إذا كان الاسلام واحداً فلماذا يتفرق المتدنيون به؟ وإذا كانت القضية الوطنية واحدة فلماذا يتقاتل الوطنيون؟ **** لا كرامة لوطن يفتقد فيه المواطن عزته وكرامته. **** المقاومة حق مشروع لكل الشعوب التي تتطلع الى الاستقرار والحرية والسيادة وتقرير المصير. **** إن وحدة المسيحيين مسؤولية سياسية إسلامية ووحدة المسلمين مسؤولية سياسية مسيحية **** إن شريعة لبنان الحضاري هي شريعة الدين والعقل لا شريعة الهوى والقتل، وهي شريعة اللقاء والحوار لا شريعة الخصام والدمار **** إن أي فئة من الفئات لا يمكنها ان تبني لبنان على صورتها، سواء كانت حزبية أو طائفية أم عنصرية. **** إن لغة التخاطب مع العدو الدخيل على الجوار تختلف عن لغة التخاطب مع الشقيق المتعاون في حمى الديار. **** الكرامات التي يعتدي عليها العدو الاسرائيلي خليقة بأن تثير ضمير العالم ليتحرك الى جانبنا. **** إن تحرير الوطن يكون بتحريره من العدو الاسرائيلي وتوفير السيادة له كاملة غير منقوصة. **** إن الواقع المقطّع الأوصال والضائع في متاهات اللا أمن واللا استقرار، يُشجع كل صاحب غرض لأن يحقق غرضه، وخصوصاً العدو الإسرائيلي الذي يريد أن يلعب بالنار ويستغل الظروف. **** إن أعز نداءٍ إلى قلبي هو المحافظة على وحدة هذا الوطن وقوته وأن تعيشوا في ظلاله اخوة متلاقين متحابين في السراء والضراء فالقيمة الحقيقة للمواطن هي بما يعطي وطنه من مواهب لا بما يحققه لنفسه من مكاسب **** ان الخطر على لبنان من داخله إذا وزنت الوطنيةُ فيه بميزانين. **** من يطبق القانون بحزم في جهة ويتردد في تطبيقه في جهة أخرى يرد موارد الظلم. **** حريُّ بلبنان، أنشودة التلاقي بين المتدينين، أن يكون رائداً من رواد الحضارة الروحية في عصرنا. **** الطائفية هي تشنج صارخ بقشور الدين وانغلاق وحشي على الإنسانية وضياءها. **** إن لبنان بلد التلاقي الروحي لا الإبتزاز الديني، وان التدين ممارسة صادقة لحقيقة الدين وانفتاح مطلق على الإنسانية بأسرها. **** إننا نريد للبنان أن يكون بلد التعايش السياسي لا التعايش الطائفي. **** إن حقنا في وطننا ليس ملكاً يتصرف به البعض كما يهوى ويشتهي إنما هو أمانة نحملها في أعناقنا جميعاً لنسلمها إلى أحفادنا وإلى أجيالنا المقبلة. **** إن تحرير الوطن ينبغي ان توازيه حركة تحرير المواطن وتحقيق المساواة الوطنية التامة. **** إن من يزن العدل بميزانين يخطئ في حق لبنان. **** وحدة المسلمين والمسيحيين في وطنٍ واحد مسؤوليةٌُ لبنانية مشتركة **** إن تحرير المجتمع اللبناني لا يقوم إلا بتكامل الطاقات الإسلامية والمسيحية. **** المواطن اللبناني لا يكون كبيراً إلا إذا بسطت السلطة الشرعية ظلها على كامل تراب الوطن **** إن لبنان لا يمكن أن يكون إلا على صورةٍِ من التجانس البديع بين جميع طوائفه **** إن نهوض لبنان وتقدمه مرهونٌ بتحقيق العدالة والمساواة بين اللبنانيين ومناطقهم **** الطائفية السياسية والساسة الطائفيون كلاهما ينتفع بالآخر ويتغذى عليه وكل ذلك على حساب لبنان وسلامته وازدهاره. **** إن دعوتنا لوحدة المسلمين ليست إلا دعوة لوحدة اللبنانيين. **** إن أخطر العبودية المعاصرة هي عبودية الإنسان لأهوائه وشهواته التي أحبطت مستواه الخلقي والاجتماعي والحضاري. **** إننا لسنا من هواة إثارة الهالات من حولنا ولا نحب أسلوب العمل الفوضوي ولسنا تجار مبادىء. **** عروبة لبنان هي الشرط الأول لبقائه سيداً حراً مستقلاً. **** إن الإنهيارات الخلقية والإجتماعية على صعيد الأفراد والشعوب، ما هي في الواقع إلا نتيجة طبيعية لفقدان القدرة لدى الإنسان المعاصر على إقامة التوازن الدقيق بين الروح والمادة. **** إن مهمتنا هي أن نحكم بالعدل في نطاق صلاحياتنا وأن نطالب بالأفضل لشعبنا في نطاق الأدب والحكمة. **** لا ديمقراطية ولا عدالة بوجود الطائفية. ****
May 2024 02
الخميس 23 شوال 1445
حكـــــمة الاسبـــــوع




لا تستح من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه



سجـــــل الإصدقـــــاء
رســائـــل التضامـــــن
رســــائـــل التــحيـــة
الـــــى الشــــــــــهيد
16 أيار
روابــــــــــط
المســـابقة التشجيعيـة
اســـــتفتــــــــاء
هل انت مع سحب المبادرة العربية للسلام نتيجة المجزرة الاسرائيلية على سفينة المساعدات؟
إشترك نتائج
   الشيخ حسن خالد في الأعلام
   
   
 


العنوان : قضايا لبنان والمنطقة والعالم الإسلامي... لبنان وقضيته المستعصية... ومفرزات الحرب وعقدها!
التاريخ : 1980-03-10
المرجع : مجلة الفكر الإسلامي ـ السنة التاسعة، العدد الثالث، ربيع الثاني 1400هـ / آذار 1980م.

المنطقة العربية في توجهاتها السياسية المتباينة...

العالم الإسلامي وهو يعيش قمة التحدي ويدفع الضريبة الأضخم نتيجة الصراعات الناشبة على الساحة الدولية عقائدياً وسياسياً وعسكرياً واقتصادياً...

القضية الفلسطينية ومسألة التوطين...

قضية أفغانستان والغزو والسوفياتي السافر...

النزاع السوفياتي _ الأميركي على الطاقة في العمقين العربي والإسلامي...

إلى ما هناك من أحداث هي الآن قضايا الساعة كانت كلها نقاطاً أساسية وجوهرية في ردود سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد على أسئلة توجهت بها إلى سماحته مجلتا الصياد البيروتية في عددها الرقم 1842(22 شباط 1980) والدستور اللبنانية الصادرة في لندن في عددها الرقم 453 (18 – 24 شباط 1982)

ويهم «الفكر الإسلامي» هنا أن تنشر مقابلتي الصياد والدستور لأهميتهما الوطنية والعربية والإسلامية والدولية ، لا سيما إن سماحة المفتي حدد فيهما الآراء الإسلامية الصريحة من مجمل القضايا المطروحة ومفصلها كما عود في مثل هذه المناسبات، تبدأ بالحوار مع مجلة الصياد.

الجباران يسعيان ليالطا جديدة

 دخل الجيش السوفياتي إفغانستان، وردت أميركا بتجميع أسطولها في بحر العرب، والمحيط الهندي، ودعت الدول العربية والإسلامية، لعقد مؤتمر إسلام أباد، ما هو في نظركم الخيط الرابط بين هذه الأحداث، وكيف تنظرون إلى الدخول السوفياتي إلى إفغانستان؟

• لست أدري إذا كان انسحاب بعض قوات الجيش السوفياتي من ألمانيا الشرقية يشكل مقدمة لدخول الجيش السوفياتي إلى إفغانستان، غير أن المؤشرات الدولية التي تتلاحق على الساحات السياسية بسرعة تؤكد إنه يمكن أن يكون لأي حدث يجري في طرف من أطراف العالم علاقة بالحدث الذي يجري بالطرف الآخر من هذا العالم، ولعل في تصريحات المستشار الألماني هلموت شميت الأخيرة في معرض اعتراضه على دخول الجيش السوفياتي لأفغانستان، ما يؤكد الحرص الألماني على حسن العلاقة مع الاتحاد السوفياتي، بالرغم من هذه المعارضة الظاهرة، فالمستشار الألماني أكد في تصريحاته الأخيرة على أن ألمانيا لن تقطع صلاتها التجارية مع الاتحاد السوفياتي، لأن لها معه علاقات من هذا النوع وبحجم كبير تحرص على تعزيزها وتنميتها، فهل هذا الحرص هو شكل من أشكال رد الجميل للاتحاد السوفياتي الذي سحب بعض قواته من ألمانيا الشرقية، فإذا كان الأمر كذلك فإنه يصبح من باب رد الجميل أيضاً جعل الاعتراض الألماني على دخول الجيش السوفياتي لأفغانستان اعتراضاً شكلياً وظاهرياً أيضاً.

هذا المثل يجعلنا نذهب في الظن بعيداً لنستنتج إنه كما قد يكون الخلاف الناشب اليوم بين الشرق والغرب حقيقة واقعة فإنه أيضاً قد لا يكون ثمة في الأساس خلاف بين الشرق والغرب على ما يجري في أطراف العالم، فكل شيء على ما يبدو في هذه الحال متفق عليه بينهما كما حصل قديماً في اتفاق يالطا، ولعل ذلك في نظرنا يتجلى أكثر في الوفاق الدولي بين أميركا والاتحاد السوفياتي ، هذا الوفاق عبرت عنه معاهدة سالت(2)، فإذا كان هذان الجباران قد اتفقا على الحد من الأسلحة النووية لدى الطرفين فمعنى ذلك إنهما قد اتفقا أيضاً على جميع الأمور والقضايا الدولية التي كان من الممكن أن تقوم حولها حرب نووية، فإذا كانت الحرب النووية سوف تحل هذه الأمور والقضايا فإن معاهدة سالت (2) جاءت لتنوب عن هذه الحرب في حلها جميعاً، والتي على رأسها تقاسم النفوذ خاصة في عالمنا، ولعل معاهدة سالت (2) هنا تبدو في نظرنا أحد الخيوط القوية الرابطة بين هذه الأحداث جميعاً.

ومن هنا فإننا ننظر إلى الدخول السوفياتي في أفغانستان من هذا الموقف الوفاقي بين العملاقين، بالرغم مما يبدو من تناقض بينهما، وبالرغم من معارضة أميركا للألعاب الأولمبية التي سوف تجري في موسكو ذلك أن هذه المعارضة لا تقدم ولا تؤخر في رسم السياسات وتحديد مصائر الشعوب، وبالرغم من أن إيقاف أميركا تزويد الاتحاد السوفياتي بالغذاء، ذلك ان سوقاً جديدة واسعة فتحت أمامه مع الأرجنتين.

ومن هنا فإننا ننظر إلى الدخول السوفياتي لأفغانستان نظرة الرفض والشجب القاطعين، لأن الاتحاد السوفياتي في دخول هذه البلاد الإسلامية دخولاً عسكرياً وقهرياًَ وقف ضد الإرادة الإسلامية الشعبية في تحرير البلاد من هذا الطغيان، ووقف حائلاً ضد حق هذا الشعب في تقرير مصيره، وفرض سيادته بنفسه على أرضه ونحن إذا كنا ننظر من خلال هذا المفهوم إلى الغزو السوفياتي لأفغانستان، فإننا بالمفهوم نفسه ننظر إلى أطماع أميركا في باكستان وإيران ومصر والخليج العربي ، حيث تحاول الولايات المتحدة في محاولة للتوازن مع الغزو السوفياتي لأفغانستان أن تجد لها قواعد عسكرية في هذه البلاد جميعاً، وبذلك يكون الاتحاد السوفياتي قد ساعد الولايات المتحدة على تثبيت وجودها في هذه المناطق، وتكون الولايات المتحدة قد ساعدت الاتحاد السوفياتي على تثبيت وجوده في أفغانستان، وربما في غير أفغانستان أيضاً.

لذلك فإن الموقف الإسلامي الواضح، ينبغي أن يتوجه لرفض وشجب كل تدخل أجنبي، أكان هذا التدخل من الشرق أم من الغرب ، ذلك أن أي بلد من هنا وهناك لا يرغب في مصلحة الإسلام والمسلمين بقدر ما يرغب في مصلحته هو، وتأمين اقتصاده ومناطق نفوذه، ولعل المؤتمر الإسلامي الذي انعقد مؤخراً في إسلام أباد يتوجه بشكل عام، نحو هذا التوجه الذي نرجو فيه للإسلام كل خير وازدهار.

ضرب لمبدأ الشورى

 في مصر أكد السادات أكثر من مرة بأنه لن يسمح مطلقاً لرجال الدين بالتدخل في السياسة من صلب الدين الإسلامي، وشيخ الأزهر لم يعلق على تصريح السادات، ما رأيكم أنتم في هذا الموضوع؟

• أما وإن فضيلة شيخ الأزهر لم يعلق على تصريح السادات فهو شأن متعلق بفضيلته وحده وبمسؤوليته عن ذلك أمام الله سبحانه وتعالى
.
أما إن الرئيس السادات أكد في مصر أكثر من مرة بأنه لن يسمح مطلقاً لرجال الدين بالتدخل في السياسة، فإن ذلك إذا صح قوله عن الرئيس السادات فإنه اجتهاد منه لا أعتقد أن له عند الله به أكثر من أجر واحد، وذلك لأسباب عدة :

في طليعتها إنه ليس في الإسلام طبقة اسمها رجال الدين، فكل مسلم من زاويته مسؤول عن الدعوة الإسلامية كما هو مسؤول عن المسلمين في حياتهم السياسية، والاجتماعية والتربوية والثقافية بشكل عام، وكلما كان المسلم في مجتمعه في موقع المسؤولية كلما كانت مسؤوليته بعلو سلطته مسؤولية أشمل واعم، ومن هنا فرض الإسلام الشورى على الحاكم يأخذ بها ويلتزم بها، حتى لا يفرط في أمر هذه المسؤولية أو يتفرد بها استناداً لقوله تعالى: «وأمرهم شروى بينهم» وقوله: «وشاورهم في الأمر».

ولذلك فإن عدم الأخذ بآراء الحكام المسلمين والعلماء المسلمين إن كان في مصر أو خارج مصر في أي موقف مصيري يكون من شأنه الضرب بمبدأ الشورى في الإسلام عرض الحائط، ويكون صاحب هذا الموقف قد تدخل في شؤون الدين وفي عقيدة الإسلام تدخلاً سيئاً ومفسداً لا يحمل للإسلام والمسلمين أي خير وأمل، والعجيب في أمر هذا التصريح أنه يريد أن ينكر حق علماء الدين في التدخل في السياسة ، بطريقة يعطي فيها الحق لرجال السياسة بالتدخل في أمور الدين ، وبذلك يكون قد قلب الآية، وسلب علماء الدين حقاً منحهم الله إياه، ووضع الدين موضع استغلال سياسي حذر الله منه، وعليه فإن في ذلك مخالفة صريحة لشرع الله سبحانه وتعالى نرجو أن لا يقع في محذورها أحد.

ضغط من أجل الوفاق

 سماحة المفتي اتخذت الحكومة السورية، كما تعلمون، قرارات مفاجئة بسحب قوات الردع من الجنوب وبيروت، ما هو تقديركم لهذه القرارات، وما هي نتائجها المحتملة؟

• ما من شك ان قرارات الحكومة السورية الأخيرة بسحب قوات الردع من الجنوب وبيروت يرجع إلى واحد من أمرين:

1. إما إلى احتمالات العدوان الإسرائيلي المفاجئ بحيث تضطر القوات السورية إلى التجمع في مراكز معينة، وبالتالي إلى سحب قواتها من الجنوب وبيروت.

2. إما إلى موقف بعض الفئات السياسية في لبنان في عرقلة قرارات مؤتمر بغداد ومؤتمر تونس لجهة حل المعضلة اللبنانية، مما جعل القوات السورية تنسحب من بعض المواقع الهامة بشكل يضع هذه الفئات السياسية اللبنانية المتمادية في عرقلة الأمور أمام مسؤوليتها المباشرة في حفظ الأمن، وبالتالي في المباشرة بعملية الوفاق السياسي.

وعلى كل حال إذا كان هذا السبب أو ذاك هو الذي يمكن وراء اتخاذ الحكومة السورية لمثل هذا القرار، أو ما ذكره الرئيس الأسد في تصريحه الأخير في هذا الشأن، فإنه في كلا الحالتين يبقى الأمر بعد هذا الانسحاب المفاجئ خطيراً ويصبح الوفاق الوطني أمراً ملحاً ومطلوباً أكثر من أي وقت مضى وعسى ان تسارع الفئات السياسية إلى اتخاذ مثل هذا الموقف، وبالاتفاق مع الدولة واحترام ما تمثله من شرعية.

إن الوفاق الوطني هو النتيجة الحتمية في رأينا للإرادة العربية واللبنانية التي قامت قوات الردع العربية بالعمل من أجلها ، إن دخول الجيش السوري لبنان كان من أجل أمنه واستقراره وإعادة الوفاق بين أبنائه ، إلا أن تلك الفئات السياسية واجهت هذه الإرادة العربية واللبنانية، كما واجهت قوات الردع السورية بمواقف غريبة ومشبوهة، مما اضطر هذه القوات ومن باب الضغط على ما نرجح إلى استعمال هذا السلاح، سلاح الانسحاب بعد أن وصلت تماديات الفئات السياسية إلى حد عرقلة أعمال لجنة المتابعة العربية.

من كان يظن ان قوات الردع العربية السورية بالذات قد دخلت لتبقى فهو مخطئ، ومن يظن الآن أن انسحاب القوات السورية هو انسحاب نهائي فهو أيضاً مخطئ. ذلك ان اعتقاد المسؤولين السوريين الكبار هو أن أمن سورية من أمن لبنان، ولكن كل ما في الأمر أن مصلحة الأمن في لبنان وسورية تقتضي على ما يظهر هذا التحرك الذي قامت به القوات السورية، والمسؤولون السوريون واللبنانيون على ما يبدو يدركون تماماً ما تمليه عليهم مصلحة البلد ويتصرفون في ضوء ذلك.

فقدان الجيش المتوازن

 يختلف الأطراف اختلافاً بيناً حول دخول الجيش سواء إلى الجنوب أو كسروان، والساحل أو بيروت الغربية، ما رأيكم أنتم في قضية استلام الجيش المهام الأمنية بدلاً من قوات الردع العربية؟

• في ضوء المفهوم الذي ذكرناه في ختام الإجابة على السؤال السابق نقول إن انتشار الجيش اللبناني في ظل ما يحمله من المعنى الوطني المجرد من المفهوم الطائفي والتزاماته في كل المناطق اللبنانية على السواء لاستلام المهام الأمنية بدلاً من قوات الردع العربية غدا في حال إصرار هذه القوات على الانسحاب، أمر ضروري، ذلك أن الحروب العشائرية التي تحدث بين بعض الميليشيات هنا وهناك، والتي يذهب ضحيتها كثير من الأبرياء باتت تفتك بأمن البلاد وتنذر بالامتداد إلى كثير من المناطق، ولا أعتقد إذا كنا نصر على وحدة البلاد ووحدة الشعب، ووحدة الأرض بأن هناك قوة أمنية غير الجيش اللبناني الواحد الموحدة قادرة على إحلال الأمن في ربوع الوطن، إلا أن الظرف الأمني الذي نحن فيه ليس ظرفاً أمنياً داخلياً فقط وإنما هو ظرف أمني خارجي أيضاً يتمثل في العدوان الإسرائيلي على لبنان، بالإضافة إلى سياسة كامب ديفيد الاقتحامية التي باتت تستهدف كل القوى اللبنانية والعربية الموجودة على أرض لبنان، وحتى هنا فإن قرار إنزال الجيش اللبناني إلى الساحة أصبح يعني هذه القوى، السورية والفلسطينية بشكل خاص، فالتنسيق مع سورية والثورة الفلسطينية في هذا المجال أصبح أمراً ضرورياً.

إرهاصات نرجوها

 ثمة ما يمكن تسميته بالنهضة الإسلامية بعد فترة تراجع طويلة، كيف تنظرون إلى ذلك، وهل تجدون صلة بين النهضة الإسلامية والصعوبات التي تواجهها الأنظمة القائمة؟

• لا شك إن في العالم الإسلامي اليوم، على الأصح بوادر نهضة وإطلالة يقظة، وهي لم تصبح بعد نهضة كاملة، أو يقظة تامة ، فما يجري في العالم الإسلامي اليوم من تحركات سياسية واجتماعية ودينية، هو إرهاص بنهضة نرجوها ويقظة نتطلع إليها، وينبغي ان يكون واضحاً أن النهضة الإسلامية ينبغي أن تكون على مختلف الصعد جميعاً فتكون هناك نهضة إسلامية سياسية على صعيد السياسة، ونهضة إسلامية على صعيد الدين، ونهضة إسلامية على صعيد المجتمع، وعلى صعيد الاقتصاد، وعلى صعيد التربية، وعلى صعيد الأخلاق، وعلى صعيد العلم. عندما تتم هذه النهضة على هذه الصعد جميعاً تكون قد تكاملت لدينا النهضة واكتملت.

ولعل هذه النهضة التي بدأت تباشيرها تطل على العالم الإسلامي اليوم جاءت بمثابة الرد على ما خلفته الحرب العالمية الأولى على ساحتنا من سقوط للوحدة الإسلامية، ومن قيام لدولة إسرائيل، إن هاتين النكبتين اللتين أفرزتهما الحرب العالمية الأولى على ساحتنا بفعل من التآمر الدولي على الإسلام وبلاد المسلمين كانتا المحرك الرئيسي لبوادر الانتفاضة الإسلامية التي تشهدها اليوم في شتى أنحاء العالم للرد على مسببي هاتين النكبتين. ولا ريب أن هناك صلة بين النهضة الإسلامية والصعوبات التي تواجهها الأنظمة القائمة ذلك أن الأنظمة القائمة نفسها متفاوتة في أشكالها وتوجهاتها، وبنياتها. ومتأثرة بمجموعها إلى حد بعيد بأفكار الغرب ومفاهيمه السياسية وقوانينه وأنظمته وتشريعاته المختلفة ومناهجه في التربية والاقتصاد والعمل الاجتماعي الأمر الذي يقف منه الفكر الإسلامي موقف التحفظ والاعتراض، ويوجد بالتالي مثل هذه الصعوبات التي تواجها الأنظمة القائمة والتي أشرت إليها في هذا السؤال.

نرفض الهجوم على المسجد الحرام

 إذا صح القول ببوادر النهضة الإسلامية في هذه المرحلة فالتعابير عنها تتراوح بين المقبول والمرفوض ونود الإشارة هنا إلى حادثة المسجد الحرام مثلاً في المملكة العربية السعودية أو التكفير والهجرة في مصر، أو الثورة الإسلامية في إيران، فما هو رأيكم في هذا التنوع في الظاهرة الواحدة وأين موقفكم من هذا كله؟

• إن في هذه البوادر ما هو مقبول وما هو مرفوض ومن الواضح قبل كل شيء أن بعض هذه الظواهر لا يمكن أن ينتمي أو يندرج تحت أي اسم من بوادر النهضة الإسلامية، وذلك لمخالفته للمفهوم الإسلامي الصحيح، وأولها حادثة الاعتداء على المسجد الحرام، الذي لا يعبر عن أي شكل من أشكال النهضة الإسلامية، بل على العكس فإن الكثيرين يرون فيها شكلاً من أشكال التخلف في فهم الإسلام، وممارسته ذلك أن العدوان على المسجد الحرام مهما كانت دوافعه وأسبابه هو عدوان مرفوض شكلاً وموضوعاً من منظار عقيدتنا الإسلامية، أو اجتهاداتنا السياسية، كذلك بادرة التفكير والهجرة فهي دونما ريب من جنس حادثة العدوان على المسجد، خصوصاً وإنها تسببت بإزهاق نفس كتب الله عدم إزهاقها إلا بالحق كما ضربت عرض الحائط بقوله «كل على المسلم حرام دمه وماله وعرضه». أما الثورة في إيران، وأما مظاهر الوعي الإسلامي الذي بات يحرك المسلمين في أنحاء من العالم ، ففيهما كثير من الموقف والخطوات الحية المعبرة عن بوادر هذه النهضة الإسلامية التي نتطلع إليها بكثير من الأمل وإن كان يخالطه شيء من الحذر، وبكثير من الرجاء وإن كان يشوبه شيء من الخوف.

إن موقفنا من ظواهر النهضة الإسلامية هو دوماً موقف الداعم لها والمساند لأهدافها في إطار محافظتها على المفاهيم الإسلامية الأساسية وفي مقدمتها التضامن الإسلامي ووحدة المسلمين التي ينبغي أن تكون في النهاية الغاية الأساسية من كل نهضة إسلامية نرجوها التزاماً بقوله تعالى: «ان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون».

 هناك من يقول، ان الوفاق المطلوب في لبنان وفاقان، وفاق بين الطوائف الإسلامية، ووفاق بين هذه الطوائف والطوائف المسيحية، هل هذا التقدير مقبول، وما هي في رأيكم شروط الوفاق الإسلامي المسيحي الراسخ والثابت؟

الخلاف في إطار المطالب المختلفة.

• إن السؤال في رأينا جاء ضحية لمغالطة مزمنة تفترض ان الخلاف كان بين المسلمين والمسيحيين، وهذا غلط كبير ، فالخلاف لم يكن يوماً بين المسلمين والمسيحيين، كما أنه لم يكن بالتحديد خلافاً بين المسلمين والموارنة من المسيحيين، ذلك انك تجد في صف المطالب الإسلامية الوطنية المطروحة كل المسيحيين كما تجد قسماً كبيراً من المسيحيين الموارنة بالذات وأسماء هؤلاء باتت معروفة يقفون اليوم كلهم إلى جانب وحدة الأرض والشعب والمؤسسات وعروبة لبنان، ورفض التعاون مع العدو الإسرائيلي وإلغاء الطائفية السياسية، والمتاجرة بالأديان السماوية، ونشر العدالة بين المواطنين بلا تفرقة ولا تمييز. فالخلاف إذن كما كنا ولا نزال، نقول: هو خلاف في إطار هذه المطالب بين فئة كبيرة من المسلمين والمسيحيين معاً وبين فئة أخرى من أصحاب الامتيازات الطائفية، فهذه سياسة لها مناصروها وتلك السياسة لها مناصروها أيضاً، فالوفاق إذن ينبغي أن يكون بين أصحاب هذا الاتجاه السياسي وأصحاب ذاك الاتجاه السياسي، وهذا كل شيء. ومن هنا ليس الوفاق المطلوب في لبنان وفاقين. وفاقاً بين الطوائف الإسلامية ووفاقاً بين الطوائف الإسلامية والطوائف المسيحية، خاصةً وإن الطوائف الإسلامية متفقة فيما بينها على كل الأمور، ولم نلحظ أي خلاف بينها على الإطلاق منذ بداية الحرب وحتى الساعة.

 بعض أركان الجبهة اللبنانية أعلنوا موقفاً سلبياً من اللجنة العربية الرباعية المكلفة بوضع قرارات تونس موضع التطبيق وهؤلاء يعتقدون أن الحل في التدويل، ما هو رأيكم في ذلك، وهل التعريب مستمر حتى الآن؟

• في حديثي عن أسباب اتخاذ القرار السوري لانسحاب قوات الردع العربية من بعض المناطق أشرنا إلى بعض الفئات السياسية من فئة مَنْ نسميهم الذين يتمادون في عرقلة مساعي اللجنة العربية الرباعية المكلفة بوضع قرارات مؤتمر تونس موضع التنفيذ، وما أن شعر هؤلاء اليوم بالموقف الجدي السوري بالنسبة إلى قوات الردع في الجنوب وبيروت خاصةً، حتى بدأوا يحسون بخطورة ذلك على الوضع الأمني في لبنان، مما جعلهم يطلقون التصريحات بسرعة ويدعون بعض التجمعات السياسية للحوار والوفاق لتدارك أي انفجار ممكن.

إن ذلك يعني عندنا أن دعوات التدويل التي كانوا يطلقونها قد سقطت إلى غير رجعة، وإدراك هؤلاء بأن الحل ينبع من إرادة اللبنانيين أنفسهم، وهذا ما ركزت عليه مقررات بيت الدين، وبغداد وتونس، التعريب إذن يهدف إلى ترك الإرادة للبنانيين في تقرير ما يريدونه فكيف يمكن رفض التعريب من غير أن يكون ذلك رفضاً للإرادة اللبنانية في الوفاق.

والسلبية التي كانت تبدو من بعض أركان الجبهة اللبنانية لم تكن سلبية في مواجهة اللجنة الرباعية، وإنما كانت سلبية تجاه كل الحلول المؤدية إلى الانفراج، ذلك ان بعض أركان الجبهة اللبنانية هؤلاء، يهمهم الإبقاء على التوتر وتعليق الأزمة اللبنانية بانتظار الانفراج الآتي من الخارج، ومن كامب ديفيد بالذات.

إن ذلك من غير شك لا ينسجم على الإطلاق مع المصلحة اللبنانية العليا ولا مع الروح الوطنية والاستقلالية التي ندعو الجميع إلى التحلي بها بوعي وحكمة خاصةً بعد هذا الموقف العربي السوري الحكيم والجاد الذي اتخذته الحكومة السورية بالنسبة للوضع الأمني في لبنان.

 الغالب في رأي الأوساط السياسية المحلية ان حكومة الدكتور سليم الحص باتت في جو الاستقالة، والتخمينات كثيرة في هذا الخصوص، ما هي في رأيكم أبرز النقاط المطلوبة في برنامج حكومة جديدة في لبنان؟

• قد يكون ذلك ظن بعض الأوساط السياسية المحلية كلها، ومع ذلك فإنه ليس من الضروري في رأينا أن يكون هذا البعض مصيباً في ظنه بأن حكومة الدكتور سليم الحص باتت في جو الاستقالة، ومع ذلك فإنا لا نعلم حتى الآن من هي هذه الأوساط السياسية المحلية التي تذهب في هذا الاتجاه، إنما على العكس نرى أن حكومة الحص تبدو متماسكة حتى الآن وثابتة في طريقها نحو ما رسمت لنفسها من التزامات، وعلى كل حال فإن حكومة الحص إذا بقيت أو تغيرت، فالمطلوب واحد هو أولاً: الوفاق الوطني المرتكز على الإخاء الوطني، ثم الاستقرار الأمني وإعادة بناء المؤسسات وتحريك الأسواق، ثم الازدهار الاجتماعي يعم أرجاء الوطن جميعاً .

رفض التوطين موضوع لبناني شامل

سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد، يرتقي دائماً برأيه إلى سدة المنطق والاقتناع والحكمة.
إنه في كل الأحوال رجل الدين الكبير، الذي يبحث لوطنه عن الخير والسلام والوفاق. وفي الأزمة الأخيرة التي عصفت بلبنان ، كان لا بد لنا أن نستمزج سماحته رجاحة الرأي.

وقال: «الحرب في لبنان لا تنتهي، إلا عندما يتفق اللبنانيون فيما بينهم، للقضاء على احتمالات التفجير»...

وقال أيضاً: «إن الانسحاب السوري في أغلب الظن، جاء بمثابة الاحتجاج على التلكؤ اللبناني، في الاستجابة للمبادرة السورية الهادفة لإحلال الوفاق والسلام في لبنان».

وأكد كذلك: «كنت وما زلت مع إلغاء الطائفية السياسية على كل صعيد، والجيش هو الصعيد الأول...»

كما أبدى رأيه في أمور أخرى هامة: كدور لجنة المتابعة، الوفاق، دخول الجيش إلى الجنوب، التوطين... خلال هذا الحديث الذي أجرته (الصياد) مع سماحته.

   القسم السابق رجوع القسم التالي  

جميع الحقوق محفوظة - في حال أردتم إستعمال نص أو صورة من هذا الموقع, الرجاء إرسال خطاب رسمي لمؤسسات المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد
ارقام تهمك     فهرس الموقع     مواقع تهمك      روابط      من نحن       كفالة الأرامل و الأيتام    إتصل بنا     إدارة المؤسسة