لمناسبة الذكرى الـ 17 لاستشهاد المفتي حسن خالد قباني: الجرائم لن تزيدنا إلا تصميماً على مواقف الحق
لمناسبة الذكرى السابعة عشرة لجريمة اغتياله، أقيم أمس لقاء وقراءة الفاتحة عن روح مفتي الجمهورية الشهيد الشيخ حسن خالد أمام ضريحه في مقام الإمام الأوزاعي، وأقيم في قاعة معهد أزهر لبنان في مجدل عنجر، مهرجان خطابي للمناسبة، وأجمعت المواقف على الإشادة بدور المفتي الشهيد الوطني والعربي والإسلامي. وقال مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني في تصريح: "في السادس عشر من شهر أيار 1989 وخلال حروب الفتنة في لبنان اغتالت يد الغدر والإرهاب مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد الذي نذر حياته لخدمة دينه ووطنه وأمته والمسلمين خصوصاً واللبنانيين عموما، وإذا كان المجرمون الآثمون ظنوا أو يظنون أنهم باغتياله وغيره من العلماء المخلصين أمثال الدكتور الشيخ صبحي الصالح والشيخ أحمد عساف سيسكتون كلمة الحق والعدالة فان تلك الجرائم لن تزيدنا إلا قوة وتصميما على مواقف الحق والعمل الذي يحقق لأبنائنا وشعبنا ووطننا وأمتنا وللإسلام وللمسلمين خصوصا واللبنانيين عموما آمالهم في وطن حر عزيز ينعم فيه اللبنانيون بالعدالة والسلامة والأمن والاستقرار والازدهار وتزول منه كل عوامل الفرقة والانقسام". وشارك في اللقاء وقراءة الفاتحة أمام ضريح المفتي الشهيد في مقام الإمام الأوزاعي النائب غازي زعيتر ممثلا رئيس مجلس النواب، الوزير خالد قباني ممثلا رئيس مجلس الوزراء، القاضي الشيخ أحمد الكردي ممثلا مفتي الجمهورية، النائب عمار حوري ممثلا رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري، عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب أمين شري، خليل حمادة ممثلا رئيس تكتل التغير والإصلاح النائب ميشال عون، وحشد من العلماء والشخصيات والفاعليات. وألقى نجل الراحل سعد الدين خالد كلمة دعا فيها إلى كشف الحقائق كاملة عن كل الاغتيالات التي نكب بها الوطن، وأدمعت قلوب بنيه، وقال: نعم، للبنان الوطن العربي بامتياز الذي لا عدو له سوى إسرائيل، ولا جار له سوى سوريا. نعم، للبنان العيش المشترك وطن الجميع حيث لا يتجاهل فيه احدا احدا، ولا يحاصر فيه احدا احدا، ولا يتآمر فيه تيار على احد ولا يختزل فيه أحدا احدا. ولفت إلى ان لبنان هذا لا يمكن ان يتحقق في ظل هذا الانقسام العمودي الحاد المؤسف والخطير الذي نراه بأم العين في كل الآراء والمواقف والنوايا والأفعال. لبنان هذا لا يمكن أن يتحقق من خلال تجاهل الدم، كل الدم، دماء القيادات التي اغتيلت غدراً وعدواناً، ودماء المقاومين التي روت حدود الوطن في أروع عملية ترسيم للحدود وأشرفها. لبنان هذا لا يمكن أن يتحقق من خلال تصنيف الناس". ورأى أن "لبنان هذا اللبنان لا يمكن ان يتحقق والشعب كل الشعب يترنح تحت وطأة حال من الضغط النفسي الخطير غير المقبول الذي تتداخل فيه عناصر الخوف بالقلق وبعناصر التعصب الطائفي والمذهبي وبعناصر التجييش والتهييج والتحريض والافتراء وبعناصر الجوع والبطالة والبؤس والهجرة واليأس، ولا من خلال جعل هذه الطائفة أو تلك من طوائف الوطن فزاعة في وجه الطوائف الأخرى، أو من خلال جعل هذه الدولة الشقيقة أو الصديقة فزاعة في وجه الوطن أو في وجه أحد فيه"، آملاً من اللبنانيين أن يحسنوا الاختيار ما بين مشروع دولة القانون التي نريدها ومشروع دولة القبائل التي نرفضها". وألقى الشيخ الكردي كلمة المفتي قباني وجاء فيها: الرجل الذي مات في مثل هذا اليوم، وتعود العطاء لا يمكن ان يكون عنده إلا العطاء، هذا الرجل الكريم الذي بذل حياته وعمره في سبيل هذا البلد، هذا الإنسان الذي قدم دمه شهادة لله تعالى ووفاء لأبناء هذا الوطن جميعا من دون استثناء ومن دون تمييز وتفريق يدعونا جميعا ويدعو جميع المتحاورين والمسؤولين، مهما كبرت مسؤوليتهم أو صغرت، إلى أن يفكروا بصدق وإخلاص لمصلحة الوطن لا لمصلحتهم، لمصلحة المواطن لا لمنفعتهم وأن يتجاوزوا الخلافات واختلاف الآراء والأهواء، ويعملوا ولو لمرة لهذا الوطن، هذا الوطن الذي نعيش على ترابه يحتاج من أبنائه دائماً التضحية والعطاء والوفاء والإخلاص وتحقيق الأخوة الوطنية، وهي ليست كلمة بل حقيقة عملية يجب أن نعمل بها مثل الأنبياء الذين جاءوا ليوفقوا بين أبناء البشر، ويوحدوا رؤيتهم تجاه الخالق وهذه الدنيا التي خلقنا الله تعالى عليها وميزنا عن غير الكائنات فيها. هذا الإنسان الذي خلقه الله في الأرض عليه أن يعلم معنى هذه الأمانة، فيكون بصدق وحق وفيا لهذا الوطن والمواطن. وأخبرني صاحب السماحة مفتي الجمهورية أثناء زيارته صباحا لمنزل المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد أنه جرى حديث في ما بين الحاضرين لتكريم وإحياء ذكرى الشهيد حسن خالد في دار الفتوى، وطرحت فكرة جليلة عظيمة هو أن تتأسس لجنة لتكريم المفتي الشهيد وإحياء ذكراه بما يلائم مكانه. وحتى نعطي هذه المناسبة والذكرى أثرها الوطني والعربي والإسلامي والعالمي، لا بد أن نعطي الحق لأهله ونعترف بالحق لأصحابه". وفي قاعة معهد أزهر لبنان في مجدل عنجر (المستقبل)، رعى مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس، المهرجان الذي أقيم للمناسبة، في حضور القاضي محمد عساف ممثلا مفتي الجمهورية، عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتوح، والنائب عاصم عراجي وحشد كبير من العلماء وفاعليات المنطقة والطلاب. ورفعت فرق الكشافة لافتات توسطتها صورة المفتي الشهيد وعبارة "إمام الحرية والسيادة والاستقلال". وقدّم المتحدثين رئيس دائرة أوقاف البقاع الشيخ محمد عبد الرحمن فذكّر بمزايا الشهيد ودوره في صيانة وحدة الوطن. ثم تحدث القاضي أسامة الرفاعي فأشار إلى أن "شهيدنا الذي حمل شعلة الاستقلال في برنامج واضح فيه فكرة خلاص لبنان من الحرب التي دارت على أرضه، هذا الشهيد كان قربانا عظيما على مذبح الاستقلال وحرية هذا البلد". وألقى الشيخ أحمد اللدن قصيدة ضمنها محطات من تاريخ الشهيد، ثم عرض فيلم وثائقي عن حياة الشهيد، تضمن خطبه ومواقفه ولحظة استشهاده. وقال الميس في كلمته: "ان شهيدنا كان يريد كل لبنان، والآخرون كانوا يريدون من لبنان بقاياه. كان يريد أن يبقى لبنان موحدا في وقت كانت هناك منطقة شرقية وغربية، وأحب بعضهم أن يشطر الجيش إلى جيشين ليقسم البلد، لكن المفتي الشهيد لم يرض بذلك.. فكان الجواب، أتريد لبنان موحدا؟، فجزاؤك إذن التغييب". وربط بين نهج المفتي الشهيد والحوار الوطني الجاري في لبنان، وقال: "هناك سياسة غريبة تعتمد فلسفة الإسقاط للآخرين، وفي هذه المعادلة، نجد الشهداء: رياض الصلح، رشيد كرامي ورفيق الحريري، هل هي مصادفة أن يبدأ مطلع أسمائهم بحرف الراء؟، وها هم المتحاورون حضروا إلى الشهداء. وأقول للمتحاورين أضيفوا إلى كراسيكم كراسي الشهداء فهم أولى بالكلام منكم عن مستقبل لبنان". وختم متسائلاً: "في ظل التسابق على ترسيم الحدود، نحن مع منَ؟ والصواب ان اقول: من معي؟، وليس نحن مع من. نحن مع الأمة العربية، فنحن أمة التوحيد في الاعتقاد والوحدة في السياسة، ولا يزايدن أحد علينا في الأداء السياسي". |