أحيت دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية الذكرى الحادية والعشرين لاستشهاد المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد بدعوة من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، وذلك في قاعة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في مسجد محمد الأمين صلى الله عليه وسلم في وسط بيروت، بحضور ممثل رئيس الجمهورية الوزير عدنان القصار وممثل رئيس مجلس النواب النائب عماد الحوت وممثل رئيس مجلس الوزراء النائب محمد قباني وممثل الرئيس العماد ميشال عون النائب حكمت ديب وممثل قائد القوات اللبنانية النائب أنطوان زهرة والنواب زياد القادري، عمار حوري، نهاد المشنوق، أمين وهبي، قاسم عبد العزيز ورئيس مجلس الخدمة المدنية الوزير السابق خالد قباني وأمين عام الجماعة الإسلامية إبراهيم المصري ومطران بيروت للسريان دانيال كورية ومفتي المحافظات اللبنانية وسفراء بعض الدول العربية والاسلامية وممثلي عن القيادات العسكرية اللبنانية وممثلي عن قائد الجيش ومدير عام قوى الأمن الداخلي ومدير عام الأمن العام ومدير عام أمن الدولة وأعضاء من المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى ومن مجلس بلدية بيروت ومن جمعية المقاصد ومدير عام بيت التمويل العربي الدكتور فؤاد مطرجي ورئيس صندوق الزكاة في لبنان عدنان الدبس وممثل رئيس المحكمة الشرعية السنية القاضي الشيخ أحمد درويش الكردي ومدير عام الأوقاف الاسلامية الشيخ محمد جويدي وحشد من الشخصيات والعلماء وذوي الشهداء. استهل الحفل بعشر من القرآن الكريم ثم بالنشيد الوطني وألقى عريف الاحتفال المدير العام للعلاقات العامة والإعلام في دار الفتوى الشيخ خلدون عريمط كلمة عن مزايا المفتي الشهيد، ثم ألقى المهندس سعد الدين خالد كلمة مؤسسات المفتي الشهيد. ثم ألقى الأب ميشال السبع كلمة غبطة البطريرك الروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام. وألقى شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن كلمة. وألقى المطران غطاس هزيم كلمة غبطة بطريرك الروم الأورثوذكس اغناطيوس الرابع هزيم. وألقى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان كلمة. وألقى المونسينيور جوزف مرهج كلمة غبطة البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير. وألقى النائب محمد قباني كلمة رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري. وفي الختام ألقى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني كلمة. وتخلل الحفل بث شريط فيديو عن المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد. كلمة الشيخ نعيم حسن شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة المولى وبركاته، وجه يغيب وذكرى لا تغيب. في هذا اليوم نقف وإياكم في الذكرى الحادية والعشرين لاستشهاد سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد. رجل عاش حياة عامرة بالعلم والدين، استقت في بداياتها الراشدة من مناهل أصول الشريعة وعلوم الدين الحنيف. وتدرجت من على كرسي التعليم مدارج المنطق والفكر الرصين. وتغذت في مخاطبة المؤمنين بالوعظ البليغ الهادف المرتكز على جواهر الذِّكر الحكيم. وتأصلت في كُنه القانون الشرعي بممارسة القضاء. وتُوجت بالإجماع من حوله ليكون الشخصية التي استحقت لقب مفتي الجمهورية اللبنانية، وبات في منصب الافتاء رمزاً لوحدة المسلمين، وصوتاً وطنياً لبنانياً راسخاً في عروبته وأبعاده الاسلامية والانسانية على حد سواء. كثير من الأوسمة استحقها صاحب هذه الحياة الزاهرة، وحده وسام الشهادة ارتقى به الى الاعلى. ليس من المبالغة القول بأن ما تركه المفتي الشيخ حسن خالد من مؤلفات وخطب ومقالات ومحاضرات ومواقف وما شابه يشكّل إرثاً حضارياً لتنوع مواضيعه الشرعية والفقهية والفكرية والاجتماعية والثقافية. وما يزيد في أهمية هذا التراث، محافظة مؤسسات المفتي الشهيد، على ما تضمنه من المعاني المتولدة من فكر ثاقب وخبير، وعبارات رصينة لا يستميلها الإنشاء بقدر ما تتوخى حسن التفكير. أما لجهة الرؤية الوطنية والسياسية، فحري بنا الوقوف مليّاً أمام الكثير من أقوال الشهيد، التي أرادها بصدقه أفعالاً عبّرت عنها مشاهد الوحدة الاسلامية والوطنية في عهده، إضافة الى المواقف المتعلقة بقضية الحق الكبرى فلسطين. فمن أقواله: "إن دعوتنا لوحدة المسلمين، ليست إلا دعوة لوحدة اللبنانيين". "إن نهوض لبنان وتقدمه مرهون بتحقيق العدالة والمساواة بين اللبنانيين ومناطقهم". "إن لبنان لا يمكن أن يكون إلا على صورةٍ من التجانس البديع بين جميع طوائفه". "إن أعز نداءٍ إلى قلبي هو المحافظة على وحدة هذا الوطن وقوته وأن تعيشوا في ظلاله أخوة متلاقين متحابين في السراء والضراء، فالقيمة الحقيقة للمواطن هي بما يعطي وطنه من مواهب لا بما يحققه لنفسه من مكاسب". أما في الدور الإسلامي والوطني الذي قام به المفتي الشهيد، نستذكره داعيةً للوحدة الوطنية، ورائداً من رواد الوحدة الإسلامية، ونموذجاً للانفتاح والحوار الإسلامي – المسيحي. لقد كان المفتي الشهيد رجل وحدة الموقف الوطني الذي تمثل، ليس فقط في القيم الروحية واللقاءات الدينية، ونستذكره هنا مع سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ محمد أبو شقرا، ومع سماحة الإمام المغيب الإمام موسى الصدر، وكذلك مع سماحة الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين، ولكن أيضاً في الدعوة الى الحوار أساساً راسخاً للوحدة الوطنية ونبذ التقاتل، وتجاوز التناقضات عبر الالتزام العقلي بأصول الحوار الهادف الى تحقيق المصلحة الوطنية العليا. كان رجل الوحدة الاسلامية المباركة التي تتصدرها صورته يأم الصلاة عن روح الشهيد الشيخ حليم تقي الدين. كما جعل من دار الفتوى مركزاً للقاء اللبنانيين ومقراً لاطلاق الثوابت الاسلامية التي أسست لاتفاق الطائف. أما بالنسبة لفلسطين الجريحة، فكان صوته القائل: "لقد آن للضمير العالمي أن ينتقل من مرحلة التعاطف الوجداني مع قضية بيت المقدس، وقضية فلسطين، وقضية الأراضي العربية المحتلة (وهو تعاطف) فارغ من أية ايجابية بنّاءة، الى مرحلة الفعل الانساني المشترك لاتخاذ اجراء واضح وفعال من أجل نصرة الحق العربي والاسلامي في فلسطين". لقد كان صرخة في وجه الظلم نددت بالانحياز الغربي لقوة غاصبة مفترية، وأسفت لتقاعس الامم المتحدة عن أداء دور حيادي حازم، وهي صرخة لها قوة حضور معاصر لاصالتها وصدقها في قول الحق. بالأمس كانت الذكرى الثانية والستين لنكبة فلسطين وغداً مناسبة إسقاط اتفاق الذل في السابع عشر من أيار. واليوم الجميع مدعوون للعمل على حث الذاكرة والاتعاظ من الماطي والمطلوب جهد كبير من المجتمع المدني ومن الدولة والمؤسسات والأحزاب والافراد وذلك لبناء ذاكرة جماعية استغفارية للبنانيين قائمة على السلام والسماح والمصالحة والمحبة لاخذ العبر والتغيير لمستقبل منير، يُحصّن الاجيال بالمعرفة والعلم ويبعدهم عن الجهل والكره والظلم. إن لطائفة الموحدين الدروز مسيرة مضرجة بدماء الشهداء. نوجه التحية الى جميع شهداء الوطن والمقاومة والجيش، شهداء الوطن العربي وفلسطين. نُحي عائلة الشهيد الصغرى وعائلته الكبرى. يا أصحاب السماحة والغبطة، كنا وسنبقى معكم شركاء في دار الفتوى وفي المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى من أجل وحدة المسلمين ومع الصرح البطريركي لوحدة اللبنانيين في إزالة الحساسيات والنعرات التي تُفرق، وتكريس المبادئ التي تُوحد. كلمة المهندس سعد الدين حسن خالد رئيس مؤسسات المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد
أيها الحفل الكريم أن يستضيف مكان ما حفلاً ما، هو أمر لا يتوقف المرء عنده كثيراً عادة، غير أن المسألة تختلف حتماً عندما يكون العنوان مختلف والمكان مختلف... فنحن نحي الذكرى السنوية الحادية والعشرين لاستشهاد المفتي الشيخ حسن خالد، رحمه الله، في هذا القسم من هذا المكان الطاهر بالإيمان والطاهر بالأسماء والطاهر بما يحتضن جواره في ثراه من عطر الشهداء ومسك الشهداء وأريج التضحية والشهداء... نحن نحي الذكرى في هذه القاعة من هذا الصرح التي تحمل اسم شهيد كبير من شهداء الوطن الذي لولا شهادته وانجازاته لما كنا مجتمعين معاً في هذه الصورة الوطنية الجامعة ولما كان الكثير غيرنا في الوطن يجتمع كما يجتمع ويتحدث كما يتحدث ويتصرف كما يتصرف... رحم الله الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي بنى وأعطى وضحى والذي أقول له اليوم من على هذا المنبر ما كنت أقوله دائماً لصاحب الذكرى منذ الرحيل وما أزال وهو خير الكلام، كلام الله عز وجل عندما قال جل جلاله: بسم الله الرحمن الرحيم {ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون * إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار} صدق الله العظيم. ومن هنا نبدأ... أيها الحفل الكريم في مثل هذا اليوم قبل إحدى وعشرين عاماً اغتالت يد الحقد والإجرام مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد، رحمه الله، فسقط شهيداً من أجل لبنان الوطن ولبنان الحرية والكرامة والعيش المشترك ومعه كوكبة من الشهداء من المرافقين والمواطنين الأبرار... في ذلك اليوم تمكّن وحش الاغتيال السياسي والإجرام السياسي من النيل من رمز من رموز الوحدة والسيادة والاعتدال فسقط الجسد في آتون حقدهم وبقيت الروح شامخة شموخ الأرز الصامد في هذا الوطن ومع الروح بقي كل شيء صامداً وشامخاً بدءً من الكلمات والمواقف والآراء، وصولاً إلى أبهى صور الجرأة والجهاد، وصور التشبَث بالحق والدفاع عن الحق وقول الحق وتبيانه وتظهيره، ودون أن ننسى بالطبع الأفعال المضيئة والانجازات كل الأفعال المضيئة والانجازات... ذلك اليوم الذي حمل تاريخ السادس عشر من شهر أيار من العام 1989 هو يوم لن ننساه، وكيف ننساه؟... هل ننسى الشيخ حسن خالد؟... هل ننسى الشيخ الجليل الذي دافع عن الوطن في أحلك ظروف الوطن؟... هل ننسى الرجل الرجل الذي دافع عن الناس يوم كانت الناس تفتش عن من يدافع عن الناس ويواسي الناس ويبدد مخاوفهم وهمومهم... الإخوة الأعزاء في مثل هذا اليوم من كل عام وعلى مدى كل هذه الأعوام التي مضت منذ الاغتيال، كنا نقف بينكم ومعكم لنستذكر الشيخ حسن خالد، ونستذكر عطاءات الشيخ حسن خالد وتضحيات الشيخ حسن خالد... كنا نقف بينكم ومعكم لنسأل عن العدالة الغائبة في قضية الشيخ حسن خالد... كنا نقف لنسأل عن عنوان المجرم الذي اغتال وعن عنوان المجرم الذي خطط وعنوان المجرم الذي تواطىء وتآمر ونفذ وأمر وغدر... كنا نقف لنسأل عن مكان كل هؤلاء وعن هوية كل هؤلاء... كنا نقف ونسأل وكان الجواب يبقى دائماً واحداً ثابتاً في وجهنا، جامداً في وجهنا، قاسياً في وجهنا ولا يتغير رغم تغير الظروف أكثر من مرة وتغير الأعوام أكثر من مرة وتغير الأوضاع والأشخاص أكثر من مرة... كان الجواب معيباً دائماً، مخيفاً دائماً، ومريباً دائماً وهو الصمت... فهل يعقل أن يبقى الصمت جواباً ثابتاً ووحيداً حاضراً دائماً للرد على هكذا نوع من التساؤلات؟... هل يعقل أن يبقى الصمت جواباً وحيداً وثابتاً ودائماً لا يتغير رغم تغير الأعوام وتغير الظروف والأوضاع والأشخاص؟... أيها الأخوة الأعزاء في ذكرى المفتي الشهيد نقف بينكم ومعكم لنتحدث عن العدالة وعن الشهداء، وفي ذات الوقت يجب أن نتحدث عن بعض ما يحدث في هذا الوطن... نتحدث عن هذا الجمود المؤلم الحاصل في الأوضاع السياسية الذي لا نراه يتحرك على نحو ايجابي إلا نادراً أو في حالات الاستثناء... نتحدث هذا النوع من الانقسام السياسي الذي ما زال يقض مواجع الوطن واللبنانيين... نتحدث عن هذا الشلل في مواجهة الأوضاع الاقتصادية ومواجهة الأوضاع المالية والأوضاع الاجتماعية والمعيشية ومتطلبات المجتمع والمواطنين... نتحدث عن العراقيل التي تعيق الموازنات حيناً، وتعيق التعيينات حيناً، وتربك عمل المواطن والدولة والمؤسسات في كثير من الأحيان... نتحدث عن كل هذا ونقول بأن وطننا لا يجب أن يستمر على هذا النحو الذي هو سائر فيه منذ زمن وما يزال... نتحدث عن كل هذا ونقول بأن الأوان قد آن، لكي نختار كلبنانيين ما بين البناء الدائم أو الانتحار الدائم... آن الأوان لكي نختار ما بين الويلات الدائمة أو الطمأنينة الدائمة، وما بين الاستقرار الدائم أو الاهتزاز الدائم... لقد آن الأوان الذي يحتم علينا ودون إبطاء، أن نضع مصلحة وطننا دائماً فوق أي اعتبار، ومصلحة دولتنا فوق أي اعتبار، ومصلحة مجتمعنا والمواطن في مجتمعنا فوق أي اعتبار... نحن نعلم جيداً أننا لسنا في جزيرة معزولة عن الخارج كما يقال، ونعلم جيداً أيضاً أننا لا يمكن أن نعزل أنفسنا عن ما يجري حولنا في المناطق القريبة والبعيدة في هذا العالم، إلا أن هذا المنطق ليس مقتصراً علينا وحدنا، فكل الدول في العالم كما كل الشعوب تأخذ في اعتبارها هكذا نوع من الأمور هكذا نوع من التحديات ولكنها في الوقت ذاته لا تتوقف مكانها أبداً، بل هي تبقى مستمرة وتبقى تتقدم وتبني وتتطور ولا تدور حول نفسها أبداً، هي لا تتجمد مكانها أبداً تحت ذريعة هكذا نوع من التحديات.. هي لا ترمي ذاتها في التهلكة وتسأل عن الحلول... هذه الدول وهذه الشعوب تأخذ حتماً هكذا نوع من الأمور والتحديات في اعتباراتها وفي حساباتها ولكنها تفعل دائماً ما هو أفضل لحاضرها وأفضل لمستقبلها ومستقبل أجيالها ودون إبطاء... نسأل العلي القدير أيها الإخوة الكرام أن نكون كلبنانيين قد تعلمنا من تجارب الماضي القريب والبعيد وأن نكون قد تعلمنا أن للدولة حقوقاً يجب أن تحترم، وأن للوطن حقوقاً يجب أن لا تهدر، وأن في الوطن حقوقاً يجب أن تحمى وتصان... نسأله أن لا تتكرر التجارب المريرة في بلادنا من جديد، وأن نكون قد بلغنا إحدى مراحل الوعي والتفاهم الوطني، التي يكون فيها الجميع موحدون حول الثوابت والأهداف ومقتنعون تمام الاقتناع وبلا تحفظ، بأن ما من أحد قادر على إلغاء احد، أو قادر على تجاهل أحد أو عزل أحد... نسأله تعالى أن يكون الجميع واعون ومدركون ومقتنعون تمام الاقتناع، بأن ما من أحد قادر على بناء صورة الوطن كما يشتهي ويريد بمعزل عن إرادة الآخرين وآرائهم، أو أن يأخذ الوطن إلى حيث يشتهي ويريد بمعزل عن رأي الآخرين وإرادتهم، ونعني بالآخرين هنا، الشركاء في الوطن ولا أحد غير الشركاء... الأخوة الأعزاء اشكر لكم تكرمكم بالحضور وتكرمكم بالمشاركة وتكرمكم بمنحنا كل هذا النوع المميز من المشاعر الطيبة والعواطف الإنسانية الخلاّقة التي تنم عن ما تكتنزه النفس لديكم من سمو رائع في المسؤولية وسمو بالغ في الوفاء ووطنية ليس لها حدود.. اشكر سماحة المفتي الشيخ د. محمد رشيد قباني ودار الفتوى في الجمهورية اللبنانية على تنظيمهم لهذا الحفل الوطني وعلى وفائهم الذي هو حتماً ليس غريباً عنهما وليس جديداً في تاريخهما ونقدره أجمل تقدير وأسمى تقدير... نشكر سماحة المفتي ونأمل أن تبقى هذه الدار وهذا المقام وكما هو وهي اليوم وكما هي سائر المرجعيات الروحية في لبنان من صلات الوصل الوطنية الرائعة وصلات الوصل الإنسانية والعربية والإيمانية التي نحتاجها دائماً في كل ظروفنا وكل أوقاتنا من أجل العبور دائماً نحو حياة أفضل وحاضر أفضل... هذه الدار وهذا المقام اللذين يجب أن يلقيا دائماً كما سائر المرجعيات الروحية في لبنان كل تقدير اللبنانيين وكل احترامهم وعنايتهم... الأخوة الأعزاء في ذكرى المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد نحييكم جميعاً تحية الوطن الذي استشهد من اجله الشيخ حسن خالد وتحية الوطن الذي يقدر الشهداء ولا ينسى الشهداء... في هذه الذكرى نعاهدكم أيها الأخوة الكرام بأننا سنبقى دائماً على العهد... سنبقى دائماً أوفياء لمسيرة الشيخ حسن خالد وأمناء عليها... نعاهدكم بأننا سنبقى معكم وبينكم فوطننا يستحق منا الكثير... نحييكم ونسأل العلي القدير أن يحفظكم ويرعاكم وفي ختام كلمتي باقة شكر وامتنان أقدمها لكم جميعاً متمنياً لكم دوام الصحة ودوام الطمأنينة والعطاء... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته كلمة المونسنيور جوزف مرهج في الذكرى الواحدة والعشرين لاستشهاد سماحة المفتي حسن خالد باسم صاحب الغبطة الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير الكلّي الطوبي
أولاني صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير بطريرك انطاكيا وسائر المشرق الكلي الطوبي، شرف تمثيله والقاء كلمة باسمه في هذه المناسبة الدينية والوطنية، الذكرى الواحدة والعشرون لاستشهاد سماحة المفتي حسن خالد، رحمات الله على نفسه في دار الخلود، فلكم من نيافته التحية والدعاء ومني الالتزام والوفاء. لن استرسل في الكلام عن الشهيد ومزاياه وقد تناولها القادرون والعارفون اكثر مني ولكني تسامحت لنفسي بأن اغتنم هذه المناسبة الوطنية بامتياز محاولاً اخذ العبر، من الشخص وما يرمز اليه، ومن المناسبة وما تعنيه، عائداً الى التاريخ والجذور مروراً بالحاضر الذي نعيشه واستشرافاً للمستقبل الذي نرنو اليه. تستحضرني اليوم، ومن على هذا المنبر، في هذه المناسبة وفي قاعة الشهيد الرئيس رفيق الحريري، وفي هذا المسجد الكريم وما يمثل وبما يرمز، في قلب العاصمة بيروت، أم الشرائع وملتقى الحضارات وما من حضارات في العالم لولا الاديان، تستحضرني قافلة الشهداء، وفي صورة واحدة، منذ فجر الاستقلال الاول والثاني وما قبل وما بعد وحتى اليوم. كلهم استشهدوا باسم لبنان ومن اجل لبنان المسيحي بكل اطيافه والمسلم بكل اطيافه. دماؤهم جميعاً صبت كلها في قدر واحد، في لبنان، وامتزجت كلها في قدر لبنان وتستصرخنا كلها من قدر لبنان الواحد، الا ايها اللبنانيون اتعظوا واستفيقوا وتعاضدوا وتوحدوا، انبذوا عنكم الانقسامات والتباينات والاحقاد والخصومات، عودوا الى الجذور والاصول واستشرفوا المستقبل المشرق الواعد فهو بمتناول ايديكم فلا تضيعوا الوقت ولا الفرصة وانتم لهذا لفاعلون لانكم جميعاً أبناء تراب هذا الوطن المقدس لبنان واليه سترجعون. وربّ سائل اي لبنان فأجيب: لبنان الذي قال عنه خادم الحرمين الشريفين الملك سعود الفيصل مؤسس المملكة العربية السعودية: "لو لم يكن لبنان لكان على العرب أن يوجدوه". لبنان الذي قال عنه الطائف: "لا قيمة للعدد في لبنان بعد اليوم، العدد في خدمة التنوع والاحترام المتبادل والعيش المشترك ولبنان الرسالة"، لبنان الذي قال فيه قداسة الحبر الاعظم الراحل البابا يوحنا بولس الثاني: "لبنان أكثر من بلد، هو رسالة له ولمحيطه وللعالم". لبنان الذي اوصى به في وصاياه العشر سماحة الامام مهدي شمس الدين رحمات الله عليه. لبنان الوحدة في التنوع، ولبنان التنوع المبنى على احترام الاخر كما هو وليس كما يجب عليّ ان افرض على الاخر كي يكون، وهذه هي الحرية الحقة وهذا هو لبنان. إلا فلنطهّر قلوبنا من الأحقاد وضمائرنا من الأفكار المسبقة والخبيثة ولغتنا من المفردات والجمل المموهة والملتبسة في آن... إلا توافقوني الرأي بأنه قد اختلط الحابل بالنابل في المفاهيم والقيم والمصطلحات في أيامنا؟؟ فلا الوفاق يعني ما يعنيه ولا الديمقراطية تعني ما تعنيه ولا حتى الطائفية تعني ما تعنيه. إلا فلنحدد المفاهيم والقيم والمصطلحات ليستقيم الحوار فيما بيننا ونبني الحوار ولبنان النموذج في العيش المشترك لا التعايش، لبنان الرسالة له ولمحيطه والعالم. فنعطي هكذا لدولة الرئيس الشاب والطموح والواعد السلاح الأمضى في وجه كل الطامعين والتربّصين شراً لهذا اللبنان ولهذا الشرق العربي الأصيل، ليعود فيقول مدوياً ما قاله فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وفي الجمعية العمومية للأمم المتحدة وغيرها من المنابر الدولية من أعلى منبر أممي قدّر له أن يترأسه: لبنان كان وسيبقى نموذج العيش المشترك الواحد في التنوع لأنه هكذا وُجد وهكذا هو وهكذا سيبقى ويتطور رسالة الابداع في الرقيّ والتطور، مختبراً نموذجياً لتفاعل الديانات والثقافات والحضارات على اسس القيم والأخلاق في عالم كاد يضيع في عالم الأرقام والقوة الغاشمة. كلمة ممثل غبطة البطريرك غريغوريس الثالث لحام بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك الأب الدكتور ميشال سبع في ذكرى غياب مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد
غريغوريوس الثالث لحام بطريرك كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك لانطاكية واورشليم وسائر المشرق والإسكندرية يهديكم السلام والتحية وينقل لكم فخره واعتزازه برمز كبير من رموز الاستشهاد في سبيل كلمة الحق وإعلانها إلا وهو الراحل الكبير مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد. رجل الدين هو رجل الحق والحقيقة، وفي كل مرة يحجم الآخرون عن قول الحقيقة يتقدم رجل الدين للشهادة، وان لم يفعل يكون كمن يبيع بضاعة لا يؤمن بها. كان يمكن للمفتي الشهيد أن يذهب الى فرنسا ليعيش في بحبوحة وبذخ بحسب النصيحة وكان يمكن ان يساير ويداهن وكان يمكن لبلاغته الكلامية ان يقول تورية تتضمن قوله دون ايضاح لكنه ابى، كانت العمامة البيضاء على رأسه كفناً ناصعاً طالما حمله امام مرأى الجميع شاهداً للشهادتين والثالثة فداء أمته. تعزّ الشهادة على ارض الوطن وترخص اذا كان الاغتيال بيد عدو ظاهر لكن ان يكون الاغتيال على ارض الوطن دون عدو ظاهر فهذا اصعب الصعاب واكثر الوجع إيلاماً، واذا اعتقد البعض ان الزمن كفيل بالنسيان فهذا صحيح اذا كان المغدور له اسباب تبيح اغتياله او ان رحيله هو كفى شره لكن عندما يكون المغدور شهيداً كل الاسباب تدعو لبقائه وضرورة وجوده، عندها لا يرحل هو بل يرحل الزمن ويتثبت هو على جبين الامة. نحن ندرك معنى الشهادة لقول كلمة حق، مطران حيفا غريغوريوس حجار اغتاله البريطانيون لأنه كان يقول كلمة حق من أجل الحق الفلسطيني ولم يتجاوز الثلاثين من عمره، وامضى المطران ايلاريون كبوجي قسماً كبيراً من عمره مضطهداً ومنفياً لأنه كان وما زال اللسان الحي لقول الحق في القضية الفلسطينية، لكن ما يعزينا ان المجرمين هم الصهاينة لكن ليتنا نستطيع ان نقول ان من اغتال مفتينا حسن خالد هو من الصهاينة لتعزينا لكننا نعيش الشك القاتل والشك اقوى من الموت ايلاماً. عرفناه صاحب بسمة لا صاحب عبسة، صديق التلاقي لا عراّب تفرقة، جمع أهل بيروت وأدرك أن حياة الأمة والجماعة اكبر من الاغتيالات والموت، لذا عندما اغتيل الرئيس الشهيد رشيد كرامي ادرك بحسه الوطني الكبير ان البلد اذا ظل فارغاً من الرئاسة السنية فلسوف يكون مشروع فتنة كان مجروحاً ومكلوماً باغتيال رئيس لكنه مسؤول من بيت جماعة وتوازن وطن فأخذ المسؤولية، كان كبيراً في وجعه، وكبيراً في تجاوز هذا الوجع، ولربما وبعد هذه السنوات ادرك من لم يدرك آنذاك أن ما فعله المفتي الشهيد كان ضرورة صائبة. لقد كانت الحرب في لبنان حرب تفرقة بين اللبنانيين فراح بقلبه يجمع الشتات ما تكلم يوماً بنفس طائفي الا وكانت الطائفة عروة لزر وطن كان رحمه الله يشكل مع الراحل الكبير الشيخ مهدي شمس الدين هلالاً كبيراً يزين سماء لبنان وكم كانت الدمعة حراقة في عيني الشيخ مهدي وهو يودّع مفتينا الشهيد. كبار قد رحلوا من رجالات الله، يد الشر لا ترتاح الا بغيابهم لكنها لو تدرك ان غيابهم يولّد حضورهم من جديد لهابوا نبع الماء ان اغلقت منبعه انفجر في مكان آخر، لا يحتبس الماء في صخرة فهل يحتبس صوت الحق في حنجرة. وإن صمت هو فهل تصمت الأربعة عشرة مؤلفاً ومئات العظات المدونة والمسجلة حيث ما زالت تشكل نبراساً لمن اراد الهدى. الراحل مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد، انت لست شهيد المسلمين السنة في لبنان، انت شهيد المسيحية ايضاً ونحن نفخر ونعتز اننا قد مررنا بزمن كنت فيه شامخاً وما زلت حياً بضمير كل قائل حق وستبقى رمزاً ومثالاً لكل رجل دين في لبنان. فليكن ذكرك مؤبداً آمين كلمة الوكيل البطريركي الأسقف غطاس هزيم بإسم الإله الواحد الأب والابن والروح القدس آمين الله معكم، بداية أنقل اليكم تحية صاحب الغبطة البطريرك أغناطيوس الرابع بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس وأدعيته للشهيد سماحة المفتي الشيخ حسن خالد طيب الله ثراه وتغمده في فسيح جنانه. نجتمع اليوم في ذكرى مؤلمة على رجاء أن يولّد الألم القيامة التي كان يرجوها الشهيد سماحة المفتي حسن خالد الذي استشهد من أجل حبه للبنان، لبنان الإنسان، لبنان الحوار، لبنان اللقاء، لبنان العيش. يا أحباء، الخلق هو خلق حواري. حواري بين الخالق والمخلوق من جهة وبين المخلوق وأخيه من جهة ثانية. ونحن نقول إن الإنسان بخطيئته أحدث جفاء بالطبيعة بين إنسانية في زلل وبين الإله الواحد المنزه عن الخطيئة. وهذا الجفاء الحاصل لا يمكن تجنبه إلا إذا عاد المخلوق إلى خالقه واصطلحت صورة الله بالله ذاته وبتوبة الإنسان، وأين نحن من التوبة الحقيقية الكاملة. في اللقاء يتعرف كل واحد منا على فرادة أخيه. فطريق الحقيقة هو القلب أولاً ثم العقل، لأن الله محبة، وبدون المحبة العقل وحده قاصر في اكتناه سر الوجود. هنا يجدر بنا أن نميز بين أي شخص وقدسيته من ناحية، وأفكاره ومعتقداته من ناحية ثانية. وعلى قول غبطة البطريرك أغناطيوس الرابع: "إنه في الحقيقة "لا اكراه في الدين" وهنا أضيف بالحقيقة لا اكراه بسبب الدين ولا استعداء بسبب الميول او الافكار او المعتقدات. "فالناس كلهم عيال الله". نعم كلهم دون استثناء وبقطع النظر عن أي اعتبار آخر مهما علا وسما، ولهم الكرامة ولهم الاحترام". على هذه الأسس والقواعد جلس سماحته مع رجال الدين رؤوساء الطوائف تحضيراً للطائف وقرروا التالي "لبنان واحد، أرض واحدة، مواطن حاصل على حقوقه، ولا هيمنة من مواطن على آخر، ولا من فئة على أخرى". هذه مواقف سماحة المفتي حسن خالد رحمة الله عليه والتي كان بها يلتقي مع غبطة البطريرك أغاطيوس الرابع أطال الله بعمره الذي يذكر سماحته بكل الود والاحترام لما جمعهما من قواسم مشتركة. هذا الموقف الإيماني والمبدئي في العلاقة مع الآخر جعلته يقدم حياته شهادة للحق ومحبة بلبنان. ألا طيب الله ذكراه وفوَّح عطر روحه على الجميع لتكون لهم قدوة ومثالاً. أدامكم الله وجعل ذكره مؤبداً. كلمة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أرسل رسوله محمداً بالهدى ودين الحق، ليُخرج به الناس من الظلمات الى النور، والصلاة والسلام على نبي الرحمة والهدى سيدنا ونبينا محمد، وعلى إخوانه سائر رسل الله وأنبيائه أجمعين. فخامة رئيس الجمهورية، أصحاب الدولة والمعالي، والسيادة والسماحة والفضيلة، أيها السادة: الكلام في ذكرى الشهيد، ليس كالكلام في ذكرى الوفاةِ لأي فقيد، فههنا نتذكر مآثر الفقيد وأعماله، أما في ذكرى الشهيد فنتذكر الغدر والمكر والإفكَ والتشويه الذي قتلَ الشهيد، ولذلك فإن السؤال الذي يقفز الى الاذهان في ذكرى استشهاد مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد رحمه الله، هو: لماذا قتلوه أو اغتالوه؟ وهذا السؤال الصريح الواضح لا يتضمن اتهاماً لأحد، فلسنا نحن بالذين نظن، ولا نحن بالذين نتهم، وانما ذلك هو شأن القضاء لبيان الحقيقة في ذلك، أما نحن فنسأل لماذا اغتالو مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد؟ لنلقي الضوء على الظروف التي احاطت بالمفتي الشهيد يوم ذاك، أو أحاطوه بها قبل اغتياله، نسأل هذا السؤال لان الجريمة تكررت من بعد ذلك في حق غيره، وتتكرر بين وقت وآخر الى اليوم في لبنان، فقد أصبح لبنان ساحة للثأر والانتقام من الرأي الآخر. فالمفتي الشهيد الشيخ حسن خالد رحمه الله، كان يناضل من أجل وحدة لبنان وشعبه، ومن أجل حرية وسيادة واستقلال لبنان وعروبته، بعيداً عن روح الطائفية البغيضة، ومن أجل عودة الدولة ومؤسساتها الدستورية في وجه المليشيات والأحزاب المسلحة، ولكن سيناريو حروب الفتنة في لبنان آنذاك، لم يكن في هذا الاتجاه. مرة أخرى، هل كان اغتياله رحمه الله، لأنه كان حريصاً على وحدة لبنان؟ وشفيقاً على دماء شعبه، وهدم منازله، وتدمير مؤسساته آنذاك؟ أم لأنه كان يريد الدولة واستعادة مؤسساتها بعد أن سقطت؟ هل كان اغتياله لتسعير القتل وحروب الفتنة التي دامت أكثر من خمسة عشر عاماً؟ ام لتفريغ البلد من القيادات كما كانوا يقولون؟ أم لأهداف أخرى كثيرة كما قتلوا الشيخ الدكتور صبح الصالح، والرئيس رشيد كرامي، والشيخ أحمد عساف، وبعد ذلك من جديد الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكثيراً من رجالات البلاد؟ أيها الأخوة، لقد كتب على لبنان خلال العقود الماضية، أن يتغنى بلحن الموت، فزفّ اللبنانيون على أنغامه قافلة كبيرة من رجالات البلاد، ولكم قلنا عند كل استشهاد بأننا خسرنا الوطن، حتى باتت هذه العبارة من كثرة الاغتيالات محطة للكلام، لا نُلقي لمعناها بالاً، نعم لقد خسرنا رجالات وقادة مخلصين، أحببناهم وأحبونا، وأحبوا الوطن وأحبهم، ولكن بأي معنى خسر الوطن؟ - إن كل رمز سقط اغتيالاً على مذبح الوطن، كان رسولاً للمحبة والتآخي... بسقوطه خسر الوطن. - إن كل رمز سقط اغتيالاً على مذبح الوطن، كان باعثاً للقيم الحميدة، والأخلاق الكريمة... بسقوطه خَسِرَ الوطن. - إن كل رمز سقط اغتيالاً على مذبح الوطن، كان حاملاً لراية العلم والتقدم.. بسقوطه خسر الوطن - إن كل رمز سقط اغتيالاً على مذبح الوطن، كان قائداً بنضاله نحو استكمال بناء الدولة.. بسقوطه خسر الوطن - إن كل رمز سقط اغتيالاً على مذبح الوطن، كان منارةً للبنان.. بسقوطه خسر الوطن. - إن كل رمز سقط اغتيالاً على مذبح الوطن، كان بصيص الأمل للبنانيين... بسقوطه خسر الوطن. أولم تدركوا بعد أيها اللبنانيون معي، لمَ سقط الشهداء في وطنكم؟ سقطوا من اجل الوحدة، وها انتم تنقسمون على انفسكم. سقطوا من اجل الكرامة، وها أنتم تهونون على أنفسكم. سقطوا من أجل قوة الوطن، وها انتم تستنزفون أنفسكم. سقطوا من أجل المحبة، وها أنتم تتكارهون أنفسكم. سقطوا من أجل التسامح، وها أنتم تنتقمون من أنفسكم. أقول اليوم لكم: إن قوتكم في تدينكم لا في طائفيتكم، فلا تغرقوا غداً في الطائفية كما فعلتم بالأمس. الدين والطائفية ضدان لا يجتمعان، فعودوا الى قيم دينكم واخلاقكم مع غيركم ومع انفسكم. بالعودة إلى قيم الدين، نعلم أن رحمة الله وسعت كل شيء، ونعلم أيضاً أننا لم نهن، ولن نحزن، ونحن الفائزون بأهلنا ووطننا وإنسانيتنا. نعم يا أبناء هذا الوطن، ويا رجالات البلاد وقادتها، إسعوا لإلغاء الطائفية من النفوس والنصوص، ولكن أولاً، وقبل كل شيء، إسعوا الى ترسيخ الدين وقيمه وأخلاقه في النفوس والنصوص، فإن زوال قيم الدين في تعامل المواطنين مع بعضهم يعني الهلاك والدمار، ولا يظنن أحد أن إلغاء الطائفية في لبنان يعني إلغاء الدين، وكل ما له علاقة بالدين؛ والتردي الأخلاقي اليوم في مجتمعاتنا، ليس بشارة خير للوطن. ليست الانتخابات، ولا المحاصصات الوظيفية هي أم الأخطار في لبنان، إن التردي الأخلاقي في المجتمع هو الخطر الأكبر الذي يتهددنا، فكم من أب وأم يتألمون، يغضون أبصارهم عن أفعال أبنائهم بحجة الإدعاء أن الزمن قد تطور، وكم من ربِ أسرة لا يملك من المسئولية عن أسرته إلا الصفة التي يحملها. إن التربية السليمة والأخلاق الأصيلة أيها الاخوة، هي أركان بناء الدولة القوية في كل أمة: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا والتردي الأخلاقي الذي وصلت اليه مجتمعاتنا اليوم في أكثر من مجال، ليس وليد صدفة كما يصوره البعض، بل هو مخطط محكم لضرب عناصر قوتنا ووحدتنا، لكي نكون هدفاً سهلاً لأعدائنا، ولقمة سائغة للطامعين فينا. ولذلك ما كانت تصفية رجالاتنا ورموزنا إلا خطوة نحو تنفيذ هذا الهدف في لعبة الامم. ولذلك أوصيكم أيها اللبنانيون، ان تحرصوا على ألا يكون لبنان، آخر شهداء لبنانكم، مرة ثانية أوصيكم وأشدد على هذه الوصية: أن تحرصوا على ألا يكون لبنان آخر شهداء لبنانكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كلمة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان رحمك الله أيها الراحل رحلة عنا ونحن في أشد الاهتمام اليك والرجوع بعقلك وبمعرفتك وبخبرتك عرفتك عندما كنت قاضياً وجمعني وإياك ذكرى الإمام علي في برج البراجنة عندما كنت في الطريق الجديدة وعشت معنا فترة زمنية جيدة اجتمعنا معاً في عرمون مع الامام موسى الصدر التي غيبته يد الفتنة فما غيبك يد الشر. كنت معك في دار الفتوى والمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى في الحازمية كنا نتقاسم معاً هموم لبنان، تذكرت عندما كنا معاً ونزلنا بالطائرة العسكرية في الحمام العسكري يومها قلت للرشيد الرئيس كرامي أنصحك بأن لا تركب في هذه الطائرة لانك ستموت فيها، فقلت له نحن لا نبالغ ولكن اتق شر من أحسنت اليه جمعتنا الصدف معك والوقائع والاحداث أحببناك وكنا ندافع عن الوحدة الوطنية في لبنان والعيش المشترك والاغتيالات في لبنان سببها صفة أهل الشر والحقد والحسد لذلك نحن نعيش هموم الوطن والعرب والمسلمين تمر علينا النكبة الفلسطينية وهي جرح لا يزال ينزف، والعرب والأنظمة تطلع الى فلسطين واسرائيل تجعلها دولة اسرائيلية وصهيونية، من هنا من قاعة الرئيس الشهيد رفيق الحريري نسأل العرب أين أنتم؟ أين النخوة والشجاعة والحرية؟ فلسطين تعيش النكبة من جديد والوجع والحزن والتشريد والقتل، نطالب العرب والأنظمة العربية وكل الأنظمة الاسلامية ان يهبوا لنصرة فلسطين وحماية القدس الشريف من غزو اسرائيل، وما يجري في العراق والذي يعيش النكبة والتفجيرات والناس تطلع الى العراق بكره نطالب الجميع ان يحمي العراق وشعبه والأمة العربية. وختم بالقول: في ذكراك ايها المفتي الشهيد وذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري وتغييب الإمام الصدر والقادة الشرفاء السعداء علينا ان نتواصل ونتوافق ونترك العصبية جانباً هذا اسلامنا لا عصبية ولا قبلية ولا عشائرية كلنا اخوة. رحمك الله كنت معنا ولا تزال احببناك وكرهنا من اغتالك صاحب النفس الضعيفة. كلمة الأستاذ سعد الحريري ممثلاً بالنائب محمد قباني
أتت به الى سدة الافتاء عام 1966 ثورة ديمقراطية بيضاء، قام بها نخبة من الشباب الناشط في الحقل العام، واستشهد في عملية اغتيال دموية عام 1989. وهو بين التاريخيين المفتي الاستثنائي، بل المفتي الأكبر كما لقب. طور دار الفتوى التي كانت عند استلامه المسؤولية تضم المفتي وقلة من الموظفين لا يتجاوز عددهم اصابع اليد. بحيث أصبحت تضم مجلساً شرعياً ومديرية عامة للاوقاف ومجلساً استشارياً وهيئة اغاثة وإعمار وصندوق الزكاة. كما عزز الكلية الشرعية التي أطلق عليها اسم "أزهر لبنان" وإنشأ كلية الدعوة الاسلامية ومجلة الفكر الاسلامي، ومركز دار الفتوى الطبي والمركز الاسلامي في عكار اضافة الى بناء وتشييد وترميم المساجد على مستوى لبنان وجعل من مؤسسة دار الفتوى أما لمؤسسات عديدة تتسابق في خدمة الاسلام والمسلمين. هو محور الوحدة الاسلامية تكرسها لقاءات قادة المسلمين بمذاهبهم الثلاث – يجمع فيها القيادات السياسية والمراجع الدينية في دار الفتوى في آن. وهو جامع القيادات السياسية الوطنية والاسلامية في قمم عرمون أعوام 1975 – 1977 ويجمع معهم عند الضرورة القيادات العربية الاساسية وذات الدور الفاعل في الاحداث السياسية اللبنانية. هو المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد الذي كان بشخصه ودار عمله في عائشة بكار ودار سكنه في عرمون موقع التواصل والحوار بين الجميع متوافقين ومختلفين، مسلمين ومسيحيين، لبنانيين وفلسطينيين وسوريين، وسائر العرب. ترأس اللقاء الاسلامي في الثمانيات الذي كان يجمع دورياً رؤساء الحكومات والوزراء والنواب المسلمين. هو الموقف الذي رأى في الاصلاح السياسي الحقيقي ضماناً لاستمرار الاستقرار ولخص المبادئ العامة للاصلاح بأمرين أساسيين: أولاً: المساواة بين المسلمين والمسيحيين مساواة تامة في الحقوق كما في الواجبات بعيداً عن أي تمييز طائفي. ثانياً: عروبة لبنان بشكل يتجلى في جميع المجالات التربوية والاجتماعية والاقتصادية والالتزام العربي العام. رحم الله المفتي الشهيد، ولتكن ذكراه مناسبة لتأكيد ما آمن به وجسده واستشهد من أجله. لبنان الواحد – لبنان الاعتدال – لبنان الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية – لبنان العربي الهوية والانتماء. عشتم وعاش لبنان.
|