العبادات في الإسلام... وسام الطهر والكمال
أبنائي وإخواني المسلمين، في هذا اليوم السعيد، يوم العيد، نلتقي بكم في جلوة من الصفاء، كسبتها أرواح المؤمنين بالعبادة الصابرة، خلال شهر رمضان، جعله الله بحكمة شرعية ملاذاً للقلوب، تتزود فيه بالتقوى والتجرد، وتتعرف خلاله على أنوار الحق وأسرار الخير، وتنتقل بالجهاد فيه على تعارف صحيح يجمع المسلمين على هدى ورضا ونعمة. نلتقي بكم يا أبنائي وإخواني لنتبادل التهنئة هذا اليوم، يوم الجائزة الربانية لمن أطاعوا ربهم وحافظوا على كلمته وسمعوا لنداء كتابه، فاستقاموا لا يميلون، واستجابوا لا يتخلفون، وأطاعوا لا يتمردون، وصاموا عن الفتن ما ظهر منها وما بطن، وعن الفواحش ما خفي منها وما استعلن، وأقبلوا على مشرع الحق ينهلون منه ويرتوون به، أولئك الذين هدى الله، فرضي عنهم ورضوا عنه. أبنائي وإخواني، عبادات الإسلام تقاليد روحية، تصمم حياة المسلم، وتطبعها بطابعٍ يسوسه الحب والطهر والوفاء، وصدق النية والبعد عن الشر كله، صغيرة وكبيرة. وتشريع الصيام في الإسلام ذو اثر كبير فعال في وضع تصميم النفس المسلمة لتنسجم دائماً مع الفضيلة، فلا تسقط وإنما تتجاوب دائماً مع مبادئ الكمال والفضل. والصائم حقاً، هو الذي يترك رمضان بذخيرة من الزاد النفسي والخلقي يمكنه من فعل الخيرات، وترك المنكرات برحابة ورضا، ويساعده على مجابهة الصعاب مهما قست بعزم متين، وثبات لا يلي، وجرأة تواجه العدو المعتدي بكل أسباب حربه للقضاء على عدوانية وبغيه. وإنه لفضل كبير لرمضان أن نودعه نحن المسلمين بمثل هذا الزاد، يقوي من وجودنا ويشد من عزائمنا ويجعل منا في ظروفنا التي نحيا أمة واحدة تتمسك بحبل الله وتلتف حول الوطن، وتعمل بحماس عربي شامل، ويقيم إسلامي كامل، وروح وطني حر، لرد الأعداء، وإقامة ما تهدم من البناء، وإزالة كل أثر لاحتلال من بلادنا نحن العرب والمسلمين وتخليص مقدسات المسيحية والإسلام من أيدي الصهيونيين،الذين قذف بهم على بلادنا ليعيشوا على حسابنا وحساب كرامتنا وحساب حقوقنا. أبنائي وإخواني، في الآثار الصادقة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم: إن الله يعطي يوم العيد عيد الفطر جوائز التكريم والمثوبة لعباده الصائمين، وإنما يجيز ويكرم بفضله من انتفع بصيامه فجعل منه منطلقاً للجهاد، جهاد النفس ضد هواها، وجهاد العدو، وجهاد ضد كل أسباب التفرقة والضعف والتخلف والانحلال، فلنفد من رمضان الدروس الواعية، وليكن عيدنا لقاءً على مرضاة الله ومحبته ،ولتجمعنا تحت ظل الله ومحبته، ولتجمعنا تحت ظل الله وشرع أخوةٌ وطنية تنظمنا وتعدمنا وتجعل منا صفاً واحداً من صفوف العمل المجاهد لتحرير أوطاننا «وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ». جعل الله هذا العيد، عيد يمن وبركة، على جميع المسلمين ووحد كلمة العرب في محبة وإخلاص ووفق زعماءهم لنا فيه تحقيق العزة والكرامة والمجد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |