نشر في صحيفة المستقبل - السبت 16 أيار 2009 في مثل هذه الأيام ومنذ عشرون عاما وفي منتصف شهر أيار استهدفت المرجعية الدينية للمسلمين في لبنان باستشهاد مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد رحمه الله والاغتيال لم يكن عاديا وانما كان اغتيالاً سياسياً للدور الاسلامي والوطني العربي الحضاري الذي جسده الشهيد خلال مسيرته الوطنية ويمكن القول انه كان محاولة لاغتيال مشروع الدولة ومؤسساتها الدستورية التي كانت تحاول النهوض من بين أنقاض الحروب العبثية ومن براثن أمراء الميليشيات الذين كانوا آنذاك يبسطون سيطرتهم على الأحياء والمناطق كل من منظوره وحساباته الضيقة وكثيراً ما كان المفتي الشهيد يردد في مواقفه اليومية بأن المسلمين في لبنان يرفضون دويلات الأمر الواقع ويراهنون على مشروع الدولة وبسط سيطرتها على كافة المناطق اللبنانية وما أشبه اليوم بالبارحة لقد استهدفت المرجعية الدينية وهي تدافع عن مشروع الدولة واستشهدت المرجعية السياسية الوطنية المجسدة بالرئيس الشهيد رفيق الحريري وهي تعمل لمشروع الدولة وكأن قدر المسلمين وخاصة أهل السنة والجماعة منهم كانوا ولا زالوا ومنذ ألف وأربعمئة عام يستشهدون دفاعا عن فكرة بناء الدولة وعن مشروع وحدة الأمة في مواجهة دويلات الفرق والطوائف والمناطق وها هم اليوم يخوضون معاركهم السياسية والاقتصادية والاعلامية للحفاظ على وحدة المجتمع وتوحيد الوطن ليكون في خدمة الجماعة لا المجموعة وفي خدمة الأمة لا في سبيل فئة عرقية أو مذهبية أو مناطفية هنا أو هناك انها رسالة المسلمين ودورهم الوطني الجامع على مدى تاريخهم الطويل ومن أجل ذلك فانهم يستهدفون من أعداء الداخل والخارج الذين ما زالوا يراهنون على مشاريع الدويلات المذهبية والطائفية وحتى العرقية لاعطاء مبرر لأقامة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين أرض الجماعة وأرض الأمة المستهدفة بتاريخها ووجودها ورجالاتها العظام. المشروع السياسي والديني الذي جسده المفتي الشهيد بوحدة الوطن وبالعيش المشترك وباقامة الدولة القوية العادلة والذي سعى لتحقيقه الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه من القيادات اللبنانية مازال مستهدفا من قوى أقليمية ومحلية والمهم من بعد كل هذه الآلام والعذابات والاستهدافات أن لا تسقط القضية وأن لا يتراجع مشروع الدولة وأن تستكمل المسيرة مسيرة البناء والاعمار التي يقودها الخيرون في هذا الوطن وفي مقدمتهم حامل الامانة النائب سعد الحريري ومن معه من الرجال الذين نذروا انفسهم لمعرفة الحقيقة واقامة العدالة وبناء الدولة لتعيش الأجيال المقبلة في هذا الوطن الصغير بأمن وسلام وليكون التنوع نموذجا لبناء الوطن العربي الكبير في هذه المنطقة من العالم. في ذكرى استشهاد المفتي الشهيد حسن خالد تتلاقى الذكريات مع الآلام وتتفتح جروحات الذين استشهدوا من أبناء هذا الوطن لبناء الدولة التي تحمي مواطنيها وترعى حقوقهم بالعدل والانصاف. أيها المفتي الشهيد عشرون عاما مضت ومازالت دويلات الأمر الواقع التي رفضتها تعيق مشروع بناء الدولة وما زالت القضية هي القضية والرسالة هي الرسالة ومازال الذين جاؤوا من بعدك وحملوا مشعل المسيرة مستمرين على النهج منهم من سقط شهيداً ومنهم مازال حاملاً لمشعل الحرية والعدالة والعروبة الحضارية الانسانية وما بدلوا تبديلا. حسبك أيها المفتي الشهيد أنك ستتعانق في جنة الخلد مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومن معه من الخييرين لتكونا شهداء على الناس وشاهدين على حقيقة الظلم والعدوان الذي تعرض له الناس الطيبون في لبنان وفلسطين والعراق والكثير الكثير من بلاد العرب و المسلمين. نم قرير العين أيها المفتي الشهيد فأبناؤك والمحبون لك مازالوا كما عهدتهم مؤمنين بنصر الله وبتحرير فلسطين وبحقهم في اقامة السيادة والعدالة والمساواة والحرية للمسلمين واللبنانيين ولكل بلاد العرب والاسلام. |