إذا كان الاسلام واحداً فلماذا يتفرق المتدنيون به؟ وإذا كانت القضية الوطنية واحدة فلماذا يتقاتل الوطنيون؟ **** لا كرامة لوطن يفتقد فيه المواطن عزته وكرامته. **** المقاومة حق مشروع لكل الشعوب التي تتطلع الى الاستقرار والحرية والسيادة وتقرير المصير. **** إن وحدة المسيحيين مسؤولية سياسية إسلامية ووحدة المسلمين مسؤولية سياسية مسيحية **** إن شريعة لبنان الحضاري هي شريعة الدين والعقل لا شريعة الهوى والقتل، وهي شريعة اللقاء والحوار لا شريعة الخصام والدمار **** إن أي فئة من الفئات لا يمكنها ان تبني لبنان على صورتها، سواء كانت حزبية أو طائفية أم عنصرية. **** إن لغة التخاطب مع العدو الدخيل على الجوار تختلف عن لغة التخاطب مع الشقيق المتعاون في حمى الديار. **** الكرامات التي يعتدي عليها العدو الاسرائيلي خليقة بأن تثير ضمير العالم ليتحرك الى جانبنا. **** إن تحرير الوطن يكون بتحريره من العدو الاسرائيلي وتوفير السيادة له كاملة غير منقوصة. **** إن الواقع المقطّع الأوصال والضائع في متاهات اللا أمن واللا استقرار، يُشجع كل صاحب غرض لأن يحقق غرضه، وخصوصاً العدو الإسرائيلي الذي يريد أن يلعب بالنار ويستغل الظروف. **** إن أعز نداءٍ إلى قلبي هو المحافظة على وحدة هذا الوطن وقوته وأن تعيشوا في ظلاله اخوة متلاقين متحابين في السراء والضراء فالقيمة الحقيقة للمواطن هي بما يعطي وطنه من مواهب لا بما يحققه لنفسه من مكاسب **** ان الخطر على لبنان من داخله إذا وزنت الوطنيةُ فيه بميزانين. **** من يطبق القانون بحزم في جهة ويتردد في تطبيقه في جهة أخرى يرد موارد الظلم. **** حريُّ بلبنان، أنشودة التلاقي بين المتدينين، أن يكون رائداً من رواد الحضارة الروحية في عصرنا. **** الطائفية هي تشنج صارخ بقشور الدين وانغلاق وحشي على الإنسانية وضياءها. **** إن لبنان بلد التلاقي الروحي لا الإبتزاز الديني، وان التدين ممارسة صادقة لحقيقة الدين وانفتاح مطلق على الإنسانية بأسرها. **** إننا نريد للبنان أن يكون بلد التعايش السياسي لا التعايش الطائفي. **** إن حقنا في وطننا ليس ملكاً يتصرف به البعض كما يهوى ويشتهي إنما هو أمانة نحملها في أعناقنا جميعاً لنسلمها إلى أحفادنا وإلى أجيالنا المقبلة. **** إن تحرير الوطن ينبغي ان توازيه حركة تحرير المواطن وتحقيق المساواة الوطنية التامة. **** إن من يزن العدل بميزانين يخطئ في حق لبنان. **** وحدة المسلمين والمسيحيين في وطنٍ واحد مسؤوليةٌُ لبنانية مشتركة **** إن تحرير المجتمع اللبناني لا يقوم إلا بتكامل الطاقات الإسلامية والمسيحية. **** المواطن اللبناني لا يكون كبيراً إلا إذا بسطت السلطة الشرعية ظلها على كامل تراب الوطن **** إن لبنان لا يمكن أن يكون إلا على صورةٍِ من التجانس البديع بين جميع طوائفه **** إن نهوض لبنان وتقدمه مرهونٌ بتحقيق العدالة والمساواة بين اللبنانيين ومناطقهم **** الطائفية السياسية والساسة الطائفيون كلاهما ينتفع بالآخر ويتغذى عليه وكل ذلك على حساب لبنان وسلامته وازدهاره. **** إن دعوتنا لوحدة المسلمين ليست إلا دعوة لوحدة اللبنانيين. **** إن أخطر العبودية المعاصرة هي عبودية الإنسان لأهوائه وشهواته التي أحبطت مستواه الخلقي والاجتماعي والحضاري. **** إننا لسنا من هواة إثارة الهالات من حولنا ولا نحب أسلوب العمل الفوضوي ولسنا تجار مبادىء. **** عروبة لبنان هي الشرط الأول لبقائه سيداً حراً مستقلاً. **** إن الإنهيارات الخلقية والإجتماعية على صعيد الأفراد والشعوب، ما هي في الواقع إلا نتيجة طبيعية لفقدان القدرة لدى الإنسان المعاصر على إقامة التوازن الدقيق بين الروح والمادة. **** إن مهمتنا هي أن نحكم بالعدل في نطاق صلاحياتنا وأن نطالب بالأفضل لشعبنا في نطاق الأدب والحكمة. **** لا ديمقراطية ولا عدالة بوجود الطائفية. ****
Apr 2024 28
الاحد 19 شوال 1445
حكـــــمة الاسبـــــوع




لا تستح من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه



سجـــــل الإصدقـــــاء
رســائـــل التضامـــــن
رســــائـــل التــحيـــة
الـــــى الشــــــــــهيد
16 أيار
روابــــــــــط
المســـابقة التشجيعيـة
اســـــتفتــــــــاء
هل انت مع سحب المبادرة العربية للسلام نتيجة المجزرة الاسرائيلية على سفينة المساعدات؟
إشترك نتائج
   الشيخ حسن خالد في الأعلام
   
   
 


العنوان : موقف النبي من الديانات الثلاث الوثنية واليهودية والنصرانية -2-
التاريخ : 1980-09-16
المرجع : مجلة الفكر الإسلامي – السنة التاسعة -العدد التاسع – شوال 1400هـ أيلول 1980

موقف الإسلام من التنجيم والسحر

   
ومن هنا كان موقف الإسلام من السحر والتنجيم والعبادة بالجن والعرافة وما يتصل بها موقفاً مستمداً من موقفه من عبادة الأصنام والأوثان وغيرها، موقف التحريم والرفض القاطع، يقول تعالى:« وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ ». والطاغوت كما ثبت عام في كل ما عبد من دون الله ورضي بالعبادة من معبود أو متبوع أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله، فالشيطان طاغوت والذي يحكم بغير ما انزل الله طاغوت، والذي يدعي علم الغيب من دون الله طاغوت وكل من عبد من دون الله وهو راض بذلك طاغوت.

واللجوء إلى العائذين بالجن لإستطاع أرائهم بالمغيبات وغيرها حال الاعتقاد بأنهم يعلمون ذلك لجوء إلى الطاغوت واحتكام إليه ، وكذلك الإعتماد على السحرة  والاستعامة بهم للإفساد بين الناس واستغلال المغفلين منهم والعبث في الأرض يقول تعالى: « أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا» .

وقد ثبت أن هؤلاء يكون لهم القرين من الشيطان يخبرهم من المغيبات بما يسترقه من السمع فيخلطون الصدق بالكذب والحق بالباطل كما في الحديث الصحيح، فقد روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال « إن الملائكة تنزل في العنان ـ  السحاب ـ فتذكر الأمر قضي في السماء فتسترق الشياطين السمع فتوحيه إلى الكهان فيكذبون معها مئة كذبة من عند أنفسهم» ويروي مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : « بينما النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من الأنصار إذ رمى بنجم فاستنار فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما كنتم لمثل هذا في الجاهلية إذا رايتموه؟» قالوا: « كنا نقول يموت عظيم أو يولد عظيم» قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لا فإنه لا يرى بهما لموت أحد أو لحياته ولكن ربنا تبارك وتعالى إذا قضى أمراً سبح حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم ثم الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء ثم يسأل أهل السماء السابعة حملة العرش ماذا قال ربنا؟  فيخبرونهم ، ثم يستخبر أهل كل سماء حتى يبلغ الخبر اهل السماء الدنيا وتخطف الشياطين السمع فيرمون فيقدفونه إلى أوليائهم فما جاؤوا به على وجهة فهو حق ولكنهم يزيدون».

وقد ثبت أن الأسود العنسي الذي ادعى النبوة كان له من الشياطين من يخبره ببعض الأمور المغيبة فلما قالته المسلمون كانوا يخافون من الشياطين أن يخبروه بما يقولون فيه حتى أعانتهم عليه امرأته لما تبين لها كفره فقتلوه وكذلك مسيلمة الكذاب كان معه من الشياطين من يخبره بالمغيبات ويعينه على بعض الأمور . وأمثال هؤلاء كثيرون مثل الحارث الدمشقي الذي خرج بالشام ومن عبد الملك بن مروان وادعى النبوة ، كانت الشياطين تخرج رجليه من القيد وتمنع السلاح أن ينفذ فيه ، وتسبح الرخامة إذا مسحها بيده، وكان يرى الناس رجالاً وركباناً على خيل في الهواء ويقول هي الملائكة وإنما كانوا جناً، ولما أمسكه المسلمون ليقتلوه طعنه الطاعن بالرمح فلم ينفذ به فقال عبد الملك إنك لم تسم الله فمسى الله فطعنه فقتله.

موقف من الالاعيب الشيطانية

وكذلك كان موقفه من الالاعيب الشيطانية التي يموه بها على الناس ويسيطر بها على عقولهم ، موقف التحريم والنبذ الشديد لأنها تفسد نظر الإنسان وتضعف طاقته الفكرية وتنقص جهده الحياتي وتوذي بصورة خاصة الأفراد وبصورة عامة المجتمعات.

موقفه من الخمور والمخدرات عامةً

ولعلنا هنا ندرك لماذا كان تحريم الإسلام للخمور والمخدرات من الحشائش والمشومات وما يتعاطى عن طريق البلع أو الإبر يقول تعالى: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ».

موقفه من الشفاعة

ونحن نعلم أن العرب الوثنيين كانوا يعرفون أن خالقهم وخالق الأرض والسماء هو الله ، يقول تعالى : « وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ » ويقول:« وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ » وإن عبادتهم للأوثان والأصنام كانت لاعتقادهم بأنها شفعاؤهم عند الله تقربهم إليه وتزلف منزلتهم منه يقول تعالى:«اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى » وهو ما رد عليه القرآن في أكثر من موضع من سورة فيقول « أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ ، قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ».

وامتداد لهذا الموقف فقد كان موقف الإسلام ، في رأي البعض ، بتحريم الشفاعة ورفضها قياساً على تحريم ورفض شفاعة الوثنيين بآلهتهم ، وهرباً من السقوط مرة أخرى في حبائل الوثنية التي أنقذ الله المؤمنين منها يقول تعالى: « وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ  » فاعتبروا الشفاعة إشراكاً بالله ، والشرك بالله خروج عن الملة وانزلاق تام إلى غضب الله وسخطه.

ولهذا فقد كان الاستشفاع بأية ذات مهما علا مقامها حتى ولو كان رسول الله هو في رأي هؤلاء مناف للإخلاص الذي أمر الله به نبينا والمؤمنين عندما يقول : «فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ » ويقول :« فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ » ويقول: « لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ» وقالوا: « من أثبت وجود الوسيط بين الله وبين خلقه فقد حكم على نفسه بالدخول في الشرك لأن هذا عمل المشركين الذين كانوا يقولون عن أوثانهم وأصنامهم إنها تماثيل الأنبياء الصالحين وإنها تقربهم إلى الله ، وهو من الشرك الذي أنكره الله على النصارى » حيث يقول : « اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ».

ولقد روى الأعمش وسفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي البختري قال : « سئل حذيفة عن قول الله عز وجل  ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله) هل عبدوهم؟ » فقال لا ، ولكن أحلوا لهم الحرام فاستحلواه، وحرموا عليهم الحلال فحرموه ، وروى الترمذي عن عدي بن حاتم قال :«اتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال : « ما هذا يا عدي اطرح عنك هذا الوثن»وسمعته يقرأ في سورة براءة «اتخذوا أحبارهم ورهبانهم ارباباً من دون الله » ثم قال : « أما أنهم لم يكونوا يعبدونهم ، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه » وقد نقل القرطبي في ذلك عن أهل المعاني فقال : «جعلوا أحبارهم وهبانهم كالأرباب حيث أطاعوهم في كل شيء ، وجاء معاذ بن جبل مرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد له فقال صلى الله عليه وسلم « ما هذا يا معاذ؟ فقال رسول الله رايتهم في الشام يسجدون لأساقفتهم فقال: « يا معاذ لا يصلح السجود إلا لله ولو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليه».

وقد حسم الله تعالى الكلام في مراد الإشراك به في مواضع متعددة من الكتاب الكريم ، ومن ذلك قوله «أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ » وجاء قول الرسول صلى الله عليه وسلم مؤكداً ذلك في قوله عندما قال له رجل ما شاء الله وشئت فقال : « أجعلتني لله ندا؟ قل ما شاء الله وحده، وقال : « لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم وإنما أنا عبد فقالوا: عبد الله ورسوله» وقال : « اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد».

موقف الإسلام من القبور

ويتابع الإسلام أخذ مواقفه من الوثنية ليزيد في تصفية عقائد المسلم من شوائبها ويصونها من لوثات الشرك فنهى المؤمنين عن زيارة القبور في مطلع الدعوة، وذلك لما كان يقع فيها من التفاخر والمباهاة ولما يجري فيها من التنسيم بالحجارة والرخام وبنيان النواويس عليها ، وقد نقل ابن بطال عن الشعبي قوله : « لولا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى زيارة القبور لزرت  قبر ابني، » وكذلك روى عن النخعي قوله: كانوا يكرهون زيارة القبور وعلى هذا  طائفة من السلف خصوصاً ان البخاري لم يرو أحاديث النسخ عن زيارة القبور بينما ذهبت طائفة أخرى إلى القول بالإباحة.

ومنهم مالك الذي روي عنه انه قال: « كان رسول الله صلى صلى الله عليه وسلم نهى عنها ثم أذن» ، فلو فعل ذلك انسان ولم يقل إلا خيراً ولم أر بذلك بأساً خصوصاً وأنها تذكر بالآخرة ، وتحمل على الحسبان ليوم المصير، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم انه زار قبر أمه فبكى وأبكى من حوله وقال : « استأذنت ربي في أن أزور قبرها فأذن لي وأستأذنته في أن استغفر فلم يأذن لي ، فزوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة».

وقد ثبت انه صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور أولاً وذلك باتفاق العلماء وعلق على ذلك أفاضلهم بقولهم لأن ذلك يفضي إلى الشرك ، ولكن نقل عنه أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم قال : «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجراً».

وعلى كل حال فإن نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور المتفق عليه يفيد القطع بموقف الإسلام العظيم من الوثنية وحرصه على مجافاة الناس عن ممارسة أي شيء يعود بهم إليها فزيارة القبور تصل ضعاف العقول وسخفاء الفكر من الناس بمن يحبون روحياً وتسوغ لهم القيام بتصرفات ، والنطق بأقوال تنجرف بهم أحياناً إلى مزالق الشرك...

بل أننا لنرى في هذا العصر عصر العلم والتقدم والتكنولوجي والحضاري الباهر، وتفتح الأذهان المدهش من التصرفات الشاذة عن الإسلام عند هذه القبور كما نسمع الكثير مما لا يتفق مع نقاء الإيمان وإخلاص القلب لله من أولئك الذين يزورونها ويترددون عليها مما يؤكد ضرورة الوعي والحذر الدائم من السقوط فيما نهى الإسلام عنه مما لا يتفق واليقين الثابت بالله.

اتخاذ قبور الأنبياء مساجد

ويدلف بنا الحديث عن القبور عامة وموقف الإسلام منها ، إلى الحديث عن قبور الأنبياء وبناء المساجد عليها، فقد اتفق العلماء على النهي عن ذلك قطعاً لأنه يؤدي بطريق لا شعورية إلى عبادتهم وهو عين الشرك بالله.
وفي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال : « ان من كان قبلكم كانوا يتخذون مساجد الا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك » وروى عن ابن عباس وغيره من السلف قولهم عن سبب عبادة الأوثان مثل ( يغوث وسواع ويعوق ونسرا) ، ان هؤلاء كانوا قوماً صالحين في قوم نوح فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم عبدوها، ولذلك شدد رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحذير أمته من أن تقع فيما وقع فيه من سبقهم من الذين اشركوا وأهل الكتاب ونهاها عن اتخاذ القبور مساجد وعن الصلاة إليها ، بل وزاد في ذلك فأخبر بأن الله تعالى قد لعن اليهود والنصار لأنهم اتخذوا من قبور أنبيائهم مساجد.

النهي عن بنيان القبور وتجصيصها

ومن أجل هذا المعنى الجليل نهى الإسلام المؤمنين عن مشابهة أهل الكتاب بتعظيم القبور ورفع بنيانها وتجصيصها والبناء عليها واحاطتها بكل ما يوحي بالتعظيم لئلا يتسرب شيء من هذا المعنى إلى قلوب الفاعلين فيضلوا ويضلوا عن سواء السبيل...

النهي عن صناعة التماثيل واقتنائها

وارتكازاً الى هذا المفهوم ،وانسجاماً مع صفاء الإيمان ونقائه واخلاصه حرم الإسلام صناعة التماثيل أو نحتها من الحجارة سواء كانت للعبادة أو للزينة وغير ذلك لأن فيها مضاهاة لصنع الله ، وتدخل على صانعها وناظرها من العجب ما قد يسبب أحياناً انحرافاً إلى الوثنية قولاً وفعلاً . فقد روت عائشة رضي الله عنها عن الرسول صلى الله عليه وسلم :«قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت سهوة لي ( أي كوة) بحرام فيه تماثيل فلما رآه تلونم وجهه وقال : يا عائشة اشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله » فحرم صناعة الأصنام ونحتها وبيعها واقتناءها وعرضها في البيوت والأسواق والنوادي صيانة للعقيدة وحفظاً لها...

النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس ووقت غروبها

وحرصاً منه على هذا المعنى ولما كان بعض المنحرفين من البشر قد ضلوا عن الحق فسجدوا للنار وسجدوا للشمس كما نقل المؤرخون وكما نقل القرآن الكريم في وصفه لقوم بلقيس ملكة سبأ في سورة النمل: «وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ » فقد نهى أيضاً المؤمنين عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها.

وقد نقل أن الشيطان يقارن الشمس عند الشروق وعند الغروب ،حيث روى مسلم في صحيحه: « لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فإنها تطلع بين قرني الشيطان» وقد قال ابن تميمة « والشيطان يضل بني آدم بحسب قدرته فمن عبد الشمس والقمر والكواكب ودعاها كما يفعل أهل دعوة الكواكب فإنه ينزل عليه شيطان يخاطبه ويحدثه بعض الأمور ».

ويسمون ذلك روحانية الكواكب وهو شيطان . والشيطان وان أعان الإنسان على بعض مقاصده ، فإنه يضره اضعاف ما ينفعه وعاقبة من اطاعة إلى شر إلا أن يتوب الله عليه .

تحريم ذبائح المشركين

ورغم ان الإسلام ليس دين عنصرية ولا عصبية وان منهجه في الدعوة هو مخاطبة الناس على قدر عقولهم ومفاهيمهم ، والتلطف معهم ودعوتهم بالحكمة والموعظة الحسنة ومجادلتهم بالتي هي أحسن ، وانه يوجه خطابه إلى الناس كافة مشركهم وكافرهم . حتى قال الكثيرون من العلماء بأن ما ورد في القرآن الكريم من الخطاب بيان أيها الناس فهو موجه إلى المشركين والكفار مع المؤمنين فيسر بذلك للمشرك سماع الحق ومشارفة النور وبخاصة في قوله تعالى: « وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ  » أقول رغم هذا كله فإن الإسلام العظيم فصل بين المسلم والمشرك والوثني في بعض التعامل فحرم عليه ذبائحهم لأنها لم  تتبارك بذكر اسم الله عليها عند ذبحها أولاً وقبل كل شيء ولمخالفتهم  أحياناً بطريقة الذبح...

تحريم مناكحتهم

حرم عليه مناكحتهم قطعاً فلا يستبيح الزواج منهم ولا يصح تزويجهم مهما كان حالهم واياً كانت مكانتهم الإجتماعية والسايسية والمالية والحضارية لأن العبرة الأساسية هي بالعقيدة التي ينطوي عليها قلب الإنسان وهي في الحقيقة أساس سلامة الأسرة وسعادتها وبالتالي سلامة المجتمع وأمنه وطمأنينته يقول تعالى: « وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ».

أوصى بالحيطة والحذر والتعامل معهم

ولكنه سمح بمواصلة ومعاملة من لم يقاتلوا المؤمنين منهم مع الحذر منهم واليقظة بدليل انه صلى الله عليه وسلم سمح لأسماء بنت أبي بكر بقبول هدية والدتها المشركة عندما قدمت على المدينة في الفترة التي كان فيها مهادنة بين رسول الله وكفار قريش كما في البخاري ومسلم كما فهم ذلك أهل التأويل لدى دراسة آية الممتحنة وهي قوله تعالى : « لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» فقالوا أنها محكمة.

ومع ذلك فقد أنزل منزلتهم الإجتماعية وجعلها سواء مع منزلة الزاني والثوانية في النكاح كما هو ظاهر قوله تعالى: « الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ».

وهو بالإجمال يسمح بالتعامل معهم في حدود محدودة ولكنه يوصي اتباعه دوماً بالحذر منهم وينهاهم عن الأمان لهم لأنهم منافقون في خصالهم وأخلاقهم لا يشدهم مبدأ ولا يثنيهم يقين تتخاطفهم الأهواء وتتنازعهم المصالح ، كما يتضح بعد الركون إلى عهودهم ومواثيقهم وإيمانهم بقول الله تعالى:« كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ...» إلى أن يقول : « كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ » ويقول: « وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ».

ولذلك كانت شدته مع البعض منهم وقسوته في معاملتهم وضغطه على المؤمنين لمجافاتهم وعدم التعاون معهم لموالاتهم وموادتهم حتى ولو كانوا آباءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم يقول تعالى: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ».

ويقول: « لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ »

حرم عليهم الاستغفار لهم بعد الموت

بل إنه قطع علاقة أتباعه بهم بعد موتهم ومنعهم من الاستغفار لهم أو طلب الرحمة اياً كانت صلتهم بهم لأنهم قد ماتوا وهم محادون الله ورسوله : يقول تعالى: «قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَاؤاْ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ...» ولئن كان الله تعالى قد أذن للرسول صلى الله عليه وسلم بزيارة قبر أمه ، بيد أنه لم يأذن له بالاستغفار لها : فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال : « زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال: استأذنت ربي أن استغفر لها فلم يأذن لي واستأذنته في أن ازورها فاذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الموت».

وأوصى بجهادهم بقسوة عند القتال

أما في القتال فقد أمر بأخذ اشد المواقف وأعنفها يقول تعالى: « فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ ». بل منع أخذ الجزية منهم ، وان كان سمح بالأسر والمفاداة على رأي الضحاك والسدة وعطاء وابن زيد ، وجعلهم امام أحد الخيارين لا ثالث لهما أما الإسلام واقامة أركانه ، أو القتال، ويقول تعالى مخاطباً رسوله : « يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ » فهم ينتظرهم فوق هذه الشدة في المعاملة في الدنيا اشد العذاب وأقبح المصير.

المشركون نجس

بل ان أشراكهم بالله قد غمسهم بأقبح حال وأسوئه إذ جعل فكرهم موبوءاً وقلوبهم قذرة وكيانهم نجساً ، ولذلك فإن الله تعالى يحرم عليهم دخول المسجد الحرام فقال: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ». فذهب أجلة العلماء إلى تحريم دخول المسجد الحرام على المشرك والكافر مطلقاً ، وقاسوا عليه دخول المساجد عامةً ، وبذلك كتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله، وفي صحيح مسلم ( ان هذه المساجد لا تصلح لشيء من البول والقذر) والكافر لا يخلو عن ذلك وخالف الشافعي في ذلك فأجاز اليهودي والنصراني بدخول المساجد غير المسجد الحرام.

حريم الكبر

ولقد كان ثمرات موقف الإسلام الصارم من الوثنية موقفه من الكبر لدى النفس حتى ولو كان مقدار مثقال ذرة ففي الحديث القدسي: « الكبرياء ردائي والعظمة أزاري فمن نازعني واحداً منهما القيته في النار ولا ابالي» كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم إنه قال : « لا يدخل الجنة من في قلبه ذرة من كبر» وقال : « عن مشية المتكبرين، إن هذه مشية يكرهها الله إلا في مثل هذا الموقف» أي موقف قتال الكافرين ، ذلك الكبر ظاهرة العجب النفسي وفي العجب غفلة عن الله وجلاله وانشغال بالنفس وصغارها مما يبعد عن الحق المبين ويدلف بالذات من حيث لا تشعر إلى التسلل في مسارب خطيرة من الشرك مع الله بشكل خفي وصامت.

الخاتمة

لقد نشبت الحرب بين النبي صلى الله عليه وسلم والوثنية من أول يوم بعث فيه حيث اعلن انه رسول رب العالمين، وقد تطورت هذه الحرب مع الزمن من عجبهم أول الأمر ان يجيئهم منذر منهم ، إلى تصديهم له بالتكذيب وقذفه بالسحر والجنون والشعر ثانية واتهامه بأنه يعلمه بشر ثالثة إلى تحديهم له بمطالبته بالمعجزات الخوارق كأن يريهم الله، أو ينزل عليهم الملائكة او يفجر لهم من الأرض ينبوعاً أو يرقى في السماء ألخ... او غير ذلك ، ورد رب العالمين ذلك كله تنجيماً وحسبما يقتضيه الظرف فقال عن الأول « هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ »، وقال في الثاني :« أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِن يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ » وقال : « وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا»، وقال في الثالث: وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ ، وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ ».

وقال :« مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ ، وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ» .

وقال في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً . وقال : في الاتهام القائل بأنه يعلمه بشر، ( لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين).

وقال في التحديات: «  سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً » وقال :« وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ ». إلى تطاولتهم عليه وعلى أصحابه بوسائل الإيذاء المتنوعة حتى كانت الهجرة إلىالمدينة وتهيأت الفرصة لإنشاء الوجود الإسلامي وتجميعه حتى تكونت منه نواة الدويلة فانتقلت هذه الحرب إلى طور جديدأخذت مداها فيه سياسياً وكان صلى الله عليه وسلم يجنح دائماً إلى المحاورة الفكرية ويلتمس وسائل الاقناع كما يستلهم الله الصبر على اذاهم حتى طفح الكيل ويئس من مداومة اللين والتحمل فإذن الله له بالقتال لرد الظلم عنه ودفع العدوان وحفظ الكيان والكرامة فكانت معارك قاسية استأصل فيها النبي بفضل الله شأفة الشرك من الجزيرة وأرسى دعائم الإسلام ونشر نوره المبين في ارجائها كافة، ولم يكد يستقر الأمر بالإسلام في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه حتى كان قد تمكن من تحقيق وصية النبي صلى الله عليه وسلم وجعل الجزيرة حصناً للإسلام والمسلمين وأخرج منها من كان لا يزال فيها من اليهود والنصارى.

وطهر أرضها نهائياً من مظاهر الشرك والوثينة وصيرها مثابة للناس ، يلوذون بها من كل ليجدوا فيها سكينة القلب وطمأنينه النفس وارتياح الفكر.

   القسم السابق رجوع القسم التالي  

جميع الحقوق محفوظة - في حال أردتم إستعمال نص أو صورة من هذا الموقع, الرجاء إرسال خطاب رسمي لمؤسسات المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد
ارقام تهمك     فهرس الموقع     مواقع تهمك      روابط      من نحن       كفالة الأرامل و الأيتام    إتصل بنا     إدارة المؤسسة