إذا كان الاسلام واحداً فلماذا يتفرق المتدنيون به؟ وإذا كانت القضية الوطنية واحدة فلماذا يتقاتل الوطنيون؟ **** لا كرامة لوطن يفتقد فيه المواطن عزته وكرامته. **** المقاومة حق مشروع لكل الشعوب التي تتطلع الى الاستقرار والحرية والسيادة وتقرير المصير. **** إن وحدة المسيحيين مسؤولية سياسية إسلامية ووحدة المسلمين مسؤولية سياسية مسيحية **** إن شريعة لبنان الحضاري هي شريعة الدين والعقل لا شريعة الهوى والقتل، وهي شريعة اللقاء والحوار لا شريعة الخصام والدمار **** إن أي فئة من الفئات لا يمكنها ان تبني لبنان على صورتها، سواء كانت حزبية أو طائفية أم عنصرية. **** إن لغة التخاطب مع العدو الدخيل على الجوار تختلف عن لغة التخاطب مع الشقيق المتعاون في حمى الديار. **** الكرامات التي يعتدي عليها العدو الاسرائيلي خليقة بأن تثير ضمير العالم ليتحرك الى جانبنا. **** إن تحرير الوطن يكون بتحريره من العدو الاسرائيلي وتوفير السيادة له كاملة غير منقوصة. **** إن الواقع المقطّع الأوصال والضائع في متاهات اللا أمن واللا استقرار، يُشجع كل صاحب غرض لأن يحقق غرضه، وخصوصاً العدو الإسرائيلي الذي يريد أن يلعب بالنار ويستغل الظروف. **** إن أعز نداءٍ إلى قلبي هو المحافظة على وحدة هذا الوطن وقوته وأن تعيشوا في ظلاله اخوة متلاقين متحابين في السراء والضراء فالقيمة الحقيقة للمواطن هي بما يعطي وطنه من مواهب لا بما يحققه لنفسه من مكاسب **** ان الخطر على لبنان من داخله إذا وزنت الوطنيةُ فيه بميزانين. **** من يطبق القانون بحزم في جهة ويتردد في تطبيقه في جهة أخرى يرد موارد الظلم. **** حريُّ بلبنان، أنشودة التلاقي بين المتدينين، أن يكون رائداً من رواد الحضارة الروحية في عصرنا. **** الطائفية هي تشنج صارخ بقشور الدين وانغلاق وحشي على الإنسانية وضياءها. **** إن لبنان بلد التلاقي الروحي لا الإبتزاز الديني، وان التدين ممارسة صادقة لحقيقة الدين وانفتاح مطلق على الإنسانية بأسرها. **** إننا نريد للبنان أن يكون بلد التعايش السياسي لا التعايش الطائفي. **** إن حقنا في وطننا ليس ملكاً يتصرف به البعض كما يهوى ويشتهي إنما هو أمانة نحملها في أعناقنا جميعاً لنسلمها إلى أحفادنا وإلى أجيالنا المقبلة. **** إن تحرير الوطن ينبغي ان توازيه حركة تحرير المواطن وتحقيق المساواة الوطنية التامة. **** إن من يزن العدل بميزانين يخطئ في حق لبنان. **** وحدة المسلمين والمسيحيين في وطنٍ واحد مسؤوليةٌُ لبنانية مشتركة **** إن تحرير المجتمع اللبناني لا يقوم إلا بتكامل الطاقات الإسلامية والمسيحية. **** المواطن اللبناني لا يكون كبيراً إلا إذا بسطت السلطة الشرعية ظلها على كامل تراب الوطن **** إن لبنان لا يمكن أن يكون إلا على صورةٍِ من التجانس البديع بين جميع طوائفه **** إن نهوض لبنان وتقدمه مرهونٌ بتحقيق العدالة والمساواة بين اللبنانيين ومناطقهم **** الطائفية السياسية والساسة الطائفيون كلاهما ينتفع بالآخر ويتغذى عليه وكل ذلك على حساب لبنان وسلامته وازدهاره. **** إن دعوتنا لوحدة المسلمين ليست إلا دعوة لوحدة اللبنانيين. **** إن أخطر العبودية المعاصرة هي عبودية الإنسان لأهوائه وشهواته التي أحبطت مستواه الخلقي والاجتماعي والحضاري. **** إننا لسنا من هواة إثارة الهالات من حولنا ولا نحب أسلوب العمل الفوضوي ولسنا تجار مبادىء. **** عروبة لبنان هي الشرط الأول لبقائه سيداً حراً مستقلاً. **** إن الإنهيارات الخلقية والإجتماعية على صعيد الأفراد والشعوب، ما هي في الواقع إلا نتيجة طبيعية لفقدان القدرة لدى الإنسان المعاصر على إقامة التوازن الدقيق بين الروح والمادة. **** إن مهمتنا هي أن نحكم بالعدل في نطاق صلاحياتنا وأن نطالب بالأفضل لشعبنا في نطاق الأدب والحكمة. **** لا ديمقراطية ولا عدالة بوجود الطائفية. ****
May 2024 02
الخميس 23 شوال 1445
حكـــــمة الاسبـــــوع




لا تستح من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه



سجـــــل الإصدقـــــاء
رســائـــل التضامـــــن
رســــائـــل التــحيـــة
الـــــى الشــــــــــهيد
16 أيار
روابــــــــــط
المســـابقة التشجيعيـة
اســـــتفتــــــــاء
هل انت مع سحب المبادرة العربية للسلام نتيجة المجزرة الاسرائيلية على سفينة المساعدات؟
إشترك نتائج
   الشيخ حسن خالد في الأعلام
   
   
 


العنوان : تصدي رجال الدين للأحداث « كيفي...لا...كمّي»
التاريخ : 1973-06-03
المرجع : كتاب آراء ومواقف - ص: 140

 

مقابلة صحفية مع سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد  مع مندوب جريدة «أنوار الأحد» اللبنانية

 موقف قادة المؤسسات الدينية في لبنان من الأحداث.
 قيام وحدة وطنية قوامها المصلحة العامة وإلغاء التقسيم الطائفي.
 الدعوة لتولي منصب مهم في الدولة
 إنشاء مجمع ديني على أعلى المستويات.


س1- أين يقف قادة المؤسسات الدينية في لبنان من هذه الأحداث؟ وما هو حجم، بل ما هو مقدار نسبة المشاركة التي يسهمون بها إلى جانب المؤسسات الأخرى، حكومية كانت أم حزبية، في معركة الصمود ودحر العدوان؟ أم أن المؤسسات الدينية وحتى في هذه الظروف المصيرية، لا تجيز لنفسها تجاوز الحدود المألوفة: «التبشير في حدود الممكن»؟

جـ1- من الطبيعي أن هذه الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان تحتم على الجميع، الذين يمارسون مسؤولية ما، أن يقفوا في مقدمة الصفوف الوطنية للعمل على خروج البلاد من هذه الأزمة التي تعانيها، وبطبيعة الحال فإن قادة المؤسسات الدينية، الذين يشعرون بمسؤوليتهم الكبرى في هذا المجال يقفون في مواجهة هذه المسؤولية مباشرة، وما الاجتماعات التي عقد رؤساء الطوائف في دار الفتوى ثم في أماكن أخرى، إلا دليلاً على تواجد الرؤساء فوراً في واجهة العمل الوطني.

إن مجرد اجتماع هؤلاء واتفاقهم كان سبباً من أسباب القضاء على الأزمة، لأن هذه الأزمة بدأت ترتدي في الأيام الأولى الرداء الطائفي، فكان اجتماع الرؤساء الروحيين واتفاقهم خروجاً فورياً من هذا المحظور، وتأكيداً من قبل الرؤساء الروحيين على رفضهم تحويل الأزمة السياسية إلى أزمة طائفية. وهنا لا يمكن أن نتحدث عن (الحجم) و(المقدار) لأن تصدي الرؤساء الروحيين لهذه الأزمة ليس تصدياً «كمياً» إنما هو تصد «كيفي» فليس المطلوب من الرؤساء الروحيين أن يحشدوا العلماء ورجال الدين بكميات وأحجام مختلفة، المهم فقط في هذه الأزمة أن نسأل عن كيفية اللقاء، إلى أي حد مثلاً كان اللقاء بين رؤساء الطوائف ناجحاً... هذه هي الكيفية... وجواباً على ذلك نقول إن اللقاء بين رؤساء الطوائف كان ناجحاً للغاية، كما أن الاتصالات التي أجروها مع فخامة الرئيس وقيادة منظمة التحرير، ومع الزعماء الوطنيين كانت إيجابية، وساعدت إلى حد كبير على تخطي الأزمة وحل عقدتها ابلة والحمد لله، بالتأكيد على التقاء الأفكار وإخلاص النوايا، ووحدة الصف الوطني، إن ذلك في استمراره، يساعد إلى حد بعيد في معركة الصمود ودحر العدوان.

وينبغي أن أقول لك: إنه ليست في الإسلام «حدود مألوفة» في مثل هذه المواقف، ذلك أن الإسلام هو دين عقيدة وعمل، فما يعتقد المسلم به عليه أن يعمل من أجله، والإسلام إيمان بالله وجهاد في سبيله. وإن تاريخ المؤسسات الدينية الإسلامية زاخر باللقاء بين الإيمان بالله والجهاد في سبيله، ومثلنا على ذلك الأزهر الشريف الذي رفض الاحتلال الفرنسي على عهد نابليون، وناضل رجال الأزهر وعلماؤه ضد الاحتلال بل وقاتلوا حتى حكم نابليون على قسم كبير منهم بالإعدام، ونفذ حكمه بهم.

إن تاريخنا القديم والحديث يؤكد أن الرجال الذين نشأوا في كنف المؤسسات الدينية الإسلامية والتزموا بتعاليم الإسلام، هم أقدر من غيرهم على قيادة المواطنين في أحلك الأزمات. إن كثيرين من خريجي أزهر لبنان اليوم، هم وإن لم يرتدوا الزي الديني، من بين خيرة الموجهين الوطنيين، إن كان ذلك في حقل السياسة أو في حقل الأدب، فالدين الإسلامي دين حياة، ودين اجتماع ودين اقتصاد ودين وطنية، ودين جهاد في سبيل الله إذا اقتضى الحال ذلك، والحديث الشريف يقول: (لا رهبانية في الإسلام) فلا انعزالية في ديننا الحنيف، ودواعي الخير والعدالة. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قدوتنا كان الداعية والمعلم والمربي والسياسي ومنظم الإقتصاد، والقائد... ولقد قال لنا رب العالمين: « لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ » .

س2- هناك دعوة إلى قيام وحدة وطنية قوامها المصلحة العامة بعيداً عن الانتماءات الطائفية فهل أنتم مع فكرة علمنة الدولة اللبنانية، وإلغاء التقسيم الطائفي في الحكم والإدارة ومنح المنصب على أساس الكفاءة؟

جـ2- إن أي عاقل لا يمكن إلا وأن يكون إلى جانب الوحدة الوطنية، بل إن كان من يعمل على تصديع هذه الوحدة هو خائن للبنان وللشعب ولقيمه الروحية كلها. وما من شك أن المصلحة الوطنية تكمن في هذه الوحدة التي لا يجوز أن تكون مجرد شعار يطلق في الأزمات ويستعان به في الملمات وإنما التزاماً يومياً نطبقه على مستوى الحقوق كما على مستوى الواجبات. إن العدالة الوطنية التي تستتبع العدالة الاجتماعية ليست في الواقع إلا شرطاً ضرورياً للوحدة الوطنية، وبالتالي للمصلحة الوطنية العليا، التي ينبغي علينا جميعاً أن نضع لها الأسس العلمية الواضحة ونعمل من أجلها بإخلاص كلي.

أما فيما خص الطائفية فلقد كان لنا منها موقف قديم وعلني، في خطبة عيد الفطر الماضي بالذات، حيث أكدنا على أن الطائفية هي أداة تفرقة لا أداة وحدة، وهي عامل تأخر لا عامل تقدم وهي وسيلة ظلم لا طريق عدالة، وأشد وجوه الطائفية بشاعة هو هذا التقسيم الغنائمي والعشائري الحاصل على صعيد مجلس النواب والإدارة ومناصب الدولة.

إننا نشعر بامتهان لإنسانية المواطن ولحريته، عندما نرى واحداً من المواطنين الإكفاء يرشح إلى منصب نيابي أو سياسي أو إداري، فيستبعد لأن هذا المنصب هو من نصيب طائفة غير طائفة المرشح وكم يحدث أن يوضع في هذا المنصب السياسي، أو الإداري، أو النيابي، شخص غير كفء لا لسبب إلا لأن الطائفة الفلانية صاحبة الحق في هذا المنصب، ليس لديها إلا هذا الشخص الذي هو «أحسن الموجود» لقد دعونا إذن في خطبتنا المشار إليها إلى إلغاء الطائفية مرة واحدة، لأن هذه الآفة لا يقضي عليها بالتجربة والتجزئة أو مرحلياً، كما حاول البعض في السابق، فإن التجربة والتجزئة والمرحلية تزيد الأمر تعقيداً وتزيد في الحساسيات كما أنها لا تبرهن على حسن النية أبداً: إن القضية في إلغاء الطائفية تحتاج إلى موقف ثوري، طالما كنا نؤمن إيماناً جازماً بأن الطائفية تشد لبنان إلى الوراء. ولقد أشرنا إلى هذا الموقف الثوري الذي ندعو إلى البدء به، وأعني إلغاء التمثيل الطائفي في المجلس النيابي، وهو موقف ثوري يشمل القاعدة عند عملية الاقتراع في الوقت الذي ينعكس فيه على القمة التشريعية في البلاد، ومنها يمتد هذا الروح إلى رئاسة الدولة وإلى السلطة التنفيذية. وهنا يصبح السؤال موجهاً ليس لنا وإنما للسادة السياسيين الذي يتداولون على مختلف المناصب باسم طوائفهم... هل يقبلون بهذه الثورة، هل يمكن أن يثوروا على أنفسهم... ربما. إلا أننا ونحن ندعو إلى إلغاء الطائفية ينبغي أن يكون هناك أمران واضحان تمام الوضوح.

أولهما- إن إلغاء الطائفية لا يمكن أن يعني لدينا إلغاء الدين أو المؤسسات الدينية وما يرتبط بها.

ثانيهما- إن إلغاء الطائفية لا يمكن أن يعني لدينا القبول بالعلمنة.

أما فيما يتعلق بالأمر الأول فإننا نعتبر أن المؤسسة الدينية والدين بشكل خاص، عامل بنائي في حياة الإنسان، ليس من حيث علاقته بالله فحسب، وإنما من حيث علاقته بالإنسان والمجتمع الإنساني، كذلك إن الدين بهذا المعنى هو الموجه للإنسان لجميع مثل الخير والمحبة بين البشر. ونحن إذا كنا نقر بذلك ونتمسك به فإننا من جهة أخرى نرفض الطائفية باعتبارها تجعل الدين محلاً للمساومة والتجارة والامتهان الإنساني على صعيد الحقوق والواجبات والمواطنية الصحيحة. إننا باختصار نرفض الطائفية النيابية، والطائفية السياسية، والطائفية الإدارية، وطائفية الكوتا السوفيتية. ونتمسك بالدين من حيث هو علاقة الإنسان بربه وبدنياه ومجتمعه، لا غرو فهو ذو القيم والمثل الروحية التي تعطي للمجتمع التماسك المنشود، والرقي المرتجى.

أما فيما يتعلق بالأمر الثاني فنحن مع مطالبتنا بإلغاء الطائفية نرفض كل منهج يؤدي إلى رفض الدين ورفض تعاليمه وآدابه وفلسفته. فإذا كانت العلمنة تعطيلاً للدين من الممارسة الفعلية وهذا ما هو معروف عنها فإنها ترفض التدين وتتنكر لتعاليمه وفلسفته وآدابه، فنحن وإياها نسير في خط متواز ولا سبيل معها إلى اللقاء، أما إن كانت العلمنة لا ترفض الدين ولا ترفض فلسفته وتشريعه وأخلاقه وإنما هي منهج تنظيمي يعتمد العلم القائم على أسس الدين وقواعده الروحية السامية فنحن وإياها على طرف سواء نقرها ونعتمدها ونحارب دونها.

صحيح أن مجتمع العلمنة يسمح بممارسة الشعائر الدينية من طقوس وعبادات، إلا أن الإسلام لا يحتوي فقط على الطقوس والعبادات، إن لدينا أيضاً المعاملات والأحوال الشخصية الإسلامية والحدود والقصاص، والتربية الإسلامية وما إلى ذلك لدينا النظام الكامل الصالح لعمارة الكون وتنظيم الحياة البشرية، وإذا كنا ندعو إلى إلغاء الطائفية بالشكل الذي أوضحناه، فذلك يعني من ناحية أخرى بأننا نتمسك بمحاكمنا الشرعية وصلاحيتها في الزواج والطلاق والإرث والحضانة وفي تكوين الأسرة وفي تحديد علاقة أفراد الأسرة بعضهم بالبعض الآخر، كما نتمسك أيضاً بالمكتسبات الدينية المختلفة التي تتعلق بممارستنا للدين الإسلامي في شتى المناسبات والأشكال، كما نتمسك أيضاً بتعليم الدين الإسلامي في المدارس الرسمية. إننا نعتبر أن تأمين ذلك ينبغي أن يكون شرطاً أساسياً لإلغاء الطائفية.

لنقل إذن وباختصار أنه ينبغي أن تكون هناك «نظرة لبنانية» لإلغاء الطائفية أو نظرة لبنانية إلى علمنة الدولة، فلا علمنة الاتحاد السوفييتي تنفعنا، ولا علمنة فرنسا تنفعنا، إن ما تحتاج إليه هو «معالجة لبنانية خاصة» لموضوع إلغاء الطائفية على نوع من المحافظة على القيم الروحية من عقيدة وشريعة وسلوك.

س3- إذا دعيتم لتولي منصب مهم في الدولة... رئاسة الوزارة... أو رئاسة الجمهورية مثلاً، مع الاحتفاظ بمركزكم الديني أو عدمه فهل توافقون؟ وفي حال الموافقة ما هو شكل النظام الذي تعتمدونه كأساس للحكم.؟

جـ3- إن أي إنسان قادر على تحمل المسؤولية لا يسعه عند الضرورة إلا أن يلبي داعي الوطن والواجب الحياتي يتحمل ما يطلب إليه تحمله من أعباء.. خدمة للمصلحة وتعزيزاً للكيان. والمهم ليس الشخص إنما المهم هو النظام الذي يرتضيه ويعتمده، وإنني لأعتقد بأن النظام الوطني اللاطائفي الذي يقوم على أساس الشورى هو النظام الأصلح للبنان.

س4- ما رأيكم بالوضع التربوي في لبنان على صعيدي الإدارة والطلاب... وما هي الحلول الجذرية التي ترتأونها لمعالجة أوضاع المعلمين المصروفين؟

جـ4- إن أية أزمة اجتماعية لا يمكن أن تكون معزولة عن طبيعة المجتمع العامة، والأزمة التربوية اليوم لا يمكن إلا وأن تكون صورة أو انعكاساً، للتعقيدات الاجتماعية التي يعانيها المجتمع ككل. إن البعض يستغرب كيف أن الطلاب يربطون مطالبهم بضرورة تغيير النظام. إنهم وهم يطرحون قضاياهم الجزئية لا يغفلون عن طرح القضية الاجتماعية ككل. لماذا؟ لأنهم يعتقدون بأن القضايا التربوية الجزئية، كقضية المناهج، وقضية بناء الجامعة الوطنية، وقضية تأمين أسواق العمل، إنما هي أزمات راهنة سببها النظام نفسه، إنها رؤية شاملة وصادقة معاً، وتعاطف الإدارة معها تعاطف واقعي وصادق أيضاً، وينبغي أن نكون نحن أيضاً واقعيين وصادقين، فنقف من هذه الحقيقة الموقف العقلي المناسب فنتساءل: كيف يكون النظام سبباً لكل هذه التعقيدات التربوية؟ وأي نظام هذا الذي حمل لمجتمعنا كل هذه الأزمات؟

أولاً: إنه النظام الطائفي الذي يحكم مسبقاً على الطالب من خلال انتمائه الديني إذا كان يحق له أن يحصل على منحة أم لا، إلا من خلال مراعاة التوازن الطائفي. وهو الذي يحكم عليه بعدم الدخول إلى بعض الكليات لأن طائفته استوفت حقها من الطلاب بالرغم من كونه قد حصل على علامات أكثر من العلامات التي حصل عليها أبناء الطائفة الأخرى الذين ما زال لهم الحق في الدخول إلى هذه الكلية لأن طائفتهم لم تستوف حقها بعد من الطلاب في هذه الكلية. أضف إلى ذلك فإن الطالب بعد التخرج يقع أيضاً في مأزق هذه المعادلة. إن أي طالب يجد نفسه محكوماً عليه من قبل هذا النظام أثناء المرحلة الجامعية وأثناء المرحلة الثانوية، بل وقبل أن يولد أيضاً. إن الحياة بهذا المعنى تصبح لدى أجيالنا الطالعة أقرب ما تكون إلى لعبة الحظ العمياء التي كثيراً ما تجنى على الكفاءات العلمية من ناحية وتحكم عليها بالعزل والأبعاد، وكثيراً ما تتيح الفرص أمام الكفاءات المعدومة فتدفع بها إلى الصفوف الأمامية!! وفي كلا الحالين يكمن الخطر ويقع الضرر الذي يصيب المجتمع. من هنا يرى الطلاب، وهذا حق، أن النظام الطائفي هو نظام ظالم.

وثانياً: إنه النظام الفوضوي: صحيح أن مجتمعنا هو مجتمع الحرية، ونحن نتمسك بهذا المعنى، إلا أن هناك فرقاً بين مجتمع الحرية وبين مجتمع الفوضى. مجتمع الحرية يفترض المسؤولية أما مجتمع الفوضى، فهو، إذا صح التغيير مجتمع الحرية بدون مسؤولية. وهذا المجتمع هو الذي يحاربه الطلاب لأنه مجتمع الحرية بلا مسؤولية، لأنه ينعكس على حياتهم الراهنة وعلى مستقبلهم. إن «مجتمع الحرية بلا مسؤولية» يقول للطلاب أنتم أحرار في أن تختاروا الفرع الذي تريدون، وأنتم أحرار في أن تختاروا إما كليات نظرية مجانية لا مستقبل لخرجيها، أو أن تختاروا كليات عملية باهظة التكاليف وكثيراً ما لا يكون لخريجها مستقبل معها، وأنتم أحرار في اختيار التخصص الذي تريدون على أن تكونوا مسؤولين عن تأمين عمل لأنفسكم في المستقبل... إلى آخر هذه الحريات التي يمنحها «مجتمع الحرية بلا مسؤولية» للطلاب. وتكون من نتيجة ذلك شعور الطالب الراهن بأنه إنسان متروك، أو متخلي عنه، للظروف والأقدار، ومرة أخرى تكون حياته أشبه بلعبة الحظ العمياء.

إن الطلاب والإدارة الواعية اليوم، باتوا يشعرون أن المجتمع كله ينبغي أن يكون مسؤولاً عن القطاع التربوي وهو أهم قطاع في حياتنا اليوم. وينبغي على هذا الأساس أن تكون للدولة رؤية مستقبلية للحاجات الاجتماعية والصناعية والتجارية والثقافية والمهنية الخ... في لبنان بل وفي المنطقة العربية كلها، وعلى ضوء هذه الحاجات المدروسة تعمد الدولة إلى برمجة التعليم لمرحلة معينة، تجدد دراستها كل مرة، حتى إذا ما تخرج الطلاب كانت كفاءاتهم مرغوبة ومطلوبة في أسواق العمل.

إن هناك قضايا تربوية أخرى أعتقد أن التخطيط لها والرؤية المستقبلية لتطوراتها والظرف الراهن على هذا الأساس كفيل بحلها. إن أهل الاختصاص والوطنية هم وحدهم الذين يستطيعون أن يقوموا بهذه المسؤولية. وهنا يكون المجتمع الحر المسؤول الذي أعتقد أن الطلاب يدافعون عنه ويتمسكون به... أما جوانب النظام الأخرى كالديمقراطية وغيرها، فلا أعتقد أن أحداً يريد النيل منها.

أما الحلول الجذرية لمعالجة أوضاع المعلمين المصروفين، فليس هناك غير حل واحد هو بكل بساطة إعادة المعلمين المصروفين. ولقد تعودنا أن نسمع من الحكم شعار «الرجوع عن الخطأ فضيلة» وصرف المعلمين «صرفاً بالقرعة» كان صرفاً تسعفياً، وصرفاً تهديدياً لباقي المعلمين وبالتالي فهو صرف غير عادل لأنه إما أن يصرف جميع المعلمين، وتكون المسألة أيضاً مسألة مبدأ وبالتالي مسألة أخلاق. أما أن يصرف قسم من المعلمين، لتأديب باقي المعلمين أو لأية غاية أخرى فالمسألة في اعتقادي جائرة كل الجور.

س5- بعض الأحزاب السياسية (كالشيوعية مثلاً) تزعم أن الدين لم يحل مشاكل الناس الحياتية بل زادها تعقيدا... وهي تعتبر نفسها بديلاً للدين الذي تعده «أفيون الشعوب» ومثل هذه الأحزاب أفكارها منتشرة بشكل واضح وملفت للنظر في صفوف الناشئة والمثقفين وطبقات العمال والفلاحين، فما هو موقفكم من هذه الأحزاب؟ وما هي الخطوات التي تتخذها مؤسستكم لحماية رعاية من الأفكار الملحدة؟

جـ5- إن موقفنا من الأحزاب والعقائد الملحدة موقف واضح، أساسه الرفض والمقاومة بكل ما أوتينا من وسائل الإيمان بالله والعمل على نصرة القيم الروحية، إنني لا أجيز لنفسي إلا الكلام في الدين الإسلامي الذي أثبت التاريخ أنه حل مشاكل الناس الحياتية كلها، المشاكل الاقتصادية التي يتذرع بها الماديون حلها الإسلام عن طريق الزكاة عن طريق قوله تعالى: -«  وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ ، لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ  » وقوله:« خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا » تطهرهم وتزكيهم بها وقوله « مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ » وحلها عن طريق المساواة بين البشر جميعاً... إن مشكلة هذه الأحزاب أن المنتمين إليها لم يطلعوا على الإسلام، ولم يقفوا على معاني العدالة والمساواة فيه، ولو فعلوا لبهرتهم هذه المعاني قبل أن تبهرهم تلك المعاني التي جاءت بها أحزابهم. إن الإسلام بعلمائه الكثيرين مستعد أن يحاور هؤلاء انطلاقاً من قوله تعالى: « ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ». وغيرها من الآيات الباهرات التي تشجع على الحوار المجرد والبناء الهادف إلى الخير والحق.

حتى يتبين لهم ما في الإسلام من معان هم يتطلعون إليها بالفعل.

أما الخطوات التي تتخذها مؤسساتنا لحماية رعاياها من الإفكار الملحدة، فهي تربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة في المدارس الإسلامية الكثيرة، وفي مدارس وزارة التربية بالذات، حيث خصصت لنا بعض الساعات في الأسبوع لتدريس المسلمين تعاليم الدين الإسلامي، وفي الوعظ والإرشاد في المساجد، والأحاديث الإذاعية والتلفزيونية في المناسبات والأعياد الدينية المختلفة، والمحاضرات والندوات التي تعقد من حين لآخر في دار الفتوى والمساجد وأزهر لبنان وفي الخلايا الاجتماعية، وعن طريق المقالات والأبحاث الفكرية الإسلامية التي تنشر في مجلة دار الفتوى «الفكر الإسلامي» وغيرها.

إلا أننا نعتقد بأن ما يساعد أكثر على محاربة الأفكار الملحدة إنما هي المطالب الوطنية المحقة كتحقيق المساواة بين المواطنين، ومحاربة الأثراء غير المشروع، ومحاربة التفاوت الطبقي الشنيع في المجتمع وإنصاف المناطق المحرومة، وإلغاء الطائفية السياسية، كل هذه أصبحت آفات اجتماعية تجعل المواطن في شكوى دائمة وثورة متجددة وبالتالي تساعد على الإلحاد، وتعريض المجتمع إلى هفوات متكررة تسيء إلى أمنه واستقراره وتسيء إلى أعرافه ومفاهيمه العليا وقيمه السامية.

س6- ما رأيكم بإنشاء مجمع ديني على أعلى المستويات، تكون مهمته التقريب بين الطوائف اللبنانية كخطوة أولى في سبيل مجتمع لبناني إنساني موحد تزول فيه الفوارق وتتحد فيه الطبقات؟

جـ6- نحن مسلمون، ومتمسكون بكتاب الله وسنة رسوله، والله يقول في كتابه العزيز: «  قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا »  إن الله تبارك وتعالى قد وضع لنا أساس اللقاء، أساس التقارب بين الطوائف وهو عبادة الله سبحانه وتعالى. هذه العبادة ليست فعلاً جامداً إنها فيض مستمر من معاني المحبة والأخاء واللقاء في جميع معاني الإنسانية والمساواة بين البشر، إننا بالنتيجة مستعدون بإذن الله لتلبية أي دعوة لأي اجتماع بين الطوائف يرضى الله ويستعد المجتمع.

س7- يؤخذ على قادة المؤسسات الدينية أنهم لاهوتيون يعيشون في أبراج عاجية بينما رعاياهم تغرق في الفقر والإثم... فما ردكم على ذلك؟

جـ7- لا أظنك تقصدنا بهذا السؤال، على كل حال ينبغي أن أقول لك إنه ليس في الإسلام «لاهوتيون» إن في الإسلام علماء، وليس من الضروري أن يكون العالم بالإسلام رجلاً يرتدي الزي الديني... إن الداعية المسلم هو في أكثر الأحيان رجل عادي مؤمن ونحن نعلم كيف أن الدين الإسلامي انتشر في أفريقيا مثلاً عن طريق التجار والمهاجرين العاديين.

أما نحن والحمد لله فليست لنا أبراج عاجية نعيش فيها، إننا والحمد لله نشأنا في بيت عادي من صميم المجتمع الذي يضم الفقراء والمساكين والأغنياء والمتوسطين ننتقل من بيت إلى بيت، نزور ونتعاون معهم... نأكل مما يأكلون ونعيش مثلما يعيشون يسعدنا ما يسعدهم ويسؤنا ما يضرهم، كذلك كان قدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم من قبل الذي يقول ما معناه: «الناس كأسنان المشط لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى» بالرغم من ذلك فإننا مقصرون، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يلهمنا مزيداً من العمل والاتصال بالناس ومعايشتهم خدمة للحق وتعزيزاً لمعاني الخير وقيم الروح وتعميراً للمجتمعات الصالحة.

س8- ما هي الإنعكاسات التي تركتها في نفسكم الحوادث الأخيرة بين الجيش والمقاومة؟ وهل لديكم أي حل تقترحونه لإنهاء الأزمة القائمة... وتتوافر فيه شروط ترضي الطرفين ويقضي على إمكان وقوع حوادث شبيهة في المستقبل؟

جـ8- الأزمة أوشكت على الانتهاء والحمد لله، وليس لدينا ما نتمناه إلا أن تكون الأطراف المعنية على اتصال دائم وتعاون مستمر، لأن العدو مشترك، فالنضال إذن ينبغي أن يكون مشتركاً وليوفق الله الجميع إلى ما فيه النصر على الأعداء.

 

   القسم السابق رجوع القسم التالي  

جميع الحقوق محفوظة - في حال أردتم إستعمال نص أو صورة من هذا الموقع, الرجاء إرسال خطاب رسمي لمؤسسات المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد
ارقام تهمك     فهرس الموقع     مواقع تهمك      روابط      من نحن       كفالة الأرامل و الأيتام    إتصل بنا     إدارة المؤسسة