنحن أمة واحدة، رضي هؤلاء أو أولئك أو لم يرض هؤلاء أو أولئك "وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فأعبدون".

فنحن نسير في هذا الخط ونأبى أن نسير في خط آخر والله تعالى يقول: (وأن هذا صراطي مستقيماً فأتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلكم تذكرون). فنحن هذا طريقنا وهذا خطنا لا نحيد عنه ولا نخرج عنه ونأبى أن نجر وأن نستدرج لأن نكون في طريق الشيطان، وأن نسلك الطرق المنحرفة والملتوية ونضيع عن الخط الصحيح والمنهج المستقيم الذي وضعه لنا قائدنا محمد صلى الله عليه وسلم".

● معاناة المسلمين هي معاناة في تأمين الحاجات، ومعاناة أخرى في التوضيح للعالم بأن المسلمين يعانون أشد ما تكون المعاناة، هذا يبرز نقصاً في العالم الإسلامي والوطني حول معاناة اللبنانيين والمسلمين تحديداً من جراء ما وصلوا إليه؟

- الإجابة عن هذا السؤال يمكن أن تربطها بإجابات سابقة، وبالفعل، لا شك في أن هناك نقصاً في الإعلام ولا بد من أن نطل على العالم العربي والإسلامي بحيث يعرف تماماً واقع المسلمين ومعاناتهم. ولا يمكن أن يعرف ذلك إلا من خلال الإعلام سواء كان عن طريق الكتابة أو طريق الإذاعة أو عن طريق الإتصالات. ومثل هذا لا يمكن أن يتحقق إلا بجهاز يتوفر لدى دار الفتوى ويأخذ على عاتقه النشاط المتتابع بكل الإتجاهات وبكل الوسائل، وطبعاً هذا الجهاز وبكل الوسائل، وطبعاً هذا الجهاز حتى الآن لم يتحقق وجوده ولكي يتحقق وجوده لا بد من توفر الإمكانات المالية والبشرية التي تساعد على ذلك.

● المملكة العربية السعودية بشخص الملك فهد وولي العهد الأمير عبد ا لله ترعى لمصالحة العربية وكان من ثمار هذه الرعاية اللقاء السوري – الأردني، فماذا ترى في هذا اللقاء من تأثيرات على الوضع اللبناني وعلى الوضع العربي عموماً؟

- إن مثل هذه الخطوة هي رائدة، وخطوة سارة جداً وكنا نتطلع إليها منذ زمن بعيد لأن مما يضايقنا ويزعجنا أن نرى الجسم العربي والإسلامي منقسماً ومتنازعاً، وهذا شيء لا يرضي الله سبحانه وتعالى الذي نهانا عن التنازع وعن التخاصم، وأمرنا بأن نكون وحدة وأن نكون مجموعة متراصة، لذلك نرى في اللقاء الخير والكثير ونتطلع إلى أن يتحقق ما فيه مصلحة الأمة العربية والأمة الإسلامية.

وصحيح أن الإعلام حتى الآن لم يخرج علينا بأي تفصيل بالنسبة إلى المحادثات، وما رشح عنها. ولكننا بمجرد أن نسمع وأن نقرأ عن لقاء المختلفين والمتنازعين ومحادثاتهم فمعنى ذلك أن هناك إتجاهاً جديداً لإجتماع الكلمة وإتجاهاً لجمع الشمل ووحدة الصف وهذا ما نقدره كل تقدير.

ومثل هذا الجهد يدين لزوع جلالة الملك نحو الخير، وحرصه لأن يرى كلمة المسلمين واحدة متراصة، ولا شك في أننا نقدر له هذا الإتجاه وهذا الجهد. ولكننا لا يمكننا إلا أن نقدر أيضاً مثله لإخوانه الآخرين وبالذات للرئيس حافظ الأسد الذي لم يكن منه إلا سرعة المبادرة بالإستجابة لهذا المطلب، وبالتفاعل مع الأماني الطيبة التي أبرزها جلالته وكل الرؤساء في هذا الإطار الجيد.

أننا في لبنان نقطف ثماراً جيدة من وحدة المسلمين ومن وحدة الكلمة في الأمة العربية.

ونقطف بعد ذلك مع الأسف والضرر الكثير عندما يتنازع هؤلاء فنرجو من الجميع أن يرحموا أمتهم، وأن ينظروا إليها بمنظار العدل، وإن يقرروا ما يكون من وراء سلوكهم وإتجاههم من الوحدة ومن التفرق.

فإن كانوا يريدون الخير بالأمة، فما عليهم إلا أن يتمسكوا بوحدة موقفهم وتراص صفوفهم.

   القسم السابق رجوع القسم التالي  

جميع الحقوق محفوظة - في حال أردتم إستعمال نص أو صورة من هذا الموقع, الرجاء إرسال خطاب رسمي لمؤسسات المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد
ارقام تهمك     فهرس الموقع     مواقع تهمك      روابط      من نحن       كفالة الأرامل و الأيتام    إتصل بنا     إدارة المؤسسة