قلبه الكبير كان موئلاً للجميع.. صاحب سماحة.. وحكمة.. وراع للعمل الإنساني ولكل مبادرة ترفع أذى.. وتخفّف نكبة.. وتواسي مصاباً وقع على كاهل مواطن بريء.. داره.. ومكتبه.. وكل مكان حلّ فيه.. كان مفتوحاً أمام المفجوعين من أبناء هذا الوطن.. رغم كثافة المسؤوليات الملقاة على عاتقه.. فكان يحتضن أهالي المخطوفين والمفقودين.. وكان يرفع لواء المهجرين داخل وطنهم.. ويبادر للدفاع عن حقوق المنكوبين في كافة مناطق بيروت وكل لبنان.. ويشدّ على كل من يعمل لخدمة الإنسان المعذّب.. الهيئات الصحية والاجتماعية كانت تجد فيه المشجّع الكبير لدى تصديها للمآسي، وما أكثرها في لبنان.. وكانت تجد فيه السند الكبير لدى تعرضها للنكسات والضربات.. وكانت خسارتها فادحة بخسارته... وهيئة الإسعاف الشعبي فجعت بخسارة صاحب السماحة.. وفقدت فيه الداعم والناصح الأمين.. خاصة بعد تعاونها الوثيق معه في معظم مهماتها وتوجهاتها العامة، سواء في بيروت العاصمة والضاحية الجنوبية حيث رأس النبع وأكثر من منطقة منكوبة، أم في الجنوب امتداداً حتى شبعا وكافة بلدات العرقوب، أم في الجبل والبقاع، أم شمالاً امتداداً حتى عكار.. وقبيل استشهاده بأيام قليلة.. كان وفد "الإسعاف الشعبي" عنده، يعرض له ما قام به أبناؤه في الدفاع المدني الشعبي من مهام إنقاذية واغاثية خلال القصف المجنون، ويأخذ منه النصح والإرشاد. مرة، قال سماحته: "إنني لن أنسى الدور الإنساني والأعمال الكبيرة التي قامت بها هيئة الإسعاف الشعبي خلال الاجتياح الإسرائيلي الغادر لبيروت حيث كنت دائماً أتابع جهودها، وفي الفترة التي مرت بعد أحداث 6 شباط وما حصل في بيروت وخاصة في المناطق المحاصرة، حيث لعبت هيئة الإسعاف الشعبي وما زالت، الدور الإنساني المتقدم فكفكفت آلام المصابين والجرحى والمرضى في كل المناطق اللبنانية، ولا يسعني إلا أن أقدّر عالياً هذا الدور الرائد في المجال الإنساني والإنقاذي".. وبدورها، فإن هيئة الإسعاف الشعبي، وبعد رحيل المفتي الشهيد، تقول له: لن ننساك يا صاحب السماحة.. وسنبقى كما عهدتنا أمناء على العهد والرسالة الإنسانية من أجل كل مواطن.