إذا كان الاسلام واحداً فلماذا يتفرق المتدنيون به؟ وإذا كانت القضية الوطنية واحدة فلماذا يتقاتل الوطنيون؟ **** لا كرامة لوطن يفتقد فيه المواطن عزته وكرامته. **** المقاومة حق مشروع لكل الشعوب التي تتطلع الى الاستقرار والحرية والسيادة وتقرير المصير. **** إن وحدة المسيحيين مسؤولية سياسية إسلامية ووحدة المسلمين مسؤولية سياسية مسيحية **** إن شريعة لبنان الحضاري هي شريعة الدين والعقل لا شريعة الهوى والقتل، وهي شريعة اللقاء والحوار لا شريعة الخصام والدمار **** إن أي فئة من الفئات لا يمكنها ان تبني لبنان على صورتها، سواء كانت حزبية أو طائفية أم عنصرية. **** إن لغة التخاطب مع العدو الدخيل على الجوار تختلف عن لغة التخاطب مع الشقيق المتعاون في حمى الديار. **** الكرامات التي يعتدي عليها العدو الاسرائيلي خليقة بأن تثير ضمير العالم ليتحرك الى جانبنا. **** إن تحرير الوطن يكون بتحريره من العدو الاسرائيلي وتوفير السيادة له كاملة غير منقوصة. **** إن الواقع المقطّع الأوصال والضائع في متاهات اللا أمن واللا استقرار، يُشجع كل صاحب غرض لأن يحقق غرضه، وخصوصاً العدو الإسرائيلي الذي يريد أن يلعب بالنار ويستغل الظروف. **** إن أعز نداءٍ إلى قلبي هو المحافظة على وحدة هذا الوطن وقوته وأن تعيشوا في ظلاله اخوة متلاقين متحابين في السراء والضراء فالقيمة الحقيقة للمواطن هي بما يعطي وطنه من مواهب لا بما يحققه لنفسه من مكاسب **** ان الخطر على لبنان من داخله إذا وزنت الوطنيةُ فيه بميزانين. **** من يطبق القانون بحزم في جهة ويتردد في تطبيقه في جهة أخرى يرد موارد الظلم. **** حريُّ بلبنان، أنشودة التلاقي بين المتدينين، أن يكون رائداً من رواد الحضارة الروحية في عصرنا. **** الطائفية هي تشنج صارخ بقشور الدين وانغلاق وحشي على الإنسانية وضياءها. **** إن لبنان بلد التلاقي الروحي لا الإبتزاز الديني، وان التدين ممارسة صادقة لحقيقة الدين وانفتاح مطلق على الإنسانية بأسرها. **** إننا نريد للبنان أن يكون بلد التعايش السياسي لا التعايش الطائفي. **** إن حقنا في وطننا ليس ملكاً يتصرف به البعض كما يهوى ويشتهي إنما هو أمانة نحملها في أعناقنا جميعاً لنسلمها إلى أحفادنا وإلى أجيالنا المقبلة. **** إن تحرير الوطن ينبغي ان توازيه حركة تحرير المواطن وتحقيق المساواة الوطنية التامة. **** إن من يزن العدل بميزانين يخطئ في حق لبنان. **** وحدة المسلمين والمسيحيين في وطنٍ واحد مسؤوليةٌُ لبنانية مشتركة **** إن تحرير المجتمع اللبناني لا يقوم إلا بتكامل الطاقات الإسلامية والمسيحية. **** المواطن اللبناني لا يكون كبيراً إلا إذا بسطت السلطة الشرعية ظلها على كامل تراب الوطن **** إن لبنان لا يمكن أن يكون إلا على صورةٍِ من التجانس البديع بين جميع طوائفه **** إن نهوض لبنان وتقدمه مرهونٌ بتحقيق العدالة والمساواة بين اللبنانيين ومناطقهم **** الطائفية السياسية والساسة الطائفيون كلاهما ينتفع بالآخر ويتغذى عليه وكل ذلك على حساب لبنان وسلامته وازدهاره. **** إن دعوتنا لوحدة المسلمين ليست إلا دعوة لوحدة اللبنانيين. **** إن أخطر العبودية المعاصرة هي عبودية الإنسان لأهوائه وشهواته التي أحبطت مستواه الخلقي والاجتماعي والحضاري. **** إننا لسنا من هواة إثارة الهالات من حولنا ولا نحب أسلوب العمل الفوضوي ولسنا تجار مبادىء. **** عروبة لبنان هي الشرط الأول لبقائه سيداً حراً مستقلاً. **** إن الإنهيارات الخلقية والإجتماعية على صعيد الأفراد والشعوب، ما هي في الواقع إلا نتيجة طبيعية لفقدان القدرة لدى الإنسان المعاصر على إقامة التوازن الدقيق بين الروح والمادة. **** إن مهمتنا هي أن نحكم بالعدل في نطاق صلاحياتنا وأن نطالب بالأفضل لشعبنا في نطاق الأدب والحكمة. **** لا ديمقراطية ولا عدالة بوجود الطائفية. ****
Nov 2024 23
السبت 21 جمادى الاولى 1446
حكـــــمة الاسبـــــوع




لا تستح من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه



سجـــــل الإصدقـــــاء
رســائـــل التضامـــــن
رســــائـــل التــحيـــة
الـــــى الشــــــــــهيد
16 أيار
روابــــــــــط
المســـابقة التشجيعيـة
اســـــتفتــــــــاء
هل انت مع سحب المبادرة العربية للسلام نتيجة المجزرة الاسرائيلية على سفينة المساعدات؟
إشترك نتائج
   على المنبر
المناسبة : خطبة المفتي خالد في عيد الفطر المبارك- جامع العمري 1972م- 1392هـ
التاريخ: 1972-03-14
المرجع : كتاب آراء ومواقف - ص: 20

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، أرسله الله بدين الحق ليضيء السبيل ويرشد إلى الخير، وينشر الإخاء بين بني البشر أجمعين.

أما بعد أيها الأبناء المسلمون،
فلقد صمتم رمضان الكريم، أداء لفريضة فرضها الله عليكم، وعبادة لله مرسل النعمة وكاشف النقمة، فصبرتم على جوع وعطش، وجالدتم الإرهاق والتعب، في سبيل أن تظفروا من رضا الله، بما يطمئن نفوسكم، وينزل السكينة على قلوبكم، وينشر فوق رؤوسكم فيئاً من رحمته.
فنسأل الله أن يجعل صيامكم مقبولاً، وصبركم مشكوراً، وان يظلكم بنعمته ورحمته ورضاه.

أيها الأبناء المسلمون،
ان الله تبارك وتعالى قد جعل لنا من عيد الفطر هذا، جائزة نجزى بها على طاعة، فتفرح منا النفوس، لا بما حصلته الأيدي من مكاسب الدنيا، ولكن بما ظفرت به الأفئدة من جمال التقوى.
إلا أنه مما ينغص فرحة هذا العيد ما تتعرض له الأمة على يد الغدر الإسرائيلي وعدوانه، من احتلال للأراضي، وتشريد وتقتيل للأبناء، وغارات وحشية على لبنان وسوريا بشكل خاص، ومحاولات دنيئة يائسة لزرع بذور الفتنة بين اللبنانيين، بوضع المتفجرات في كنائس لبنان وجامعاته، وزرع الإرهاب في كل جانب من جوانب الحياة. وإننا بالرغم من ذلك كله ينبغي ان نعيّد فرحين، لا فرحة نصر وكبرياء على بني البشر، وإنما لأنها فرحة فوز بطاعة الله رب العالمين.

وإنها فرحة بالنصر على الذات بما فيها من نزعة إلى الهوى، ومحبة للسلطان، وتمسك بالعصيان، وان النصر على الذات هو لعمري خطوتها الأولى والضرورية للنصر المؤزر على الأعداء بإذن الله.

ولقد فات العدو الإسرائيلي وهو يعتدي على كنائس لبنان، أننا تجاوزنا بوعينا الوطني مرحلة الإثارة الطائفية، وبتنا على علم مسبق بدوافع اللعبة ونتائجها، وأصبحت مرحلة الانصهار الوطني هي التي تحكم عقولنا وقلوبنا ووجودنا كله، بالرغم من عوامل الدس وأسباب التفرقة المصطنعة.

أيها المواطنون الأحبة،
ليست الوطنية لدى المسلم ظاهرة من ظواهر المجاملة، بل أنها خلجة صادقة من خلجات الإيمان يعبر بها عن إيمانه بالعمل والالتزام، وأصدق الأعمال عطاء في سبيل الله، وأجل عطاء في الإسلام عطاء الذات، لأن استشهاد المسلم دفاعاً عن وطنه يعتبر في نظر الإسلام أجلّ المراتب وأقربها من رضا الله ومحبته على الإطلاق.

وعطاء الأوطان، أيها الأخوة المؤمنون، لا يقيد بقيد، ولا يتوقف عند حد، فالتاجر يعطي الوطن من صدق معاملته، والموظف يعطيه من إخلاصه في عمله، والجندي من طاعته لرؤسائه، بشكل يجتمع فيه المواطنون على قاسم مشترك، هو الوحدة في الهدف العام، والمشاركة في كل أمر هام، والنظر بعين المحبة إلى كل ما يجري ويدور على أرض الوطن.

ونحن أيها المؤمنون، بعين المحبة هذه ننظر على كل ما يجري ويدور على أرض هذا الغالي، ونتطلع إلى عمليات البناء الوطني بأمل يصحبه الدعاء، أن يوفق الله العاملين لخير هذا البلد ويأخذ بيدهم لترسيخ الوحدة بين بنيه، ونشر المحبة في قلوبهم، انه هو السميع العليم.

وإن ما يشد أبصارنا المحبة اليوم بشكل خاص، تلك المقررات الهادفة التي صدرت عن مجمع بعبدا الأخير، من حيث كونها محاولة للتعبير عن الرغبة الصادقة في البناء الوطني، بإعادة تنظيم الإدارة وتقويمها، وإرساء قواعدها على أسس من العلم والعدل والخلاق.

ألا بوركت كل خطوة من هذا القبيل، وبوركت النوايا الصادقة التي تحركها، ذلك أن أحداً مخلصاً لا يمكن أن ينكر على مصلح خطوة في الإصلاح، ولا تنظيماً في الإدارة، ولا يداً يمدها في إعلاء البنيان، سيما وان ذلك كله، في بلد كلبنان، أصبح في رأس المطالب الوطنية وأجلهّا على الإطلاق.

وإذا كانت المشاكل العالمية والقومية هي مشاكل إدارية في الأساس، فإنه من الواجب أن ننظر إلى الأسباب الإدارية لمشاكلنا المحلية، لنتخطاها، ونعمل على إعادة التنظيم، بما يكفل للبنان التقدم والازدهار.

إن مشاكلنا المحلية في لبنان أيها الأخوة المواطنون، هي في معظمها وليدة الارتجال والعفوية وسوء الإدارة، وإننا لنلحظ ذلك في أكثر مرافق حياتنا في الأسر، وفي الجمعيات، وفي النوادي، وفي المؤسسات الكبرى، في التربية كما في الاقتصاد كما في السياسة،  إننا ونحن نمر بذلك مروراً عابراً، نحب أن نتوقف بشكل خاص عند مشاكلنا الإدارية على الصعيد الذي يمسنا بالذات، أعني على الصعيد الديني، لنقول: إن مشاكلنا الطائفية وهي وليدة سوء الإدارة السياسية، و انعدام النظر إلى المستقبل، وأولها أن بقاء الطائفية نظاماً سياسياً واجتماعياً وإدارياً ينطبع به لبنان، في مرحلة ما بعد الاستقلال، هو سوء الإدارة، واستمرار للسقوط الوطني في مهاوي التخلف والتفرقة.

لقد كان من نتائج هذا النظام، أن يعمل الموظف المسلم يوم الجمعة حتى الساعة الحادية عشرة، في حين يستمر زميله المسيحي في عمله حتى نهاية الدوام، مما خلق الشعور بالتمايز لدى الطرفين ، وكرسهما طرفين، في الوقت الذي هما فيه طرف واحد ينتمي على وطن واحد، يستظل فيه سماء واحدة، ويعيش فيه على تربة واحدة، ويعاني من آلام وأحزان واحدة، ويفرح في مناسبات وطنية واحدة.

بل إن فوضى الإدارة تلك ما زالت تتمثل في دوائرنا الحكومية حتى هذه الساعة، بعضها يلتزم بقرار دولة رئيس الوزراء القاضي بتعطيل العمل عند الساعة الحادية عشرة من يوم الجمعة وبعضها لا يلتزم بهذا القرار، بل ويتحداه، فيعطل على المسلم عبادة فرضها الله عليه .

وإن أخطر هذه النماذج في فوضى الإدارة ما يجري في وزارة التربية والفنون الجميلة بالذات، حيث يترك الوزير لمدير المدرسة، بالرغم من قرارات العطل الرسمية، أن يستفتي معلمي مدرسته فيما إذا كانوا يفضلون العلم يوم الجمعة وتعطيل يوم الشبت عوضاً عنه وأن يتخذ القرار المناسب في هذا الشأن كأن أعيادنا الدينية ورقة يمكن تداولها في لعبة الاستفتاء، وكأن أرضنا الإسلامية مزرعة لهذا الوزير أو ذاك المدير، يقتلع منها ما يشاء ويزرع فيها ما يشاء، من اشتال القيم والمفاهيم، حتى أصبحت العطل المدرسة في لبنان، وهي على أشكال وأنواع وأهواء مختلفة، تنذر بخطر شديد، وترهص بتحديات عمياء.

لقد مضت علينا سنوات أيها الإخوة الأحبة ونحن نتكلم في ذلك، في المساجد، والمحافل والنوادي، ونتصل بالمسؤولين، سياسيين وإداريين ونكتب إليهم حول هذه الموضوعات لتلافي الخطر قبل استفحاله، ولقد مضت السنوات دون جدوى، حتى جاءت مقررات بعبدا تحمل لنا مع ما تحمل من خير، كثيراً من الأسى وخيبة الأمل، على صعيد احترام المناسبات الدينية لدينا، وبعد إعلان دولة رئيس مجلس الوزراء إعلاناً شخصياً التراجع عن قرار التعطيل، جاء إغفال مجلس الوزراء لهذا التراجع، سبباً يدفعنا بلا تردد إلى الحديث في ما كنا نمسك سنوات طويلة عن الحديث فيه بشكل رسمي وعلني.

أيها الأحبة المواطنون،
إننا، نحن المسلمين، نتريث في النظر على هذا الأمر، على أنه مشكلة سياسية أو طائفية. ونكتفي بالنظر إليه ،الآن، على أنه مشكلة من مشاكل سوء الإدارة،وإنني لأتمنى بإخلاص على المسؤولين جميعاً أن يحزموا أمر الإدارة على كل صعيد، ونحن معهم، نساندهم وندعو لهم في هذا السبيل، نسلمهم بعد الله مقدراتنا السياسية والاجتماعية كلها، يسوسون فيها ما شاءت لهم السياسة.

أما ما يتعلق من هذه المقدرات بأمر الدين الإسلامي فليسمحوا لنا بأن نعلن، بإخلاص ومحبة، إننا لا نستطيع أن ترك لهم، ولا لغيرهم، أن يأخذوا من علماء الشرع مهمتهم، فيفسروا القرآن ن ويخرجوا الحديث، بما يجعل ديننا موضوعاً من موضوعات المجاملة، يقول تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».

وإنها لكلمة واحدة، هي الفصل في هذا الأمر ، نطق بها بهذا الشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال عن الجمعة (إن هذا يوم عيد جعله الله للمسلمين) والحديث الشريف يفسر الآية الكريمة، ويأتي استمراراً لها والحديث الشريف لم يقل أن بعض هذا اليوم هو عيد من دون بعضه الآخر.

ولقد قال علامة الإسلام الأكبر ابن جرير الطبري في تفسير قوله تعالى : « فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ». قال ليس لطلب دنيا، ولكن لعيادة مريض، وحضور جنازة، وزيارة اخ في الله، والاستعداد للصلاة، بالطهارة، والاغتسال، والتكبير إلى المسجد، والتسابق إلى الصفوف الأولى، كلها أمور حض الإسلام عليها، ولقد روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : (عرضت الجمعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه بها جبريل عليه السلام في كفه كالمرآة البيضاء، في وسطها كالنقطة السوداء، فقال ما هذا يا جبريل؟ قال هذه الجمعة، يعرضها عليك ربك، لتكون لك عيداً، ولقومك من بعدك).

إنها كلمة واحدة، يوم الجمعة بكامله عيد، إنها كلمة واحدة، لأنها صدرت عن رسول الله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، وليس فوق كلام رسول الله لبشر من كلام. قال تعالى: «وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ».

إن جمال مشاركة المسلم لأخيه المواطن المسيحي في التعطيل يوم الأحد، لا يعادله إلا جمال مشاركة المسيحي المسلم في التعطيل يوم الجمعة بكامله. لقد حملت مقررات مجمع بعبدا بادرة طيبة واعية في هذا الصدد حين أقرت تعطيلاً رسمياً شاملاً في الأعياد، ويحقق المشاركة الوطنية كما أشر إلى ذلك فخامة الرئيس الأول إشارة نبيلة في اجتماعه بالصحفيين منذ أيام.

إن أي عاقل لا يمكن أن يرفض مبدأ الإصلاح الذي من أجله اجتمع المجمع، ولا يمكن أن يقف في طريق تحسين الإدارة، إلا أن هذه المقررات من حيث اهتمامنا المباشر، جاءت لتغرق مبدأ الإصلاح في خضم خطأين إداريين كبيرين.

أولهما: وقوع المقررات في خطأ التخطيط الإداري، ذلك اننا نعلم أن الاستشارة هي من بديهيات وأوليات التخطيط الإداري، ولقد غاب مبدأ الاستشارة، عن المسؤولين الدينيين على الأقل، وهن الهيئات والجمعيات الإسلامية عندما اتخذ قرار تعطيل يومي السبت والأحد والعمل يوم الجمعة.

وثانيهما: وقوع المقررات في الخطأ الإداري المركب، ذلك أن قرار إلغاء تطبيق الطائفية لدى المتعاقدين من الموظفين جعلنا نقع في خطأين، خطأ الإبقاء على الطائفية، خطأ تطبيق هذه اللاطائفية تطبيقاً ناقصاً. إن هذا القرار من شأنه أن يوقع الإدارة في التناقض، ويحدث كلما جرت التعيينات خضات طائفية، إسلامية تارة، ومسيحية تارةً أخرى، ولا يمكن تجاوزها إلا بتطبيق الطائفية تطبيقاً كاملاً ونحن مكرهون.

أيها الأخوة المواطنون،
إن الدعوة إلى إلغاء الطائفية ينبغي أن تكون أكثر جدية وأبعد نظراً، ينبغي أن ندعو بإخلاص وتجرد إلى إلغاء الطائفية إلغاءً شاملاً، ونعمل من أجل ذلك بكل ما نملك، وإني لأعتقد ان إلغاء الطائفية ينبغي ان يبدأ من عمود لبنان الفقري، أعني من المجلس النيابي بالذات، فلا يشترط لتمثيل الشعب غير شروط الإنتماء للبنان وحده. ومن هنا يكون هذا المجلس النيابي اللاطائفي هو أجدر الهيئات اللبنانية عملاً على إلغاء الطائفية، بسن التشريعات والقوانين التي ينبغي ان تصلح كل جانب من جوانب حياتنا.

وإني أحب أن أستبق لهفة المتعيشين على هذا النظام الطائفي بإسم الدين فأسارع إلى القول، بأن إلغاء الطائفية لا يعني أبداً إلغاء للدين، أو تعطيلاً للتدين، أو تخريباً على المؤسسات الدينية، ذلك أن إلغاء الطائفية هو إيقاف حاسم وجذري لحركة المتاجرة بالأديان والمنتمين إليها.

إننا نقول هذا الكلام ونحن نفرق جيداً بين أمرين خطيرين في مجتمعنا، هما على تناقض تام ومستمر: التدين والطائفية.

التدين يلغي الطائفية، كما أن الطائفية تشوه معالم التدين، فإن كنا طائفيين فمعنى ذلك أنا لسنا صادقي التدين، وإن كنا متدينين فذلك ينتهي بنا إلى أن لا نكون طائفيين. إن التدين ممارسة صادقة لحقيقة الدين، وانفتاح مطلق على الإنسانية بأسرها من خلال هذا التدين، أما الطائفية فهي تشنج صارخ بقشور الدين وانغلاق وحشي عن الإنسانية وضيائها.

فكم هو حري إذن بلبنان، وهو أنشودة التلاقي بين المتدينين، أن يكون رائداً من رواد الحضارة الروحية في عصرنا، فيخلع عن منكبيه رداء الطائفية الثقيل، لينقل ذاته عبر الزمان، من المجتمع الطائفي المغلق إلى المجتمع المتدين المنفتح، فيكون لبنان اليوم جديراً بتاريخه وحضارته، ورسالته التي كانت له منذ القديم.

إننا على ثقة بأن المواطنين جميعاً سوف يتفهمون كلمتنا هذه ويتجاوبون معها، بما يمتازون به منوعي ، وما يتمتعون بع من إخلاص، وما يحملون في صدورهم من محبة لهذا الوطن.

إن بناء لبنان الواحد لا يمكن أن يرتفع بالشعارات والأغاني، إنه لا يمكن أن يتم إلا بالخطوات الإدارية الجريئة، التي تطلع عليها الشمس كل يوم، فترى فيها مزيداً من التقدم والعمران.

وبعد، فإننا نحب في ختام هذا الموقف أن نتوجه إلى إخواننا المسيحيين بكلمة وتحية، الكلمة هي: إن لبنان وطننا جميعاً، مسلمين ومسيحيين، تظلنا سماؤه، تقلنا أرضه وتنعشنا أفياؤه، عبر نظام ديمقراطي، سوّى بيننا وحفظ لنا حريتنا وكرامتنا.

والمواطن المسلم كالمواطن المسيحي، هما سدنة هذا الوطن وحماته، وتدين كل منهما ضرورة لعزة هذا الوطن وقوته، وأي تفريط يكون بحق أحدهما، أو تمييز أحدهما على الآخر، أو تضييق على حريته الدينية، يضعف أحد عمودية الكبيرين وسيضعف بالتالي كيان الوطن كما يشوه صورته وصفحته.

وإني من خلال هذا المعنى أؤمن بأن المسيحي مواطن شريف يأبى أن يكون شريكه في هذا الوطن مجروح الكرامة الشخصية، لا تتيسر له نفس الفرص، والظروف التي يُعطاها، بل وأكاد أجزم بأنه سيكون أشد منه حماساً لتحقيق ما يسعده في كل حقول الحياة، ما دام فيها كرامته وقوة شخصيته. وما عيد الجمعة وتعطيله، إلا كعيد يوم الأحد وتعطيله، فإذا كان المسيحي يلجأ في يوم الأحد للاستماع إلى الموعظة بتكوين شخصيته الدينية وتدعيم أخلاقه، فكذلك المسلم بالنسبة ليوم الجمعة يسعى إلى المسجد للعبادة والاستماع على الموعظة لتكوين شخصيته، وبذلك يتخرج المواطن اللبناني المسلم، أو المسيحي، متديناً حريصاً على خير لبنان وقوته وعزته...

وتحية أوجهها للمسيحيين في أرجاء العالم، عبر سيادة البابا بولس السادس، الذي أعطى لبنان درساً في المشاركة، حين بادر مشكوراً إلى توجيه رسالته اللطيفة إلى المسلمين، التي وصلتنا نسخة منها، تحمل التهنئة المخلصة بحلول عيد الفطر السعيد، وتعبر أصدق تعبير عن التدين المنفتح، تحية شكر وتقدير نوجهها على سيادته بمناسبة تهنئته بعيد الفطر المبارك أعاده الله على الناس أجمعين والعالم يرفل بقدر أكبر من العدالة والمحبة والسلام.

   القسم السابق رجوع القسم التالي  
جميع الحقوق محفوظة - في حال أردتم إستعمال نص أو صورة من هذا الموقع, الرجاء إرسال خطاب رسمي لمؤسسات المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد
ارقام تهمك     فهرس الموقع     مواقع تهمك      روابط      من نحن       كفالة الأرامل و الأيتام    إتصل بنا     إدارة المؤسسة