نشرت في اللواء – اللواء الاسلامي. العدد 12589 – الجمعة 22 أيار 2009.
للشيخ محمد عدنان شوقي.
الولي الصالح حين يتكلم
في ذكرى رحيلك هذا ما سمعته منك في مسجد سليم سلام ويطيب لي أن أسجل ما قلته في حفل افتتاح مسجد وخلية سليم سلام في عام 1407 هـ - 1987 م وبحضور إبن بيروت الهمام الأستاذ تمام سلام وشخصيات وعلماء وسأكتفي بخطوط عريضة عن كلمتك في الحياة، والمساجد، أصعب الظروف والخروج من الأزمة والسياسة والحوار والسلاح
ودُعاؤك الأخير سيدي المفتي حين تكلمت بدأت بالبسملة وصليت على سيدنا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين والمهتدين وعلى آله وصحبه أجمعين كلمتك في الحياة: الحياة مسرح يلعب فيه كل منا دوره والأدوار في هذه الحياة متنوعة وكثيرة منها السطحية ومنها الأدوار الثانوية ومنها الأدوار الأساسية ومنها أدوار فرعية ولكنها لا تحمل زادا ولا تحوي خيراً ومنها ما هو أساسي وفيه كل الخير وأن أعظم الخير أن يبني بيت الله يجمع فيه الناس على الخير في دنياهم وآخرتهم وأن أول عمل عمله رسول الله كما سمعتم بعد هجرته الى المدينة ودخوله إليها هو بناء مسجده الأعظم هذا أولاً كلمتك في المساجد:
أيها الأخوة المساجد مدارس وهي قبل المدارس التي تعرفونها اليوم فالمدارس التي نعرفها اليوم، وخصوصاً في هذا الزمن
وخصوصاً في هذا البلد يدخلها الغث والسمين ويدخلها ما يسر وما لا يسر ويدخلها ما فيه بناء الوطن وما فيه هدم الوطن ومع الأسف يدخلها رجال صالحون ورجال غير صالحين وهنا يبدأ الخطب ويبدأ الهزل أما المساجد فإنها على الغالب هي البيوت التي تستقطب الصالحين والتي تجمع وتستقطب العاملين على الخير والتي توفق بين الداعين بين الناس فيما يبني حياتهم على أسس فاضلة ويوجهها الى ما فيه سماتها وفيه أمنها وطمأنينتها وهذا ثانياً
وكلمتك في الظروف: ونحن اليوم في هذا الزمن نمر في فترة من أصعب الظروف - بل في فترة من أصعب الفترات ومن أشدها قسوة وأشدها ضعفاً على نفوسنا وعلى قلوبنا وحياتنا ونحن في أحوج الظروف وأشدها ميلاً وتوجهاً لأن نجد العاملين ونجد الدعاة الصالحين والبناة المنشئين لهذا الوطن على أسس سليمة ولا يمكن بل لا يمكننا أن نجد هؤلاء بشكل واضح وشكل سليم وكامل إلا ضمن هذه البيوت بيت الله الكريم ففي هذه البيوت تبنى الأخلاق ويبنى الرجال وفيها نشأ رسول الله ونشأت الأمة الإسلامية فيه في طليعة صدر الإسلام وآنذاك ينبغي علينا نحن اليوم أن ننشئ حياتنا في هذه البيوت وأن لا ننساها عندما نفكر في بناء وحدتنا وهذا ثالثاً
وكلمتك في الخروج من الأزمة:
تلف جمعنا اليوم مصائب كثيرة ويضغط علينا كابوس مخيف ولا يمكننا أن نخرج من هذه الأزمة عن طريق العلم وحده ولا عن طريق الإيمان وحده ولا عن طريق كثرة النفوس وحدها ولكن يمكننا أن نخرج من هذه الأزمة بمجموع هذه الأمور بجملها وأكملها
ويوجهها الخلق الكريم والحكمة السليمة التي يمكن أن تستفيدها من خلال هذه البيوت وهذا رابعاً
وكلمتك في السياسة: يا إخوتي: نحن اليوم في لبنان الذي يتعذب أهله نتيجة السياسة المتخبطة ونتيجة الخلاف والصراع لبنان اليوم بحاجة الى كثير من الوداد والمحبة شبعنا خصاماً ومن قلب هذا المسجد مسجد سليم سلام هذا الإسم الذي يحمل هذا المعنى المبارك ندعو الى السلام وندعو الى الوئام وندعو الى الوفاق ونحارب كل دعوة الى التقاتل والتمزق والتشرذم، كفانا كل هذا نحن لا نرغب بأن يستمر هؤلاء السياسيون في التراشق بالتهم وفي التراشق بمثل الذي نسمعه مما يزيد بلاءنا بلاء ويزيد مصيبتنا مصيبة ويزيد تشرذمنا تشرذماً وهذا خامساً
وكلمتك - يا صاحب السماحة - في الحوار: علينا أن نسلك طريق الحوار وعلينا أن نعمل لنعزز طريق الحوار وعلى الجميع أن يعملوا للحوار ويسعوا للحوار
ويدعموا كل طريق وكل جهد وكل قوة يمكن أن تساعدنا الى تعزيز الحوار وهذا سادساً
وكلمتك في السلاح: سلاحنا اليوم بل سلاحنا على الأرض ينبغي أن يتوجه الى اسرائيل وينبغي أن يجمع ليكون في كبد اسرائيل•• وهذا سابعاً
وفي المناسبة أشير الى أن سماحتك لم يكن لك كلمة في حفل الافتتاح وعندما قلت لك صاحب السماحة ليس من المعقول طالبك يتكلم وأنت لا تتكلم عندها قبلت الكلام وأثنى على ذلك الاستاذ تمام سلام
كلمتك في الدعاء الأخير: يا اخوتي: ما كنت لأحب أن أتكلم ولكن طلب إليّ أن أتكلم والفرصة أتيحت لي وأرجو الله تعالى أن يهدينا جميعاً الى الصواب في أن نكون بناة خير وبناة صروح الخير
اللهم نسألك أن تجعل نوايانا خالصة لوجهك ونسألك أن تعلمنا الخير ونسألك أن تطهر قلوبنا من الغل والحسد وتجعلنا لمن يقول الخير لمنفعة الخير ونسألك أن تهدينا جميعاً وتهدي قادتنا لسلوك طريق الخير والصلاح وبعد
رحم الله سماحة المفتي حسن خالد الولي الصالح الذي تحدث وتكلم في مسجد سليم سلام وبحضور علماء الإسلام والاستاذ تمام سلام
وفقنا الله لخدمة الإسلام الداعي الى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة هذا وما توفيقي إلا بالله
الشيخ محمد عدنان شوقي باحث في الدراسات الإسلامية