|
|
|
شخصيـات بــارزة |
|
|
|
|
عائشة بنت الصديق رضي الله عنها |
|
عائشة بنت الصديق رضي الله عنها زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة (رضي الله عنها) هو ما لهذه الإنسانة من عقل نير، وذكاء حاد، وعلم جم. ولدورها الفعال في خدمة الفكر الإسلامي من خلال نقلها لأحاديث رسول الله وتفسيرها لكثير من جوانب حياة الرسول صلى الله عليه وسلم واجتهاداتها. وهي كذلك المرأة التي تخطت حدود دورها كامرأة لتصبح معلمة أمة بأكملها ألا وهي الأمة الإسلامية. لقد كانت (رضي الله عنها) من أبرع الناس في القرآن والحديث والفقه. تعد عائشة (رضي الله عنها) من أكبر النساء في العالم فقهاً وعلماً، فقد أحيطت بعلم كل ما يتصل بالدين من قرآن وحديث وتفسير وفقه. وكانت (رضي الله عنها) مرجعاً لأصحاب رسول الله عندما يستعصي عليهم أمر، فقد كانوا (رضي الله عنهم) يستفتونها فيجدون لديها حلاً لما أشكل عليهم. حيث قال أبو موسى الأشعري: "ما أشكل علينا – أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً". وقد كان مقام السيدة عائشة بين المسلمين مقام الأستاذ من تلاميذه، حيث أنها إذا سمعت من علماء المسلمين والصحابة روايات ليست على وجهها الصحيح، تقوم بالتصحيح لهم وتبين ما خفي عليهم، فاشتهر ذلك عنها، وأصبح كل من يشك في رواية أتاها سائلاً. لقد تميزت السيدة بعلمها الرفيع لعوامل مكنتها من أن تصل إلى هذه المكانة، من أهم هذه العوامل: - ذكائها الحاد وقوة ذاكرتها، وذلك لكثرة ما روت عن النبي صلى الله عليه وسلم. - زواجها في سن مبكر من النبي صلى الله عليه وسلم، ونشأتها في بيت النبوة، فأصبحت (رضي الله عنها) التلميذة النبوية. - كثرة ما نزل من الوحي في حجرتها، وهذا بما فضلت به بين نساء رسول الله. - حبها للعلم والمعرفة، فقد كانت تسأل وتستفسر إذا لم تعرف أمراً أو استعصى عليها مسائلة. ونتيجة لعلمها وفقهها أصبحت حجرتها المباركة وجهة طلاب العلم حتى غدت هذه الحجرة أول مدارس الإسلام وأعظمها أثر في تاريخ الإسلام. وكانت (رضي الله عنها) تضع حجاباً بينها وبين تلاميذها. لقد اتبعت السيدة أساليب رفيعة في تعليمها متبعة بذلك نهج رسول الله في تعليمه لأصحابه. من هذه الأساليب عدم الإسراع في الكلام وإنما التأني ليتمكن المتعلم من الاستيعاب. كذلك من أساليبها في التعليم، التعليم أحياناً بالأسلوب العملي، وذلك توضيحاً للأحكام الشرعية العملية كالوضوء. كما أنها كانت لا تتحرج في الإجابة على المستفتي في أي مسائلة من مسائل الدين ولو كانت في أدق مسائل الإنسان الخاصة. كذلك لاحظنا بأن السيدة عائشة كانت تستخدم الأسلوب العلمي المقترن بالأدلة سواء كانت من الكتاب أو السنة. ويتضح ذلك في رواية مسروق حيث قال "كنت متكئاً عند عائشة، فقالت: يا أبا عائشة، ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية، قلت: ما هن ؟ قالت: من زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية، قال: وكنت متكئاً فجلست فقلت: يا أم المؤمنين، أنظريني ولا تعجليني، ألم يقل الله عز وجل (ولقد رآه بالأفق المبين. ولقد رآه نزلةً أخرى)، فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله ، فقال: (إنما هو جبريل، لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين، رأيته مهبطاً من السماء سادّاً عِظَمُ خلقه ما بين السماء والأرض) فقالت: أو لم تسمع أن الله يقول: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير) أو لم تسمع أن الله يقول: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليٌ حكيم). قالت: ومن زعم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كتم شيئاً من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية، والله يقول: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته). قالت: ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية، والله يقول (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله). وبذلك يتضح لنا بأن السيدة عائشة (رضي الله عنها) كانت معقلاً للفكر الإسلامي، وسراجاً يضيء على طلاب العلم. ولذكائها وحبها للعلم كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبها ويؤثرها حيث قال: ( كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام). كانت السيدة عائشة (رضي الله عنها) عالمة مفسرة ومحدثة، تعلم نساء المؤمنين، ويسألها كثير من الصحابة في أمور الدين، فقد هيأ لها الله سبحانه كل الأسباب التي جعلت منها أحد أعلام التفسير والحديث. وإذا تطرقنا إلى دورها العظيم في التفسير فإننا نجد أن كونها ابنة أبو بكر الصديق هو أحد الأسباب التي مكنتها من احتلال هذه المكانة في عالم التفسير، حيث أنها منذ نعومة أظافرها وهي تسمع القرآن من فم والدها الصديق، كما أن ذكائها وقوة ذاكرتها سبب آخر، ونلاحظ ذلك من قولها: "لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم وإني لجارية ألعب (بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر) وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده". ومن أهم الأسباب إنها كانت تشهد نزول الوحي على رسول الله، وكانت (رضي الله عنها) تسأل الرسول عن معاني القرآن الكريم وإلى ما تشير إليه بعض الآيات. فجمعت بذلك شرف تلقي القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم فور نزوله وتلقي معانيه أيضاً من رسول الله. وقد جمعت (رضي الله عنها) إلى جانب ذلك كل ما يحتاجه المفسر كقوتها في اللغة العربية وفصاحة لسانها وعلو بيانها. كانت السيدة تحرص على تفسير القرآن الكريم بما يتناسب وأصول الدين وعقائده. كانت (رضي الله عنها) ترى وجوب المحافظة على ألفاظ الحديث كما هي، وقد لاحظنا ذلك من رواية عروة بن الزبير عندما قالت له "يا ابن أختي بلغني أن عبد الله بن عمرو مارٌّ بنا إلى الحج فالقه فسائلْه، فإنه قد حمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علماً كثيراً، قال عروة: فلقيته فساءلته عن أشياء يذكرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان فيما ذكر أن النبي قال: إن الله لا ينتزع العلم من الناس انتزاعاً، ولكن يقبض العلماء فيرفعُ العلم معهم، ويبقى في الناس رؤوساً جهَّالاً يفتونهم بغير العلم، فيَضلّون ويٌضلٌّون. قال عروة: فلم حدثت عائشة بذلك أعظمت ذلك وأنكرته، قالت: أحدَّثك أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا؟ قال عروة: حتى إذا كان قابلٌ، قالت له: إن ابن عمرو قد قدم فالقه ثم فاتحه حتى تسأله عن الحديث الذي ذكره لك في العلم، قال: فلقيته فساءلته فذكره لي نحو ما حدثني به في مرَّته الأولى، قال عروة: فلما أخبرتها بذلك قالت: ما أحسبه إلا قد صدق، أراه لم يزد فيه شيئاً ولم ينقص". ولذلك كان بعض رواة الحديث يأتون إليها ويسمعونها بعض الأحاديث ليتأكدوا من صحتها، كما إنهم لو اختلفوا في أمر ما رجعوا إليها. ومن هذا كله يتبين لنا دور السيدة عائشة وفضلها في نقل السنة النبوية ونشرها بين الناس، ولولا أن الله تعالى أهلها لذلك لضاع قسم كبير من سنة النبي صلى الله عليه وسلم الفعلية في بيته عليه الصلاة والسلام. تعد السيدة عائشة (رضي الله عنها) من أكبر النساء في العالم فقهاً وعلماً، فقد كانت من كبار علماء الصحابة المجتهدين، وكما ذكرنا سابقاً بأن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يستفتونها فتفتيهم، وقد ذكر القاسم بن محمد أن عائشة قد اشتغلت بالفتوى من خلافة أبي بكر إلى أن توفيت. ولم تكتفِ (رضي الله عنها) بما عرفت من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما اجتهدت في استنباط الأحكام للوقائع التي لم تجد لها حكماً في الكتاب أو السنة، فكانت إذا سئلت عن حكم مسألة ما بحثت في الكتاب والسنة، فإن لم تجد اجتهدت لاستنباط الحكم، حتى قيل إن ربع الأحكام الشرعية منقولة عنها. فها هي (رضي الله عنها) تؤكد على تحريم زواج المتعة مستدلة بقول الله تعالى: "والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون". وقد استقلت السيدة ببعض الآراء الفقهية، التي خالفت بها آراء الصحابة، ومن هذه الآراء: 1-جواز التنفل بركعتين بعد صلاة العصر، قائلة "لم يدع رسول الله صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد العصر". وعلى الرغم من أنه من المعلوم أن التنفل بعد صلاة العصر مكروه، فقال بعض الفقهاء أن التنفل بعد العصر من خصوصياته. 2- كما أنها كانت ترى أن عدد ركعات قيام رمضان إحدى عشرة ركعة مع الوتر، مستدلة بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك عندما سألها أبو سلمة بن عبد الرحمن (كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان؟) قالت: "ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن و طولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن و طولهن، ثم يصلي ثلاثا. فقلت يا رسول الله: أتنام قبل أن توتر؟ فقال يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي." فكان الصحابة (رضي الله عنهم) يصلونها عشرين ركعة، لأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم لهذا العدد لا يدل على نفي ما عداه. وهكذا جمعت السيدة عائشة بين علو بيانها ورجاحة عقلها، حتى قال عنها عطاء: كانت عائشة أفقه الناس وأحسن الناس رأياً في العامة. توفيت السيدة عائشة (رضي الله عنها) وهي في السادسة والستين من عمرها، بعد أن تركت أعمق الأثر في الحياة الفقهية والاجتماعية والسياسية للمسلمين. وحفظت لهم بضعة آلاف من صحيح الحديث عن رسول صلى الله عليه وسلم. لقد عاشت السيدة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لتصحيح رأي الناس في المرأة العربية، فقد جمعت (رضي الله عنها) بين جميع جوانب العلوم الإسلامية، فهي السيدة المفسرة العالمة المحدثة الفقيهة. وكما ذكرنا سابقاً فهي التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن فضلها على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام، فكأنها فضلت على النساء. وهكذا فإننا نلمس عظيم الأثر للسيدة التي اعتبرت نبراساً منيراً يضيء على أهل العلم وطلابه، للسيدة التي كانت أقرب الناس لمعلم الأمة وأحبهم، والتي أخذت منه الكثير وأفادت به المجتمع الإسلامي. فهي بذلك اعتبرت امتدادا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
|
|
|
|
|
|
جميع الحقوق محفوظة - في حال أردتم إستعمال نص أو صورة من هذا الموقع, الرجاء إرسال خطاب رسمي لمؤسسات المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد |
|
|