بمناسبة افتتاح المعرض العلمي الأول في الذكرى السنوية السادسة للإستشهاد بيروت في 19/05/1995 في الذكرى السنوية السادسة لاستشهاد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد، يسعدني ان أرحب بكم بإسم مؤسسة المفتي الشهيد لإفتتاح المعرض العملي الأول الذي هو من ضمن سلسلة نشاطات نقوم بها في هذه الذكرى، ومن ضمن اطار متابعة مسيرة الشهيد في السماحة والأخلاق والالتزام الوطني. مؤسسة المفتي الشهيد هي مؤسسة العطاء لأنها نهلت من مدرسة الإسلام والوطن، وما زالت تعمل لجيل صاعد من اللبنانيين تتجسد فيه روح المحبة والتسامح والإنصهار الوطني في وطن يحتضن جميع أبنائه بتطلعاتهم وطموحاتهم وتساهم في دعم مسيرة الصمود والنهوض الوطني والإجتماعي والأخلاقي لتصنع مستقبلاً مشرفاً تسوده القيم الخلاقية والعدالة. ومن هنا فإننا نشعر بأن مجتمعنا الأهلي ومؤسساته المدنية العلمية والثقافية والإجتماعية لهم الدور الكبير بالتعاون مع مؤسسات الدولة يدعم صمود المجتمع وبناء الوطن ساعية الى جانب نشاطاتها الأخرى للتواصل وتبادل الرأي والنقد وتنمية الفكر في حوار حضاري يستهدف ردم الهوة بين تطلعات أبناء الوطن الواحد ومتطلبات العصر فلنواجه بهذا الإنفتاح وهذا الحوار الذين يعتبرون الدين انعزالاً ولنواجه ما يحمله هذا الانعزال من خوف وبغض وأنانية. ان هذا يتطلب منا الكثير من الإرشاد والتوعية وتيسير العلم يفتح الأذهان ويثور القلوب ويسهل اطلالة الناس على الحق والحكمة والتعاون المثمر. ان حواراً دائماً من هذا النوع وبمنظار الالفة والمحبة يجمع اللبنانيين على موقف وطني واحد وصامد في وجه محاولات الشرذمة والتفتيت التي يتبعها العدو الصهيوني للسيطرة على مجتمعنا وللرد على محاولات المساومة والابتزاز والتطبيع الذي يسعى إليه باحتلاله أرضنا وسجنه لاخواننا وخداعه لأمتنا. ان دور المؤسسات الأهلية خاصة تلك التي تعني بالشأن التربوي والثقافي مواجهة خطط التطبيع ببرنامج متكامل ومكثف من خلال الندوات والمحاضرات والمناسبات الثقافية والإعلام الواعي حتى يكون كل مواطن على بينه من خطورة هذه الآلية الصهيونية الساعية للتوسع من خلال غلاف يسمونه السلام . أيها السادة، ان لمؤسساتنا الأهلية دوراً هاماً ومميزاً في بناء الوطن الذي نتطلع إليه وطناً لجميع أبنائه تختفي فيه عقد الغبن والخوف فلا نريد أن تغبن أمة شريحة من شرائح المجتمع اللبناني ولا أن تشعر شريحة أخرى بالخوف على مصيرها، ومن هنا فإننا ندعو الجميع لأن يخرجوا ونخرج معاً من كهوف المذهبية الضيقة واتفاق الطائفية المنغلقة لندخل في رحاب الوطن، وطن الإنسان والعدالة والقيم الأخلاقية، وطن تتقدم فيه الكفاءات وتشاد فيه المؤسسات ويغلب فيه رجال العلم والحكمة والجد على أصحاب المطامع والمصالح . فلا يجوز لنا أن نعيش في وطن المزارع والمنافع وتقاسم المصالح والخروج على القانون وتمييع المسؤولية وانما علينا أن ندخل في عصر المؤسسات وحكمها لأننا مقبلون كلبنانيين وعرب ومسلمين على مجابهة التحدي الحضاري الذي يفرضه علينا العدو الصهيوني بنظام شرق أوسطي يسلخنا عن هويتنا العربية وعقيدتنا الدينية، وندعو جميع الكفاءت العلمية والمؤسسات المستقبلية لتلعب الدور الأبرز في تنمية انسان هذا الشرق العربي مهد الحضارات الذي انعم الله على أهله بنعمة الإيمان ووفرة مصادر الطاقة. ولست ادري كيف يتلهى البعض بالتراشق بسفاسف الأمور وصغائرها وينزلق البعض الآخر في سجال علني حول مطالب فيها من الحق ما يبعدها أن تكون سجالاً خصامياً هداماً، في الوقت الذي يدفع المواطن في الجنوب والبقاع الغربي يومياً ثمن صموده وويكتوي المواطن اللبناني بنار الغلاء وفوضى الأسعار وأزمة السير والكهرباء والمياه ناهيك عن الجرائم البيئية التي مارسها المستفيدون من الحرب الشريرة على أرضنا والتي يمكن أن يطال أذاها جيلنا والأجيال المقبلة . أيها السادة ، ان لبنان وبيروت بشكل خاص منارة للثقافة والعلم ومركزاً للإشعاع الحضاري ومنبراً للفكر الحر والعصري، ومعرضنا اليوم يجسد بكل فخر واعتزاز هذه المزايا والصفات.
ان معرضنا هذا العام يتزامن مع مجموعة من المتغيرات الداخلية والاقليمية وما دور الكتاب ودور الحركة الثقافية عامة إلا في مواجهة متغيرات الحاضر والمستقبل حفاظاً على هويتنا العربية والاسلامية وتراثنا وشخصيتنا. أيها الأحبة، الشيخ حسن خالد مفتي الآخاء والانفتاح السمح كان حتى آخر يو بيننا رائداً يتقدم المسيرة وإماماً للجماهير يسدد لها الخطوات ويبعدها عن نزق العواطف الثائرة ويرشدها إلى مكامن الخبث في المؤامرة التي ابتغت تمزيق لبنان... لقد كتب الله لك الشهادة والشهادة عصية الا على الأقوياء والكبار والمؤمنون بربهم وأنت كنت كبيراً وقوياً ومؤمناً في كل خطوة وفي كل فعل وبقيت حتى آخر نبض في حياتك صابراً وصامداً تمتلىء بالحب والحنين وترسم وطناً في حجم الآمال والطموحات. ان حياة هذا الرجل، والعديد من أمثاله، لن تتوقف بموته فقدره الشهادة وانها معركة ومسيرة مستمرة ضد أمراء الحروب والظلم والظلام والعدوان وانها معركة شاقة تمر في المناطق المحرقة والموحشة والمناطق الباردة المقززة. لقد كان بالنسبة للظالمين والمستبدين ذلك القبس الرهيب الذي يقض مضاجعهم ويكشف ممارساتهم. أيها السادة ، لا يسعني في الختام الا أن أدعو إلى مزيد من الطهارة والنظافة في العطاء القدري الوطني والبناء والتأهيل الإجتماعي والإقتصادي ومعالجة حاجات المواطنين التي تمس عيش حياتهم اليومية على كافة الصعد. ونوجه تحية شكر إلى دولة رئيس مجلس الوزراء على رعايته هذا المعرض ورعايته للذكرى السنوية السادسة لاستشهاد المفتي حسن خالد، وكل الذين ساهموا وشاركوا في انجاح هذا العمل وهذه الذكرى الخالدة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . |