الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين العظيم وسمّانا من قبل وارتضى لنا الإسلام دينا لنعمل بشريعته وسنته وآدابه وهو القائل: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا» وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الغالب على أمره والقاهر فوق عباده وهو على ما يشاء قدير. وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله، أمره الله تعالى بأن يكون أول المسلمين فقال: «قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ، وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ» صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين إلى يوم الدين. أما بعد، ففي هذه الصبيحة المشرقة يدلف مئات الألوف من الحجاج وقد أفاضوا من عرفات نحو فجاج منى وسفوحها ووهادها، مروراً ببطاح مزدلفة، في اتجاه وئيد نحو البيت الحرام، ينتشرون عليها انتشار الثلج الأبيض يعكس لونه الناصع ضياء الشمس على الأبصار مهابةً وجلالاً، وفي مشهدٍ رائع يأسر القلوب وفي خشيةٍ وخشوع وتبتّل لله العظيم. إنه موقف لا مثيل له في محاشر الحياة ومجامعها وهو يقترن بالكلمات الملبية المكبرة ترتفع إلى السماء، لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك أن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك... في هذه الصبيحة العابقة بأريج العبودية الممجدة لله والمعظمة بشعائره نفتح بيتاً كريماً من بيوته التي أذن لها بأن ترفع ويذكر فيها اسمه، بناه عبد له يلتمس منه العفو والمغفرة، ويرتجى منه الفوز بتسديد الخطى، ليهتدي هدى الصالحين، وهو السيد عدنان خاشقجي أصلحه الله وهداه وإيانا إلى الحق، وأحسن إليه وجعل عمله خالصاً لوجه الله الكريم. وألهمه المزيد من العمل الصالح، والبناء الخير والعطاء المبارك، ورسوله اله صلى الله عليه وسلم يقول: من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتاً في الجنة. إن صبيحة عيد الأضحى تذكرنا بالكثير من الفضل وبخاصة بسيدنا إبراهيم الذي رفع مع ابنه إسماعيل قواعد أول بيت وضعه الله للناس في الأرض في تاريخ الإنسانية كلها، وقد افتحه معه وهما يناجيان ربهما بتذلل وضراعة ويقولان: ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم. ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا منا سكناً وتب علينا أنك أنت التواب الرحيم. ومع أول بيت من بيوت الله، ارتبطت إقامة المساجد بمعنى الإسلام لله، وإفراده وحده بالعبودية. وللمرة الأولى في تاريخ الدين، وفي تاريخ الفكر والإنسان، يرتبط معنى العبودية لله بمعنى حرية الإنسان. من يفرد الله بالعبودية يتحرر من العبودية للأشياء والناس مهما كان قردهم من الجاه والسلطان. ومن هنا فإن العبودية لله بدأت في بيوت الله بالذات، فكانت المساجد في تاريخ الإسلام، مراكز للتوجيه وللقضاء وللتدريس وللتدريب ، نعني للتحرر من الفوضى وللتحرر من الظلم وللتحرير من الجهل وللتحرير من التسلط وذلك كله للتوجه بالإنسان إلى الله وحده. وبذلك بقيت عبوديتنا لله مصونةً في ظل طاعة الله والامتثال لسنة رسوله الكريم الذي هو قدوتنا في الإرشاد والتعليم وقد علمنا بوحي من الله أنْ لا نسأل إلا الله وإلا نستعين حين الحاجة إلا به حيث قال: " أحفظ الله يحفظك، أحفظ الله تجده، تجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله. وأعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك". أيها المسلمون، إن رسالة المسجد تتلخص في نشر معنى الإسلام، ومفهوم الإسلام هو الإسلام لله، ومؤدى هذا المفهوم هو التحرر من أي سلطان غير سلطان الله. ومن هذا المنطلق نجد الحرية من أبرز مفاهيم الإسلام. والعقيدة والإيمان كلاهما مبنىّ إلى حدٍّ بعيد على حرية الإنسان، فللإنسان أنْ يختار الإسلام دينا وله أن يختار غيره. ولا قيمة لتدين يكون من الإنسان على سبيل الإكرام ولأجل هذا كان قوله تعالى: «لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ» وقوله: «وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ». ومن هنا كان وقوع المسؤولية على نفس الإنسان في اختياره الدين، ذلك لأنها أمانة حملتها أيها الإنسان وإنها يوم القيامة حسرة أو ندامة، ولعل الله تعالى ، وهو أعلم، يعني، حرية الاختيار هذه حين يقول: «إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا». ويا لجهل الإنسان وظلمه اليوم اللذين دفعا به إلى التفريط في مفهوم هذه الأمانة، عندما اتجه إلى تغيير حرية أخيه الإنسان في إفراده الله بالعبودية تارةً بسلاسل مادية صنعت من شهوة الإنسان وأهوائه وتارةً ثانية بسلاسل فكرية صيغت من عقائد غريبة عن فطرة الإنسان وبساطته، وساعة تتقيد حرية المخلوق، تتعذر معها عبادة الخالق بصورة سليمة، ومن هنا انقلب إسلام الممارسة في زماننا في نظر بعض الحكام والقادة والناس إسلاماً ليس لله، بقد ما هو إسلام للسلطان والحاكم أو الإسلام للسلطة والدولة. وبما أن الحكام كثيرون وكذلك الدول والحكومات فقد أصبح الإسلام كثيراً وعديداً تقف أمامه عاجزاً ومشدوهاً لا تعرف من عدده الكثير أي إسلام هو الإسلام لأنها كلها كما يبدو أصبحت ذوات أقنعة إسلامية وليس فيها من الإسلام شيء مما يدعونا إلى الانتباه على خطورة الواقع وفداحة الخسارة عند التفريط بالأمانة التي حمّلنا الله إياها. وان الانتباه هذا ليدعونا إلى العودة فوراً إلى أصالة الأمانة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من حملها وبلغها عندما قال: " لقد تركت فيكم أمرين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وسنتي" والدعوة إلى العودة إلى كتاب الله وسنّة رسوله هي دعوة في الوقت نفسه للالتفاف حول البيت العتيق الذي أقام إبراهيم وإسماعيل دعائمه رمزاً لوحدة الإسلام والمسلمين في الأرض كما في المساء... إن المسلمين اليوم يدخلون إلى هذا البيت العظيم في مكة وهم يقولون: "اللهم أن هذا الحرم حرمك وهذا البيت بيتك... وهذا يعنى بدايةً أنّ الإسلام لله، ويعني في ما يعني الحرية للإنسان، وأن حرية الإنسان تعني في إطار العبودية لله، السلام على الأرض، وان السلام على الأرض يعني الأمن ينتشر بين الناس. ولكتها قيم ومعان يتولد بعضها من بعض ، لأن الإسلام وحدة فلا ينظر إلى الأمن منفصلاً عن الحرية ولا إلى الحرية منفصلة عن السلام ولا إلا الإسلام منفصلاً عن أي من هذه القيم جميعاً. وإننا اليوم لنشهد على منبر الأمم المتحدة خلافاً عالمياً ودولياً حول مفهوم الحرية هذه وإننا لنعتقد أن هذا الاختلاف هو في أساس الصراعات الدولية الراهنة. ومما يؤسف له أنه قد تم استدراج الدول العربية والإسلامي إلى المشاركة في هذا الاختلاف الدولي على مفهوم الحرية، فذهبوا في ذلك مذاهب لا تمت إلى الإسلام بأية صلة، إذْ أصبح مفهوم الحرية لدى المعسكر الشرقي يستدرج مسلمين ليدافعوا عنه بل ليقاتلوا في سبيله كما أصبح مفهوم الحرية في المعسكر الغربي يستدرج مسلمين آخرين يدافعون عنه ويموتون في سبيله حتى بتنا من حيث ندري أو لا ندري، ندافع جميعاً عن مفهوم الحرية عند الغير، ناسين الدفاع عن مفهوم حريتنا التي هي في جوهرها ومنطلقها تبتدئ من إفراد الله تعالى بالعبودية والإسلام له وحده. وفي الوقت الذي نرى فيه هذين المعسكرين مختلفين على معنى التحرر، نراهما متفقين على معنى استبعادها للغير، ذلك لأن التحرر في نظرهما طبيعة فيهما لا يجوز الكلام فيه إذ هو أمر مسلم به وهو خارج نطاق الصراع الدولي، أمّا الاستبعاد والاتفاق عليه أو الوفاق بشأنه ، فهو تام بين القوتين العظميين بالنسبة لبقية دول العالم، والدول العربية والإسلامية في طليعتها، فلكل من الدولتين العظميين معسكرها الذي تملك كامل الحرية في التحرك فيه استغلالاً وابتزازاً وتفجير ثورات واضطرابات على أن يبقى لها نفوذها فيه لا تشاركها فيه الأخرى ولا تعترض عليها، كل ذلك في وفاق على سلام دائم فرضه الرعب النووي المتبادل بين الدولتين لا يتدخل في أي حرب استنزافيه قصيرة الأمد أو طويلة، تفرضها مصلحة الدولتين وتجري في بلاد العرب والمسلمين... أو في غير بلاد العرب والمسلمين الداخلين في نطاق أحد المعسكرين.. والعجب كل العجب يبقى منا نحن العرب والمسلمين. ذلك لأنه ما دمنا نعرف أن الدولتين العظميين تسلكان معنا مسلك تثبيت السلام الدائم فيما بينهما وعلى حساب شعوبنا ومصالحها وعقائدها ومفاهيمها وأنظمتها، فلماذا نظل نحن نتخبط في هذا الواقع، ولا نعقله على حاله التي هو عليها، ونحاول الخروج منه لتثبيت دعائم السلام الدائم في ما بين الدول والشعوب الإسلامية والعربية على أساس معنى الحرية النابعة من أرضنا لأعلى أساس فهم الحرية عند الآخرين والدفاع عنها وهي مرتبطة بغير الله هنا وهناك؟ ولقد عقدت إسرائيل من قريب، معاهدة التعاون الإستراتيجي مع أميركا، كما فعلت بعض الدول العربية ما يشبه ذلك معها، وكذلك عقدت بعض الدول العربية الأخرى والإسلامية معاهدة تعاون إستراتيجي مع الإتحاد السوفيتي فاتجهت دول العروبة والإسلام اتجاهاً متعارضاً، اتجاهاً منقسماً وموزعاً ومختلفاً. فيه كل المصلحة للمعسكرين الكبيرين. ولكن هل ثبت أن فيه المصلحة للمنطقة العربية والإسلامية؟ فإذا كانت قوة هاتين الدولتين العظميين، قد استقطبت الدول العربية والإسلامية واستدرجتها ليكون قسم منها مع هذا المعسكر وقسم آخر مع ذاك، أفليس الله العلي القدير، الخالق البارئ المصور مالك الملك وخالق القوى، أحق بأن نتيجة الأنظار والقلوب، كل أنظار الدول العربية والإسلامية وقلوبها إليه فتبادر في خضوع وعبودية واستسلام لتعقد معه ميثاق التعاون الإستراتيجي! ولا يكون التعاون إلا مع الله، ولا تكون الوجهة إلا إليه. أيها اللبنانيون، لقد مضت علينا في لبنان سبع سنوات ونحن نعاني من مفهوم الحرية والسلام هذا بين الدولتين العظميين ونعاني استطراد من خلاف مستعار على معنى الحرية والسلام بين الدول العربية، مع أن طريق الحل واقع تحت أبصارنا وعلى أرضنا ، قائم في قلوبنا. فكلنا نؤمن بالله، وكلنا نعبد الله... وحريتنا في لبنان ينبغي أن تكون الوجه الآخر لعبوديتنا لله إيماننا به، وهو الأمر الفريد الذي يتوفر في لبنان ولا يتوفر في هذا المعسكر ولا في ذاك. وكما أنبنى على هذه الحرية في الماضي صرح السلام فينبغي اليوم أن ينبني في أرضنا وينتشر ويدخل الأحياء والشوارع والبيوت والنفوس ويتربع فيها بقوة وعزة ليطرد كل أشباح الخوف والرعب وما يسببها من القتل والتدمير والتفجير والظلم والعدوان على حريات الناس وكراماتهم وحقوقهم... إن أفظع ما في هذه الأعمال وأشرسه أنها تقع، من يوم لآخر على غفلة من الناس ودونما وازع من ضمير رادع من مخافة الله، ويقولون ان الدافع إليها نزعات سياسية لم تجدْ من وسيلة تقتحم بها على المجتمع إلا الإرهاب لتثبيت موقفها وتعززه. وبئست هذه النزعات وبئت تلك السياسة التي تبرر لهذه النزعات أن تترجم إلى عبوات تنسف أجساد الأمنيين من الأطفال والبرآء من النساء والكهول والشيوخ . بئست هذه السياسة التي تريد أن تتسلق على هموم الناس وآلامهم ومصائبهم لتصل على أهدافها أياً كانت هذه الأهداف. إنها في الحقيقة سياسة الشيطان الذي يأمر بالفحشاء والفساد في الأرض ويزين للناس الإثم والبغي الحق وأن يقعدوا بكل صراط يوعدون ويصدون عن سبيل الله إنها السياسة التي تولدها الأطماع وتستنبطها الأفكار التي خلت من رقابة القلب الخاشع والفكر الأواب المنيب. فالإنسان أخ الإنسان، والخلق كلهم عيال الله وأحبهم إليه أنفعهم لعياله، والمسلم الذي اسلم وجهه لله وتأدب في بيته ومسجده، وحمل على لسانه شعار السلام يطلقه عند كل لقاء أو انصراف مع من يعرف ومن لا يعرف. إن هذا المسلم لا يمكن أن يقبل على فعل مثل هذه الأفعال المؤذية المخربة، ولا أن يقبل بالسياسيات التي تأمر بها أو تكمن وراءها أو توجه إليها. فالمسلم من سلم الناس من لسانه ويده. وما يقع اليوم في لبنان من هذه المسلسلات الخطيرة المروعة التي تزهق الأرواح وتنسف البيوت والمتاجر والأحياء لا يمكن أن تتصور وقوعها من مسيحي يؤمن بالله ويخشى سوء الحساب. ولذلك فإن هذا كله وما وراءه غريب عنا عن مفاهيمنا غريب عن منطقنا وأخلاقنا. وهو ولا شك مصدر إلينا من الخارج. الذي باع نفسه للشيطان واتخذه له إلهاً يعبده من دون الله. فأخلد إلى الأرض وموادها وعناصرها وراح يجمع كل حوله وطوله ويبذل ما أوتي من علم وخبرة وقوة للهيمنة على أكبر شطر من الدنيا وشعوبها. ويستوي عنده بعد ذلك أروع هذا الشعب أو ذاك أو دمر هو اقتصاده أو حضارته أو جرت دماء بنيه أنهاراً . أيها المسلمون، ما قيمة هذه الأحزاب المتعددة الأسماء المختلفة الشعارات؟ وما قيمة هذه المنظمات المنوعة الألبسة والسلاح والأسماء؟ وما قيمة كل هذه المظاهر المسلحة التي تجوب الأحياء هنا وهناك وتقيم الحواجز في كل مكان معربة عن القوة إذا كان الضعف كل الضعف يخلخل جموعنا؟ والوهن يفت في عضدنا والرعب يزلزل قلوبنا والعدو دونما رقيب أو رادع يجوس خلال ديارنا ويزرع أجواءنا وبرنا وبحرنا طولاً وعرضاً دون نذير أو حسيب؟ ما قيمة كل هذا إذا كنا حتى الآن لا نملك أن نستمد القوة والنصرة إلا ممن يطمع في أرضنا وثرواتنا ومصالحنا. إن ساعة الصفر قد دقت وأن على جميع اللبنانيين أن يهبوا هبة رجل واحد ضد الفرقة والنزاع وضد الهدم والخراب والموت وشلالات الدم وضد التسيب الأمني. إن علينا جميعاً أن نبحث بإخلاص وإيجابية عن إيجاد حل سياسي متوازن لإنقاذ وطننا وشعبنا ونحفظ كرامتنا. ولا بأس من نظرنا من البدء بحلول جزئية أياً كانت ما دامت تقوم في إطار حل سياسي مسبق شامل سداه الديمقراطية ولحمته العدل والمساواة والحرية الدينية. ولا بد من أن تكون الدولة هي التي تضع رسوم هذا الحل. ولكن في مظلة حكم موحد، منعقد فيه الوفاق بين المسؤولين الكبار وبخاصةً رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس المجلس النيابي، والخطأ الأكبر والمميت ،وبخاصة في هذا التسيب الخطير الذي يعيشه وطننا ان يفضل بين دعائم الحكم وينتقص من معاني السلطة سواء أكانت رئاسة دولة، أو رئاسة حكومة، أو حتى رئاسة مخفر. ولا محيد لنا في هذه الآونة وفي كل حين من العودة على جمع الصف الإسلامي وتوحيده وتدعيم قواعده الوطنية لأنه ليس أمامنا إلا وحدة الموقف ظهيراً نجابه بها ما قد يصادفنا من ويلات ونتحمل بها مسؤولية الأيام المقبلة بكل ما تحتويه من خير وشر. ولا بأس من مزيد من الضغط والتذكير نوجههما إلى إخواننا العرب ونرسلهما من قلوب أضنتها الجراح، ونؤكد فيها أن المسؤولية في ما يتحمله لبنان اليوم من كوارث ومصائب وخسارات مسؤولية عربية شاملة يدخل فيها لبنان ويتحمل نصيبه كجزء من الأمة العربية. ويتحمل ذلك بصبر ورض واعتزاز مهما كانت الوقائع والنتائج، ولكن ينبغي أن لا ينسى الجميع وإن كانوا بعيدين عن أجواء واقعنا الدامي والمخيف إن عليهم مسؤولية المشاركة الكاملة مع لبنان والتكافل والتضامن معه بل والمبادرة لأخذ موقف حاسم يسجله لهم التاريخ ، وينقذ ما يمكن إنقاذه من شرف الأمة في هذه الآونة العصيبة من عمرها. أيها اللبنانيون إن يوم إبراهيم وإسماعيل الذي تجلت فيه معاني التضحية المدعمة بالإيمان والاستسلام لله، هو يومكم. إنه يوم الجد والحزم والتصميم على الخلاص والدخول في مرحلة البناء، مرحلة نشر الأمن والسلام. وعيدنا اليوم يبقى عيداً حزيناً محفوفاً بالمكارة والآلام يعيشها كل وطننا وخصوصاً أولئك الذين نزلت بهم كوارث الموت والتدمير والخراب من غارات العدو وحوادث التفجير والقنص وغير ذلك، ولا يسعنا إلا أن نذكرهم بضرورة التجمل بالصبر والعزاء فالى الله المرجع والمصير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. حفظكم الله جميعاً وحفظ وطننا من كل سوء وأعاد الله علينا هذا اليوم وقد أظلتنا فيه سحائب السلام والأمان وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. |