إذا كان الاسلام واحداً فلماذا يتفرق المتدنيون به؟ وإذا كانت القضية الوطنية واحدة فلماذا يتقاتل الوطنيون؟ **** لا كرامة لوطن يفتقد فيه المواطن عزته وكرامته. **** المقاومة حق مشروع لكل الشعوب التي تتطلع الى الاستقرار والحرية والسيادة وتقرير المصير. **** إن وحدة المسيحيين مسؤولية سياسية إسلامية ووحدة المسلمين مسؤولية سياسية مسيحية **** إن شريعة لبنان الحضاري هي شريعة الدين والعقل لا شريعة الهوى والقتل، وهي شريعة اللقاء والحوار لا شريعة الخصام والدمار **** إن أي فئة من الفئات لا يمكنها ان تبني لبنان على صورتها، سواء كانت حزبية أو طائفية أم عنصرية. **** إن لغة التخاطب مع العدو الدخيل على الجوار تختلف عن لغة التخاطب مع الشقيق المتعاون في حمى الديار. **** الكرامات التي يعتدي عليها العدو الاسرائيلي خليقة بأن تثير ضمير العالم ليتحرك الى جانبنا. **** إن تحرير الوطن يكون بتحريره من العدو الاسرائيلي وتوفير السيادة له كاملة غير منقوصة. **** إن الواقع المقطّع الأوصال والضائع في متاهات اللا أمن واللا استقرار، يُشجع كل صاحب غرض لأن يحقق غرضه، وخصوصاً العدو الإسرائيلي الذي يريد أن يلعب بالنار ويستغل الظروف. **** إن أعز نداءٍ إلى قلبي هو المحافظة على وحدة هذا الوطن وقوته وأن تعيشوا في ظلاله اخوة متلاقين متحابين في السراء والضراء فالقيمة الحقيقة للمواطن هي بما يعطي وطنه من مواهب لا بما يحققه لنفسه من مكاسب **** ان الخطر على لبنان من داخله إذا وزنت الوطنيةُ فيه بميزانين. **** من يطبق القانون بحزم في جهة ويتردد في تطبيقه في جهة أخرى يرد موارد الظلم. **** حريُّ بلبنان، أنشودة التلاقي بين المتدينين، أن يكون رائداً من رواد الحضارة الروحية في عصرنا. **** الطائفية هي تشنج صارخ بقشور الدين وانغلاق وحشي على الإنسانية وضياءها. **** إن لبنان بلد التلاقي الروحي لا الإبتزاز الديني، وان التدين ممارسة صادقة لحقيقة الدين وانفتاح مطلق على الإنسانية بأسرها. **** إننا نريد للبنان أن يكون بلد التعايش السياسي لا التعايش الطائفي. **** إن حقنا في وطننا ليس ملكاً يتصرف به البعض كما يهوى ويشتهي إنما هو أمانة نحملها في أعناقنا جميعاً لنسلمها إلى أحفادنا وإلى أجيالنا المقبلة. **** إن تحرير الوطن ينبغي ان توازيه حركة تحرير المواطن وتحقيق المساواة الوطنية التامة. **** إن من يزن العدل بميزانين يخطئ في حق لبنان. **** وحدة المسلمين والمسيحيين في وطنٍ واحد مسؤوليةٌُ لبنانية مشتركة **** إن تحرير المجتمع اللبناني لا يقوم إلا بتكامل الطاقات الإسلامية والمسيحية. **** المواطن اللبناني لا يكون كبيراً إلا إذا بسطت السلطة الشرعية ظلها على كامل تراب الوطن **** إن لبنان لا يمكن أن يكون إلا على صورةٍِ من التجانس البديع بين جميع طوائفه **** إن نهوض لبنان وتقدمه مرهونٌ بتحقيق العدالة والمساواة بين اللبنانيين ومناطقهم **** الطائفية السياسية والساسة الطائفيون كلاهما ينتفع بالآخر ويتغذى عليه وكل ذلك على حساب لبنان وسلامته وازدهاره. **** إن دعوتنا لوحدة المسلمين ليست إلا دعوة لوحدة اللبنانيين. **** إن أخطر العبودية المعاصرة هي عبودية الإنسان لأهوائه وشهواته التي أحبطت مستواه الخلقي والاجتماعي والحضاري. **** إننا لسنا من هواة إثارة الهالات من حولنا ولا نحب أسلوب العمل الفوضوي ولسنا تجار مبادىء. **** عروبة لبنان هي الشرط الأول لبقائه سيداً حراً مستقلاً. **** إن الإنهيارات الخلقية والإجتماعية على صعيد الأفراد والشعوب، ما هي في الواقع إلا نتيجة طبيعية لفقدان القدرة لدى الإنسان المعاصر على إقامة التوازن الدقيق بين الروح والمادة. **** إن مهمتنا هي أن نحكم بالعدل في نطاق صلاحياتنا وأن نطالب بالأفضل لشعبنا في نطاق الأدب والحكمة. **** لا ديمقراطية ولا عدالة بوجود الطائفية. ****
Nov 2024 23
السبت 21 جمادى الاولى 1446
حكـــــمة الاسبـــــوع




لا تستح من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه



سجـــــل الإصدقـــــاء
رســائـــل التضامـــــن
رســــائـــل التــحيـــة
الـــــى الشــــــــــهيد
16 أيار
روابــــــــــط
المســـابقة التشجيعيـة
اســـــتفتــــــــاء
هل انت مع سحب المبادرة العربية للسلام نتيجة المجزرة الاسرائيلية على سفينة المساعدات؟
إشترك نتائج
   على المنبر
المناسبة : خطبة المفتي خالد في عيد الأضحى المبارك 1973م- 1393هـ
التاريخ: 1973-02-06
المرجع : مجلة الفكر الإسلامي ـ السنة الرابعة، العدد الثاني

•يتذكر الإنسان جمال الطاعة في هذه المناسبة.
•الإنسان يفدى ولا يجوز بحال أن يكون هو الضحية.
•القدوة الحسنة، اليوم، أصبحت تأتي من المفتقر إلى العطاء، والعكس.
•الدول الأفريقية تمسكت بقيم الإنسان.
•المشاعر والبيانات لا تسمن ولا تغنى من جوع.
•أسهم المسلمون في صنع كرامة لبنان.
•وحدة المشاعر بين المسلم والمسيحي في لبنان.
•إصرارنا على جعل الجمعة عيداً رسمياً في لبنان ينبغي من اعتبارات وطنية.
•نجاح رسالة لبنان رهن بالنمو الإيجابي لحركة الروح.

بعد التكبير
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، خاتم النبيين سيدنا محمد بن عبد الله، الذي اصطفاه الله، وأرسله بالهدى ودين الحق، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وزرع الرحمة في قلوب البشر ، وساوى بين جميع الناس، وأخرجهم بفضل الله من الظلمات إلى النور، وصلاة الله وسلامه على من صدق قول الله فيه: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا».

وقوله تعالى: «هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ».

فالحمد لله على نعمائه المتوجة بنعمة الإسلام ، المزينة روائع القرآن الداعية إلى عبادة الله الواحد القهار، لا حاجة منه هو الغني، بل لحاجة من الإنسان وهو الفقير، بهذه النعمة الكبرى يصلح الإنسان أمور دنياه، ويهذب روحه باشرا قات الحق ويتدبر شؤون آخرته بأسباب التقوى وهكذا فإن الطاعة حاجة إنسانية يرتد خيرها على حياة الإنسان ذاته، وتعمّ بركاتها جوانب نفسه، إن الطاعة التزام هداية في طريق النور، واختيار تلقائي لحقيقة الحياة، ينعكس جناه الخيّر على ذات المطيع، هناء وبركة ونعمة.

«الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، اللّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ».

أيها الأخوة المؤمنون،
إن عيد الأضحى المبارك هو خير ما يمكن أن يتذكر فيه جمال الطاعة، أوليست الطاعة قد بلغت ذروتها في امتثال إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، لأمر الله الخطير الذي أخبر عنه المولى تعالى بقوله: «فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ».


ألم يجز الله تبارك وتعالى هذه الطاعة بخير الجزاء، عندما فدى إسماعيل بذبح عظيم... بلى، لأنه جلّ شأنه هو القائل: «إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ، وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ، وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ، سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ».

إن هذا المخرج الذي منّ به الله تعالى على إبراهيم وإسماعيل لم يعد ملكاً لهما، بل ـ لأنه رمز لاستجابة الله لصدق الطاعة، وعنوان للتقدير العلوي لطهر التقوى، فقد أصبح ملكاً للإنسانية بأسرها، تنهل من قيمة، وتتزود من معانيه، التي تصر على أن قيمة الإنسان هي العليا بين هذه الكائنات.

إن إنسان العصر أصبح يعاني من أزمات خطيرة هي وليدة الأهواء والأنانيات، التي منها تتولد الشرور والآثام، فتحرك فيه نوازع العدوان على قيم الإنسان.

لذلك فإن تذكرنا لهذا المخرج الإلهي، إنما يأتي في عصرنا تأكيداً على قيمة الإنسان، وإشارة إلى أنه لا يجوز في إي حال من الأحوال أن يكون الإنسان هو الضحية، فالحلول كثيرة والمخارج متنوعة وباب الله مفتوح ، ورحمته وسعت كل شيء فما على الإنسان إلا التجرد عن الهوى، والبعد عن الكبرياء، والتمسك بالحق، وخشية الله في السر والعلن قال تعالى: «وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا» وقال جلّ شأنه: «وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا» .

 أيها الأخوة المؤمنون،
إن عالمنا اليوم مشحون بالأزمات الإنسانية، ويتجه البشر في عكس الاتجاه الذي يفرض أن يسير فيه، فبدلاً من أن يبحثوا عن الحلول التي تحفظ للإنسان كرامته، وترفع مكانته وتخفف عنه المحن والآلام، فإنهم أصبحوا يضحون به، في سبيل تحقيق مزيد من مكاسب الدنيا ويهدرون قيم الإنسان ومبادئه على نصب المصالح والأهواء.

والغريب أن القدوة السيئة في ذلك أصبحت تأتي غالباً ممن تتوفر له القدرة على أن يكون قدوة للخير، وأن القدوة الحسنة أصبحت تأتي من الذين يفتقرون إلى العطاء، بهذا المعنى أصبحت الدولة الأقوى هي الأكثر ظلماً لبني البشر، واشد عدواناً على حرياتهم وحقوقهم وكراماتهم. وأصبحت الدولة الأضعف هي الدولة الأكثر تقديراً لمثل الإنسانية، ولقيم العدالة، ومفاهيم الإخاء بين البشر.

في هذا التقابل العجيب تبرز الدول الإفريقية اليوم عقب المساعي الخيرة التي قام بها القادة العرب والمسلمون، وفي مقدمتهم جلالة الملك فيصل، وسيادة الرئيس معمر القذافي، في هذا التقابل تبرز الدول الإفريقية كأضعف الدول حقاً، ولكن في الوقت نفسه كأشرف ما تكون عليه صورة الدول المتمسكة بقيم الإنسان. أما على الطرف الآخر: من هذا التقابل، فإن بعض الدول الكبرى تطل اليوم على العالم كأقوى الدول حقاً ولكن كأبشع ما تكون عليه صورة الظلم والعدوان.

إن هذه الوقفة المشرفة من الدول الإفريقية التي قطعت مؤخراً علاقاتها مع إسرائيل المعتدية، إنما تشكل في الوقت نفسه صرخة احتجاج مرتفعة تطلقها في وجه الدول الكبرى الواقفة خلف إسرائيل، لتوقظ ضميرها، وتنبهها غلى خطورة ما تمارسه من ظلم وعدوان، ليس في شرقنا العربي فحسب، وإنما في الشرق الأقصى من هذا العالم كذلك.

أيها الأخوة المسلمون،
إن عيد الأضحى المبارك ينبغي أن يوحي لنا بتقديم المزيد من التضحيات للدفاع عن ديننا وأرضنا وشعبنا وحقنا في الحياة، في هذا العيد المبارك يلتقي الآلاف من المسلمين على الأرض المقدسة ليكبروا ويذكروا اسم الله، ويشهدوا كما قل تعالى منافع لهم. فلتكن لنا أيها المسلمون رؤية جديدة في ما ينبغي أن نشهد من منافع للمسلمين. ولتكن تعبئة الطاقات البشرية والمادية أول هذه المنافع التي نشهدها من أي اجتماع يكون لنا، حتى على أرضنا المقدسة لنوظف هذه الإمكانات في خدمة أمتنا وديننا وأرضنا، وندفع بها عدوان المعتدين وظلم الظالمين.

لقد هزت أعماقنا التضحيات التي قدمتها سورية العزيزة في الأيام الأخيرة وهي ترد العدوان ، ولقد أخذتنا العزة لما أظهره رجالها من بطولات في مصاولة العدو، إلا أن وقوفنا عند حدود هذا التأثر يؤكد بألم أننا ما زلنا بعد دون مستوى المعركة، لأن المشاعر ما كانت يوماً بقادرة على إنقاذ مصاب، ولا كانت البيانات كافية ساعة لرد عدوان، إن الموقف يقتضي منا ترجمة العواطف النبيلة إلى سلاح يدفع الأذى، كما يقتضي منا تحويل الكلمات الجميلة إلى مداميك صلبة ترتفع بها جدران المصانع.

إننا لا يمكن أن نفهم إلاّ أن تكون الإمكانات العربية والإسلامية على سعتها قادرة على تحقيق النصر على الأعداء، إذا نحن وظفناها كلها من أجل المعركة، وإننا لعلى يقين من أن القيادات العربية المؤمنة خليقة بأن تعمل على التغيير، فتنقلنا من حالة القلق والانتظار إلى مرحلة البناء والانتصار.

ولبنان اليوم أيها المؤمنون مطالب كغيره من الدول العربية بأن  تكون في مستوى المعركة التي ليست في نظرنا مع العدو  فحسب، بل هي أيضاً مع الذات.

إن من أولى ضرورات المعركة في لبنان، النضال من أجل كرامة المواطن ، ومن أجل المساواة بين المواطنين، ذلك أننا لا نستطيع أن نكسب المعركة مع العدو إلا إذا كسبناها مع أنفسنا أولاً ، بإشاعة العدالة بين الناس ، وتطهير الصفوف من عناصر الاستغلال وتنقية الحياة الاجتماعية والخلقية من أساب الفساد.

إن المسلمين، أيها الأبناء، كانوا على امتداد تاريخ هذا البلد يعملون بصدق على تحقيق العدالة في لبنان، التزاماً منهم بسماحة الإسلام وتمسكاً منهم بتعاليم القرآن كانوا فوق ذلك وقبل ذلك لا يترددون لحظة في تقديم أجل التضحيات لتراب هذا الوطن ونحن هنا لسنا نريد أن نمنّ في موقف الالتزام بالواجب، إنما أن نؤكد عزمنا على الاستمرار في هذا الطريق، مما يكفل للشعب وحدته، وللوطن سلامته، وللبلاد استقرارها وازدهارها.

إلا أن المسلمين، أيها الأحبة المواطنون، أصبح يعز عليهم وهم يقدمون كل مرة ما يقدمون من تضحيات على صعيد الحقوق، وعلى صعيد المناصب، نقول: أصبح يعزّ عليهم أن تمتد هذه التضحيات إلى صعيد الكرامة الإسلامية.

إننا نقولها صراحة: إن المسلمين الذين استطاعوا أن يسهموا في صناعة كرامة لبنان قادرين على صنع كرامتهم بأنفسهم.

إننا ندعو طالبنا باعتبار يوم الجمعة عيداً رسمياً في لبنان، لم نرد كما توهم البعض أن نهدم مدماكاً من مداميكه، بل إننا أردنا أن نضع في بناء لبنان مدماكاً آخر جوهره الإيمان، والأخلاق، والمحبة.

إننا عندما طالبنا باعتبار يوم الجمعة عيداً رسمياً في لبنان لم ندع كما كان واضحاً لدى الجميع إلى سلب أي حق من حقوق الآخرين، بل دعونا إلى تكريس حق شرعي من حقوقنا .

وإننا لنسائل المترددين في التجارب معنا في هذه الحقوق: متى كان حق المسلم خسارة على المسيحي؟ أو متى كان حق المسيحي خسارة على المسلم؟ اللهم إلا في العهود التي يراد فيها أن تتحكم الطائفية العمياء.

وإننا لنجيب، بروح صادقة إنّ أي خسارة تقع على المسيحي في هذا البد هي خسارة تقع على قلب المسلم، وإن أي خسارة تصيب المسلم في هذا البلد تصيب في الوقت ذاته ضمير المسيحي : لأن كلا منهما جزء من هذا الوطن اللبناني الواحد.

وإنها لمناسبة أخرى كريمة تطل علينا لنعيد فيها على مسامع لبنان: إننا ندافع من إخلاصنا لمعاني الوحدة الوطنية في هذا البلد، نطلب أن يكون يوم الجمعة بكامله عيد المسلمين عيداً للبنان.

إننا نعيد هذا القول، ونتمسك به، بدافع خالص من إيماننا، بعيداً عن سوق المزايدات السياسية محذرين الجميع أن أي استغلال سيئ لهذا المطلب، أو أي انحراف به عن طريق العقل والهدوء، إنما يعرض وحدة هذا البلد التي هي المطلب الأول لدينا إلى خطر نحرص على دفعه بصدورنا.

يها الأبناء المسلمون،
لقد حملنا هذا المطلب إلى جميع المسؤولين المسلمين في الحكم ، على امتداد الفترة الواقعة بين العيدين، وكان الأخوة الجليلان صاحبا السماحة الشيخ محمد أبو شقرا، والإمام موسى الصدر، أمامنا في الحرص على مطالبة المسؤولين بتكريس هذا العيد عيداً رسمياً في لبنان، وقد حدث أن دولة رئيس مجلس الوزراء أكد في لقاءاته معنا التزامه بالوعد الذي قطعه أمام المسلمين بشأن التعطيل يوم الجمعة، وأن اجتماعنا إلى معظم المسؤولين المسلمين في الحكم أكد أيضاً تجاوبهم مع هذه الفكرة، إلا أن المسؤولين المسلمين هؤلاء الذين أعربوا عن ضرورة التجاوب مع هذا المطلب، شاءوا أن يبقى التنفيذ إلى وقت أحطنا علماً بأن الظروف لا تسمح لهم بتحديده.

إننا ونحن نثق بإخلاصهم، نذكرهم ونحن بالعهد الذي قطعوه على أنفسهم: «إن العهد كان مسؤولاً». اللهم أني قد بلغت. اللهم اشهد أني قد بلغت. اللهم اشهد أني قد بلغت.

إلا أن هذا، أيها المؤمنون لا يمكن أن يعني أنني أعفي نفسي لحظة عن الإلحاح الصادق على هذا المطلب وتذكير المسؤولين المسلمين في حدود واجباتنا وصلاحياتنا الإسلامية بما كانوا قد تعهدوا به أمام الله ، وأمام رؤساء المذاهب الإسلامية الثلاثة.

أيها الأبناء المسلمون،
إن إصرارنا على جعل الجمعة عيداً رسمياً في لبنان، ينبع لدينا من اعتبارات وطنية خالصة، لأننا نرى فيه وجهاً من وجوه المقاومة الإيجابية للطائفية العمياء في هذا البلد، ذلك أن الطائفية في مفهومنا تعني هذا التمييز في معاملة الطوائف بتفضيل طائفة على طائفة أخرى لتحقيق غاية غير وطنية بالنتيجة.

إن المساواة بين الطوائف هي إذن الخطوة الإيجابية الضرورية، والخطوة الوطنية الأولى للقضاء على الطائفية. إننا نعتقد بصدق أن المساواة في الحقوق والواجبات والفرص لدى الطوائف في لبنان، تأتي في طليعة الأسباب التي تزيد في ثراء هذا الوطن، وتساعد على نموه الروحي، وبالتالي تساعد على إمكانية العطاء فيه.

إن رسالة لبنان اليوم هي رهن بهذا النمو الإيجابي لحركة الروح. إن رسالة لبنان بهذا المعنى ذات اتجاهين خطيرين:
الاتجاه الأول اتجاه مقاومة ـ  والاتجاه الثاني اتجاه بناء.

في الاتجاه الأول: تبدو رسالة لبنان الروحية، قائمة في ما يمكن أن يحمل الحوار الإسلامي المسيحي الحقيقي من معنى المقاومة لوجود إسرائيل باعتبارها الدولة العصرية الدينية التي ترفع التحدي في وجه الإسلام والمسيحية معاً.

وفي الاتجاه الثاني تبدو رسالة لبنان الروحية قائمة في ما يمكن أن يحمل هذا الحوار الديني نفسه من معنى البناء بالنسبة للعالم العربي نفسه. إن أهمية هذه الرسالة تقوم في اعتبارنا على أهمية العمل بزخم هذا اللقاء الروحي الذي على أرضنا، للعودة بالإنسان المعاصر إلى ينابيع الحياة الروحية الأصيلة، المتفجرة من شرفنا بالذات، ذلك لأننا نلاحظ أن المدينة الغربية قد أصبحت أسيرة لتسلط المادة ن وأن الإنسان المعاصر فيه اصبح يدور في دوامة الآلة مبهوراً بوهج الإنجازات العلمية الهائلة، لدرجة أنه لم يعد يستطيع أن يرى أبعاد الحقيقة الروحية وجمالها أمام عينيه.

هذه الحقيقة الروحية التي ينبغي أن نحملها إليه قوامها معرفة الله، والتزام بتعاليمه والدعوة إلى المساواة بين الناس، ونشر المحبة حتى تعمر قلوب البشر، والكشف عن جمال الأخلاق حتى تعمر صدور المؤمنين وينتشر السلام في أقطار الدنيا.

وبعد أيها المسلمون،
فإن الأعياد في الإسلام هي مواسم القرب من الله، ونحن عندما نفكر في مشاكلنا ومشاكل الإنسان في كل مكان ثم نتصور لها الحلول على ضوء من قيم الإسلام ومعانيه، نرجو التقرب من الله عز وجل والالتزام بمبادئ كتابه الكريم الذي قال فيه: «إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ».
أعاد الله عليكم هذا العيد ، وأعاده على لبنان والعالم أجمع وهو ينعم بمزيد من العدل والخير.

   القسم السابق رجوع القسم التالي  
جميع الحقوق محفوظة - في حال أردتم إستعمال نص أو صورة من هذا الموقع, الرجاء إرسال خطاب رسمي لمؤسسات المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد
ارقام تهمك     فهرس الموقع     مواقع تهمك      روابط      من نحن       كفالة الأرامل و الأيتام    إتصل بنا     إدارة المؤسسة