14/05/1991 * صرح دولة الرئيس رشيد الصلح: فقد لبنان منذ سنتين رجلاً كبيراً من رجالنا، وقائداً من قادة الرأي واعياً مؤمناً للتسامح والتساهل بين المواطنين جميعاً، كان الشهيد حسن خالد إماماً ورائداً من رواد الوحدة الوطنية بين سائر اللبنانيين ومصلحاً اجتماعياً ودينياً كبيراً، أنشأ مؤسسة صندوق الزكاة وسواها من المؤسسات التي رعت شؤون المسلمين وساهمت بتخفيف المتاعب والويلات عنهم وجعل من دار الفتوى في بيروت مقراً لجميع المسلمين وجميع الوطنيين من أبناء الطوائف الكريمة الأخرى، وكانت الأنظار تتجه إلى هذه الدار وسيدها في الملمات والأيام المصيرية وكلنا يذكر موقفه الوطني والقومي الرائع في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وحصاره لبيروت واللبنانيون والعرب . لن ينسوا صموده في وجه الانحراف وحكم السوء في خطبته الشهيرة في الملعب البلدي عام 1983 بعيد الفطر المبارك حين تصدى برجولته وشجاعته للانحراف وكانت خطبته التاريخية الخطوة الأولى في مسيرة التحرر والإنعتاق من أدوات إسرائيل. واليوم نذكر بالخير الرجل الكبير والشهيد المؤمن الذي سقط دفاعاً عن رأيه ومواقفه وصعدت روحه الطاهرة المؤمنة إلى خالقها مع الصديقين والشهداء والمؤمنين. ************************* * صرح نقيب الصحافة الأسبق الأستاذ زهير عسيران: اليوم في الذكرى الثانية لاستشهاد نستذكره ونفتقده، لكأنه هو الحي وكثيرون من الأحياء رحلوا ولم يبق لهم أثر يذكر... صاحب السماحة مفتي الجمهورية حسن خالد، النسخة اللبنانية الفريدة التي ظهرت وسط محنة من أعظم المحن التي تحل بالشعوب والأمم، نقف أمامها اليوم في الذكرى الثانية لغيابه متهيبين خاشعين، مثلما يقف المرء أمام أصحاب النزعات الرسولية في الحياة الذين يقهرون الموت ويستمرون أحياء في الضمائر والقلوب، الشيخ حسن خالد واحد من هؤلاء، لو لم يكن موجوداً خلال المحنة التي نزلت بلبنان لوجب إيجاده كإنسان مجتمعي مترفع أغنى الساحة بعطاءاته وألهمها الثبات على طريق الصمود والصبر حتى أذن الله بفجر الفرح وانحسار موجة الجنون والتآمر والمشاريع المستحيلة التي كادت أن تقضي على لبنان وتتركه أشلاء على خريطة هذا العالم . من ذا الذي ينسى الصوت المنحدر الهادر في الملعب البلدي مثلاً وفي مختلف مواقع التوعية والنضال والدعوة إلى تحكيم العقل؟ من لا يستذكر حسن خالد ومقولته: لبنان الواحد ومن أجل هذه المقولة اضطهدت مقامات ورجالات وسقط في لبنان شهداء كبار وعلى رأسهم شهيدنا العظيم حسن خالد . في الناس نفوس لا تحقد ولا تسيء، وفي الناس أنفس لا تبالي بما يصيبها من سوء بصفاء تستمده من لدن خالقها، وصاحب السماحة أحد هؤلاء في علاقته مع الناس استمد من الله مراس التعامل الاجتماعي السليم، فلا تسلط يعنيه ولا بدعة تغريه ولا مال يستهويه ولا صلة قربى تغنيه عن قربى الإيمان بالله وبوطن يجب أن يستمر ويبقى ولو على جماجم الشهداء والقديسين والصالحين. لقد خلق الله الإنسان ودعاه إلى خدمته والعبادة وعلمه إن الحق في الأرض هو جزء من الحق الذي في السماء، على هدى هذا الإيمان الذي كان يعمر صدر الشهيد الكبير سار صاحب الذكرى التي نحييها اليوم، إنه العلامة والمثال الذي يحتذى في الورع والتقوى والقائد المنفتح على الجميع من مقامات روحية وقيادية يحاور ويقرب ويجمع ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، لم يسجل عليه أنه سخر الدين للسياسة رغم رئاسته لتجمعات سياسية ورغم المقام المؤثر والفاعل الذي كان يشغله في لبنان، لقد كان حكيماً هادئاً داعياً إلى الخير والمحبة ويتصور لبنان بيتاً جامعاً يتسع لطوائفه كافةً ، تحت سقفه ينبغي أن يعيش الجميع بالعدل والقسطاس لا ظالم ولا مظلوم ولا مترف ولا بائس ولا خائف ولا محروم. هذه النسخة اللبنانية حسن خالد لا تقوم بلبنان قائمة بدونها، هو رجل الدين والدنيا معاً، حليماً حكيماً هادئاً حتى الحدود التي لا تمس فيها الشعائر الروحية والوطنية وإذا ما حدث ذلك، فهو العاصفة والثائر المقتحم في وجه الفتن والمتلاعبين بعواطف الناس ومشاعرهم، ما أقحم الدين بالسياسة بل كان موجهاً للسياسة والسياسيين على طريق الخير والصواب والصلاح. في ذمة الله أيها الشهيد الكبير الخالد نقول كلمة الحق في ذكراك الثانية وفي كل ذكرى تترى ما قدر لنا البقاء، وحبك رضاء وراحة في عليائك انك ترى لبنان وبعد انحسار محنته بداء يلملم جراحه ويعود إلى النهوض وفي أحلامك وأمانيك وتحت راية التعقل والتعايش الأخوي الذي حلم به، وجاءت المحن والنكبات تؤكد وتثبت نهائياً انه الحل الوحيد لوطن الطوائف والمذاهب الفريد والمميز في تراثه وحصارته بين أمم العالم. لك الراحة في دنيا الحق والخلود وأنت في هذه الدنيا باق بقاء الرجال الذين خدموا وبذلوا حتى الشهادة واستمروا أحياء بيننا يذكروك بكل خير وتقدير. ان لبنان الآن يحقق انجازات كبيرة طالما حلمت بها وسعيت إليها، وما دام التعقل فيه يمسك بزمام الأمور ويدفعها في الطريق الصحيح فالأمل والرجاء كبيران بأن ينهض من عثرته ويتصدى للأخطار الباقية التي تعيق مسيرته نحو تحرير كالم ترابه والتخلص من أخطر أعدائه الجاثم في جنوبنا العزيز عليك وعلى جميع العاملين المخلصين. زهير عسيران ************************* * كلمة العميدة الدكتورة زاهية قدورة: مني لبنان بفاجعة أليمة وخسارة جسيمة وجرح بليغ باغتيال سماحة الشيخ حسن خالد مفتي الجمهورية اللبنانية. لقد عرفت الشهيد الكبير منذ سنين طويلة، سنة تخرجه من الأزهر الشريف كنت طالبة في جامعة القاهرة ثم واكبت مسيرته فكان مميزاً بإيمانه العميق وخلقه الرفيع وعلمه الغزير، وتواضعه الجم وهمته العالية وبمصداقية مواقفه والقدرة على التغلب على الصعوبات بهدوء وروية، إلى أن أصبح إمام مدرسة دينية وأخلاقية رفيعة. كان رحمه الله مسلماً مؤمناً تحلى بقيم الإسلام وإنسانيته آمن بالتطور والتجديد من خلال مبادئ الدين الحنيف وعملاً بشريعته وتطبيقاً لأحكامه كان مسلماً حضارياً حقاً، آمن بالإنسان وإنسانيته مما جعله رمزاً إسلامياً ووفياً في آن، وقد عمل من أجل لبنان الواحد وكان رائد سلام ووفاق وطالب عدل ومساواة وألفة بين جميع المذاهب والطوائف. لقد عمل جاداً لتوحيد جميع المواقف بين كافة المسلمين، والتلاقي والتعايش بين المواطنين مما أكسبه شخصية فذة مميزة تكونت خلال مسيرة طويلة تجلت بمصداقية أصيلة. انطلق الشهيد الكبير في حياته العملية من جذوره الإسلامية الأصيلة، فمنذ تسلمه منصب الإفتاء تحمل مسؤولياته بوعي وإخلاص، وحافظ على الأمانة، وسار بجد وفعالية، ففتح قلبه وشرع داره فأصبح دار الإفتاء بيت المسلمين جميعاً ، تعاون مع المخلصين من أصحاب الخبرات، واعطى زخماً باستقطاب كفاءات شابة وإيجاد كوادر متخصصة كل ذلك محدثاً نقله واضحة في إطار مسؤولياته . كان رحمه الله يؤمن بالعمل المؤسسي لاعتقاده أن العمل الفردي يرحل برحيل الفرد مهما صغر أو كبر، ويبقى العمل الجماعي والمؤسسي. وقد طور دار الإفتاء التي كانت عند استلامه المسؤولية تضم المفتي وقلة من الموظفين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد . لا شك أن الشهيد الكبير قد ترك بيننا فراغاً يصعب سده خاصةً في الظروف الصعبة والتي هي في غاية من الدقة وتتطلب المزيد من الهمم وبذل التضحيات وقبل كل شيء، توحيد الصف والموقف لمواجهة التحديات والاستحقاقات الكثيرة ومما يزيد أسفنا وحزننا في إننا نحن اليوم أحوج ما يكون إلى رجال على مستوى الشهيد الكبير على أن يكونوا أوفياء لذكراه ونضاله بالسير على خطاه وسيكون نجاحهم خير تخليد لذكراه فالمبدأ لا يموت والرسالة لا تغني، فإذا عاشت مبادئ الشهيد ورسالته فيهم فهو حي بينهم وحي أبداً مع الخالدين فإنني على يقين إن أمة الإسلام ستظل سخية بالعطاء غنية بالرجال لقد صنعت التاريخ وستصنعه دائماً بإذن الله . لا شك إننا جميعاً نتوسل إلى الله عز وجل أن يرعى سماحة الشيخ رشيد قباني ويشد أزره ويجعله خير خلف لخير سلف معاهدين شهيدنا أننا سنسير على خطاه وهو الذي سار على درب الصديقين وقد لقي ربه مؤمناً مجاهداً وحسبه الآن في جنات النعيم. د. زاهية قدورة ************************* * التجمع الطلابي من أجل الوحدة في ذكرى استشهاد سماحة المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد نتطلع إلى القيم والمبادئ التي عاش من أجلها وقضى في سبيلها مفتي الجمهورية وإمام الوحدة والسلام... طلاب لبنان، ومعلموه، وأساتذة جامعاته الذين طالما وجدوا في المفتي الشهيد نصيراً لقضاياهم يفتقدون اليوم فيه النصير والمعين والداعم لمطالب الجامعة والمدرسة وكل الجسم التربوي. رحم الله الشيخ حسن خالد، شيخ الشهداء، والهم المسلمين واللبنانيين والعرب من بعده الصبر والسلوان. ************************* * جمعية شبيبة الهدى أوفياء سنبقى لمن كان وفياً للوطن وللناس وللقضايا المحقة... أبناء سنبقى لمن كان أباً لكل المسلمين واللبنانيين وللعرب. ذكراك باقية في قلوبنا... وقلوب كل الشبيبة في لبنان... ************************* * الرئيس شفيق الوزان كبيراً وعظيماً إنه رغم كل العواصف والتيارات لم يستسلم للظروف ولم يسمح للفتنة أن تدخل صفوف الرعية، بل كان داعية السلام والوحدة متشبثاً بالعدالة والحرية والمساواة. والثوابت الإسلامية التي رعاها في دار الفتوى كانت الثوابت، وهي التي هيأت لما تحقق في ميثاق الطائف الذي فتح باب سلام للحل لنتابع الطريق من أجل لبنان عربي موحد تسوده العدالة والمساواة، اغتالوه وكأن الاغتيال هو لمسيرته بل لقيادته وأحسسنا جميعاً بالفراغ، إنه الفراغ المرعب الذي يكبر مع الأيام وتبرز صورة الشهيد كم كان كبيراً وكم كان مالئاً لدنيانا. كلنا ومعنا قائم المقام الحالي سماحة الشيخ محمد رشيد قباني أشعر بثقل هذا الفراغ والمسؤولية الكبرى أن نسرع لنرفع القيادة الثابتة، فالأيام المقبلة أيام بناء ومسيرة دقيقة يصرخ معنا الشهيد للاستعجال بتكريسها، رحم الله شهيدنا الكبير الذي سيبقى نبراساً في مسيرتنا. ************************* * مطرانيه الروم الأرثوذكس بمناسبة ذكرى استشهاد سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد، أدلى المطران إلياس عودة متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس بما يلي: سنتان مليئتان بالأحداث مرتا على غياب سماحة الشيخ حسن خالد وأمور كثيرة تغيرت أو هي في طور التغيير، لكن النظرة إلى سماحته ما زالت هي هي، وما زال يحتل مكانته في القلوب، رغم مصرعه، فمثله لا تنساه ذاكرة وأن ظنت أيدي الغدر إنها إزالته، ولا يغيب عن بال وطن وإن غاب وجهه. فالأوطان وفية لأبنائها وللأوفياء منهم بشكل خاص، والمفتي خالد كان أميناً لوطنه محباً لمواطنيه، عمل جاهداً حين كان العمل بطولة، على توحيد نظرتهم للبنان وعلى توحيد لبنان الذي ساهمت أيد كثيرة في تمزيقه وندرت تلك العاملة على توحيد الأشلاء. كان داعية خير وعدل وسلام، تخطى انتماءه الديني إلى الانتماء الوطني الأشمل، وداعية حوار انطلق من تعاليم كتابه طالباً لقيا كل من آمن بالله. بالاعتدال بشّر وبه عمل وعّذم، أدرك أن التعصب لا يؤدي إلا إلى الزوال وأن الحقد نتيجة الهلاك، فدعا إلى الانفتاح والتواصل وتخطي الأحقاد والخلافات واعتماد الحكمة ولغة العقل من أجل الخلاص. أكاد لا أنساه وهو يحاور الجميع، حين اجتمع الرؤساء الروحيون في الكويت، ويحاول الوصول إلى صيغة ترضي الجميع ولا تنتقص من حق احد، حسبه أن لبنان بات على الطريق الذي تمناه له. ************************* * السفير الدكتور حليم أبو عز الدين هذه الذكرى الأليمة، الذكرى السنوية الثانية لاستشهاد المغفور له المفتي الشيخ حسن خالد، تثير في نفسي كل من أتيح له أن يتعرف عن قرب، إلى سماحته، غالية بقدر ما هي عزيزة بقدر ما هي مرموقة. كان رحمه الله رجل التقوى، رجل الفكر والعلم رجل العمل الصالح والخلق القويم. نشأ في بيئة دينية صالحة، وجاور السنوات في الأزهر الشريف حيث أكمل دراسته الفقهية الحالية التي أهلته للقضاء ومن ثم لمقام الإفتاء. عرفته في أواسط الأربعينات في القاهرة، حيث كان ينهل علوم الدين الحنيف وشعرت بجاذب خلقي وفكري يشدني نحوه، مما جعلني أحمل له في أعماقي مشاعر التقدير والمودة والاحترام. ورافقته، ولو عن بعد في سني تمرسه بالقضاء الشرعي، ثم كان من حظي أن تزداد صلتي به وثوقاً، وهو في مقام الإفتاء الكريم فلم تزدني تلك الصلة إلا تقديراً له وإكباراً لمزاياه. ولقد عمل سماحته للإسلام وللعروبة وللبنان كخير ما يكون المواطن الصالح المرموق ذو الرأي التوجيهي الصحيح، وجعل من دار الفتوى دار الدين والعلم والوطنية الحقة. وإننا نفتقده ونفتقد شمائله الرفيعة، ونذكره بالخير، خاصة في هذه الأيام التي عاد بها لبنان بفضله وبفضل الصالحين أمثاله، إلى سلوك طريق السلام والوحدة والحرية. رحم الله المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد وأسكنه فسيح جنانه. ************************* * كلمة الأستاذ بهاء الدين عيتاني – عضو مجلس إدارة دار الندوة رحم الله سماحة المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد، فقد أضاء شعلة الأمل في وقت كانت فيه الظلمة والظلام ماضية بمؤامرتها تفتك بهذا البلد وترعب أهله في حرب شرسة حصدت الآلاف من القتلى والجرحى والمشبوهين. وشلت الاقتصاد وجلبت الفقر والعوز والدمار. لقد شد من عزائمنا عندما وقف بشجاعة مع أهله ومع بلده، يقاوم الفتنة ويفضح غاياتها وأساليبها في التفتيت والتقسيم والتجزئة، فلم ينجرف في هذه الحرب القذرة ولم يناصر فئة على فئة أو دين أو مذهب على مذهب أو حزب على حزب، بل على العكس طالب بالسلام والمحبة والوحدة بين جميع أفراد الوطن،لقد كان ضمير الأمة الساعي أبداً وبصدق إلى تخطي أزمتها الدامية. كان يؤمن بأننا في سفينة واحدة، فأما أن نجتاز المحنة جميعاً إلى شاطئ السلام والأمن إذا اتفقنا واتحدنا، أو أن نغرق جميعاً في أمواجها العاتية المظلمة إذا اقتتلنا، فبالحوار الصادق البعيد عن النزوات والتطلعات الضيقة تصل الأمة إلى مبتغاها. وكان صادقاً وفياً للمبادئ، التي آمن بها، سقط شهيداً يدافع عن وحدة وعروبة لبنان، لقد كان يعلم بأن المؤامرة الصهيونية لا تعتبر لبنان هدفاً أخيراً بل مدخلاً إلى مشروع التجزئة والتفتيت في العالم العربي كله، فعلى الرغم من هول وحجم وقوة قوى الشر والطغيان، كان على يقين دائم بأن النصر سيكون في النهاية لأهل الخير، أهل الوحدة والسلام في هذا البلد. والآن ونحن في الوقت الذي بدأت الشرعية باستلام زمام الأمور وقطعت شوطاً كبيراً في مسيرة الوفاق الوطني، نرجو أن تتحقق جميع المبادئ التي آمن بها سماحته. فإذا كان مطلب السلام الأمني عنده مطلباً أولياً ومهماً فالسلام الاجتماعي كان لا يقل أهمية لديه، فكان يولي القضية الاجتماعية والاقتصادية اهتماماً شديداً، وكان شغوفاً بالحوار الديمقراطي، ومنفتحاً على جميع الآراء والأديان. فتحية إجلال وتقدير لك ولمبادئك الجليلة وأعلم أنك ستعيش أبداً مع أمة لن تنساك. ************************* * كلمة النائب منيف الخطيب إن الراحل الكبير صاحب السماحة الشيخ حسن خالد رحمه الله كان رجل المبادئ والقيم، رجل المواقف الجريئة والوطنية الصادقة والإخلاص والتضحية من أجل تحقيق ما يؤمن به. وان اغتياله يستهدف بالإضافة إلى شخصه الكبير ومكانته العالية المبادئ التي سعى من أجلها لأن المؤامرة التي تعرض لها الوطن تهدف للقضاء على الوطن ورجاله المخلصين. وإننا في هذه الذكرى الأليمة نشعر بمدى الخسارة التي حلت باستشهاد صاحب السماحة ولا سيما إنه كان يتطلع إلى إنهاء المؤامرة ووضع نهاية للحرب واستعادة الدولة لدورها والوطن لعافيته والشعب لطمأنينته. كما أنه كان يعطي قضية الشريط المحتل والعرقوب كل اهتمام ورعاية ويقف إلى جانب هذه القضية الوطنية الحقة بفاعلية وقوة. رحم الله فقيدنا الكبير وحقق أهدافه وأمانيه. ************************* * كلمة الأب انطوان ضو رئيس منتدى القدس في ذكرى استشهاد المفتي حسن خالد، يغمرنا الفرح والعزاء والرجاء لأن الأفكار التي ناضل من أجلها الشهيد تحققت بسرعة، وفي طليعتها عودة دورة الحياة إلى طبيعتها بين اللبنانيين، رغم هموم الوطن وتحديات المؤامرات الخارجية. إن وحدة الشعب والأوطان لا تحقق عن طريق العنف والظلم والاستبداد والقهر بل من خلال العقل والحرية والديمقراطية والعدالة والمحبة والإنماء وبناء إرادة الوحدة. حسن خالد في زمن التقسيم والتفتيت كان مناضلاً وحدوياً، وفي زمن التعصب والطائفية والأصولية كان رسول وحدة المسلمين والمسيحيين بالحوار والعيش المشترك والتآخي فهم خصوصية لبنان القائمة على أن لا استقلال في الانعزال، ولا تفريط بالكيان حتى الزوال بل توحد ووحدة حقيقة صافية مع محيطه العربي من خلال الروحية التي تركز على وحدة الجنس البشري ووحدة الأرض على قاعدة الأصول الروحية وحقوق الإنسان وحاجات العصر، لا على قاعدة العصبيات والعنصريات والقوة والاستعمار والهيمنة والاستغلال. تراث حسن خالد، يجب نشره وتعميمه، ليكون مرجع الوحدويين في ورثة نضالهم، وزاداً للبنانيين في عيشهم الأخوي الحر. ************************* * كلمة الأستاذ منح الصلح في هذه المرحلة الواعدة من تاريخ هذا الوطن وقد قامت فيه سلطة متفق عليها من كل أبنائه ودولة تسير بخطى حثيثة في طريق الإصلاح وتبسط السيدة على الأرض اللبنانية، وتبرم العلاقات المميزة مع الشقيقة سوريا وكلها أهداف ناضل من أجلها سماحة مفتي الجمهورية المغفور له الشيخ الشهيد حسن خالد، كم نفتقد إطلالته السمحة تشع محبة ووداً للناس جميعاً ويده المباركة ينصر بها كل قضية حق ويشد من أزر كل ملهوف وعقله الهادي ينير به سواء السبيل، ومكانته الرفيعة في الداخل والخارج، وقد خسر فيه المسلمون واللبنانيون جميعاً والعرب، الرجل الفذ الذي صقلته المعاناة الطويلة مع أبناء أمته وبلورته التجارب وجعلت منه القائد الروحي والديني الخليق بأن يكون رمزاً للوطنية الشاملة والقومية الجامعة والتدين القويم. فكل يوم مجيد من أيام لبنان والعرب والمسلمين هو يوم ذكرى له وكل يوم تضحية وعطاء في سبيل القيم والمعاني السامية وكل يوم انتصار لقضايا السلام والوحدة والعدالة هو مناسبة لاستحضار رسالته وميادينه ودوره. وحسبه في تاريخ لببان أن يكون صاحب صلاة المعلب البلدي التاريخية التي جمعت اللبنانيين، ورسمت لهذا الوطن طريق الإنقاذ وكتبت النصر لمبادئ السلام والوحدة والعروبة والمساواة بين اللبنانيين التي نادى بها سماحته، وكان بها مؤخراً وضع لبنان على طريق السلم والسلامة. ************************* * كلمة الرئيس شارل الحلو كنت رئيساً للجمهورية عندما انتخب مفتياً للجمهورية اللبنانية، وبدأ التعاون بينه وبيني منذ ذلك الوقت، وكان تعاون أخوي منفتح على كل القضايا المشتركة وفي طليعتها القضايا الروحية والوطنية، واستمرت علاقاتنا على هذا الصعيد بعد نهاية ولايتي وكان تبادل الزيارات بيننا. وفي أوائل المأساة اللبنانية سعينا إلى إبراز ما يوجد من محبة لا بين سماحته وبيني بل بين الطائفتين فاخترنا عدداً من الشخصيات لإجراء لقاءات ومحادثات تؤكد يوماً بعد يوم عمق ومتانة الروابط بين الجميع، هذه اللقاءات كان يحضرها إلى جانب سماحته الرئيسان المرحومان عبد الله اليافي وتقي الدين الصلح وغيرهما من الشخصيات السياسية المؤهلة للحوار، كنقيب الصحافة في ذلك الحين والمرحوم رياض طه، وكان من الأحياء الدكتور حسين القوتلي ومحمد أمين دوغان، وكانت اجتماعاتنا تضم نواباً وصحفيين وأطباء كالأستاذ نصري المعلوف والمرحوم الدكتور اميل بيطار، كل هذه الوجوه تظهر في صورة تجمعنا وهي أبلغ من كل تصريح. وكانت الاجتماعات تتوزع بين أعضاء هذه الهيئة فنأخذ طعام الغداء مثلاً في منزل المفتي في عرمون أو في بيتي في الكسليك أو عند عبد الله اليافي في الجبل أو عند تقي الدين الصلح في بيروت ولا أذكر الآن في هذه المناسبة غير أنني بصدد تحضير ملف كامل حول هذه المحاولات التي قمنا بها لا لتقريب النظر وحسب بل لتأكيد مشاعر المودة والانفتاح على بعضنا والثقة المتبادلة والإخلاص المشترك للوطن الواحد. وأذكر أن سماحته أعجب بمثل أعطيته أثناء احد الاجتماعات عن أفضل طريقة لتوحيد القلوب وإقناع الناس، كنت أعطي مثلاً قصة تعلمتها في صغري في أحد الكتب المدرسية وهي تعرض منافسة بين الشمس والهواء حول إقناع رجل مار في الشارع لحمله على خلع معطفه فبدأ الهواء وعصفت العواصف وأمطرت السماء واشتد الصقيع فما كان من الرجل إلا أن تلفلف أكثر فأكثر بمعطفه، وحمى نفسه من الهواء والشتاء، وكان بعد ذلك دور الشمس فأشرقت تدريجياً بهدوء كلي وبصبر وروية فما كان من الرجل إلا أن تخلى رويداً رويداً عن المعطف وكاد أن يتخلى أيضاً عن سترته. أما القصة فكانت لشرح وإقناع بأن الهدوء واللطف والروية من شأنها إقناع الناس أكثر فأكثر من وسائل العنف، وكان سماحته يذكر أحياناً هذه الرواية بلسانه بما كان له من ابتسامة كانت تجسيداً للطف والحكمة والزوق السليم والمحبة. لقد خسره لبنان كمرشد وكمثل، أما أنا فخسرت أيضاً في شخصه الأخ والصديق والرفيق. وأتمنى أن يكون لي مع سماحة القائم مقام المفتي الدكتور محمد رشيد قباني الذي تعرفت عليه مؤخراً وقدرت ما عنده من صفات عالية والعلاقات الودية التي كانت قائمة مع سلفه الطيب الذكر.
|