دار الفتوى تحيي الذكرى الـ 21 لاستشهاد المفتي حسن خالد في مسجد محمد الأمين قباني: ناضل لوحدة لبنان واستقلاله بعيداً من روح الطائفية البغيضة المستقبل - الاثنين 17 أيار 2010 - العدد 3654 - شؤون لبنانية - صفحة 2 أكد مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني أن المفتي الشهيد حسن خالد "كان يناضل من أجل وحدة لبنان وشعبه، ومن أجل حرية لبنان وسيادته واستقلاله وعروبته، بعيداً عن روح الطائفية البغيضة، ومن أجل عودة الدولة ومؤسساتها الدستورية في وجه الميليشيات والأحزاب المسلحة". وسأل "لماذا قتلوا الشهيد المفتي حسن خالد واغتالوه؟"، مشيراً الى أن "هذا السؤال الواضح لا يتضمن اتهاماً لأحد، فليس نحن بالذين نظن، ولا نحن بالذين نتهم، وإنما ذلك هو شأن القضاء لتبيان الحقيقة في ذلك". ولفت إلى أن "الجريمة تكررت بعد ذلك في حق غيره وتتكرر إلى اليوم في لبنان". وأكد ممثل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري النائب محمد قباني، أن "المفتي الراحل كان رجل الإعتدال والحوار مع كل المسؤولين والمرجعيات الدينية الأخرى في لبنان، وكان رجل المواقف الحاسمة في اللحظات التاريخية، كما كان يتمسك بموقع لبنان الحضاري". وأشاد عدد من رجال الطوائف الدينية في لبنان بمواقف الشهيد خالد الوطنية، وبمسيرته التي ارتكزت على أسس ومبادئ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، معتبرين أنه ليس شهيد الطائفة السنيّة فحسب وإنما شهيد كل لبنان. أحيت دار الفتوى الذكرى الحادية والعشرين لاستشهاد المفتي الشيخ حسن خالد بدعوة من المفتي قباني في قاعة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في مسجد محمد الأمين في وسط بيروت، في حضور ممثل رئيس الجمهورية العماد سليمان الوزير عدنان القصار، ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري النائب عماد الحوت، ممثل الرئيس الحريري النائب قباني، ممثل البطريرك الماروني الكاردينال نصر الله بطرس صفير المونسنيور جوزف مرهج، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروزز الشيخ نعيم حسن، ممثل رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون النائب حكمت ديب، ممثل رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع النائب انطوان زهرا، النواب: زياد القادري، عمار حوري، نهاد المشنوق أمين وهبي وقاسم عبد العزيز، رئيس مجلس الخدمة المدنية الوزير السابق خالد قباني، الأمين العام لـ"الجماعة الإسلامية" ابراهيم المصري، مطران بيروت للسريان دانيال كورية، مفتي المحافظات اللبنانية، سفراء بعض الدول العربية والإسلامية، ممثلين عن قائد الجيش والمدير العام لقوى الأمن الداخلي والمدير العام للأمن العام والمدير العام لأمن الدولة، المدير العام لـ"بيت التمويل العربي" فؤاد مطرجي، رئيس صندوق الزكاة عدنان الدبس، ممثل رئيس المحكمة الشرعية السنية القاضي الشيخ أحمد درويش الكردي المدير العام للأوقاف الإسلامية الشيخ محمد جويدي وأعضاء من المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى ومن مجلس بلدية بيروت ومن جمعية "المقاصد" وشخصيات وعلماء وذوي الشهيد. استهل الحفل بتلاوة من القرآن الكريم والنشيد الوطني، ثم ألقى عريف الاحتفال المدير العام للعلاقات العامة والإعلام في دار الفتوى الشيخ خلدون عريمط كلمة عن مزايا المفتي الشهيد. خالد وألقى سعد الدين خالد كلمة مؤسسات المفتي الشهيد، فقال: "ان يستضيف مكان ما حفلا ما هو امر لا يتوقف المرء عنده كثيرا عادة، غير ان المسألة تختلف حتما عندما يكون العنوان مختلفا والمكان مختلفا. فنحن نحيي الذكرى السنوية الحادية والعشرين لاستشهاد المفتي الشيخ حسن خالد رحمه الله في هذا القسم من هذا المكان الطاهر بالايمان، والطاهر بالاسماء، والطاهر بما يحتضن جواره في ترابه من عطر الشهداء ومسك الشهداء واريج التضحية والشهداء. نحن نحيي الذكرى في هذه القاعة من هذا الصرح التي تحمل اسم شهيد كبير من شهداء الوطن الذي لولا شهادته وانجازاته لما كنا مجتمعين معا في هذه الصورة الوطنية الجامعة، ولما كان الكثير غيرنا في الوطن يجتمع كما يجتمع ويتحدث كما يتحدث ويتصرف كما يتصرف. رحم الله الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي بنى واعطى وضحى، والذي اقول له اليوم من على هذا المنبر ما كنت اقوله دائما لصاحب الذكرى منذ الرحيل وما أزال وهو خير الكلام كلام الله عز وجل عندما قال جل جلاله: بسم الله الرحمن الرحيم ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون انما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار صدق الله العظيم". أضاف: "في مثل هذا اليوم قبل احد وعشرين عاما اغتالت يد الحقد والاجرام مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد رحمه الله فسقط شهيدا من اجل الوطن ولبنان الحرية والكرامة والعيش المشترك ومعه كوكبة من الشهداء من المرافقين والمواطنين الابرار. في ذلك اليوم تمكن وحش الاغتيال السياسي والاجرام السياسي من النيل من رمز من رموز الوحدة والسيادة والاعتدال فسقط الجسد في اتون حقدهم وبقيت الروح شامخة شموخ الارز الصامد في هذا الوطن، ومع الروح بقي كل شيء صامدا وشامخا بدءاً من الكلمات والمواقف والآراء وصولا الى ابهى صور الجرأة والجهاد وصور التشبث بالحق والدفاع عن الحق وقول الحق وتبيانه وتطهيره، ومن دون ان ننسى بالطبع كل الافعال المضيئة والانجازات". وتابع: "ذلك اليوم الذي حمل تاريخ السادس عشر من شهر ايار من العام 1989 هو يوم لن ننساه وكيف ننساه؟ هل ننسى الشيخ حسن خالد؟ هل ننسى الشيخ الجليل الذي دافع عن الوطن في أحلك ظروف الوطن؟ هل ننسى الرجل الذي دافع عن الناس يوم كانت الناس تفتش عمن يدافع عنها ويواسيها ويبدد مخاوفها وهمومها؟". ولفت إلى "الجمود المؤلم الحاصل في الأوضاع السياسية، والانقسام السياسي، والشلل في مواجهة الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية (...)، وعراقيل الموازنات والتعيينات، التي تربك عمل المواطن والدولة والمؤسسات". واعتبر أنه يجب "أن نكون كلبنانيين قد تعلمنا من تجارب الماضي"، مشدداً على ان "للدولة حقوقا يجب ألا تهدر". وقال: "اقتنعنا بأن ما من احد قادر على بناء صورة الوطن كما يشتهي بمعزل عن رأي الشركاء في الوطن". سبع ثم تحدث ممثل بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك لانطاكية واورشليم وسائر المشرق والاسكندرية غريغوريوس الثالث لحام، الاب ميشال سبع قائلا: "عرفناه صديق التلاقي، جمع أهل بيروت وأدرك أن حياة الأمة والجماعة أكبر من الاغتيالات والموت، لذا عندما اغتيل الرئيس الشهيد رشيد كرامي أدرك بحسه الوطني أن البلد إذا ظل فارغا من الرئاسة السنية فلسوف يكون مشروع فتنة. كان مجروحا باغتيال رئيس، لكنه من بيت جماعة وتوازن وطن فأخذ المسؤولية، وبعد هذه السنوات أدرك من لم يدرك أن ما فعله المفتي الشهيد كان ضرورة صائبة". أضاف: "رأى أن الحرب في لبنان كانت حرب تفرقة، فراح بقلبه يجمع الشتات. ما تكلم يوما بنفَس طائفي إلا وكانت الطائفة عروة لزرّ وطن، فكان يشكل مع الراحل الكبير الشيخ مهدي شمس الدين هلالا يزين سماء لبنان". واعتبر أن الراحل "ليس شهيد المسلمين السنّة في لبنان، بل شهيد المسيحية، ونحن نفخر أننا مررنا بزمن كنتَ فيه شامخا وما زلتَ حيّاً في ضمير كل قائل حق". حسن وألقى الشيخ نعيم حسن كلمة أكد فيها أن "دعوتنا لوحدة المسلمين ما هي إلا دعوة لوحدة اللبنانيين"، قائلا: "نستذكره داعياً للوحدة الوطنية ونموذجاً للحوار الإسلامي ـ المسيحي، وكان في الدعوة إلى الحوار أساساً راسخاً، فنبذ التقاتل لتحقيق المصلحة الوطنية". وطالب بـ "جهد كبير من المجتمع المدني ومن الدولة والمؤسسات لبناء ذاكرة استغفارية للبنانيين، قائمة على السلام والمصالحة، لأخذ العبر والتغيير المستقبلي المنير، الذي يحصن الأجيال بالمعرفة ويبعدهم عن الظلم والحقد". وتوجه إلى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان ومفتي الجمهورية بالقول: "كنا وسنبقى معكم شركاء من أجل وحدة المسلمين ومع الصرح البطريركي لوحدة اللبنانيين في إزالة الحساسيات والنعرات التي تفرّق، وتكريس المبادئ التي توحّد". هزيم ونقل الوكيل البطريركي الاسقف غطاس هزيم تحية بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس اغناطيوس الرابع هزيم وادعيته للشهيد. واشار إلى ضرورة التمييز "بين أي شخص وقدسيته من ناحية، وأفكاره ومعتقداته من ناحية ثانية"، معتبرا أنه "لا كره بسبب الدين ولا استعداء بسبب الميول أو الأفكار أو المعتقدات". وأكد أن الشهيد "على هذه الأسس والقواعد جلس مع رجال الدين رؤساء الطوائف تحضيرا للطائف (لبنان واحد، أرض واحدة، مواطن حاصل على حقوقه، ولا هيمنة من المواطن على الآخر، ولا فئة على أخرى)، هذه مواقف سماحة المفتي التي كان بها يلتقي مع غبطة البطريرك أغناطيوس الرابع لما جمعهما من قواسم مشتركة". قبلان وتوجه الشيخ قبلان الى المفتي الشهيد بالقول: "تذكرت عندما كنا معا ونزلنا بالطائرة العسكرية في الحمام العسكري، يومها قلت للرشيد الرئيس كرامي بألا تركب في هذه الطائرة لأنك ستموت فيها، وقلت له نحن لا نبالغ ولكن إتق شرّ من أحسنت إليه". واعتبر أن "الاغتيالات في لبنان سببها صفة أهل الشر والحقد والحسد، لذلك نحن نعيش هموم الوطن والعرب والمسلمين". وطالب العرب والانظمة العربية وكل الانظمة الإسلامية بأن "يهبوا لنصرة فلسطين وحماية القدس الشريف من غزو اسرائيل، وحماية العراق الذي يعيش النكبة والتفجيرات والناس تنظر إليه بكره". وختم: "في ذكراك أيها المفتي الشهيد وذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري وتغييب الامام موسى الصدر والقادة الشرفاء، علينا ان نتواصل ونتوافق ونترك العصبية جانبا لأن هذا إسلامنا، لا عصبية ولا قبلية ولا عشائرية وكلنا أخوة". مرهج ثم ألقى المونسينيور مرهج كلمة البطريرك صفير، فقال: "تستحضرني اليوم قافلة الشهداء، وفي صورة واحدة، منذ فجر الاستقلال الأول والثاني وما قبل وما بعد وحتى اليوم. كلّهم استشهدوا باسم لبنان ومن أجل لبنان المسيحي والمسلم. دماؤهم جميعا صبّت كلها في قدر واحد، في لبنان". ونصحنا اللبنانيين بأن يتعظوا ويستفيقوا ويتوحدوا، وينبذوا الانقسامات والتباينات والأحقاد والخصومات، ويعودوا إلى الجذور. ورأى أن "لبنان الوحدة في التنوع المبني على احترام الآخر وليس كما يجب عليّ أن أفرض على الآخر كي أكون، وهذه هي الحرية الحقة"، داعيا الجميع إلى "تطهير القلوب من الاحقاد وضمائرهم من الأفكار المسبقة والخبيثة". اضاف: "لقد اختلط الحابل بالنابل في المفاهيم والقيم والمصطلحات في أيامنا، فلا الوفاق يعني ما يعنيه ولا التوافق يعني ولا الديموقراطية تعني ما تعنيه، ونبني الحوار ولبنان الانموذج في العيش المشترك لا التعايش، لبنان الرسالة له ولمحيطه والعالم". وشدد على أن "لبنان كان وسيبقى نموذج العيش المشترك الواحد في التنوّع". النائب قباني وألقى النائب قباني كلمة الرئيس الحريري وجاء فيها: "اتت به الى سدة الافتاء عام 1966 ثورة ديموقراطية بيضاء قام بها نخبة من الشباب الناشط في الحقل العام واستشهد في عملية اغتيال دموية عام 1989. هو بين التاريخيين المفتي الاستثنائي بل المفتي الاكبر كما لقب. طور دار الفتوى التي كانت عند استلامه المسؤولية تضم المفتي وقلة من الموظفين لا يتجاوز عددهم اصابع اليد بحيث اصبحت تضم مجلسا شرعيا ومديرية عامة للاوقاف ومجلسا استشاريا وهيئة اغاثة واعمار وصندوق الزكاة. كما عزز الكلية الشرعية التي أطلق عليها اسم "أزهر لبنان" وانشأ كلية الدعوة الاسلامية ومجلة الفكر الاسلامي ومركز دار الفتوى الطبي والمركز الاسلامي في عكار اضافة الى بناء المساجد وتشييدها وترميمها على مستوى لبنان وجعل من مؤسسة دار الفتوى أما لمؤسسات عديدة تتسابق في خدمة الاسلام والمسلمين". أضاف: "هو محور الوحدة الاسلامية تكرسها لقاءات قادة المسلمين بمذاهبهم الثلاث، يجمع فيها القيادات السياسية والمراجع الدينية في دار الفتوى في آن. وهو جامع القيادات السياسية الوطنية والاسلامية في قمم عرمون اعوام 1975 ـ 1977 ويجمع معهم عند الضرورة القيادات العربية الاساسية وذات الدور الفاعل في الاحداث السياسية اللبنانية، هو المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد الذي كان بشخصه ودار عمله في عائشة بكار ودار سكنه في عرمون موقع التواصل والحوار بين الجميع متوافقين ومختلفين، مسلمين ومسيحيين، لبنانيين وفلسطينيين وسوريين وسائر العرب". واشار الى أنه "ترأس اللقاء الاسلامي في الثمانينات الذي كان يجمع دوريا رؤساء الحكومات والوزراء والنواب المسلمين، وفي الوقت نفسه كان رجل الاعتدال والحوار مع كل المسؤولين والمرجعيات الدينية الاخرى في لبنان. واثناء الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 تحولت دار الفتوى باشرافه الى خلية نحل تسد فراغ وغياب سلطة الدولة ويعمل فيها المئات من الشباب لتأمين حاجات الناس الانسانية". واكد أنه "رجل المواقف الحاسمة في اللحظات التاريخية الخطيرة. أمّ صلاة عيد الفطر التاريخية في ملعب بيروت البلدي عام 1983 ومعه رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين ورئيس المحكمة الدرزية العليا الشيخ حليم تقي الدين ومعهم الآلاف باللباس الابيض يعلنون ثورة بيضاء تتمسك بالثوابت الوطنية. ودخلت صلاة العيد هذه تاريخ المفاصل الاساسية في لبنان الحديث لأنها كانت الانطلاقة الابرز في اسقاط اتفاق 17 ايار وتثبيت موقع لبنان الوطني وهويته العربية. ومن موقع القوى مفتيا استثنائيا كان يتسمك بموقع لبنان الحضاري فاذ به يقول في خطبة عيد الفطر الشهيرة عام 1983: "ان شريعة لبنان الحضاري هي شريعة الدين والعقل لا شريعة الهوى والقتل. وان اي فئة من الفئات لا يمكنها ان تبني لبنان على صورتها سواء كانت حزبية او طائفية ام مذهبية او عنصرية". ولفت الى أنه "ترجم فهمه الحضاري للدين الاسلامي فعمل على تكريم دور المرأة وتعزيزه عندما رشح سيدة لعمادة كلية الآداب في الجامعة اللبنانية من دون سائر المرشحين الرجال، وكذلك في تمثيل المرأة في المجلس الاستشاري لدار الفتوى". وشدد على أن "الاسلام الذي آمن به وجسّده المفتي الشهيد اسلام الايمان الحقيقي، اسلام الاعتدال والانفتاح والوحدة الوطنية هو ما يجب ان نحرص عليه جميعا. هو الموقف الوطني الذي جسده اتفاق الطائف بالتأكيد على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المواقع الرئيسية في مجلسي النواب والوزراء كما في مراكز الفئات الاولى في الادارة اللبنانية. هو الموقف الذي أسس له الرئيس الشهيد رفيق الحريري بتحقيق المناصفة في مجلس بيروت البلدي وما زال اهل العاصمة يحرصون عليه. هو الموقف الذي رأى في الاصلاح السياسي الحقيقي ضمانا لاستمرار الاستقرار ولخص المبادىء العامة للاصلاح بأمرين اساسيين: اولا: المساواة بين المسلمين والمسيحيين مساواة تامة في الحقوق كما في الواجبات بعيدا عن اي تمييز طائفي. ثانيا: عروبة لبنان بشكل يتجلى في جميع المجالات التربوية والاجتماعية والاقتصادية والالتزام العربي العام". وختم: "رحم الله المفتي الشهيد ولتكن ذكراه مناسبة لتأكيد ما آمن به وجسده واستشهد من اجله. لبنان الواحد، لبنان الاعتدال، لبنان الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية، لبنان العربي الهوية والانتماء". كلمة المفتي وألقى المفتي قباني كلمة قال فيها: "الكلام في ذكرى الشهيد، ليس كالكلام في ذكرى الوفاة لأي فقيد، فههنا نتذكر مآثر الفقيد وأعماله، أما في ذكرى الشهيد فنتذكر الغدر والمكر والإفك والتشويه الذي قتل الشهيد، ولذلك فإن السؤال الذي يقفز الى الأذهان في ذكرى استشهاد مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد رحمه الله، هو: لماذا قتلوه أو اغتالوه؟ وهذا السؤال الصريح الواضح لا يتضمن اتهاماً لأحد، فلسنا نحن بالذين نظن، ولا نحن بالذين نتهم، وإنما ذلك هو شأن القضاء لتبيان الحقيقة في ذلك، أما نحن فنسأل لماذا اغتالوا مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد لنلقي الضوء على الظروف التي أحاطت بالمفتي الشهيد يوم ذاك، أو أحاطوه بها قبل اغتياله. نسأل هذا السؤال لأن الجريمة تكررت من بعد ذلك في حق غيره، وتتكرر بين وقت وآخر الى اليوم في لبنان، فقد أصبح لبنان ساحة للثأر والانتقام من الرأي الآخر". وأشار الى أن "المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد رحمه الله، كان يناضل من أجل وحدة لبنان وشعبه، ومن أجل حرية لبنان وسيادته واستقلاله وعروبته، بعيداً عن روح الطائفية البغيضة، ومن أجل عودة الدولة ومؤسساتها الدستورية في وجه الميليشيات والأحزاب المسلحة، ولكن سيناريو حروب الفتنة في لبنان آنذاك، لم يكن في هذا الاتجاه، فحورب رحمه الله على كل ذلك، فلفقوا له التهم المالية والسياسية وأشاعوها وشهّروا به في موضوعات كثيرة، كذباً وافتراء وعدواناً، ولا ننسى في هذا المجال ما كانت تلفقه وتنشره بعض الصحف اليومية في افتتاحياتها آنذاك صباح كل يوم، وكان كل ذلك ثأراً سياسياً منه ومن مواقفه الوطنية، وأخيراً كادوا له كيداً، ودبّروا له أمراً.. وقتلوه، وقبل ذلك قبّحوا سيرته، وشوّهوا سمعته". أضاف: "قلت له يوماً قبل اغتياله بشهور عدة: يا سماحة المفتي، إن بعض الصحف تقتلك كل يوم بالتشهير بك في افتتاحياتها يومياً، فلماذا لا تكلف أحداً بالرد عليها؟ فكان جوابه: وماذا ينفع الرد على الكاذبين والمأجورين، الذين يشيعون الأكاذيب بين الناس؟ انهم سوف يستمرون في تطاولهم لأنهم مكلفون بذلك. ونفرت من عينيه رحمه الله دمعة سالت على خديه، فمسحها بيده وقال: لا تتكلم بما شاهدت. ولكن بعد استشهاده رحمه الله أصبح الأمر شهادة، وكان لا بد لي من أن أدلي بشهادتي، لقول الله تعالى في القرآن الكريم: "ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم"". وتساءل "هل كان اغتياله رحمه الله، لأنه كان حريصاً على وحدة لبنان، وشفيقاً على دماء شعبه، وهدم منازله، وتدمير مؤسساته آنذاك، أم لأنه كان يريد الدولة واستعادة مؤسساتها بعد أن سقطت؟ هل كان اغتياله لتسعير القتل وحروب الفتنة التي دامت أكثر من خمسة عشر عاماً أم لتفريغ البلد من القيادات كما كانوا يقولون، أم لأهداف أخرى كثيرة كما قتلوا الشيخ الدكتور صبحي الصالح، والرئيس رشيد كرامي، والشيخ أحمد عساف، وبعد ذلك من جديد الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكثيراً من رجالات البلاد؟". ورأى أنه "كتب على لبنان خلال العقود الماضية، أن يتغنى بلحن الموت، فزفّ اللبنانيون على أنغامه قافلة كبيرة من رجالات البلاد، ولكم قلنا عند كل استشهاد بأننا خسرنا الوطن، حتى باتت هذه العبارة من كثرة الاغتيالات محطة للكلام، لا نلقي لمعناها بالاً. نعم لقد خسرنا رجالات وقادة مخلصين، أحببناهم وأحبونا، وأحبوا الوطن وأحبهم، ولكن بأي معنى خسر الوطن؟". وأكد "ان كل رمز سقط اغتيالاً على مذبح الوطن، كان رسولاً للمحبة والتآخي.. بسقوطه خسر الوطن. ان كل رمز سقط اغتيالاً على مذبح الوطن، كان باعثاً للقيم الحميدة، والأخلاق الكريمة.. بسقوطه خسر الوطن. ان كل رمز سقط اغتيالاً على مذبح الوطن، كان قائداً بنضاله نحو استكمال بناء الدولة.. بسقوطه خسر الوطن. ان كل رمز سقط اغتيالاً على مذبح الوطن، كان منارة للبنان.. بسقوطه خسر الوطن. ان كل رمز سقط اغتيالاً على مذبح الوطن، كان بصيص الأمل للبنانيين.. بسقوطه خسر الوطن". وقال: "أوَلم تُدركوا بعد أيها اللبنانيون معي، لماذا سقط الشهداء في وطنكم؟ سقطوا من أجل الوحدة، وها أنتم تنقسمون على أنفسكم. سقطوا من أجل الكرامة، وها أنتم تهونون على أنفسكم. سقطوا من أجل قوة الوطن، وها أنتم تسترقون أنفسكم. سقطوا من أجل المحبة، وها أنتم تتكارهون أنفسكم. سقطوا من أجل التسامح، وها أنتم تنتقمون من أنفسكم. أقول اليوم لكم: ان قوتكم في تدينكم لا في طائفيتكم، فلا تغرقوا غداً في الطائفية كما فعلتم بالأمس. الدين والطائفية ضدان لا يجتمعان، فعودوا الى قيم دينكم وأخلاقكم مع غيركم ومع أنفسكم. بالعودة الى قيم الدين نتحلى بالفضيلة وبأسباب المحبة والتعاون والتآخي، وبالطائفية نوقظ أسباب الفتنة والاقتتال، والتشرذم والانقسام. بالعودة الى قيم الدين نعلم ان رحمة الله وسعت كل شيء، ونعلم ايضاً اننا لم نهن، ولم نحزن، ونحن الفائزون بأهلنا ووطنا وإنسانيتنا". ودعا أبناء الوطن، ورجالات البلاد وقادتها، الى "السعي لإلغاء الطائفية من النفوس والنصوص، ولكن أولاً، وقبل كل شيء، أسعوا الى ترسيخ الدين وقيمه وأخلاقه في النفوس والنصوص، فإن زوال قيم الدين في تعامل المواطنين مع بعضهم يعني الهلاك والدمار، ولا يظنن أحد ان إلغاء الطائفية في لبنان يعني إلغاء الدين، وكل ما له علاقة بالدين، والتردي الأخلاقي اليوم في مجتمعاتنا، ليس بشارة خير للوطن". وشدد على أن "الانتخابات والمحاصصات الوظيفية ليست هي أمّ الأخطار في لبنان، بل ان التردي الأخلاقي في المجتمع هو الخطر الأكبر الذي يتهددنا، فكم من أب وأم يتألمون، يغضّون أبصارهم عن أفعال أبنائهم بحجة الادعاء ان الزمن قد تطور، وكم من ربّ أسرة لا يملك من المسؤولية عن أسرته الا الصفة التي يحملها"، معتبراً ان "التربية السليمة والأخلاق الأصيلة هي أركان بناء الدولة القوية في كل أمة: وإنما الامم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا". ولفت الى أن "التردي الأخلاقي الذي وصلت اليه مجتمعاتنا اليوم في اكثر من مجال، ليس وليد صدفة كما يصوره البعض، بل هو مخطط محكم لضرب عناصر قوتنا ووحدتنا، كي نكون هدفاً سهلاً لأعدائنا، ولقمة سائغة للطامعين فينا. ولذلك ما كانت تصفية رجالاتنا ورموزنا الا خطوة نحو تنفيذ هذا الهدف في لعبة الأمم". وختم: "أوصيكم ايها اللبنانيون، أن تحرصوا على ألا يكون لبنان، آخر شهداء لبنانكم. مرة ثانية أوصيكم وأشدد على هذه الوصية: ان تحرصوا على ألا يكون لبنان آخر شهداء لبنانكم". وتخلل الحفل بث فيلم وثائقي عن المفتي الشهيد، واختتم بتوجه المشاركين إلى ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري لتلاوة الفاتحة على روحه وأرواح رفاقه الطاهرة.
|