المستقبل - السبت 16 أيار 2009 - العدد 3305 - تحقيقات - صفحة 11
لن نيأس.. في حفظ الوطن في لحظة سوداء من مثل هذا اليوم، منذ عشرين عاماً من أعوام الصبر والانتظار، امتدت يد الإثم والعدوان، الى عمامة بيضاء من عمامات الله والعروبة والوطن، فكان الغدر وكان الحقد، وكان الظلم والإجرام... منذ تلك اللحظة ولغاية الآن، لا يزال القاتل يسرح حراً طليقاً، ومع سرحانه ضباب يغلف صورة فاعل مجهول ومجرم موتور... منذ ذلك اليوم ولغاية هذا اليوم، لا يزال القاتل مجهولاً وقفص الاتهام فارغاً يسأل عنه... وعلى الرغم من ذلك لم نيأس، ولن نيأس بل سنبقى متمسكين بالحق لا بالباطل، سنبقى متمسكين بالوطن لا بالخراب، سنبقى متمسكين بالواقع لا بالسراب، وسنبقى نسأل عنه وعن كل من هو حامل معه صفة الإجرام وعقل الإجرام وإرادة الإجرام وحقد الإجرام... سنبقى نسأل عنه، لأنها العدالة، ولأن الضحية ليست شخصاً بل وطناً... سنبقى نسأل عنه، لأنه الوطن ولأن الوطن لا يجب أن يتحول الى مقبرة تدفن فيها الحقائق أو ساحة خداع تشتت العقول وتضلل النفوس... ندفن الشهداء نعم، ولكن لن ندفن معهم بالقهر الحقائق... نحمل نعوش الشهداء نعم، ولكن لن نحمل معها بالتزوير الوقائع... نودع الشهداء نعم، ولكن لن نودع معهم بالإكراه أو بمرور الزمن وطن الشهداء وشعب الشهداء وحق الشهداء وقضايا الشهداء وعدالة الشهداء... الحقيقة هي ما نسأل عنه فقط والحقيقة هي ما نبحث عنه فقط والحقيقة هي ما نتحدث عنه فقط... وما نتحدث عنه هي الحقيقة التي تطال كل الشهداء وترضي كل الشهداء وتصون دماء الشهداء كل الشهداء... فالعدالة هي العدالة، والعدالة لا يمكن أن تحتمل صفة الاستثناء، أو صفة الاستغناء، أو صفة المماطلة والاستجداء... والحق هو الحق، والحق لا يمكن أن يكون شعارا نرفعه ساعة نشاء ونشوّهه ساعة نشاء ونتجاهله ساعة نشاء ونطمسه ساعة نشاء ونعتدي عليه ساعة نشاء. العدالة هي من المواضيع والقضايا الوطنية والأخلاقية المقدسة التي يجب أن تبقى دائما في الوطن خارج الانقسام وخارج الاختلاف وخارج الغرائز وخارج العواطف والجدال... العدالة هي هبة من الله وما هو من الله لا يجب أن يضيع في حسابات البشر أو في أنانيات البشر أو في خلافات البشر... العدالة هي العدالة، والمطالبة بالعدالة هي حق، وهكذا نوع من الحقوق لا يمكن إجباره على التنازل عن جوهره أو عن قدسيته ليصبح في نظر البعض عالة على الوطن أو وجهة نظر فيه... رحم الله المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد وكل الشهداء، وتحية وطنية نرسلها في ذكرى غيابه العشرين الى كل الأخوة المواطنين في هذا الوطن ومعها دعاء صادق الى الله عزّ وجلّ أن يحفظهم ويحفظ لنا ولهم هذا الوطن بكل ما فيه من قيم الحرية والحياة.
|