إذا كان الاسلام واحداً فلماذا يتفرق المتدنيون به؟ وإذا كانت القضية الوطنية واحدة فلماذا يتقاتل الوطنيون؟ **** لا كرامة لوطن يفتقد فيه المواطن عزته وكرامته. **** المقاومة حق مشروع لكل الشعوب التي تتطلع الى الاستقرار والحرية والسيادة وتقرير المصير. **** إن وحدة المسيحيين مسؤولية سياسية إسلامية ووحدة المسلمين مسؤولية سياسية مسيحية **** إن شريعة لبنان الحضاري هي شريعة الدين والعقل لا شريعة الهوى والقتل، وهي شريعة اللقاء والحوار لا شريعة الخصام والدمار **** إن أي فئة من الفئات لا يمكنها ان تبني لبنان على صورتها، سواء كانت حزبية أو طائفية أم عنصرية. **** إن لغة التخاطب مع العدو الدخيل على الجوار تختلف عن لغة التخاطب مع الشقيق المتعاون في حمى الديار. **** الكرامات التي يعتدي عليها العدو الاسرائيلي خليقة بأن تثير ضمير العالم ليتحرك الى جانبنا. **** إن تحرير الوطن يكون بتحريره من العدو الاسرائيلي وتوفير السيادة له كاملة غير منقوصة. **** إن الواقع المقطّع الأوصال والضائع في متاهات اللا أمن واللا استقرار، يُشجع كل صاحب غرض لأن يحقق غرضه، وخصوصاً العدو الإسرائيلي الذي يريد أن يلعب بالنار ويستغل الظروف. **** إن أعز نداءٍ إلى قلبي هو المحافظة على وحدة هذا الوطن وقوته وأن تعيشوا في ظلاله اخوة متلاقين متحابين في السراء والضراء فالقيمة الحقيقة للمواطن هي بما يعطي وطنه من مواهب لا بما يحققه لنفسه من مكاسب **** ان الخطر على لبنان من داخله إذا وزنت الوطنيةُ فيه بميزانين. **** من يطبق القانون بحزم في جهة ويتردد في تطبيقه في جهة أخرى يرد موارد الظلم. **** حريُّ بلبنان، أنشودة التلاقي بين المتدينين، أن يكون رائداً من رواد الحضارة الروحية في عصرنا. **** الطائفية هي تشنج صارخ بقشور الدين وانغلاق وحشي على الإنسانية وضياءها. **** إن لبنان بلد التلاقي الروحي لا الإبتزاز الديني، وان التدين ممارسة صادقة لحقيقة الدين وانفتاح مطلق على الإنسانية بأسرها. **** إننا نريد للبنان أن يكون بلد التعايش السياسي لا التعايش الطائفي. **** إن حقنا في وطننا ليس ملكاً يتصرف به البعض كما يهوى ويشتهي إنما هو أمانة نحملها في أعناقنا جميعاً لنسلمها إلى أحفادنا وإلى أجيالنا المقبلة. **** إن تحرير الوطن ينبغي ان توازيه حركة تحرير المواطن وتحقيق المساواة الوطنية التامة. **** إن من يزن العدل بميزانين يخطئ في حق لبنان. **** وحدة المسلمين والمسيحيين في وطنٍ واحد مسؤوليةٌُ لبنانية مشتركة **** إن تحرير المجتمع اللبناني لا يقوم إلا بتكامل الطاقات الإسلامية والمسيحية. **** المواطن اللبناني لا يكون كبيراً إلا إذا بسطت السلطة الشرعية ظلها على كامل تراب الوطن **** إن لبنان لا يمكن أن يكون إلا على صورةٍِ من التجانس البديع بين جميع طوائفه **** إن نهوض لبنان وتقدمه مرهونٌ بتحقيق العدالة والمساواة بين اللبنانيين ومناطقهم **** الطائفية السياسية والساسة الطائفيون كلاهما ينتفع بالآخر ويتغذى عليه وكل ذلك على حساب لبنان وسلامته وازدهاره. **** إن دعوتنا لوحدة المسلمين ليست إلا دعوة لوحدة اللبنانيين. **** إن أخطر العبودية المعاصرة هي عبودية الإنسان لأهوائه وشهواته التي أحبطت مستواه الخلقي والاجتماعي والحضاري. **** إننا لسنا من هواة إثارة الهالات من حولنا ولا نحب أسلوب العمل الفوضوي ولسنا تجار مبادىء. **** عروبة لبنان هي الشرط الأول لبقائه سيداً حراً مستقلاً. **** إن الإنهيارات الخلقية والإجتماعية على صعيد الأفراد والشعوب، ما هي في الواقع إلا نتيجة طبيعية لفقدان القدرة لدى الإنسان المعاصر على إقامة التوازن الدقيق بين الروح والمادة. **** إن مهمتنا هي أن نحكم بالعدل في نطاق صلاحياتنا وأن نطالب بالأفضل لشعبنا في نطاق الأدب والحكمة. **** لا ديمقراطية ولا عدالة بوجود الطائفية. ****
Apr 2024 28
الاحد 19 شوال 1445
حكـــــمة الاسبـــــوع




لا تستح من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه



سجـــــل الإصدقـــــاء
رســائـــل التضامـــــن
رســــائـــل التــحيـــة
الـــــى الشــــــــــهيد
16 أيار
روابــــــــــط
المســـابقة التشجيعيـة
اســـــتفتــــــــاء
هل انت مع سحب المبادرة العربية للسلام نتيجة المجزرة الاسرائيلية على سفينة المساعدات؟
إشترك نتائج
   الشيخ حسن خالد في الأعلام
   
   
 


العنوان : الدعوة والدعاة
التاريخ : 1985-03-11
المرجع : مؤسسات المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد

 

الدعوة والدعاة
دراسة في أصول الدعوة ومناهجها وأوضاع الدعوة في لبنان


دراسة مقدمة من
مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد

إلى
الدورة السابعة والعشرين
للمجلس الأعلى العالمي للمساجد

رجب – 1406هـ -

*****************
محتـــــــــــوى الدراســـــــــة
*****************

مقدمة.
مفهوم الدعوة.
منهج الدعوة.
من هو الداعية.
بعض صفات الداعية.
الداعية على مستوى الإسلام
الداعية على مستوى المهمة.
الداعية على مستوى العصر.
الدعوة والحركات الإسلامية المعاصرة.
الدعوة والدعاة في لبنان.
مقترحات لتنشيط الدعوى في لبنان.
 

*****************

المقدمة

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، محمد ابن عبد لله وعلى من اهتدى بهدية ودعا بدعوته إلى يوم الدين، أما بعد.

 فإن الإسلام دين الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، وهي توحيده وأفراده بالعبودية وإخلاص التوجه إليه، وما من تغيير يحدث في فطرة الإنسان إلا وهو تشويه فكري من فعل الآباء و الموجهين، مصداقً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة، حتى يعرب لسانه، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه».

والإسلام دين توحيد الذي ارتضاه الله للناس جميعاً بقوله تعالى : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ». وقد كان هذا الأمر نعمة كبرى، لأنه السبيل الوحيد لسعادة البشر في دنياهم وآخرهم، وهو طريق يطيق البشر سلوكه ، ويتحملون مساره، وتتحقق لهم فيه الهناءة أفراداً وجماعات فقد قال الله تعالى: « مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ».

 وفي كثير من الأحيان ينصرف الإنسان عن الحق ويتبع الهوى ويتيه عن طريق السعادة بفعل غواية الشيطان رغم تحذير الله الناس منه، كما قال الله تعالى : « أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ».

 ولذلك بعث الله الأنبياء والرسل إلى البشرية ، حباً بها، وحفظاً لها، لتظل في مقام التكريم، ولتكون في مناجاة من مهاوي الضلالات، فقام النبيون والرسل بواجبهم، ودعوا الناس إلى توحيد الله وطاعته، ختموا بسيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان الداعية الأعظم إلى الله، بين الناس طريق نجاتهم وما يوصلهم إليه من التمسك بحبل الله المتين وتطبيق شريعته في سلوكهم وشؤون حياتهم.

 وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوة الله إلى الناس، مجاهداً في سبيل الحق ، مقارعاً الباطل والضلال. منتهجاً سلوك الرحمة والهدى، وعانى ما عاناه طوال ثلاثة وعشرين عاماً ، مشاكسة الناس ألوان العذاب ولكنه صمد وبلغ الرسالة وأدىً الأمانة، وانتقل على ربه بعدما وعى المسلمون دينهم وطبقوه في حياتهم ، وخلفه صحابته الكرام رضوان الله عليهم وحملوا عنه أمانة الدعوة إلى الله ونشطوا في مجالها، وأوصلوها إلى بقاع الدنيا الشاسعة، وعززوا بها دولة الإسلام التي أقاموها بسواعدهم وجهادهم، كما ثبتوا صروح الإيمان في قلوب الناس، ومن هنا كانت أهمية الدعوة في نشر الإسلام وإقامة المجتمعات الإسلامية، وصون الكيان الإسلامي والكرامة الإسلامية.

مفهوم الدعوة


 الدعوة هي من الدعاء إلى الشيء، بمعنى الحث على قصده والوصول غليه ، ومنه قوله تعالى: « قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه .... » وقوله تعالى: « والله يدعو إلى دار السلام ».

 كما ورد هذا الاستعمال في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل حيث قال فيه: « أدعوك بدعاية الإسلام» أي بدعوته.

وبهذا يكون معنى الدعوة هو حث الناس على الخير وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ليسعدوا في الدنيا والآخرة وتحديداً يمكننا القول : بأن الدعوة إلى الإسلام هي تعريف به، ونشر للمبادئ التي يتضمنها دين الله الذي ارتضاه للناس، تمكينا لهم ورعاية لشؤونهم وإشاعة للحق والخير والعدل من ثم فالدعوة هي محاولة  لتشكيل الحياة الإنسانية على الوجه الذي يرضى الله رب العالمين، وهي تكريم للبشر بالعمل على تهيئة السبل اللازمة لصيانة  أمنهم النفسي والاجتماعي والسياسي بناءً على ما يتضمنه هذا الدين من أسس ونظم تضبط مسيرة الوجود والسلوك الإنساني، وتحقق الغاية منهما كما قال الله تعالى: «وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون...» وهي بعبادة أخرى توجيه للمجتمعات البشرية نحو تطبيق قواعد الإسلام في جميع شؤون الحياة.

 والدعوة إلى الله، بناء على ما سبق، هي أفضل عمل وأشرف نشاط وأحسن قول وعمل يقوم به الإنسان، قال الله تعالى: « ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال أنني من المسلمين...».

 وهذا العمل تشريف كبير من الله لمن يقوم به، فقد قال تعالى: «ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفيناه من عبادنا...» فكان الأنبياء المصطفون هم أولئك العباد الذين جعل الله فيهم شرف الدعوة إلى دينه، ومن ثم كان من يقوم بالدعوة إلى الله بدعوة الأنبياء وارثا لشرف المهمة وشرف المقام، مما يساعدنا على فهم قول سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم « العلماء ورثة الأنبياء» وعلاوة على هذا الشرف فإن حامل الدعوة إلى الله له أجر عظيم عند ربه، لأن الدعوة باب للخير والهدى في هذا الحال كما قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من دعا على هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا يتقص ذلك من أجورهم شيئاً»

 منهج الدعوة

 إن دين الله تعالى هو موضوع الدعوة عمل الداعية، ولذلك نرى أن الله حدد منهج الدعوة إلى دينه ضمن ثلاثة خطوط رئيسية ، تتناول في مجموعها مداخل النفس البشرية لدى الناس، لأنه تعالى أعلم بالأسلوب الذي ينفع الناس سواء بالنسبة للمهتدين منهم أم من كان على ضلال ، فقال تعالى مشيراً إلى هذه الخطوط الثلاثة: « أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ان ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين » .

 وقد انتهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوته الناس هذه الخطوط الثلاثة التي بينها له ربه، فاستطاع تأدية ما كلف به بعد معرفة أحوال المخاطبين:
- فالدعوة بالحكمة وأعمال العقل ضمن قواعد النطق وترتيب المقدمات والنتائج تكون مع من انتهج سبيل العقل أسلوباً للتفكير ووصولاً للقناعة، لا يتأثر بالحماسة ولا يستجيب للنداء العاطفي، وهذا شأن أصحاب الفلسفات المادية والأفكار الإلحادية والمذاهب الوجودية الذين يشيع وجودهم في الغرب والشرق على السواء.

- والدعوة تكون بالموعظة الحسنة مع من يستجيب للكلمة الطيبة بالترغيب تارة أو بالترهيب تارة أخرى، لامتيازه برقة المشاعر ورهافة الحس، فتؤتي هذه الأساليب ثمارها في وجدانه وتغير مجرى قناعته إلى حيث يراه الداعية.

- والدعوة تكون أيضاً بالجدل وبالتي هي أحسن دون تحامل أو تكلف أو تساهل تكون مع من طبع على حب النقاش والإقناع، وهو صاحب نفس مترفعة لا تقنع إلا بالحجة.

فالله سبحانه وتعالى قد علم مسالك النفس عند الإنسان وأسلوب توجيه فكره إلى ما فيه خيره وسعادته، فعلم الإنسان هذه المسالك ليقوم اعوجاج النفس عند الانحراف ويوجهها إلى ما يصونها من العبث.

من هو الداعية

 انطلاقاً مما سبق يمكننا القول بأن الداعية هو ذلك الشخص الذي يحمل العقيدة الإسلامية وينقلها إلى الآخرين من شتى أصناف الناس، ولكن هل يعني ذلك ان كل مسلم هو داعية إلى الله؟ أو ان هناك فئة من المسلمين يمكن أن يكونوا هم الدعاة إلى الله.

 هنا يبرز أمامنا اتجاهان:
( أولهما) : ينطلق من أن الرسل الكرام_ عليهم السلام_ مكلفون شرعاً بالدعوة على الله وأن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم جاء ليدعوا إلى الله نهج من سبقوه مع شمول رسالته للعالمين، فكان هو الداعية الأكبر إلى الله ، قال تعالى: « يا أيها النبي أنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً ، وداعياً إلى الله بإذنه سراجاً منيراً ». وقال « وادع إلى ربك أنك لعلي هدى مستقيم» وحيث ان خطاب الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية يشمل أمته إلا ما استثنى ، كما تقول القاعدة المشهورة، فإن الدعوة إلى الله هي ذلك الواجب الذي يلزم سائر الأمة.

وهذا المعنى تجده واضحاً في قوله تعالى: « كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله » حيث عبر بصراحة عن واجب جميع المسلمين بالدعوة إلى دين الله، وكذلك بقوله تعالى: « قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله علي بصيرة أنا ومن اتبعني» وهذا تأكيد على اشتراك المسلمين مع نبيهم الكريم في واجب الدعوة .

وقد اعترض على هذا الاتجاه ان ا لله خصص بعض الأمة بهذا الواجب بقوله : « وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ» ولكن رد على هذا بأن من هنا لنبين لا للتبعيض كقوله : «  فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ   » إلا ان ابن متصدية لهذا الشأن وان كان ذلك واجباً على كل فرد من الأمة بحسبه.

(ثانيهما)الاتجاه الذي يرى أنه رغم عدم اقتصار واجب الدعوة على أفراد معينين بل يتحتم على كل مسلم نشر مبادئ الدين إلا أن طبيعة الدعوة إلى الله وما تقتضيه من العقيدة الراسخة والإحاطة التامة بمبادئ الإسلام ومعرفة علومه بأصولها وقواعدها وفروعها إلى جانب ما ينبغي للداعية معرفته في لبيئة التي يدعو فيها وإدراكه للمذاهب الفكرية المنتشرة في العالم وخصوصاً في العصر الحديث واطلاعه على العلوم وأنواعها أو حيث أن يتخصص أفراد من الأمة بمهمة الدعوة إلى الله، فيوجهون جهودهم  وأفكارهم ويكرسون أوقاتهم وطاقاتهم في هذا العمل الشريف الذي ينبغي له التفرغ  من مشاغل الدنيا، وبالتالي يكونون هم المسؤولون عن نشر دين الله في العالمين.

ونحن لا نرى أي تعارض الاتجاهين المذكورين، لأن الأمر بالدعوة واضح في شموله لمجموع الأمة وأن أفرادها مكلفون جميعاً بالدعوة، نظراً لشمول الإسلام لقضايا الحياة بأكملها فيكون كل مسلم داعية إلى الله ما له من إلمام بقضية من قضايا الحياة ومعرفته بحكم الإسلام فيها كالكاتب والصحفي والسياسي والتاجر والعامل والمجاهد كل بحسبه على أن يكون ملماً بحكم الله في تماماً في موضوع اختصاصه.

ولكن معرفة أساليب الدعوة بالحكمة وبالموعظة الحسنة وبالجدال بالتي هي أحسن، وإدراك طبائع الأنفس وأصول العلاقات ليس مما ينبغي لكل ملم إجادته، بل هو متروك للمؤهل النفسي والرغبة التي يتعامل بها الداعية إلى جانب الإعداد العلمي والسلوكي الصحيح ،ولذلك يكون اهتمام الأمة بالقيام بواجب الدعوة مكملاً للواجب الأساسي الملقي على عاتق الدعاة المتمرسين والمتفرغين، ويتكامل هذا كله بإنشاء مؤسسات متخصصة تعنى بإعداد الدعاة وتدريبهم ليكونوا على مستوى الدعوة ، ويعتبر انتشار الجامعات الإسلامية والتخصص الجاري الآن بشؤون الدعوة في مختلف البلاد الإسلامية أكبر دليل على هذه الحاجة وعلى ضرورة تكوين تلك الفئة من الأمة التي يعهد إليها بواجب الدعوة إلى الله وتزويدها بكافة الإمكانات والتسهيلات التي تساعدها على أداء واجبها، وفي وقت ازداد فيه الصراع الفكري العالمي وتسلحت المذاهب بأعظم ما لديها من أساليب للدعوة إلى فكرتها ترغب الناس باعتناقها أو ترهبهم بإتباعها فبات على الدعاة المسلمين ان يبذلوا أقصى طاقاتهم وان يتفوقوا بجهودهم وأساليبهم أنهم يدعون بالأصل إلى الفكرة المتفوقة العظيمة ، دين رب العالمين.

 بعض صفات الداعية

 ان عمل الداعية هو نشر الإسلام ، وهو بهذه الصفة يعبر الإسلام تجاه من يدعوه، ومن هنا كان على الداعية أن يصبح على مستوى الإسلام ومستوى مهمته ومستوى عصره لينجح في واجبه .

 الداعية على مستوى الإسلام

أولاً :

في العقيدة- فعليه أن يكون قوى العقيدة، واضحها، بمعرفة يقينية علمية، يتعرف إلى الله بالدليل ويتبع النبي صلى الله عليه وسلم عن تحقق من صدقة، لأن الإيمان الراسخ بدين الله هو أساس العمل وهو منطلق حياة المسلم، فإن صلحت عقيدته عرف كيف يتوجه إلى غاية وجوده ويتعلم كيف ينقلها إلى الآخرين،و ان فدت حياته وتوجهاته وسلوكه وضلع أمام أي اختبر إيماني أو احتمال عقيدي، قال الله تعالى معلماً نبيه الكريم صلوات الله وسلامه عليه وسائر المؤمنين: « قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ».

ومن تمام ذلك تعلق القلب بالله سبحانه، ومراعاته في السر والعلن، آملاً في ثوابه، وخوفاً من عقابه، إلى جانب المجاهدة المستمرة للنفس حتى تنصاع لأوامر الله ورسوله بالعبادات من واجبات ونوافل.

-في الخلق – وعلى الداعية هنا أن يتحلى بأخلاق الإسلام ليتمكن من نقلها إلى الغير ويعبر عنها أحسن تعبير عملي، لأنه يشكل أسوة في عمله ، ينظر الآخرون إليه ويقتدون به هو أما أمامهم وممثل للإسلام وعليه أن يحقق ما في الإسلام من أخلاق وشيم وأهمها: الصبر، وهو بحاجة ماسة إليه فيعمله الشاق خصوصاً عند تعرضه للاستخفاف وعدم الاستجابة ، وبالصبر يثبته الله في مهمته ويكتب له النجاح فيها.

وعليه أن يتمثل أيضاً خلق الإيثار والتضحية ، فيؤثر ما عند الله ما عند الناس ويؤثر غيره على نفسه، وبذلك يمكن أن يقدم جهده ووقته وماله في سبيل الله .

كما يمكن أن يكون رحيماً بالناس، لطيفاً بمعاملتهم، متواضعاً معهم إلى غير ذلك من أخلاق الدين، فيرغب الناس بالإسلام ولا ينفرون منه وبذلك  يكون ناجحاً في قيامه بمهمته.

في السلوك – وعلى الداعية أيضاً أن يكون على مستوى لائق في السلوك تجاه الآخرين فيتعامل معهم بتوازن دون إفراط ولا تفريط وبدقة في الحكم على الأشياء ويعد نظر في معالجة المواقف وبهدوء نفسي تجاه الملحات دون انفعال أو عنف، وبالشجاعة والجرأة في مواقف الحق، مستعلياً على الباطل، مستعيناً بكل تجربة، عارفاً ماذا يريد ، ومتى يبدأ ، لتكون خطواته راسخة وثابتة ومقبولة عند الله وعند الناس.

 الداعية على مستوى المهمة 

 ثانياً :

ان مهمة الداعية، كما سلف، هي الدعوة إلى دين الله ونشر مبادئه لتغيير واقع البشر على الوجه الذي يريد رب العالمين، وهذه المهمة عظيمة جليلة، لما تبتغيه من أهداف عظيمة وجليلة ، وهي سبيل شاق صعب، لا يسلكه المرء بسهولة ويسر، بل لا بد من تجهيز الداعية بما يؤهله لانتهاج هذه السبيل وأن يكون في إعداده وتهيئته في مستوى خطورة تلك المهمة، وهذا يتجلى في ألأمور التالية: 

في العلم – على الداعية وهو يحمل مبادئ الإسلام ان يحيط بما يفتقر إليه من علوم ومعارف وثقافة في شتى المجالات ، وهو وإن لم يتمكن من التخصص في كل فرع على حدة، فإنما عليه أن يلم بأساس كل علم من العلوم التالية: القرآن وتفسيره، السنة النبوية والسيرة، الفقه وأصوله ومذاهبه، التاريخ، والتصوف، إضافة إلى علوم الأديان والمدارس الفكرية القديمة والحديثة، ثم أن شمول الإسلام لجميع شؤون الحياة يلزم الداعية أن يلم بشيء من علوم الدنيا كالاقتصاد والاجتماع وعلم النفس وعلم السياسة وغيرها مما يوسع آفاق فكره ويساعده على العرض الصحيح لعقيدته وبالمستوى العلمي اللائق.

في المعرفة بالواقع – مهمة الداعية أن يعرف مع من يتعامل وكيف يتعامل، ويلم بالعوامل التي تحرك عالمه والقوى الموجودة فيه، والأفكار المنتشرة في بيئته ، ومتاعبها وتقاليدها ومشكلاتها الاجتماعية وغير ذلك، وان يتابع هذا متابعة يومية مستمرة ليتمكن من معرفة النهج الذي سيسلكه في دعوته.

في وسائل الدعوة وآدابها – على الداعية أن يتلمس الوسائل بإيصال دعوته إلى هدفها ، وذلك بتوسيع نطاق معارفه بالبيئات والثقافات المختلفة، وان يتعامل مع الناس بكامل الاحترام والتقدير والسؤال عنهم والتلطف معهم، وكذا في مجال التعاون مع العالمين في الدعوة وعدم الانفراد وحب الظهور وحسن التصرف إلى آخر تلك الآداب التي يساعده الاتصاف بها على بلوغ الغاية .

 الداعية على مستوى العصر 

 ثالثاً :

ان العصر الحديث بلغ من التطور الاجتماعي والعلمي حداً يعيد وأشكال متعددة منها الفاسد، وكثير منها مفيد، فينبغي على الداعية أن يكون على مستوى عصره، يستفيد من انجازات العصر المفيدة  ويبتعد عن الضارة ، فالعلوم قد توسعت وتعمقت، وتوصل الإنسان أخيراً على كثير من المعارف وبسرعة فائقة في جميع مجالات الحياة، في الفضاء وعلى سطح الأرض وتحت الأعماق، وفي النفس الإنسانية والحيوان والنبات، كما تطورت المجتمعات وتشابكت العلاقات، إضافة إلى سهولة الاتصالات بين أطراف الدنيا ـ وتنوعت وسائل الداعية والإعلام لإيصال الأفكار والإقناع، بل والسيطرة الفكرية، وباتت كل قضية واختصاص تشكل عالماً  خاصاً له أسراره وآدابه ، كل ذلك أنتج أنماطاً في المناهج العلمية والأفكار والسلوك يمكن للداعية أن يستفيد منها في مجال الدعوة، فعليه أن لا يكون غائباً عن عصره مغلقاً على عالمه الخاص ومجتمعه الضيق بل ينبغي أن يتقدم على عصره لينجح في مهمته ويفوز في عمله، وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تعامل في زمنه مع قومه بمقتضى مفاهيم عصره وربما بالعصر الذي يليه، ولم يخاطبهم بمفاهيم العصور السابقة له فاستطاع أن يبني رسالته إليهم، وفهموا مراده ما بين مقبل على الدين الجديد أو رافض له .

وكذلك فعل صحابته رضوان الله عليهم، الذين استطاعوا نشر الإسلام في أغلب العالم المعروف وقتئذ وغيروا خريطة ذلك العالم، كل ذلك ليس بالوسائل القديمة عنهم بل بكل مفاهيم عصرهم وأساليبه.

وان الدعوة الإسلامية اليوم بحاجة مثلى إلى الارتفاع على مستوى الإسلام والمهمة والعصر حتى تتمكن من اتخاذ موقع لها على خريطة انتشار الأفكار والعقائد، في عالم تتزاحم فيه الأفكار والعقائد لتكتسب مزيداً من الانتشار، ولتسبق العقائد الأخرى.

وعلى كل حال فإن الله حافظ لدينه وان أمل المسلمين كبير في ان يكونوا على المستوى المطلوب منهم ليحققوا غاية الوجود ويصلحوا العالم من حولهم ويخلصوه مما هو واقع فيه من ضلالات وفساد .

الدعوة والحركات الإسلامية المعاصرة

 إن الدعوة الإسلامية، وهي تحاول تعليم المسلم دينه، أو توضيح الإسلام لغير المسلمين، تنتهج أسلوب تحريك الطاقة لدى الفرد المسلم وإنمائها وتوجيهها الوجهة الصالحة التي تخدم الغاية من نشر الدعوة، ويتخلل عملية تحريك الطاقة تلك وضع المنهج الذي يسير الفرد بمقتضاه، ليمارس هو بالتالي الدعوة تجاه الغير، وهذا يعني من الوجهة العملية تحضير جماعة تلتزم فهماً معيناً وسلوكاً خاصاً حول التطبيق الفعلي لمبادئ الإسلام .

ومع مرور الزمن يصبح لهذه الجماعة تنظيم خاص وقيادة ومرتبيه،ترى نشر الإسلام بالأسلوب الذي تجتهد هي فيه دون غيرها، وتضع لذلك خطة مدروسة ومبرمجة، ولكن التنفيذ الفعلي لنهج الجماعة الخاص يحول التزام هذا المنهج الخاص إلى رفض ما عداه ، ويحول تحضير الجماعة إلى مسألة تنظيم الحزب، ويتحول فهم الإسلام بواسطة المنهج الخاص إلى عملية تشكيا للمبادئ الإسلامية يما يتناسب وأسلوب الجماعة، وتنحصر الدعوة الإسلامية بالدعوة على هذه الجماعة، وتنقلب الأمور بالكلية من فكرة الدعوة إلى الله وتحضيراً أو تأهيل الجماعة لذلك إلى فكرة الحزبية، وبحيث لا يرى دعاة هذه الجماعة أو تلك الإسلام إلا بالشكل الذي تفاهموا عليه، ولا يعتبرون غيرهم بالتالي ممن يفهم الإسلام أو يطبقه بالشكل الصحيح، وقد وقع المسلمون قديماً في هذه الإشكالات الخطيرة التي نجا منها مسلمو العهود الأولى، ولكنها تركت آثارً عميقة لدى التأخرين منهم وما تزال حتى الساعة.

إن حركة الدعوة الإسلامية اليوم تعيش قمة الاختلاف بين الجماعات العاملة للدعوة وتعاني من أشد العلاقات التناحرية فيما بينها، مع كثرة الألقاب والمسميات، فنرى الانتساب إلى السلفية والأصولية وأهل الحديث ، والمذهبية واللامذهبية، والصوفية وغيرها، وضمن ذلك يتبادل الدعاة فيما بينهم تهم التكفير والتفسيق والتبديع والانحراف، فأدى هذا الأمر إلى انشغال الدعاة بعضهم ببعض، وأهمل قسم عظيم من الدعوة إلى الله ومقاومه الإلحاد والفساد.

 فعلى جميع العاملين في الدعوة الإسلامية والمنتسبين إلى الجماعات المختلفة أن يتنبهوا على خطورة ما وقعوا فيه جميعاً، وما يجره من ضرر وفساد، مقترحين عليهم أن يضعوا المعايير اللازمة لضبط تصرفاتهم والتي نرى منها النقاط التالية:

1. ان عقول البشر وإدراكهم ليست واحدة في جميع القاضي، فمن الطبيعي جداً يحدث الاختلاف في المفاهيم، وهذه سنة الله في كونه وخلقه، وذلك حتى في المبادئ الإسلامية.

2. ان التجربة البشرية التاريخية بينت لنا أنه لا يمكن حصر عقول البشر ومداركهم في المسألة الواحدة ، وبالتالي لا يمكن منع الآخرين من فهم الخاص حول أية قضية ولا حجر عقولهم عن التفكير.

3. على الحركات والجماعات الإسلامية أن تعترف بحق بعضها في التفكير والفهم الخاص حول المبادئ الإسلامية وان كان لا يتفق وما تراه المذاهب الأخرى، وان المسائل متروكة للنقاش ليس إلا طالما كانت ضمن الصور المتعددة للحقيقة، الواحدة، وما دامت  في نطاق الاجتهاد الفكري.

4. ضرورة عدم مطاردة إتباع الجماعات الفكرية الإسلامية بعضهم لبعض ضمن حلقات التدريس في المساجد وفي البيانات والمؤلفات والمقالات، بحيث تتولد المشاعر الحاقدة من البعض، ويضطر الواحد للدفاع عن نفسه بدل عرض القضايا المختلف فيها للنقاش والبحث.

5. ضرورة عدم حصر الإسلام والعمل الإسلامي ضمن فكرة الحزبية ولا التنظيم الخاص، بل لا بد من العمل في الدعوة إلى الله بكل فكر منفتح، وأن يكون القصد القيام بالدعوة إلى الله تعالى لا إلى بيعة قائد التنظيم أو الترويج لحزب.

الدعوة والدعاة في للبنان

بعد ان انهارت الدولة العثمانية وزال سلطانها عن مجموع البلاد التي كانت تابعة لها، عانى مسلمو لبنان من الاحتلال العسكري الفرنسي وخصوصاً في مجال العمل التبشيري النصراني، وتسهيل إقامة المؤسسات الإرسالية التي كان لها في هذا البلد تأثير عميق من خلال النشاط التعليمي والصحي والاجتماعي، ونشأت أجيال من المسلمين تتأثر بتوجيهات التبشير مبتعدة عن التزام العقيدة الإسلامية، نافرة من السلوك الإسلامي في شؤون الحياة، لا بل وناظرة على الإسلام ذات النظرة التي يحملها المبشرون في الوقت الذي كان فيه المسلمون في حالة متردية في مجال التعليم والرعاية الاجتماعية والصحية .

كما عهد المستعمر الفرنسي إلى إثارة الفتن الطائفية وتوجيه الدولة اللبنانية في الإدارة والجيش والقضاء لتصب في مصالح الطائفة المسيحية، فبات المسلمون في وضع يتخبطون فيه تلمساً للخلاص وفي محاولة جاهدة للتمسك بالأصالة الإسلامية والتاريخية عن طريق إنشاء المؤسسات والجمعيات التي تعزز الوجود الإسلامي مشاركين أيضاً في العمل لإزاحة ذلك المستعمر الذي انتهى دوره مع الحرب العالمية الثانية.  

وقد كان لكل ما جرى خلال ذلك من هجوم على وجود المسلمين وعقيدتهم أثر كبير على حركة الدعوة الإسلامية في لبنان ، وعلى مؤسساتها ورجالها، فالأفكار التبشيرية انتشرت، والمذاهب الإلحادية عمت، إضافة على الامتيازات الطائفية في شتى المجالات، فبات المطلوب من حركة الدعوة الإسلامية أن تنافح على كل صعيد، وتكافح كثرة المعتدين، رغم ضعف إمكانات مؤسسات الدعوة وهي دار الفتوى والأوقاف، اللتان أضحتا مسؤولين عن جميع ما يخص الوجود الإسلامي وهمومه، علاوة على الهموم الداخلية لهما، وكان أول مطلب إسلامي إلغاء رقابة الدولة   على تلك المؤسسات ، وقام المسؤولون المسلمون في عهد الاستقلال بالعمل على تطوير تلك المؤسسات إدارة وأنظمة وأجهزة وإنمائها بالشكل الذي يسد ثغرة من الثغرات.

 رافق ذلك أن أصبح لبنان الساحة العربية والعالمية لتفاعل الفكر بشكل عام والفكر ألعقيدي والديني بشكل اخص، وقد اتخذ هذا التفاعل صوراً وإشكالاً متعددة منذ الحرب العالمية الثانية، ثم بعد قيام إسرائيل ، ثم اندلاع الحرب الأهلية في لبنان مع ما رافقها من مشاكل تتعلق بالخطر على الوجود الإسلامي بكامله، هذا الخطر الذي تسلح بأحدث الوسائل وأعلى الإمكانات للوصول على الغاية، الأمر الذي فرض على مؤسسات الدعوة واجبات أخرى وتكاليف إضافية.

 وقامت حركة الدعوة الإسلامية في لبنان بواجبها الكبير رغم كل معوقاتها ، ولعبت، مؤسسات وأفراداً، دوراً طيباً في التوعية الدينية ، وتوحيد الجهود وإقامة المؤسسات التعليمية، ودور الرعاية، وبناء المساجد ، والتصدي للفكر التبشيري والإلحادي بشتى أصنافه بحيث استطاع المسلمون وبفضل تلك الأعمال الخيرة أن يعززوا وجودهم ويصمدوا ضد عدو شرس ماهر.

ونتيجة لذلك تم تنظيم المؤسسة الوقفية بالعمل على زيادة مواردها وتنمية عقاراتها لتنفق بالتالي على حاجات الدعوة ورجالها من أئمة مساجد ووعاظ وغيرهم، إلا أنها وخلال نهضة مباركة في رعاية الدعاة وجهت لعقاراتها الوقفية خلال الحرب الأهلية ضربة كبرى جعلتها عاجزة عن تلبية ضروريات العمل للدعوة الإسلامية المتزايدة بشكل مستمر.

 ومن ناحية أخرى نظمت مؤسسات الإفتاء لترعى حركة الدعوة من ناحية التوجيه الفكري، فعملت على تشجيع العلم وإعداد العلماء ونشر الوعي الإسلامي، وتنظيم حلقات التدريس، وبذل المساعدة اللازمة في المجالات الاجتماعية المتنوعة، إضافة إلى مسؤولياتها السياسية العامة لتعزيز الوجود الإسلامي.

 كما وأنشئت المعاهد الدينية  وفي مقدمتها أزهر لبنان، والذي كان له دور كبير  في تخريج أجيال من العلماء إلى ساحة العمل الإسلامي وإمداد المساجد والمؤسسات الإسلامية بالعاملين ، بعد ان توجههم للدارسات الإسلامية الجامعية في جامعة الأزهر وجامعات المملكة العربية السعودية.

 وتوسع عمل الدعوة الإسلامية بتحمل عبء التعليم الديني في المدارس مما اقتضى جهوداً كبيرة في مجال الإعداد والتوجيه والإنفاق المادي.

 ونتيجة للصراع الفكري العميق في لبنان ومن شتى التيارات الذي رافقه انخفاض متسارع في رجال الدعوة متزايدات الحاجة  في لبنان إلى دعاة على مستوى عال، كما وكيف، يحملون هموم المسلمين، ويؤدون واجبهم في تعديل وجهة المسيرة الاجتماعية باتجاه المبادئ الإسلامية وازدادت الحاجة إلى الدعاة نظراً لاستعانة مؤسسات الدعوة الإسلامية في البلاد العربية بإعداد من الدعاة اللبنانيين للعمل في عدد من بلدان العالم العربي.

 في ضوء هذا الأمر ظهرت الحاجة على إنشاء كلية للدعوة الإسلامية لتعمل في أرض الصراع الفكري على إعداد الدعاة اللازمين الذين يجمعون إلى قوة العقيدة الكفاية العلمية والخبرة المسلكية لتبليغ دين الله إلى الناس ومقاومة التيارات الفكرية المختلفة ولإقامة أجواء فكرية إسلامية ومناخات ترفل بمراجعة ومناقشة التراث ثقافته في النفوس، ويمكن لنا التأكيد أن كلية الدعوة قد خطت في سنواتها الثلاث الماضية خطوات جيدة مباركة.

 ومن ناحية أخرى قامت دار الفتوى بإحياء فريضة إسلامية هي الزكاة  فأنشأت صندوق الزكاة الذي استطاع خلال عام ونيف أن يمثل مكانه هامة على صعيد تلبية الحاجات الاجتماعية وبأسلوب علمي متكور وضمن الأصول الشرعية لهذا الركن الهام .

مقتراحات لتنشيط الدعوة الإسلامية في لبنان

ان التسارع في الأحداث الذي فرضته طبيعة التطور الحاصلة في المجتمعات البشرية يلزم العاملين في رعاية الدعوة الإسلامية في لنبان اعتماد الأساليب المتطورة والسريعة في تنشيط الدعوة والعناية بها لتستطيع متابعة مسيرتها على المستوى اللازم، وهذا ما نراه يتحقق في المجالات التالية :

1. تطوير الأجهزة الحالية للمؤسسات الديني، وذلك باعتماد الكفاءات العلمية والخبرات العالية لتكون في مستوى المسؤولية المناطة بها في مجال الفكر والعلم والثقافة ولتتمكن من مواكبة المؤسسات العاملة للتوجيه لدى الطوائف والأحزاب العقائدية.

2. إنشاء أمانة عامة للدعوة الإسلامية ضمن مؤسسة الإفتاء، للإشراف مباشرة على حركة الدعوة في لبنان، وذلك بعد أن تعددت مسؤوليات دار الفتوى ، فبات من المفروض إعطاء الأهمية القصوى لعمل الدعوة ومتابعة الدعاة ومراقبتهم ووضع المناهج لهم والإشراف على نشاطاتهم في المساجد والمدارس والأندية وغيرها، إضافة إلى  ضرورة التنسيق بين الحركات الإسلامية التي أضحت في علاقة تناصريه مع بعضها البعض، الأمر الذي يحتم وجود الهيئة المشرفة بشكل يومي وتفصيلي على جميع قضايا الدعوة.

3. تعزيز دور كلية الدعوة الإسلامية من حيث تزويدها بالكفاءات التعليمية العليا، وتوفير المكتبة الإسلامية ، وتنشيط الطلبة في التدريب على أعمال الدعوة خلال الدراسة وتسهيل لقائهم بالعملاء ومشاهير الدعاة.

4. إنشاء هيئة متخصصة للإشراف على التدريس الديني، تعمل على إعداد المدرسين وتوجيههم ووضع المناهج الموحدة والكتب التعليمية الدينية، حتى يمكن تطوير التعليم الديني بما يتناسب مع مقتضيات العصر واعتماد الأساليب الحديثة في التعليم.

5. تطوير  وتنمية الموارد الوقفية لتصبح قادرة على تغطية النفقات المتزايدة للدعوة الإسلامية ، بحيث لا تبخل على رجالها بالعطاء لأن الضرورة ملحة وبشكل كبير لرفع وزيادة الأجور والمكافآت للعملاء والدعاة وبالمستوى اللائق تسهيلاتهم للانصراف التام إلى واجباتهم .

6. الاستفادة التامة من الدراسات العلمية الموضوعة حول الممتلكات الوقفية ووضع المشاريع اللازمة لها والتي رسمت لها أولويات تناسب حاجات كل منطقة من مساجد ومدارس وخلافه...

7. دعوة المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى إلى تنظيم بناء المساجد في لبنان ضمن سياسة يضعها، تعمل على إخضاع جميع المساجد لتوجيه دار الفتوى وتوحيد مناهج الدعوة فيها وتحويل النشاطات القائمة بها إلى جماعية وإلغاء الدور الفردي الذي يساعد على بروز المواقف الناتئة التي تسيء إلى المجتمع الإسلامي.

8. وضع خطة واضحة المعالم للدور الذي ينبغي للمسجد القيام به وبيان واجبات العاملين فيه ونوعية المرافق التي تضاف إليه ليتمكن من أداء الخدمة الصحيحة للمسلمين في منطقة المسجد.

 

   القسم السابق رجوع القسم التالي  

جميع الحقوق محفوظة - في حال أردتم إستعمال نص أو صورة من هذا الموقع, الرجاء إرسال خطاب رسمي لمؤسسات المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد
ارقام تهمك     فهرس الموقع     مواقع تهمك      روابط      من نحن       كفالة الأرامل و الأيتام    إتصل بنا     إدارة المؤسسة