إثر عملية الاغتيال الآثمة التي قضت على علم من أعلام العالمين العربي والإسلامي الشهيد سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد، التقى في المركز الإسلامي في منطقة عائشة بكار، وهي المنطقة التي وقعت فيها الجريمة الغادرة، ممثلون عن الجمعيات والهيئات الإسلامية التالية: صندوق الزكاة ـ هيئة الإغاثة والأعمار ـ رابطة لجان المساجد ـ المركز الإسلامي ـ اتحاد الجمعيات والهيئات الإسلامية ـ جمعية الكشاف المسلم ـ رابطة الشباب الإسلامي المثقف ـ جمعية خريجي جامعة بيروت العربية ـ جمعية السراج المنير الإسلامية ـ نادي النجمة الرياضي ـ كشافة الجراح ـ جمعية المؤاساة الإسلامية ـ جمعية السيرة النبوية ـ هيئة شؤون بيروت ـ مركز التنمية الإسلامية ـ مؤسسة الخدمات الاجتماعية ـ مركز الأوقاف الطبي ـ مركز دار الفتوى الطبي ـ مؤسسات الدكتور محمد خالد الاجتماعية ـ اتحاد الشبيبة الإسلامية ـ جمعية الإصلاح الاجتماعي ـ ندوة الدراسات الإسلامية. وأصدروا البيان التالي إن الجمعيات والهيئات الإسلامية المجتمعة للتداول في عملية الاغتيال الآثمة التي طاولت مقام الإفتاء الإسلامي متمثلاً بالشهيد سماحة الشيخ حسن خالد، وقد هالها المصاب الجلل بكل ما يمثله من روح إجرامية تناولت رمزاً أساسياً من رموز لبنان الإسلامية والقومية والوطنية، بكل ما ومن يمثل، خاصة في هذه الحقبة المصيرية التي تهز هذا الوطن في أسسه وفي حاضره وفي مستقبله، وخاصة ان سماحته كان في طليعة المتصدين لمؤامرة التقسيم والتفتيت والشرذمة وطعن صيغة العيش الموحد. إن الجمعيات والهيئات المصدرة لهذا البيان لا تحتج ولا تستنكر تجاه مصاب لا يتناسب في هوله وفداحته مع أي احتجاج أو أي استنكار، بل تدعو إلى وقفة وطنية وإسلامية حازمة وحاسمة في وجه المؤامرة ووجه الجريمة ومرتكبيها، وتدعو المسلمين خاصة واللبنانيين عامة إلى وعي خطورة المرحلة وجبهها بمزيد من الإدراك والتشدد في التمسك بالمبادئ القويمة التي مشى سماحة المفتي الشهيد على خطاها، وفي طليعتها توجهاته التوحيدية. لقد استهدفت الجريمة النكراء في طليعة ما استهدفت، النيل من وحدة المسلمين وصمودهم وصلابتهم وتفريق صفوفهم وتحطيم مواقعهم وتفتيت مؤسساتهم. لقد ظن المجرمون أنهم بشطب مفتي الجمهورية من قائمة الوجود يشطبون معه كل الوقائع التي يحتل، وكل المؤسسات التي يمثل. بل ظنوا أنهم يلغون بتغييبه وجوداً عريقاً متأصلاً في جذور هذا الوطن لجماهير المسلمين واللبنانيين التي يمثلها سماحته ويقلصون دورهم ويكبتون رأيهم وفكرهم ونظرتهم السياسية والوطنية إلى هذا الوطن وإلى موقعهم ودورهم فيه. ظنوا أنهم بهذه الطريقة الوحشية الآثمة، ينسفون معه لبنان المحبة والحضارة والانفتاح والعيش الموحد. بل ينسفون معه، كل مطالب الإصلاح والعدالة والمساواة التي طالب باسمه وباسم من يمثل أن يقوم لبنان المستقبل على أرضيتها وعلى أسسها، فما يهدفون إليه ألا يكون لبنان قائماً في الوجود، وأن تتفتت أرضه ويتشتت شعبه وتزول كل معالم الحياة والحضارة فيه وفي بنيه. ظنوا ذلك كله، ولكن بعض الظن إثم، وكفر وجهل، وجهالة. بيروت العظيمة أم أطلقت إلى الحياة على مدى الأجيال والتاريخ، أبناء عظاماً، يموتون ويقتلون ويجتاحون ويستشهدون، ولكنها موقعاً وتاريخاً وحاضراً ومستقبلاً قائمة صامدة أبداً، لا تحول ولا تزول. وسماحة المفتي الشهيد... ابن بيروت وزعيم مسلميها وقائدهم على مدى قرابة ربع قرن، لم يزيد استشهاده المسلمين اللبنانيين حينما كانوا، إلا تشبثاً بالقواعد وبالجذور وبخيوط العراقة والأصالة، وبكل ما ناضل سماحة المفتي الشهيد في سبيله من مبادئ ومن مطالب ومن قيم، واستشهد من أجلها بيد غادرة قاتلة آثمة، هيهات إن نالت من حياته أن تنال من الوجود الإسلامي المتأصل في هذا الوطن المنكوب. أيها المسلمون... أيها اللبنانيون... إنها ساعات وأيام قليلة للحزن وتقبل العزاء بالمصاب الجلل، ولكنها أيام وأشهر وسنوات مديدة مقبلة طويلة للترميم وللبناء وللصمود ولجبه المؤامرة والمتآمرين، وللحساب العسير مع كل من يستحقون عسير الحساب.
|