سعد الدين خالد: أين العدالة في قضية استشهاد مفتي الجمهورية اللبنانية؟ اعتبر رئيس مؤسسات المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد المهندس سعد الدين خالد انه آن الأوان للشعب اللبناني أن يعيش في وطنه بالطريقة الحضارية والإنسانية ذاتها التي تعيشها مختلف شعوب العالم المنتشرة على وجه هذه الأرض وليكون للبنانيين في وطنهم دولة آمنة ومستقرة تبسط سلطتها على كل التراب اللبناني مثل كل تلك الدول المنتشرة في هذا العالم الواسع الأرجاء، دولة لا يشغلها إلا مصالح شعبها ولا يفكر الشعب إلا بمصالح دولته بعيدا عن المحاور الإقليمية والدولية، وآن الأوان الذي يقوم فيه اللبنانيون بمراجعة مع النفس ويتطهرون من كل ما رافق ويرافق هذه المرحلة المتأزمة من تاريخ لبنان من شوائب وسلبيات أصابت روح الإنسان في هذا الوطن، وأصابت معها آليات التواصل والتفاهم والتلاقي والتسامح والتحاور والارتقاء". وقال خالد في احتفال في فندق الموفنبيك – الروشة لمناسبة الذكرى الثامنة عشرة لاستشهاد المفتي خالد: "إذا كنا نسأل ونسأل في مواضيع السياسة والدولة و الوطن، فإننا نسأل أيضاً في ذكرى المفتي العادل الذي كان حريصا على تطبيق العدالة في لبنان بمختلف أنواعها التي شرعها الله والقانون بمختلف وجوهها وصون الحقوق والحريات في لبنان، أين هي العدالة في قضية استشهاد مفتي الجمهورية اللبنانية؟ أين هم المجرمون؟ وأين هم المحرضون والمخططون والمنفذون والمتواطئون؟ أين هم هؤلاء القتلة الذين لم يردعهم ضوء النهار حينها ولا ضوء السياسة ولا ضوء الإيمان؟" وقال: "إن مسألة العدالة عندنا ليست مسألة شخصية أو عائلية، إن دماء الشهداء تهمنا تماما كدماء المفتي الشيخ حسن خالد، فالمسألة مسألة وطن و ليست مسألة أشخاص أو عائلات في وطن. وإذا كنا نسأل عن العدالة ونصر على تطبيقها، فهو من اجل حماية المجتمع السياسي والوطن من أي شرّ يمكن أن يقدم عليه مجددا ظالم مهووس أو مجرم موتور أو حاقد مجنون، فإننا نسأل وبمرارة وحزن لماذا فشل اللبنانيون في تحقيق إجماعهم حول مشروع وطني وهدف إنساني ومطلب الهي؟ لماذا فشل اللبنانيون في تحقيق إجماعهم حول مشروع إنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي لمعرفة الحقيقة وتطبيق العدالة في قضية استشهاد الرئيس رفيق الحريري"؟ وأكد خالد أن العدالة هي العدالة سواء كان تطبيقها على يد مرجع قضائي وطني أو مرجع قضائي دولي. وأضاف: "في لبنان نأسف شديد الأسف بان هناك ثمة صعوبة في أن يتعامل القضاء الوطني مع هكذا نوع من الجرائم السياسية الكبرى وذلك لأسباب عديدة نعرفها جميعا. فماذا يفعل اللبنانيون أمام هذا الحل؟ هل الاستسلام لهذا الواقع هو المطلوب؟ هل يشيعون الحقيقة والعدالة في نعوش ضحاياهم؟ وهل يدفنون العدالة في مقابر النسيان؟ العدالة مطلب الهي ومبتغى إنساني، والعدالة مطلب وطني وحضاري، والمحكمة ذات الطابع الدولي هي فرصة لن يجد اللبنانيون فرصة تضاهيها من اجل وقف مسلسل الاغتيالات السياسية التي تعصف ببلدهم منذ عقود وما تزال، والتي كان ينتج عنها أحياناً تداعيات كانت تعيد البلد عشرات السنين إلى الوراء. وهي فرصة لن يتوفر للبنانيين مثيلا لها لكي لا يكون للكلمة الحرة في بلدهم حدود لا في الحاضر ولا في المستقبل، و لكي لا يشاركهم احد في صناعتهم لقراراتهم السيادية الوطنية أو في ممارساتهم لطقوسهم السياسية، لا في الحاضر ولا في المستقبل". وأمل أن تبقى الفرصة متاحة أمام جميع اللبنانيين لكي يتوحدوا في نظرتهم الايجابية حول قضية الحقيقة والعدالة وحول هذه القضية الوطنية بما يخدم مصلحة لبنان وشعبه ومصلحة العدالة و الاستقرار فيه، وقال: "إذا كنا نطالب بتطبيق العدالة في لبنان فإننا نطالب أيضاً بضرورة الإسراع في تقديم حل دائم يخرج لبنان مما يتخبط فيه من أزمات استفحلت بفعل التطورات المتلاحقة ما يجعلنا نخشى من أن تصبح مستعصية على المعالجة والحل". وأكد خالد أن لا بديل أمام اللبنانيين سوى الحوار ضمن مؤسسات الدولة والحوار المخلص في الغرف المغلقة من اجل إنتاج حل جذري لهذا الكم من الأزمات يريح الأوضاع ويؤمن العبور الأمن نحو مرحلة مستدامة من الاستقرار والتنمية والازدهار، وتابع: "إن سياسة إدارة الظهور تجاه بعضنا البعض و رفض الحوار لا تنفع في بلد مثل لبنان، كما أن سياسة استخدام الشارع والمربعات الأمنية لا يمكن أن تنفع في بلد بلغت حدة الانقسام في شكله العمودي وفي تنوعه الطائفي والمذهبي هذه الدرجة من الخطورة. أن مصلحة اللبنانيين تقتضي بعدم اللجوء في ما بينهم لأي نوع من سياسات التفرد أو التجاهل أو الإلغاء آو الابتزاز أو الضغط أو التحدي أو التهديد أو التخويف أو التخوين". وختم مشددا على أن اتفاق الطائف الذي ارتضاه اللبنانيون أساساً لبناء جمهورية ما بعد الحرب ولإدارة أمورهم السياسية والدستورية بشكل واضح وجلي يجعل لبنان في غنى عن الدخول في هذا النوع من الأزمات الخطيرة التي يتخبط بها اليوم بهذا الشكل المؤلم والحزين.
|