الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. تبارك أسمك يا إلهي، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، تعطي وتمنع، وتعلي وتضع، وتعز وتذل، وتحيي وتميت، بيدك الخير. إنك على كل شيء قدير. في كل يوم تطلع علينا الشمس، فيه جديد. وصنع الله العظيم. وإبداعه العجيب، يجعل من الرتابة جدة تسحر القلب، وتخلب البصر، وتذهل القلب والفكر، فإذا بالقديم في مظهره، جديد في جوهره، وإذا بالعيد العائد إلينا كأنما يطل على نوافذ قلوبنا ويشرق على ذرى أفكارنا، ويخفق في جنبات صدورنا، طلة بكر، وإشراقة بدر، وخفقان خلق وإبداع، تبارك اسم الله تعالى، له الأمر وإليه المصير.
وعيد الأضحى أيها الأحبة المسلمون، هذا القديم قدم البيت العتيق في البلد الحرام، مهبط الرحمات، ومؤول البركات، عيد الأضحى القديم في مظهره، يعود إلينا جديداً في جوهره. عندما نستجلي معانيه في حاضرنا، ونستف خيراته في غدنا، ونستلهم بركاته من أجل مستقبلنا، فمن منا أيها الأحبة المؤمنون لم يهزه معنى التضحية، ولم يبهره موقف الفداء الذي كان من سيدنا إبراهيم الخليل صلوات الله وسلامه عليه في حكاية تلك الرؤيا القديمة الصادقة التي أوحت إليه أن يذبح ابنه إسماعيل عليه السلام، فإذا به يقول له اثمّاراً بأمر الله، وامتثالاً لطاعته «يا بني أرى في المنام أني أذبحك فأنظر ماذا ترى». فيجيبه إسماعيل «يا أبت تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين، فكانت هذه الطاعة الصادقة المخلصة مناط عناية الله سبحانه ولطفه ورعايته، حيث توجز ذلك كله الآية الكريمة «وإن هذا لهو البلاء المبين، وفديناه بذبح عظيم». أيها الأخوة المسلمون،
إن الله تعالى قد خلق السلام وأنسل منه البشرية التي تمثل طرفاً منها في هذا العصر، وجعل على حفافي حياة الإنسان مجالاً للشيطان الرجيم الذي تمرد قديماً على أمر الله وأخذ على نفسه أن يجوس خلال الحياة ليحول دون استقامة الإنسان، وطاعة الإنسان، وسعادة الإنسان، إن في قصة إبراهيم وولده عليهما السلام درساً نموذجياً في فضل الطاعة المؤمنة لأمر الله دون تردد أو تقاعس، كما أن في قصة إبليس درساً في وخامة عاقبة المعصية، ولعل الله تبارك وتعالى حين فرض على عباده الحج، وجعل من مناسكه السعي بين الصفا والمروة، لعله قصد أن يجعل هؤلاء العباد يمثلون هذه الحيرة الإنسانية الفطرية في مسيرة الحياة الطويلة بين جواذب ومنازع مختلفة، فأراد سبحانه أن يعلمهم كيف يتسلحون خلال هذا التراوح الشاق، بالذكر الكثير، والتهليل والتكبير والتسبيح والتحميد والابتهال والدعاء إيذاناً منه بأن اعتصام العبد بربه يحصنه ويصونه من فتون الشيطان وإغوائه، ويصرف عنه أذاه، ويشده إلى جادة الحق والصواب وظلال الخير والنور. أيها المسلمون، إن عيدنا اليوم، يحمل إلينا من القيم الخالدة، والذكريات الماجدة ما يجدد حياتنا على نهج الله، ويشدد خطانا على طريق الخير، ويوحد صفوفنا في مسيرة الكرامة، ففي عيد الأضحى يحتفل المسلمون بإكمّال نزول القرآن، وتمام نعمة الإسلام، ويحتفلون بفريضة الحج ن وما تمثله من تجرد لله، واخوة في الله ويحتفلون بانتصار الإيمان على الشرك، والوحدانية على الوثنية، وتطهير البلاد المقدسة كلها من الجاهلية وعقائدها وأخلاقها، وتعزيز كلمة الله في كل مكان. وهم يحتفلون كذلك بتحرير الرقاب البشرية، وصيانة الدماء الإنسانية، بإحياء سنة إبراهيم، وفداء ولده إسماعيل، عليهما السلام، وما يمثله موقفهما الخالد من تضحية وصبر وطاعة، وما تفضل الله به عليهما، وعلى الإنسانية من بعدهما، وبفداء الإنسان وتحرير كرامته وحياته. وفي عيد الأضحى يحتفل المسلمون بكلمات الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم، التي أعلن بها في مثل هذه الأيام حرية الإنسان، وكرامة الإنسان والمساواة بين الناس، وحرمة الدماء والأموال والأعراض والأنساب، وأعلن فيها رشد المؤمن وانتصاره في معركة الخير ضد الشر، واندحار الشيطان رمز الباطل والضلال والفساد، فقال عليه السلام «أيها الناس: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلكم هذا، وقال: إن الشيطان قد يئس أن يعبد بعد اليوم، ولكنه قد رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم، أيها الناس إن لنسائكم عليكم حقاً، ولكم عليهن حق، أيها الناس: غنما المؤمنون أخوة، ولا يحل لامرئ مسلم مال أخيه عن طيب نفس منه، فلا ترجعن بعدي كفاراً بضرب بعضكم رقاب بعض، أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربي على أعجمي فضل إلاّ بالتقوى، ألا هل بلغت اللهم فأشهد». أيها الإخوة المسلمون، إذا كان عيد الأضحى يحمل إلينا فيضاً كبيراً من معاني الخير ، والطاعة والمحبة، فإن التضحية تأتي على رأس هذه المعاني لأنها عنوان الخير، ونهاية الطاعة، وتحقيق للمحبة في أجمل معانيها ، وأبهى مبانيها، وإذا كانت التضحية في أبسط معانيها عطاء للآخرين في أعز ما نملك فلم لا ترسخها في حياتنا نحن اللبنانيين حكومة وشعباً لنقطف ثمارها ونجني أطايبها؟... في لبناننا الكثير الكثير مما ينبغي أن يعمل في شتى المناطق والمجالات في الجنوب، وفي المشال والجبل والبقاع مشاكل إجتماعية وإنسانية توشك أن تستعصي قضاياها، وعلينا بالعمل والتضحية والبذل، من ذواتنا، إن نذلل الصعب، فنعيد إلى هؤلاء وأولئك هويتهم الحقيقية، وكرامتهم الإنسانية، ونحررهم من الضياع، وتحكم نوازع الفوضى ن وخيوط السراب. علينا أن نحقق للفئات الكثيرة العريقة في مقامها اللبناني ووجودها اللبناني، الفرص التي سنحت لفئات غيرها لا تزيد عنها شيئاً في أصالتها الوطنية وعراقتها اللبنانية فنفتح لها الآفاق في كل مجال حتى تشعر بكيانها، وتحقق وجودها. هذا، وفي قلب لبنان مشاكل وقضايا، ينعكس أثرها على واقعنا بأشكال شتى ، فلقد بدأت مأساة الهجرة تعيد ذاتها على ربوعنا، فتدفع إلى الخارج بخيرة أبنائنا، أمل لبنان الغد، ولعل في دراسة هذا كله، والتفكير الجاد في الوصول إلى حلول له ما يعنينا نحن بالذات في أن نوصل إلى قلوب الشباب طمأنينة السماء في حين يحاول إخوان لما أن يدخلوا إلى عيونهم قسطاً من شعاع العدالة في الأرض. إنه لإحساس مؤلم، ذلك الإحساس بالغربة، إزاء شبابنا فكراً وسلوكاً واتجاهاً وعملاً، ونرى أن التكافؤ في الفرص أمام الشباب والحوار المخلص معهم كفيل بإيصال جميع الأطراف إلى وضع أقل توتراً، وأكثر قابلية للفهم والحل. أيها الإخوة المؤمنون، إننا نعيش ضمن إطار كبير، هو إطار الوطن العربي، ولنا علاقات مع جميع أقطاره، هي علاقات الأخوة والمصلحة المتبادلة وإذا كانت المشاركة العربية تساهم في إعطاء لبنان وازدهاره ونماءه وطابعه الخاص وتتفهم أوضاعه كما بدا في الآونة الأخيرة، فإن على لبنان أن يعرف هذا كله ويقدره، وإن يبادل المودة بالمودة، والانفتاح بالانفتاح. فليست المسألة أن نحقق للبنان ما نريد، ولكن المسألة كل المسألة أن نعرف كيف نضحي لنحقق للبنان ما يريد في حدود المصلحة العامة، ودون معارضة أماني الآخرين، ومصالحهم الوطنية. أيها الأخوة، إن الصراع العالمي لن يقف عند حد، والموقف السليم تجاهه هو الاعتماد على النفس، والثقة بها، والإيمان قبل وبعد بالله سبحانه. وإن علينا أن نخطو إلى الأمام، بجهدنا الخاص، وبفلسفتنا الأصيلة التي تحقق ذاتيتنا، وتحفظ لنا شخصيتنا. إن النص القرآني صريح في هذا الشأن، فالله سبحانه وتعالى يقول لكم في محكم تنزيله «وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ». إن الآخرين أياً كانوا لن يقدموا لنا النصر، ولن يعيدوا لنا الأرض ولن يحفظوا لنا العرض، وسيبقى التراث، وستبقى القيم والأرض والشرف نهب أطماع العدو من أية جهة كان إذا لم تتجمع لنا من ذاتنا قوة رادعة وبأس شديد وكيان مهيب. إن استيراد الأسلحة ليس بديلاً عن صنع الرجال، فإلى الأمام من هذه القاعدة في طريقنا الشاق، معتصمين بهدى الله، مؤمنين بأن الله لن يخذل عباده الصالحين، ولن يقطع عنهم رفده ومعونته، وإعزازه، وكما وعد سبحانه، ووعده الحق، وقوله الصدق. «وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ». «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ». «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ». |