|
|
|
شخصيـات بــارزة |
|
|
|
|
فاطمة الزهراء رضى الله عنها |
|
هي فاطمة بنت محمد بن عبد الله بن هاشم - سيد المرسلين وخاتم النبيين سيد ولد آدم - عليه صلوات الله وسلامه وصغرى بناته وهي أيضاً ابنة خديجة أول النساء إيماناً بالإسلام وهي زوج علي بن أبي طالب، أول من أسلم من الصبيان فما سجد لصنم، وما انحنى لوثن وهو المجاهد مع النبي منذ صغره، وهو خليفة المسلمين الرابع، وهي أم الحسنين سيدا شباب أهل الجنة. ولقد شاء الله أن يقترن مولد فاطمة في يوم الجمعة الموافق للعشرين من جمادى الآخرة في السنة الخامسة قبل البعثة بقليل بالحادث العظيم الذي ارتضت فيه قريش (محمدا) حكما لما اشتد الخلاف بينهم حول وضع الحجر الأسود بعد تجديد بناء الكعبة، وكيف استطاع عليه الصلاة والسلام برجاحة عقله أن يحل المشكلة وينقذ قريش مما كان يتهددها من حرب ودمار وإسالة دماء وعداوة بين الأهل والعشيرة. حمل الأب الحاني ابنته المباركة يهدهدها ويلاطفها، وكانت فرحة خديجة كبيرة ببشاشته، وهو يتلقى الأنثى الرابعة في أولاده، ولم يظهر عليه غضب ولا ألم لأنه لم يرزق ذكرا وكانت فرحة خديجة اكبر حين وجدت ملامح ابنتها تشبه ملامح أبيها، وقد استبشر الرسول بمولدها فهي النسمة الطاهرة التي سيجعل الله نسله منها. عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: ما رأيت أحدا من خلق الله أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة. وقد كان تسميتها فاطمة بإلهام من الله تعالى فقد روى الديلمي عن أبى هريرة رضي الله عنه عن علي أنه عليه السلام قال: "إنما سميت فاطمة؛ لأن الله فطمها وحجبها من النار". والفطم هو القطع والمنع. ترعرعت فاطمة في بيت النبوة الرحيم، والتوجيه النبوي الرشيد، وبذلك نشأة على العفة وعزة النفس وحسن الخلق، متخذتاً أباها رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى لها والقدوة الحسنة في جميع تصرفاتها. وما كادت الزهراء أن تبلغ الخامسة حتى بدأ التحول الكبير في حياة أبيها بنزول الوحي عليه، وقد تفتحت مداركها على أبيها ويعاني من صد قريش وتعنت سادتها، وشاهدت العديد من مكائد الكفار واعتدائهم على الرسول الكريم، وكان أقسى ما رأته فاطمة عندما ألقى سفيه مكة عقبة بن أبي معيط الأذى على رأس أبيها وهو ساجد يصلي في ساحة الكعبة ويبقى الرسول صلى الله عليه وسلم ساجدا إلى أن تتقدم فاطمة وتلقي عنه القذر. بعد أن تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة- رضي الله عنها- تقدم كبار الصحابة لخطبة الزهراء، بعد أن كانوا يحجمون عن ذلك سابقاً لوجودها مع أبيها صلى الله عليه وسلم وخدمتها إياه. فقد تقدم لخطبة الزهراء أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنهم- ولكن النبي صلى الله عليه وسلم اعتذر في لطف ورفق، وتحدث الأنصار إلى علي بن أبي طالب – رضي الله عنه - وشجعوه على التقدم لخطبة فاطمة، واخذوا يذكرونه بمكانته في الإسلام وعند رسول الله حتى تشجع وذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم خاطبا، وعندما حضر مجلس النبي غلبه الحياء فلم يذكر حاجته، وأدرك رسول الله ما ينتاب علي من حرج فبادره بقوله :ما حاجة ابن أبي طالب؟ أجاب علي: ذكرت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مرحبا وأهلا. وكانت هذه الكلمات برداً وسلاماً على قلب علي فقد فهم منها، وكذلك فهم أصحابه أن رسول الله يرحب به زوجا لابنته. وكانت تلك مقدمة الخطبة، عرف علي أن رسول الله يرحب به زوجاً لأبنته فاطمة، فلما كان بعد أيام ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطب فاطمة... وكان مهرها رضي الله عنها درعاً أهداها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى علي في غزوة بدر، وقد دعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما في نسلهما". لم تكن حياة فاطمة في بيت زوجها مترفة ولا ناعمة، بل كانت أقرب للخشونة والفقر، وقد كفاها زوجها الخدمة خارجاً وسقاية الحاج وأسنده لأمة، وكان علي رضي الله عنه يساعدها في شؤون المنزل. قال علي رضي الله عنه: لقد تزوجت فاطمة وما لي ولها فراش غير جلد كبش ننام عليه بالليل ونجلس عليه بالنهار، ومالي ولها خادم غيرها، ولما زوجها رسول الله بي بعث معها بخميلة ووسادة أدم حشوها ليف ورحائين وسقاء وجرتين، فجرت بالرحى حتى أثرت في يدها، واستقت بالقربة بنحرها، وقمّت البيت حتى اغبرت ثيابها. خيمت السعادة على بيت فاطمة الزهراء عندما وضعت طفلها الأول في السنة الثالثة من الهجرة، ففرح به النبي فرحاً كبيراً فتلا الآذان على مسمعه، ثم حنكه بنفسه وسماه الحسن، فصنع عقيقة في يوم سابعه، وحلق شعره وتصدق بزنة شعره فضة. وكان الحسن أشبه خلق الله برسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه. وما أن بلغ الحسن من العمر عاماً حتى ولد بعده الحسين في شهر شعبان سنة أربع من الهجرة، وتفتح قلب رسول الله لسبطيه (الحسن والحسين)، فغمرهما بكل ما امتلأ به قلبه من حب وحنان وكان صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم أني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما" وتتابع الثمر المبارك فولدت الزهراء في العام الخامس للهجرة طفلة اسماها جدها صلى الله عليه وسلم (زينب). وبعد عامين من مولد زينب وضعت طفلة أخرى اختار لها الرسول اسم (أم كلثوم). بذلك آثر الله فاطمة بالنعمة الكبرى، فحصر في ولدها ذرية نبيه صلى الله عليه وسلم، وحفظ بها أفضل سلالات البشرية. وقد بلغ من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة رضي الله عنها- أنه لا يخرج من المدينة حتى يكون آخر عهده بها رؤية فاطمة، فإذا عاد من سفره بدأ بالمسجد فيصلي ركعتين، ثم يأتي فاطمة، ثم يأتي أزواجه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "إنما فاطمة بضعة فمن أغضبها فقد أغضبني". ولم يرض رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراها تلبس الحلي وأمرها ببيعها والتصدق بثمنها؛ وما ذلك إلا لأنها بضعة منه وأنه يريدها مثلاً أعلى في الزهد والصبر والتقشف كما كان هو صلى الله عليه وسلم، ولتتبوأ بجدارة منزلة سيدة نساء العالمين يوم القيامة. ولقد هم علي كرم الله وجهه بالزواج من بنت أبى جهل - لعنه الله، على السيدة فاطمة رضي الله عنها، وفي حسبانه أنه يجوز على بنات النبي صلى الله عليه وسلم ما يجوز على سائر النساء فيما أحله الشرع للمسلمين من تعدد الزوجات، وعندما بلغ رسول الله ذلك خرج إلى المسجد مغضبا حتى بلغ المنبر فخطب الناس فقال: "إن بني هشام بن مغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب فلا آذن لهم، ثم لا آذن لهم، ثم لا آذن لهم،إلا أن يريد علي بن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم، وإني لست أحرم حلالا، ولا أحل حراما، لكن والله لا تجتمع بنت رسول الله، وبنت عدو الله أبدا. فترك علي الخطبة. وهذا دليل على حبه صلى الله عليه وسلم لبناته في بيئة وأدت بناتها. وقد مرت السيدة فاطمة رضي الله عنها بأحداث كثيرة ومتشابكة وقاسية وذلك منذ نعومة أظفارها حيث شهدت وفاة أمها، ومن ثم أختها رقية، وتلتها في السنة الثامنة للهجرة أختها زينب، وفي السنة التاسعة أختها أم كلثوم. وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم: ولما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، وأرسى قواعد الإسلام وأدى الأمانة ونصح الأمة وأكمل الله الدين. حان وقت الرحيل عن الدنيا الفانية، وأخذت طلائع التوديع للحياة تظهر على ملامح الرسول صلى الله عليه وسلم وتتضح من خلال عباراته وأفعاله. فقد اعتكف في رمضان في السنة العاشرة عشرين يوماً، بينما كان لا يعتكف إلا عشرة أيام، وكان يدارسه جبريل عليه السلام مرتين وما قاله لمعاذ رضي الله عنه "يا معاذ انك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا". وما قاله في خطبة الوداع: "أيها الناس اسمعوا قولي، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا. وشهادة الناس له انه بلغ وأدى ونصح". وكان بداية مرضه صلى الله عليه وسلم بعد حجة الوداع في اليوم التاسع والعشرين من شهر صفر سنة 11هجرية - وكان يوم الاثنين – وقد صلى المصطفى صلى الله عليه وسلم بالناس وهو مريض أحد عشر يوماً وجميع أيام المرض كانت ثلاثة عشر يوما. وما أن سمعت فاطمة بذلك حتى هرعت لتوها لتطمئن عليه، وهو عند أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فلما رآها هش للقائها وقال: "مرحبا بابنتي فأجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم أسر إليها شيئاً فبكت، ثم اسر لها شيئاً فضحكت. قالت -عائشة – قلت ما رأيت ضحكا اقرب من بكاء، قلت: أي شيء أسر إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت الزهراء رضي الله عنها: ما كنت لأفشي سره! فلما قبض سألتها فقالت: قال:ان جبريل كان يأتيني كل عام فيعارضني بالقرآن مرة وأنه أتاني العام فعارضني مرتين، ولا أظن إلا أجلي قد حضر، فاتقي واصبري، فانه نعم السلف أنا لك. قالت فبكيت بكائي الذي رأيت: فلما رأى جزعي سارني الثانية، فقال: "يا فاطمة، أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة؟ وانك أول أهلي لحاقا بي؟ فضحكت. ورأت فاطمة رضي الله عنها ما برسول الله من الكرب الشديد الذي يتغشاه، فقالت: وأكرب أباه. فقال صلى الله عليه وسلم لها: ليس على أبيك كرب بعد اليوم يا فاطمة. ولما حضرت النبي الوفاة، بكت فاطمة حتى سمع النبي صوتها فقال صلى الله عليه وسلم "لا تبكي يا بنية، قولي إذا مت: إنا لله وإنا إليه راجعون، فان لكل إنسان بها من كل مصيبة معوضة"، قالت فاطمة: ومنك يا رسول الله؟ قال: ومني. ولما مات الرسول صلى الله عليه وسلم قالت فاطمة: يا أبتاه أجاب ربا، يا أبتاه في جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه. فلما دفن الرسول صلى الله عليه وسلم قالت: يا أنس كيف طابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله التراب؟ وبكت الزهراء أم أبيها، وبكى المسلمون جميعا نبيهم ورسولهم محمد صلى الله عليه وسلم وذكروا قول الله تعالى:" إنك ميت وإنهم ميتون". حادثة فدك والإرث: ولما كان اليوم الذي توفي فيه رسول صلى الله عليه وسلم بويع لأبي بكر رضي الله عنه في ذلك اليوم، فلما كان من الغد جاءت فاطمة إلى أبي بكر رضي الله عنه ومعها علي كرم الله وجهه، فقالت: ميراثي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي، فقال:أمن الرثة أو من العقد؟ قالت: فدك – قرية كان للنبي صلى الله عليه وسلم نصفها – وخيبر وصدقاته بالمدينة أرثها كما يرثك بناتك إذا مت. فقال أبو بكر رضي الله عنه: أبوك والله خير مني، وأنت والله خير من بناتي، وقد قال رسول الله: لا نورث، ما تركنا صدقة (يعني هذه الأموال القائمة) فيعلمن أن أباك أعطاكها، فو الله لئن قلت نعم لأقبلن قولك، قالت: قد أخبرتك ما عندي. وقال لفاطمة وعلي والعباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا نورث ما تركناه صدقة". وطابت نفس فاطمة رضي الله عنها بما كان من قضاء أبي بكر رضي الله عنه، وأن الأنبياء لا يورثون مالا وعاشت زاهدة راضية حتى وافاها الأجل، فكانت أول اللاحقين بأبيها من أهل بيته كما بشرها بذلك، فطابت بالبشرى وعلمت أن الآخرة خير من الأولى وأبقى. أوصت الزهراء رضي الله عنها علي بن أبي طالب بثلاث وصايا في حديث دار بينهما قبل وفاتها. وقالت الزهراء يا ابن عم، انه قد نعيت إلي نفسي، وإنني لا أرى حالي إلا لاحقة بأبي ساعة بعد ساعة، وأنا أوصيك بأشياء في قلبي. فقال كرم الله وجهه: أوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس عند رأسها وأخرج من كان في البيت. فقالت رضي الله عنها:يا ابن العم ما عهدتني كاذبة ولا خائفة، ولا خالفتك منذ عاشرتني. فقال رضي الله عنه: معاذ الله! أنت أعلم بالله تعالى، وأبر واتقى وأكرم وأشد خوفا من الله تعالى، وقد عز علي مفارقتك وفقدك إلا أنه أمر لا بد منه، والله لقد جددت علي مصيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجل فقدك، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وقد أوصت الزهراء رضي الله عنها عليا كرم الله وجهه بثلاث: أولا:أن يتزوج بأمامة بنت العاص بن الربيع، وبنت أختها زينب رضي الله عنها .وفي اختيارها لأمامة رضي الله عنها قالت: أنها تكون لولدي مثلي في حنوتي ورؤومتي. وأمامه هي التي روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحملها في الصلاة. ثانيا: أن يتخذ لها نعشا وصفته له، وكانت التي أشارت عليها بهذا النعش أسماء بنت عميس رضي الله عنها، وذلك لشدة حياءها رضي الله عنها فقد استقبحت أن تحمل على الآلة الخشبية ويطرح عيها الثوب فيصفها، ووصفه أن يأتى بسرير ثم بجرائد تشد على قوائمه، ثم يغطى بثوب. ثالثا: أن تدفن ليلا بالبقيع. لم يطل مرض الزهراء رضي الله عنها الذي توفيت فيه، ولم يطل مقامها في الدنيا كثيرا بعد وفاة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقد اختلفت الروايات في تحديد تاريخ وفاتها، فقيل في الثالث من جمادى الآخرة سنة عشرة للهجرة وقيل توفيت لعشر بقين من جمادى الآخرة، أما الأرجح فإنها توفيت ليلة الثلاثاء يوم الاثنين من شهر رمضان سنة إحدى عشرة من الهجرة . وتوفيت وهي بنت تسع وعشرين سنة. وقيل كانت قبل وفاتها فرحة مسرورة لعلمها باللحاق بأبيها الذي بشرها أن تكون أول أهل بيته لحاقا به وقيل لبثت الزهراء بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة اشهر وفي رواية أخرى ستة اشهر. وقد نفذ علي كرم الله وجهه وصيتها، فحملها في نعش كما وصفته له ودفنت بالبقيع ليلا، وهي أول من حملت في نعش وأول من لحقت بالنبي صلى الله عليه وسلم من أهله. حملت فاطمة بين دموع العيون وأحزان القلوب، وصلى عليها علي كرم الله وجهه ونزل في قبرها، فضم ثرى الطيبة الطاهرة فاطمة الزهراء رضي الله عنها كما ضم جثمان أبيها المصطفى صلى الله عليه وسلم وأخواتها الثلاث: زينب، ورقيــة وأم كلثوم رضي الله عنهن.
|
|
|
|
|
|
جميع الحقوق محفوظة - في حال أردتم إستعمال نص أو صورة من هذا الموقع, الرجاء إرسال خطاب رسمي لمؤسسات المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد |
|
|