المؤتمر الشعبي يحيي الذكرى السادسة عشرة لاستشهاد المفتي حسن خالد المفتي قباني: يجب أن لا نحيد عن الحق مهما كانت قوى الشر والمؤامرات كبيرة كمال شاتيلا: أسقطنا مع المفتي الطرابيش الإسلامية التي غطت اتفاق 17 أيار الوصاية الأجنبية تسعى لجعل كل الطائفة السنية طربوشاً لمشاريع الاستعمار لا انتخابات ديمقراطية ونزيهة تحت جزمة السفير الأميركي مهزلة المهازل مراقبة الانتخابات غير الشرعية وغير الدستورية بلجان دولية من يراقب المال الانتخابي المدفوع في البيوت والفضائيات لمرشحين معينيين؟ السنة أحرار ولن يقبلوا دور العبيد.. والشيعة لن يتخلوا عن مواجهة الاستعمار برغم الصفقات كيف تتحالف بعض القوى مع مرشحين وصفوا أتباعها بالأغنام؟ وأين وعود بوش لصفير بأنه لن يتخلى عن المسيحيين المصالحة الوطنية لا تتم بمكافأة المجرمين والفاسدين ومعاقبة الشرفاء سعد الدين خالد: لا يجوز أن يتسع المكان في بيروت للتقسيمين ويضيق أمام التوحيديين ساسين عساف: تكاذب الطبقة السياسية الفاسدة تجاوز كل حد أحيا مجلس بيروت في المؤتمر الشعبي اللبناني الذكرى السادسة عشرة لاستشهاد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد, وذلك في قاعة مركز توفيق طبارة ببيروت, بحضور ممثل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني القاضي أحمد الكردي, رئيس المؤتمر الشعبي الأخ كمال شاتيلا , المطران خليل أبي نادر, الشيخ عبد الأمير شمس الدين, نقيب المحررين ملحم كرم, ممثل قائد الجيش العقيد تحسين الخطيب, مسؤول العلاقات الخارجية في التيار الصدري ممثل السيد مقتدى الصدر الشيخ حسن الزرقاني, الدكتور ساسين عساف, نجلي المفتي الشهيد المهندس سعد الدين والسيد عمار حسن خالد, العلماء السادة: عمر الكيلاني رئيس قلم محكمة عكار الشرعية السابق, أحمد عبد اللطيف الرافعي رئيس قلم محكمة طرابلس، سامي الحاج احمد, خالد الحاج ووفيق عطوي, د. فاروق الجمال, ممثلة المجلس النسائي اللبناني صفية جبر, السيدة نجوى رمضان, المحامية بشرى الخليل, إلى حشد من الفعاليات البيروتية وممثلي الجمعيات النسائية والشبابية والاجتماعية والعائلات البيروتية. بعد تلاوة الشيخ سامي الحاج أحمد لآي من الذكر الحكيم والنشيد الوطني اللبناني, قدّم المتحدثين رئيس هيئة أبناء العرقوب ومزارع شبعا الدكتور محمد حمدان. شاتيلا الأخ كمال شاتيلا تحدث عن المفتي الشهيد حسن خالد الرمز الروحي والوطني، الرجل الكبير صاحب المواقف المشهودة والذي لم يتراجع ولم يتردد عن المواجهة بكل قوة إيمانه. وكيف وقف المفتي الشهيد مع الشرفاء والوطنيين بوجه الاحتلال الإسرائيلي وأحبطوا اتفاق 17 أيار وحافظوا على وحدة الصف الوطني الإسلامي المسيحي وواجهوا الصهاينة مباشرة ومشاريعه. وأضاف: حينما ذهبنا مع المفتي الشهيد إلى صلاة الملعب البلدي الشهيرة عام 1983 للوقوف وقفة إسلامية وطنية شاملة ضد الاتفاق المذل مع العدو، فإننا سجلنا في هذه المسيرة الخالدة رفضنا لاتفاقية 17 أيار يوم أرتضى بعض "الطرابيش" الإسلامية التي تغطي المخططات الأميركية دور الإمساك براية 17 أيار، هذه الطرابيش مع اختلاف الأشخاص تستعد لممارسة الدور نفسه. وتابع شاتيلا: نحن نعيش اليوم أجواء صفقة دولية إقليمية في ظل القرار 1559، نقلت لبنان من وصاية أحادية إلى هيمنة أجنبية متعددة الجنسيات، فأي استقلال تحت الوصاية الأجنبية، وأية سيادة تحت أقدام الاستعمار، وأية انتخابات ديمقراطية تحت جزمة السفير الأميركي، وغيره من السفراء الأجانب؟ إنها مهزلة المهازل أن تأتي لجنة دولية لمراقبة الانتخابات. فتقرير بعثة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والجريمة الدولية لعام 2001 يدين الطبقة الفاسدة التي حكمت لبنان منذ العام 1992، وقد طلبت من رئيس الجمهورية مرتين أن ينشروا التقرير الذي أخفته الحكومات السابقة وهو يذكر بالأرقام بمفاسد فضائح الطبقة الفاسدة، ومن ضمن المآخذ التي وضعها هذا التقرير هو أن الطبقة السياسية خالفت الدستور حينما أقامت نظام اتحاد السلطات عكس الحالة الديمقراطية التي تنص على فصل السلطات، وصار الحكم في لبنان حكم الحزب الواحد المتعدد الرؤوس. وهذه الطبقة السياسية هي التي انتجت قانون انتخابات 1996، وقد افتى المجلس الدستوري في 13/7/1996 بعدم شرعية قانون الانتخابات يومها، وبما أن قانون الـ 2000 التي ستجري على أساسه الانتخابات، هو مشابه تماماً لقانون 1996، فمعنى ذلك أن قرار المجلس الدستوري في إبطال شرعية قانون 1996 يعتبر على أساسه قانون 2000 باطلاً. فماذا تراقب اللجنة الدولية، والانتخابات ليست شرعية وغير دستورية؟ ورأى شاتيلا أن الطبقة السياسية الحاكمة الموزعة بين موالين ومعارضين قد شعرت بخطر الاتحاد الشعبي الديمقراطي على المطالب المعيشية في مواجهتها، فصنعت هذه التمثيلية في الفترة الأخيرة، فلم يعد الشعب يعرف من الموالي ومن المعارض. وشلت الطبقة الحاكمة عمل المجلس الدستوري، فهناك خمسة أعضاء من هذا المجلس منتهية ولايتهم. فإذا أراد عشرة نواب التشكيك بشرعية الانتخابات، أو أن مرشحاً أراد الطعن بنتيجة الانتخابات، فالمجلس الدستوري غير قائم. هذه هي الديكتاتورية التي يسميها الرئيس بوش ديمقراطية. وقال: بعثة الأمم المتحدة تقوم بزيارات من مكان لآخر، فأية مراقبة هذه في ظل الفضائيات المتوفرة لمرشحين ومحروم منها مرشحون آخرون. وكيف ستراقب المال المدفوع في الانتخابات، وهناك أموال تصل إلى البيوت، فهل سيأتي جنود الأمم المتحدة للتفتيش في البيوت في كل أنحاء لبنان؟ وهل ستراقب الصحف اللبنانية إذا كانت تنشر أخبار الجميع بالتساوي؟ إن الإعلام بمعظمه مأجور، مع أن هناك أقلاماً شريفة جداً ومعنا اليوم الإعلامي النقيب ملحم كرم من أشرف الإعلاميين في العالم العربي. أما أغلب الإعلام يشترى ويباع ولا ضمير ولا وجدان ولا تفتيش عن حقيقة بالمعنى الصحيح ولا توازن على مبدأ الرأي والرأي الآخر. وقال رئيس المؤتمر الشعبي: إننا الآن أمام مهزلة المهازل، ففي بيروت مثلاً امتنع وجهائها عن المشاركة في الانتخابات احتجاجاً على القانون، فماذا ستراقب البعثة ومعظم المرشحون فازوا بالتزكية بعد الاحتجاج العارم ضد القانون؟ وغداً يكتبون تقريراً أنهم لم يروا أحداً يأخذ المال لينتخب وأنه لم يحصل تزوير. وقال شاتيلا: إذا قدّم مرشح خدمة خاصة فمن الوفاء رد الخدمة والشكر وهذه مسألة طبيعية في عاداتنا، إنما حينما يقدم مرشح خدمة خاصة ويرد له بوكالة عامة عبر التصويت فهذا أمر خطير. فبالوكالة العامة قد يقر معاهدة مع إسرائيل وقد يستقدم قواعد أجنبية ويرهن الاقتصاد. فمقابل الخدمة الخاصة يكون الرد بخدمة خاصة وليس بوكالة عامة. وليس من أحد أن يحتج على جرائم المستقبل من الطبقة السياسية حينما تشكل ظلمها وعدوانها على مصالح الشعب إذا انتخبها المواطن. وأضاف: ألا يسأل الناخب النواب، من رفع صوته ضد الضرائب والرسوم الجائرة؟ من تحدث عن أزمة المياه؟ من سأل عن سرقة 4 مليارات من ملف الكهرباء؟ من سأل لماذا لدينا أغلى سعر فاتورة دواء في العالم؟ فهل تساق الناس "كالأغنام" كما قال أحد الكتاب، لقد حصلت صفقة دولية إقليمية وتساوى الذين وُصفوا بالأغنام مع من وصفهم وكأنهم ثبتوا على أنفسهم أنهم أغنام. أو أنهم اعتبروا أنفسهم أغناماً واعتبروه الراعي. للأسف الشديد، هناك صفقة دولية إقليمية أممت إرادة الناس بقانون الـ 2000. وتساءل شاتيلا: أين وعود الرئيس بوش لغبطة البطريرك صفير بأنهم لن يتخلوا عن المسيحيين وبأنهم مع لبنان السيد الحر والمستقل؟ لم يكد البطريرك صفير يصل إلى لبنان حتى كان الأميركيون وافقوا على قانون عام 2000 ضمن الصفقة الدولية الإقليمية. فالأمريكيون يفتشون عن مصالحهم وليس عن مصالحنا. وتابع شاتيلا: يتحدثون عن المصالحة الوطنية، إنها أكبر كذبة على طريقة غوبلز، فتشكيل اللوائح مع القتلة وحدة وطنية! من الذي قال أن صلح الميليشيات يجسد وحدة وطنية، القوات اللبنانية لم تتراجع ولم نسمع يوماً اعتذاراً عن مجازر صبرا وشاتيلا، أو عن جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رشيد كرامي، وعن مجازر السبت الأسود والذبح على الهوية، لا يوجد اعتذار ولا هناك أسف ولا تلاوة فعل الندامة ونجدهم يتحدثون انتخابياً مع بعضهم البعض تحت شعار المصالحة والوحدة الوطنية. إن كتائبيين اعترفوا وتراجعوا لكن القوات اللبنانية لم تعترف بجرائمها ولم تتراجع. لقد جرت مكافأة الانفصالي ومعاقبة الوحدوي، مكافأة الديكتاتوري ومعاقبة الديمقراطي، هذه الطريقة تشجع المجازر والقتل والفرز. أما المسيحي الوطني الحر والمؤمن بالثوابت الوطنية والمسلم الوطني الحر فجرى التخلي عنهما لمصلحة القوات اللبنانية وبرنامجها التقسيمي. وهذه هي خلاصة الصفقة التي تريد إنتاج برلمان مطواع للسيطرة الأجنبية والتي تريد ضرب دستور الطائف الوحدوي واستبداله بنظام انفصالي فيدرالي وتهدد عروبة لبنان وتمهد الطريق نحو اتفاق مذل مع إسرائيل دفع شعبنا عشرات آلاف الشهداء حتى لا يحصل. إن الوحدة الوطنية تقوم بين الأشراف، بين الأحرار المسلمين والمسيحيين وعلى أساس دستور الطائف والثوابت الوطنية اللبنانية. وأضاف شاتيلا: كأن أميركا تقول إن المسيحي في لبنان يمثله الجناح الإسرائيلي للقوات اللبنانية، أما البطريرك صفير والمطران عودة والمسيحيون الشرفاء في البلد فهم لا يمثلون بنظر أميركا المسيحيين.. نحن نتطلع إلى الأمام ولا نريد نكء الجراح ولكن التطلع إلى الأمام يكون بالتطهر من الآثام. فلا يمكن لأحد أن يضع يده بيد مجرم، وحينما تتجمع الطبقة السياسية مع بعضها فهذه ليست وحدة وطنية، إنها وحدة المصالح الفئوية على حساب الشعب. إنها وحدة الذين أغرقونا بأكثر من 44 مليار دولار دين وجعلوا 70 بالمائة من الشعب على خط الفقر. وإذ دعا إلى وقف المهزلة الانتخابية واعتماد قانون عادل يمثل كل اللبنانيين قائم على المحافظة والنسبية، قال شاتيلا: إن مبادرتنا الوفاقية التي أطلقناها نحو السيد سعد الحريري تمّ الرد عليها بحملة تشهير عبر أربع مطبوعات يديرها السيد جوني عبدو. وسأل: هل أخذ السيد جوني عبدو شهادة إمام من دار الفتوى؟ هل أصبح السيد جوني عبدو مطراناً ينطق باسم المسيحيين؟ لم يرد أصحاب العلاقة على مبادرتنا الوفاقية الصريحة، وإنما رد جوني عبدو بحملة شتائم ضدنا لأننا لا نعجب السفير الأميركي، فالسفير الأميركي يأمر بتشكيل اللوائح وهم يطيعون، هذه هي حقيقة الاستقلال والسيادة بنظرهم. لقد ردوا علينا بالتحالف مع صولانج الجميل التي أعلنت تمسكها بالمبادئ، وردوا علينا بمنظمة الـ إس. إس ( اسم فرقة القتل بالجيش النازي): ستريدا جعجع وصولانج الجميل لكننا لن نسمح مهما كانت التضحيات بتحويل بيروت إلى محمية أجنبية، وأعود وأقول إن المطلوب من القوات اللبنانية هو النقد الذاتي والاعتراف بالجرائم وبالمجازر بحق المواطنين والتراجع عنها، فنحن من دعاة التطلع إلى المستقبل وليس إلى الماضي. أما بدون نقد ذاتي، وبعض "نواب" السنة ينزلون إلى ساحة رياض الصلح ويهتفون بالحرية لسمير جعجع، فلا يجوز أن ننسى رشيد كرامي الذي هو من أهم رؤساء الوزراء، فلماذا نطالب بالحقيقة في جريمة اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري ولا نطالب بالحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس رشيد كرامي؟ فالحقيقة لا تتجزأ وكلنا نريد حقيقة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي مات ظلماً وأنا أقولها بكل إيمان وتأثر يوم وقعت هذه الجريمة النكراء. فالمطالبة بمعرفة الحقيقة من حقنا، لكننا لم نجد المطالبة بمعرفة من اغتال المفتي الشهيد حسن خالد وغيره وغيره. هذا لأنه لم يعد المطلوب من السني أن يكون لديه رئيس وزراء "طربوش" وإنما أن تكون كل الطائفة السنية "طربوشاً" للمخططات الأجنبية، وكذلك فهناك سعي سحري ونفسي وإعلامي ومالي لتحويل طائفة العروبة، كما يقول الدكتور جورج حجار، لتنقلب على العروبة ولن نسمح بذلك أبداً. إن هناك محاولات لأن يكون دور السنة متخلفاً عن تاريخ النضال في مواجهة الصهيونية والاستعمار، متخلفاً عن السنة المناضلين في فلسطين والعراق، وهذا مستحيل فالسنة ليسوا أتباعاً للأميركيين وليسوا ملحقاً للمتطرفين، فالمسلمون حراس ثغور ولن ينقلبوا على دورهم الكفاحي. فليراجع المعنيون بتزوير إرادة السنة أنفسهم، فالطائفة الإسلامية السنية هي قاعدة وحدة الصف الإسلامي الشامل وقاعدة الوحدة الوطنية الشعبية، والطائفة السنية حافظة للعروبة منذ الفتح العربي الإسلامي للبنان عام 635م، وهذا الواقع لا يمكن الانقلاب عليه ولا يمكن ضرب مبرر وجود السنة التاريخي في الحفاظ على الأرض حرة وفي الحفاظ على الهوية العربية. ولن يقبل أحرار الطائفة السنية بدور شاهد الزور ولا بدور العبيد، ولن تقبل الطائفة الشيعية إلا أن تكون في مقدمة الصفوف بمواجهة الوصاية الأجنبية مهما جرى من صفقات إقليمية ودولية. وختم شاتيلا بالتأكيد على أن البرلمان القادم ساقط وسيكون ممسوخاً ولن يكون باستطاعته أن ينفذ الصفقة المخطط لها بالتجنيس لـ 200 ألف آشوري وكلداني في العراق مقابل إعطاء إقامة سنوية لـ 200 ألف فلسطيني، في محاولة لإيجاد تغييرات ديموغرافية يفكرون بها. نحن نريد أن يعود المسيحي إلى العراق وأن يبقى بأرضه فهو موجود هناك، فلماذا التفتيش على فرز سكاني في المنطقة؟ لم يشهد العراق في كل تاريخه فرزاً طائفياً ومذهبياً أو فتناً حتى في ظل الانتداب البريطاني. فمن يفجر الكنائس ويزرع الفتن هو الموساد الصهيوني الذي يحاول تنفيذ مخططه التقسيمي التفتيتي في المنطقة، وهم يحاولون اليوم زرع الفتنة بين المسلمين لكنهم سيفشلون. إن البرلمان القادم سيطلب منه توقيع معاهدة مذلة مع إسرائيل وأن يكون الاقتصاد تحت سيطرتهم، لكننا لن نرضى بذلك فنحن لا نريد وصاية من أحد وحينما تزداد هيمنة التدخل الأجنبي سنصل إلى حالات أخرى وردود فعل لن يكون باستطاعتهم تحملها. المفتي قباني كلمة مفتي الجمهورية اللبنانية ألقاها بالنيابة الشيخ القاضي أحمد الكردي، فتحدث عن المفتي الشهيد حسن خالد وقال: هذا العلم الذي كان رمزاً للوحدة ورمزاً للوطنية ورمزاً للصدق. نال الشهادة لأنها قدر العطاء ولا يمكن أن يكون شهيداً إلا من كان عظيماً, ولذلك ارتقت مرتبة الشهداء فكانت مع النبيين والصديقين والصالحين. وأضاف: إن أمة الإسلام, أمة الصدق والوفاء حملت راية الشهادة منذ بدء الرسالة الإسلامية وإلى يومنا هذا, بدءاً بالخليفة عمر بن الخطاب الرجل العادل، ولكن أبى الفرس عبدة النار إلا أن يقتلوا العدالة, ثم مشى بركب الشهادة بعده الخليفة عثمان ثم الإمام علي ثم الحسن والحسين وصولاً لشهداء اليوم, وسبب استشهادهم هو الثبات على الكلمة والمبدأ في وقت صارت الكلمة الصادقة أقوى من السيف. وختم بالقول: لا يسعنا في هذه الذكرى إلا أن نعاهد بأننا سنسير على هذا المنهج وأن لا نحيد عن كلمة الحق مهما كانت قوى الشر عالية والمؤامرات كبيرة. سعد الدين خالد نجل المفتي الشهيد المهندس سعد الدين حسن خالد ألقى كلمة باسم عائلة الشهيد شكر فيها كل من لبى دعوة الوفاء هذه, وكل الأخوة الذين نظموا هذا اللقاء خاصاً بالذكر الأخ كمال شاتيلا, آملاّ للجميع غداً أفضل في وطن أفضل.. وقال: نستذكر الشيخ حسن خالد الرجل القائد الفذ الذي حمل لواء الوحدة الوطنية ولواء العيش المشترك والحرية في زمن سادت فيه لغة العنف والاستعباد والشرذمة والتفرقة والهيمنة, هذا الرجل الذي كان متسامحاً وموحداً ومسالماً ومتفاعلاً ومواجهاً في زمن قل فيه رواد الوحدة والحرية والتسامح والسلم والتفاؤل. وأضاف: واجه المفتي الشهيد كل الميليشيات المتقاتلة والرافضة لكل طروحات السلم, وصبر على كل التهديدات بالانفتاح والسعي وراء مصالح الناس والمثل العليا, ووقف ضد مشاريع التقسيم المعدة للبنان بلقاءاته المتكررة والدائمة مع الكثير من القيادات الإسلامية والمسيحية، وواجه تدويل القضية اللبنانية بدفعها نحو الحضن العربي. وقال خالد: تترافق الذكرى مع استحقاقات مفصلية يمر به لبنان أساسها القرار 1559 وبنوده التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه من حالة الضياع والجهل الأكيد ويترافق ذلك مع انتخابات نيابية تحت سقف قانون مجحف بحق كل اللبنانيين يجردهم من أبسط قواعد اللعبة الديمقراطية ويزوّر إراداتهم في قدرتهم على اختيار ممثليهم, فلا مجال لأي تكافؤ للفرص والمساواة في بند الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب وبند الإنفاق المالي، ومع ذلك وفوقه لا يتيح المجال لانتخابات حرة ونزيهة بعيدة عن الإثارة والحقن والشحن الطائفي والمناطقي. كما يترافق كل ذلك مع إبراز وجوه مر عليها الزمن وتناساها الناس من قسوة ما عانته منها فشاهدناهم مرة أخرى يتصدرون شاشات التلفزة والمواقع ويحصدون المغانم تارة باسم الحرية والسيادة والاستقلال وتارة باسم الطائفية والمذهبية. وأكد أن طي صفحات الماضي، كما يشاع، يتطلب مشاركة الجميع بدون استثناء، فلا يجوز في بيروت أن يتسع المكان للقوى التي ساهمت في التقسيم ويضيق أمام القوى التي عملت جاهدة في سبيل التوحيد والحرية والعروبة. ساسين عساف ثم تحدث الدكتور ساسين عساف عن مآثر المفتي الشهيد، رجل التعقل في زمن الجنون, رجل الحكمة في زمن الجهالة, رجل الاعتدال في زمن التطرف, ورجل الحوار في زمن القطيعة.. وتطرق إلى الوضع الداخلي فقال: نحن اليوم في أزمة وطنية متفاقمة، وأرضيّة الوفاق تزداد تقلّصاً وانحساراً أمام استعار طائفي ومذهبي لا هوادة فيه ولا تراجع عنه أو محاولة إخماده.. فمن اللبنانيين من يرى أنّ الطائف, وثيقة ودستوراً ومرجعاً يحتكم إليه في فض النزاعات، ومنهم من يرى فيه اتفاق الضرورة ومجرد وثيقة لوقف الحرب أنتجه خلل في موازين القوى الداخلية وفرضته ظروف ومعادلات ومصالح دولية وإقليمية لم تعد قائمة.. ومنهم من لا يقرأ فيه سوى ما يناسب مصالح دولية وإقليمية لم تعد قائمة.. ومنهم من لا يقرأ فيه سوى ما يناسب مصالحه وأطماعه الفئوية.. والعجب في كل هذا أن الجميع يجهرون بالتزامهم نصّاً وروحاً، لقد بلغ التكاذب في هذا البلد لدى طبقة سياسية جلّها فاسد حدّا يتجاوز كل حدّ.. ---------------20/5/2005 |