في ذكرى حسن خالد
وفي الذكرى السادسة والعشرين، دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية على طريق المصالحة مع نفسها، فيما جميعنا يتطلع الى استعادتها دورها الريادي، يتطلع الى تلك الدار التي فقدت بريقها وميزتها ذات يوم أليم من العام 1989، يوم محاولة اغتيال الدور الوطني والعربي المميز للمسلمين في لبنان باستشهاد سماحة مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد. ان الرجال أمثال حسن خالد يزدادون مع مرور الزمن على رحيلهم قيمة وقامة لاسيما في أوقات تعاظم الفتن والآلام التي تعصف بأمتينا العربية والإسلامية، فنجد في إرثهم ضالتنا وفي تضحياتهم دعوة لعدم استكانتنا أو استسلامنا.
إن المسلمين في لبنان قد بدأوا منذ الدقائق الاولى لجريمة العصر في 14 شباط 2005، إبطال مفاعيل جريمة 16 أيار 1989، وإذا ما استذكرنا مواقف المفتي الشهيد على مدى عقود من زعامته الروحية يمكننا أن نعرف سبب استهدافه المباشر، استهداف تلك العمامة البيضاء التي أبت إلا أن تكون رمزا لوحدة المسلمين وبالتالي رمزا لوحدة اللبنانيين في عز اشتداد الحرب الاهلية، استهداف تلك العمامة التي رفضت الوقوف بباب سلطان جائر، وأبت إلا أن تكون دار الفتوى شاهد حق وصاحب كلام حق في زمن تحكم فيه الباطل بالبلاد والعباد. ونحن حين نستذكر حسن خالد نستذكر قمة بين القمم، نستذكر حقبة غنية برجالاتها وطنيا وعربيا وإسلاميا كفيصل بن عبد العزيز وجمال عبد الناصر وياسر عرفات وكمال جنبلاط والإمامين موسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين، على سبيل المثال لا الحصر. اننا كمسلمين ولبنانيين نتطلع إلى دور فاعل على الساحتين الوطنية والاسلامية لدار الفتوى التي هي اليوم في عهدة رجل يعمل بصمت وحكمة ورصانة وذي دراية بظروف وتركيبة البلاد في ظل إرث ثقيل، رجل عاصر الشهيد حسن خالد عن قرب فحاز لقب مفتي الاعتدال والوسطية، سماحة الشيخ عبد اللطيف دريان، فكلنا أمل ان ينجح في لمّ الشمل وأن ينضوي الجميع تحت راية دار الفتوى كمرجع روحي ووطني، في زمن يكثر فيه الهرج والمرج وتتضارب فيه المفاهيم والقيم ليصبح الحق مبنياً على القوة والترهيب وليس على الصواب والترغيب، وهذا بحد ذاته يشكل حرباً لا تقل عن تلك التي تخاض في الميدان. رحم الله المفتي حسن خالد وهو القائل: اذا كان الاسلام واحداً فلماذا يتفرق المتدينون؟ واذا كانت القضية الوطنية واحدة فلماذا يتقاتل الوطنيون؟
عبدالله صعب جرية المستقبل- 14 أيار 2015 |