إذا كان الاسلام واحداً فلماذا يتفرق المتدنيون به؟ وإذا كانت القضية الوطنية واحدة فلماذا يتقاتل الوطنيون؟ **** لا كرامة لوطن يفتقد فيه المواطن عزته وكرامته. **** المقاومة حق مشروع لكل الشعوب التي تتطلع الى الاستقرار والحرية والسيادة وتقرير المصير. **** إن وحدة المسيحيين مسؤولية سياسية إسلامية ووحدة المسلمين مسؤولية سياسية مسيحية **** إن شريعة لبنان الحضاري هي شريعة الدين والعقل لا شريعة الهوى والقتل، وهي شريعة اللقاء والحوار لا شريعة الخصام والدمار **** إن أي فئة من الفئات لا يمكنها ان تبني لبنان على صورتها، سواء كانت حزبية أو طائفية أم عنصرية. **** إن لغة التخاطب مع العدو الدخيل على الجوار تختلف عن لغة التخاطب مع الشقيق المتعاون في حمى الديار. **** الكرامات التي يعتدي عليها العدو الاسرائيلي خليقة بأن تثير ضمير العالم ليتحرك الى جانبنا. **** إن تحرير الوطن يكون بتحريره من العدو الاسرائيلي وتوفير السيادة له كاملة غير منقوصة. **** إن الواقع المقطّع الأوصال والضائع في متاهات اللا أمن واللا استقرار، يُشجع كل صاحب غرض لأن يحقق غرضه، وخصوصاً العدو الإسرائيلي الذي يريد أن يلعب بالنار ويستغل الظروف. **** إن أعز نداءٍ إلى قلبي هو المحافظة على وحدة هذا الوطن وقوته وأن تعيشوا في ظلاله اخوة متلاقين متحابين في السراء والضراء فالقيمة الحقيقة للمواطن هي بما يعطي وطنه من مواهب لا بما يحققه لنفسه من مكاسب **** ان الخطر على لبنان من داخله إذا وزنت الوطنيةُ فيه بميزانين. **** من يطبق القانون بحزم في جهة ويتردد في تطبيقه في جهة أخرى يرد موارد الظلم. **** حريُّ بلبنان، أنشودة التلاقي بين المتدينين، أن يكون رائداً من رواد الحضارة الروحية في عصرنا. **** الطائفية هي تشنج صارخ بقشور الدين وانغلاق وحشي على الإنسانية وضياءها. **** إن لبنان بلد التلاقي الروحي لا الإبتزاز الديني، وان التدين ممارسة صادقة لحقيقة الدين وانفتاح مطلق على الإنسانية بأسرها. **** إننا نريد للبنان أن يكون بلد التعايش السياسي لا التعايش الطائفي. **** إن حقنا في وطننا ليس ملكاً يتصرف به البعض كما يهوى ويشتهي إنما هو أمانة نحملها في أعناقنا جميعاً لنسلمها إلى أحفادنا وإلى أجيالنا المقبلة. **** إن تحرير الوطن ينبغي ان توازيه حركة تحرير المواطن وتحقيق المساواة الوطنية التامة. **** إن من يزن العدل بميزانين يخطئ في حق لبنان. **** وحدة المسلمين والمسيحيين في وطنٍ واحد مسؤوليةٌُ لبنانية مشتركة **** إن تحرير المجتمع اللبناني لا يقوم إلا بتكامل الطاقات الإسلامية والمسيحية. **** المواطن اللبناني لا يكون كبيراً إلا إذا بسطت السلطة الشرعية ظلها على كامل تراب الوطن **** إن لبنان لا يمكن أن يكون إلا على صورةٍِ من التجانس البديع بين جميع طوائفه **** إن نهوض لبنان وتقدمه مرهونٌ بتحقيق العدالة والمساواة بين اللبنانيين ومناطقهم **** الطائفية السياسية والساسة الطائفيون كلاهما ينتفع بالآخر ويتغذى عليه وكل ذلك على حساب لبنان وسلامته وازدهاره. **** إن دعوتنا لوحدة المسلمين ليست إلا دعوة لوحدة اللبنانيين. **** إن أخطر العبودية المعاصرة هي عبودية الإنسان لأهوائه وشهواته التي أحبطت مستواه الخلقي والاجتماعي والحضاري. **** إننا لسنا من هواة إثارة الهالات من حولنا ولا نحب أسلوب العمل الفوضوي ولسنا تجار مبادىء. **** عروبة لبنان هي الشرط الأول لبقائه سيداً حراً مستقلاً. **** إن الإنهيارات الخلقية والإجتماعية على صعيد الأفراد والشعوب، ما هي في الواقع إلا نتيجة طبيعية لفقدان القدرة لدى الإنسان المعاصر على إقامة التوازن الدقيق بين الروح والمادة. **** إن مهمتنا هي أن نحكم بالعدل في نطاق صلاحياتنا وأن نطالب بالأفضل لشعبنا في نطاق الأدب والحكمة. **** لا ديمقراطية ولا عدالة بوجود الطائفية. ****
Apr 2024 28
الاحد 19 شوال 1445
حكـــــمة الاسبـــــوع




لا تستح من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه



سجـــــل الإصدقـــــاء
رســائـــل التضامـــــن
رســــائـــل التــحيـــة
الـــــى الشــــــــــهيد
16 أيار
روابــــــــــط
المســـابقة التشجيعيـة
اســـــتفتــــــــاء
هل انت مع سحب المبادرة العربية للسلام نتيجة المجزرة الاسرائيلية على سفينة المساعدات؟
إشترك نتائج
   الشيخ حسن خالد في الأعلام
   
   
 


العنوان : باخرة الأسلحة المهربة إلى شواطئ جونية
التاريخ : 1975-10-07
المرجع : جريدة المحرر

• لقاء دار الفتوى يستعرض ملابسات باخرة الأسلحة الى مرفأ جونيه
• كرامي يكشف ملابسات مؤامرة باخرة الأسلحة المهربة الى شاطئ جونيه
• الاحزاب التقدمية يدعمون صمود الرئيس كرامي ويطالبونه بعدم الاستقالة
• دار الفتوى تدعم صمود الرئيس كرامي والاستمرار في كشف الحقائق ومحاسبة المسؤولين
• اعنف ما اسفر عنه الاجتماع، تصريح الرئيس كرامي ومفتي الجمهورية

عرض رئيس الحكومة الأستاذ رشيد كرامي، في لقاء دار الفتوى، كامل ملابسات قضية باخرة السلاح المهرب إلى شاطئ جونيه، والمواقف التي قرر اتخاذها وبينها الاستقالة، وكشف جميع الأمور، وفي مقدمتها تواطؤ وانحياز السلطة.

كما شرح الرئيس كرامي نتائج اجتماعه مع رئيس الجمهورية ظهرا حيث جرى بحث هذا الموضوع، وإبلاغه رفضه لما يجري على الساحة اللبنانية، لأن من شأن ذلك إعادة الفتنة والاقتتال، في وقت بدأت فيه البلاد تعود إلى الهدوء والاستقرار.

وكانت نتيجة اللقاء، دعم صمود الرئيس كرامي في رئاسة الحكومة، والاستمرار في كشف الحقائق، والمطالبة بمحاسبة المسؤولين في نطاق وضع الأمور في نصابها، وانتظار نتائج التطورات اليوم، وما ستسفر عنه الأمور، لتحديد المواقف النهائية.

وكان أعنف ما أسفر عنه الاجتماع، إيضاح الحقائق عبر تصريح رئيس الحكومة، ثم تصريح مفتي الجمهورية، تمهيدا لاتخاذ الخطوات النهائية – في ضوئها – اليوم.

اجتماع في منزل مفتي الجمهورية

ففي الساعة الرابعة من بعد ظهر أمس عقد اجتماع في دارة سماحة مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد في عرمون حضره سماحة الإمام السيد موسى الصدر والرئيس رشيد كرامي والرئيس عبد الله اليافي والأستاذ كمال جنبلاط وفضيلة الشيخ محمد مهدي شمس الدين.

وبعد انتهاء الاجتماع في الثامنة والنصف وصل السيد ياسر عرفات وأبو إياد حيث اجتمعا إلى الرئيس كرامي بحضور سماحة المفتي خالد.

وكان الأستاذ كمال جنبلاط قد وصل إلى منزل سماحة المفتي في السابعة إلا ثلثا، وحمل معه موقف الاحزاب التقدمية المؤيد لكرامي، والرافض لاستقالته في هذا الظرف.

وبذل الحضور جهدا في إقناع الرئيس كرامي بالعدول عن استقالته، وبالتالي الاستمرار بالحكم واستعمال صلاحياته كاملة.

تصريح جنبلاط

وكان الأستاذ جنبلاط أول من غادر الاجتماع في السابعة والنصف حيث قال للصحافيين: لقد أبلغنا المجتمعين ما جاء في اجتماع الأحزاب ببعض الإخوان المجتمعين هناك، لأن حادثة الباخرة خطيرة جدا لأنها تؤكد ما كنا ذهبنا إليه من أن فريقا من الضباط وصف الضباط في الجيش متآمرين مع الكتائب والوطنيين الأحرار والسلطة العليا في البلاد، يعملون لإحداث الفتنة في لبنان، وللاستمرار في المجازر لمدة طويلة من الزمن، وقد جاءت الأحداث لتؤكد ما كنا ذهبنا إليه وليعطي مبررا لرفضنا كحركة وطنية استخدام الجيش في الأحداث التي حصلت في لبنان، ولا شك بأن الجيش انحاز مع الفريق الكتائبي، وطبعاً سيصدر بيان عن الحركة الوطنية يؤكد موقف الرئيس كرامي الذي تمكن أخيراً من وضع يده على القضية الكبرى، بأن باخرة تحمل سلاحا للفرقاء: الأحرار، والكتائب، وطوني فرنجية، والرابطة المارونية، وبعض رؤساء الرهبانيات الذين خرجوا في الحقيقة عن الخط المسيحي.

وقال: لقد بلغناه موقفنا بشأن القضية الخطيرة جداً، وانه يجب أن يلاحق المسؤولين في الجيش لعدم الحيلولة دون تنفيذ الأوامر، وواجب التحقيق مع قائد الجيش بشكل خاص، وسؤاله من أين جاء الأمر بوقف المهمة، فإذا كان رئيس الجمهورية هو الذي أعطى الأمر فهي أوامر غير دستورية، ونأمل ان يتخذ قائد الجيش التدابير اللازمة بحق الضباط الذين رفضوا الأوامر، خاصة قائد مدرعات صربا وقائد البحرية وسواهم من الضباط لإحالتهم على المحكمة العسكرية لأجل طردهم، وليكونوا عبرة لغيرهم، لأنه يجب ان نرفع الجيش إلى المستوى الوطني المطلوب وأن نرفعه من مهاوي الطائفية التي انزله بها القائد السابق اسكندر غانم، هذا القائد الذي أحدث من الأضرار في لبنان ما لا يمكننا من تقديره بشكل كامل في الوقت الحاضر.

وسئل جنبلاط عن رأيه في مضمون رسالة كيسنجر إلى الرئيس كرامي فقال متسائلا: إذن من يرسل الاسلحة للجماعة؟ فقضية السلام قضية أساسية، لقد توصل كرامي الى إحداث هدنة، جعلت الشعب اللبناني يطمئن الى انها تتحول إلى سلام طويل، وإذا بالباخرة تكشف النوايا عند هذا الفريق من المجرمين الذين اتخذوا الحرب الأهلية واستمرارها طريقا وتسلية.

وأضاف: الحل الوحيد تعليقا على رسالة كيسنجر وغيره، ان الحكومات العربية والاجنبية اصبحت مقتنعة بضرورة إقامة تسوية من جديد في لبنان، وان تكون قائمة على العدالة والمساواة والديمقراطية الحقيقية، وبرنامج الاحزاب هو الطريق والمسلك لهذا التغيير.

اليافي: لا استقالة

وبعد ربع ساعة خرج الرئيس عبد الله اليافي ليقول، بأن أجواء الاجتماع كانت حامية جداً، والجميع في اتجاه منع الرئيس كرامي من الاستقالة.

وأضاف: أما عن حادثة الباخرة فإنها عملية خطيرة جداً، وأننا كمجتمعين نؤيد جميعاً موقف الرئيس كرامي من الموضوع، وكما أننا نرى بأن تدخل الجيش كان يجب أن يكون لمنع هذه العملية من ان تتم، وهذا التصرف من الجيش يعتبر بادرة خطرة.

الصدر: السلاح... الاستقرار

وفي الثامنة خرج سماحة الإمام موسى الصدر والشيخ محمد مهدي شمس الدين وقال الإمام الصدر: في الوقت الذي تمتلئ به قلوب المواطنين أملاً بعد اعتصام الرئيس كرامي ونجاحه في تأمين الأمن، وبعد ان استمع الجميع إلى كلمات قداسة البابا بولس، ونصيحته بضرورة الحوار، وبوجوب إلقاء السلاح والتعايش الأخوي بين المواطنين، وبعد ان تحركت جميع الأحزاب ومن جميع الطوائف باتجاه تثبيت الاستقرار وإعادة الحياة الطبيعية والتحضير للانتقال إلى الشروع في بناء لبنان الجديد، في هذا الوقت نفاجأ بقضية رسو الباخرة المليئة بالسلاح وتقاعس المسؤولين في واجبهم تجاهها، رغم أوامر رئيس الوزراء ووزير الدفاع، وكأننا نشعر مع خبر وصول هذه الباخرة ورقة نعي لألف مواطن آخر ومن جديد، في هذا الوقت دون شك، القلب والعقل والوطن بل والله سبحانه وتعالى، يدفعنا إلى الاجتماع والتحدث وتدبير الأمر، وكانت بادرة سماحة المفتي والاجتماع الذي بقي مفتوحا وسيتوسع حتى يشمل جميع الشخصيات الوطنية الواعية لمسؤوليتها والمتحملة لدورها التاريخي من جميع الطوائف لكي يوضع حد لهذه المأساة الدموية المستمرة.

وأضاف: انطلاقاً من هذه النقطة التي لا تختلف عن أحداث مشابهة أخرى، ولكنها تتفاوت مع بقية البواخر والشواحن والأسلحة. إنها بعد الاعتصام وبعد رسالة قداسة البابا، ورغم أوامر المسؤول وأمام سمع المواطنين وبصرهم، أولئك الذين ينتظرون استقرار هذه الأسلحة في صدورهم، لذلك فسوف لا نترك أي لحظة أو أي فرصة لكشف الأيادي الأثيمة ووضع حد لسلوكها في أي مكان وجدت وبأي اتجاه تحكرت.

وقيل للامام الصدر: هل أجريت اتصالات؟ فقال: لقد حصل اتصال بغبطة البطريرك خريش وبسماحة شيخ العقل الذي لم يتم وصوله وستستمر الاتصالات.

وسئل عما إذا كان الرئيس كرامي مصراً على الاستقالة، فأجاب: فكرة الاستقالة كانت من ضمن التدابير المطروحة، ولكن سرعان ما رفضت لأنها تراجع وترك موقف.

ورشيد كرامي اليوم لا يمثل نفسه ولا كتلته ولا طائفته، بل يمثل ضمير الوطن وأمانة التاريخ والاستقالة هي تخل عن هذه المسؤوليات الكبرى.

تصريح كرامي

بعد ذلك استدعى الرئيس كرامي الصحافيين وادلى بحضور سماحة مفتي الجمهورية بالتصريح التالي:

القضية مبدئية، وفي هذا المجال لا يمكن التساهل فنحن عندما نعمل من اجل الأمن وفي سبيل الاستقرار وعودة البلاد الى وضعها الطبيعي لا يمكن أن نقبل بأي عمل قد يتسبب بالعودة الى التأزم والاقتتال، هذا هو الموقف من باخرة الأسلحة الذي وضعني أمام المسؤولية التي حملتها باسم هذا الشعب، ومن أجل مصلحته وخيره.

أنا عندما كنت في السراي أبحث مع لجنة التنسيق من أجل ملاحقة الترتيبات وتنفيذها، بلغني أن هناك باخرة تحمل اسلحة راسية على شاطئ جونيه ناحية "الاكوامارينا" فاتصلت بقائد الجيش لكي يقوم بالتحقيق. وبعد فترة أفادني بأنها تحمل الغنم والسواد والطحين، ولكن خلال ذلك أرسلت بعض الأشخاص الذين أثق بهم، فعادوا لي مؤكدين بأن ما بلغني عن وجود الباخرة والسلاح هو صحيح، وان هناك مظاهر مريبة ومسلحين، وإنه قد اشتبه بأمرهم، ولكنهم قاموا بالمهمة خير قيام.

وهكذا أعدت الكرة مع العماد حنا سعيد، ونقلت إليه المعلومات وطلبت منه أن يتخذ الإجراءات الحازمة لملاحقة الأمر وحجز الباخرة والسلاح، ومن أجل هذه الغاية طلبت إلى العقيد الضابط في الارتباط الذي كان يحضر الاجتماع أن يذهب بنفسه ليتابع العملية. وقد وردني منه في ما بعد تأكيد عن الباخرة وحمولتها وأنه يحتاج من أجل تنفيذ المهمة إلى قوة نظرا لوجود المسلحين بكثرة.

وقد اتصلت مجدداً بقائد الجيش ونقلت له هذه المعلومات وطلبت إليه أن يتصل بالضابط العقيد ويمده بما يحتاج إليه ويطلب.. وبعد ذلك علمت أنه بالفعل توجهت قوة من الجيش، وما أن وصلت إلى المنطقة حتى أقيمت الحواجز وأطلق الرصاص حتى على الذين نزلوا إلى البحر ليتوجهوا ناحية أخرى. ثم تابعت التطورات وعلمت أن القوة انسحبت وبقيت الباخرة مع أمر بأن ترسو في مكان أمين لمراقبة الباخرة. وتحسبا لكل الاحتمالات، طلبت من النيابة العامة العسكرية بأن ترسل قاضي تحقيق إلى هناك ففعلت، كذلك طلبت من مديرية الجمارك أن تأمر الضابطة الجمركية بأن ترافق القوة العسكرية لتكون الأمور كلها في مجراها القانوني.

لقد بقيت في السراي حتى السادسة صباحاً أراقب الموقف وأتابع التطورات، وبعد ذلك، وفي السادسة صباحاً أصحى على هاتف من ضابط الجمرك يخبرني أن الأسلحة تنزل من الباخرة على مرأى من الخافرة. وبعد ذلك بقليل اتصل بي قاضي التحقيق وأفادني بأنه يرى بالمنظار تحميل الأسلحة في الزوارق وإن الشاحنات تنتظر على البر. فاتصلت مجدداً بقائد الجيش وطلبت منه بتعليمات صريحة وتكرارا أن يقوم بواجبه، ذلك لأنه لا يعقل بعد أن عاد الهدوء واستتب الأمن أن تفسح في المجال لدخول الأسلحة حتى لا ينفجر الموقف من جديد، ولكن بسحر ساحر عندما أقدم الجيش تراجع.

وهكذا بقيت التعليمات دون تنفيذ مما يفرض علي وبصفتي رئيسا للحكومة وكوزير للدفاع أن أقف عند هذا الأمر، لأنه لا يعقل ولا يقبل أن تصبح آلة الحكم خربة بهذا الشكل. إذ لا يستطيع أي مسؤول أمام الوضع الفالت، وهذه السلطة الضائعة أن يؤدي واجبه في تحقيق مصلحة المواطنين.

والغريب بالأمر أنه عندما كانت الباخرة تفرغ الأسلحة كان التلفزيون يبث رسالة قداسة التي تدعو إلى نبذ الاقتتال والدعوة إلى المحبة والتضامن. وفي الوقت ذاته كانت الأطراف كلها مجتمعة في لجنة التنسيق تعمل على تنفيذ ما اتفق عليه، وفي رأس ذلك نزع السلاح وإزالة جميع المظاهر المسلحة وتكليف السلطة بضرب كل من يخالف ذلك. ومن المفارقات أيضاً البلاغ الصادر عن وزارة الدفاع – قيادة الجيش الذي ينذر كل من يحمل السلاح ويقيم متراسا بإطلاق النار عليه. فكيف يمكن لي وأنا مسؤول كرئيس حكومة أن أقبل بهذا الغش أو أن أتغاضى عن هذا الواقع المرير الذي وصلت إليه حالة الدولة، بحيث لا أطمئن إلى أن الأوامر التي تصدر باسم المصلحة العامة ومن أجل خير الشعب تنفذ بواسطة الأجهزة، وخاصة الجيش الذي يعتبر، في نظر الكثيرين، المؤسسة المنضبطة والسليمة. ولعل في ما جرى تأييدا لموقفي المتحفظ لناحية إنزال الجيش، لأنني أعتبر بأن نزوله كان سيترتب عليه مخاطر كثيرة لم أشأ أن أدخل في التجربة بسببها.

لذلك فإنني قد أعلنت بعد اجتماعي مع رئيس الجمهورية ما دار من حديث صريح أوضحت فيه رأيي وأعلنت عن موقف سأتخذه ولكني رأيت من واجب أن أعود إلى إخواني. فكان هذا الاجتماع في دار سماحة المفتي الشيخ حسن خالد حيث جرى التداول في كل الأوضاع التي نمر بها والتي نتألم منها جميعاً. فكان الاتفاق على أن يبقى الاجتماع مفتوحا وأن يصار إلى إجراء الاتصالات المكثفة مع مختلف الشخصيات التي تهتم بالشؤون العامة لتحديد الموقف النهائي في الوقت المناسب، لأنه يجب أن يكون معلوما لدى الجميع بأن في ما نسعى إليه وما نعمله هو موقف وطني عام من اجل تصحيح الاعوجاج القائم ومن أجل تنزيه الحكم عن الخلل الحاصل به بسبب الممارسات الجارية حتى تستقيم الأوضاع وحتى نتفادى بالفعل هذه الأزمات التي تتعاقب، والتي كلفت البلاد غاليا جداً. فلا يعقل أن يكون ثمن كل هذا الخراب وكل هذه الضحايا البريئة سوى إصلاح ما أفسده الدهر.

فنحن لا نفكر بأشخاصنا ولكننا نتحسس مسؤولياتنا ونعتبر بأن واجب الأمانة يفرض علينا ان نكون عند ثقة المواطنين فنمارس دورنا بكل شجاعة وصراحة لأن مواجهة الواقع هو خير من التهرب ومن اللعب من وراء الظهر.

إننا جادون ومصممون في ما نسعى وراءه على أننا سنحقق ما نهدف إليه، لأن ما نهدف إليه هو لخير ومصلحة جميع المواطنين في وجه المؤامرات التي تحاك والتي أصبح الكل اليوم يدرك أنه لا مصلحة لأحد بما هو جار، بل أن مصلحة الجميع هي في المحافظة على لبنان وعلى وحدة أرضه وشعبه في ظل حكم ديمقراطي سليم تتحدد فيه الصلاحيات، وتكون الأجهزة على قدرة وأمانة في تلقي التعليمات وتنفيذ الأوامر حتى تستقيم الأوضاع ويتنزه الحكم وتكتسب الدولة ثقة الناس بها.

إننا سنتابع عملنا في ضوء هذا كله، ولن يثنينا عن عزمنا أي شيء، ما دام الجميع متضامنا في هذه الأهداف.

عرفات وأبو إياد

وفي الساعة الثامنة والنصف وصل أبو عمار، وأبو إياد حيث اجتمعا إلى الرئيس كرامي بحضور سماحة المفتي الجمهورية، وأطلعهما كرامي على موقفه بعد فضيحة باخرة "الاكوامارينا"، وطلب أبو عمار من رئيس الحكومة كرامي ان يتريث ويتروى في اتخاذ أي موقف من شأنه أن يؤثر على المصلحة العليا للبنان وينعكس بالتالي على الأوضاع في ظل هذه الظروف.

وخرج أبو عمار وأبو إياد في العاشرة والربع دون ان يدليا بأي تصريح.

تصريح مفتي الجمهورية

وبعد ربع ساعة ودع الرئيس كرامي سماحة المفتي خالد الذي قال: كنا نسمع كثيراً ونقرأ عن موضوع تهريب الأسلحة وتهريبها من البواخر التي تدخل على السواحل اللبنانية وتفرغ هذه الأسلحة. ولكن كنا دوما نرغب في إلا نصدق هذه الأخبار. ولكننا فوجئنا بأننا وضعنا أمام معلومات لا تقبل الشك.

لقد استمعنا في لقائنا المسائي إلى الرئيس كرامي وهو يحدثنا عن الباخرة التي لجأت إلى "الاكوامارينا" وأفرغت حمولتها من الأسلحة وما دار حول ذلك من إجراءات ومواقف وحوار بينه وبين قائد الجيش والمسؤولين في الدولة وعلى الخصوص رئيس الجمهورية.

وقد كان هذا الحديث ذا تأثير بعيد على قلوبنا ونفوسنا، في هذه الظروف بالذات التي بدأت فيها تهدأ النفوس وتظهر على الأجواء علامات الأمن والثقة.

في الوقت الذي أخذت تعمل الأجهزة الخيرة لإشاعة الطمأنينة في نفوس المواطنين المساكين الراغبين بالعيش الهادئ.

أجل.. لقد بدأنا منذ يومين أو ثلاثة نفكر بالمستقبل الذي نتطلع إليه لإعادة الأمور إلى طبيعتها في كل الحقول ليعود العامل إلى عمله والتاجر إلى متجره، والتلميذ إلى مدرسته، والموظف إلى وظيفته واللبنانيون أخوة متعاونين متحابين كنا نتطلع إلى هذه الأجواء ولا نزال حتى الآن نأمل بأن تستمر برعاية القلوب الكبيرة والنفوس المخلصة للبلد وللمواطنين.

ولكن في الوقت نفسه هذا، كانت أيضاً الأجهزة المخلصة تعمل بجد وإخلاص لوضع البلاد في طريق الطمأنينة واتخذت الإجراءات الحاسمة وخصوصا من قبل القيادة العسكرية التي أعلنت أنها ستطلق النار على كل من تسول له نفسه أن يعكر صفو الأمن، وأن يثير في البلاد ما يقلقها وما يزعجها، في نفس هذا الوقت الذي اتخذت فيه مثل هذه المقررات والمواقف، إذا بنا نسمع خبر هذه الباخرة وموقف المسؤولين منها، رغم ما كان لرئيس الحكومة من مطالب وجهها إلى قائد الجيش والى رئيس الجمهورية.

إننا لنتساءل أليس من مصلحة الأمن ومصلحة العاملين في إعادة الثقة إلى نفوس المواطنين ومصلحة البلاد التي ما رأت من ذعر وخوف وقتل ودمار، أليس من مصلحة هذه البلاد، بعد كل ذلك، أن تعيش أجواء الخوف وظروف والقتل وأزيز الرصاص؟ هل أن أجهزة الدولة تحمل مهمة مساعدة العاملين في حقول الخير أم مساعدة العاملين في حقول التخريب والتدمير؟

ونتساءل، إذا كان رئيس الدولة قد طلب من قائد الجيش الذي كان سبق وأصدر من تعليمات ما يحظر حمل السلاح، وهدد بضرب حاملي السلاح بالنار دونما مواربة، هل هذا المسؤول الذي أصدر هذه التعليمات يقبل أن يرى المواطنون على الساحل اللبناني مثل هذه الباخرة التي نقل إلينا خبرنا تفرغ الأسلحة الثقيلة والخفيفة على مرأى ومشهد المواطنين يقتل فيها الآمنون في ما بعد، وليستمر الخراب والدمار، هل من مصلحة هؤلاء المواطنين أن يترك المسؤول العسكري مثل هذه الباخرة تنزل سلاحها وتفرغه أم أن المصلحة تقضي بأن تمنع هذه الباخرة من تفريغ حمولتها؟

لا شك أن رئيس الحكومة قد قام بما تفرضه عليه واجباته، وأدى الأمانة، وطلب اتخاذ الإجراءات التي يفرضها القانون أن يطلبها من قائد الجيش ومن كبار المسؤولين. ولكن أليس من المفروض أن يكون كلام هذا الرئيس مسموعا لدى قيادة الجيش فتنفذ له الأوامر التي تضمن تحقيق الأمن وتوفير السلام للبلد والمواطنين؟

أليس مما يستدعي العجب أن تبقى هذه الباخرة هذه المدة الطويلة على الساحل اللبناني تؤدي مهمتها وتفرغ السلاح بحماية المسلحين، والجيش، والمسؤول عن الجيش لا يتحرك أي تحرك يحاول فيه أن يضع الأمور في نصابها، وأن يحمي البلد من الخطورة التي قد يتردى فيها؟

إننا كنا نستمع إلى رئيس الحكومة يشرح الموقف السياسي ونحن شديدو الدهشة من هذه الظاهرة الغريبة  التي ظهرت أخيراً من الموقف العسكري. لقد كنا نحرص على ألا ينزل الجيش إلى الساحة، وكان حرصنا هذا للمحافظة على سلامة الجيش من جهة، وخوفا من أن يكون الجيش لفئة دون فئة من اللبنانيين، وثبت أن رأينا كان في محله، وكنا نطالب بتعديل قانون الجيش وبتغيير القيادة لما كنا نسمع ونقرأ عن إجراءات كانت تقع في غير مصلحة الوطن على أيدي مسؤولين في قيادة الجيش.

ولكن اليوم.. وبعد أن تغيرت القيادة وأصبح على رأس الجيش رجل قيل لنا عنه الكثير مما يحملنا على الارتياح لوضع الجيش، والارتياح أيضاً بالنسبة لموقفه من المواطنين والوطن، نتساءل كيف يمكن أن نقبل منهم مثل هذا الموقف الذي لا يضمن مصلحة البلد ولا يضمن الطمأنينة للمواطنين بل على العكس، قد يكون فيه المزيد من الخراب والدمار والقتل والتشريد.

إننا نستغرب هذا الموقف ونتدارس في ما بيننا كيف يمكن أن يكون الوضع فيما لو استمرت القيادة في هذا الموقف، إننا نتساءل لماذا لم يصادر قائد الجيش الباخرة؟ ولماذا لم يصادر حمولتها؟ ونطلب أن يكون منه موقف صريح اولاً بالنسبة للسلاح الذي أفرغ منها والجهة التي ذهب إليها، بالنسبة الى الباخرة فيصادرها حتى تكون مصادرتها درسا لكل باخرة تأتي بعدها وتحاول أن تفرغ حمولتها من السلاح لتجار السلاح، ومن هم وراءهم.

إننا مع رئيس الحكومة الذي احتجز نفسه مدة عشرة أيام في سبيل الوطن والمواطنين وفي سبيل أمنهم وراحتهم، احتجز نفسه عن النوم والراحة في سبيل توفير كل ذلك لرعاية هذا البلد المنكوب. إننا معه في موقفه الداعي إلى الأمن والعامل في سبيل توفير السعادة لكل المواطنين ومع الأجهزة التي واكبت نشاطه وعاونته في مهمته. ولكن لسنا مع أية جهة تحاول أن تهدم ما يبنيه هذا الرجل أيا كانت هذه الجهات.

لقد آن الأوان لأن يعرف المواطنون جميعا دون استثناء من هم العاملون لمصلحتهم، ومن هم العاملون لخرابهم وأن يقولوا كلمة الحق ويقفوا موقف الصدق من الصادقين ومن العاملين في سبيل خير هذا البلد وبالتالي من المخربين والمفسدين الذين يجمعون السلاح لقتلهم وتدمير بيوتهم وترويعهم.

إننا مع الأسف، ومع انزعاجنا لتفريغ هذه الأسلحة من الباخرة المشار إليها، سنبقى نعمل مع كل المناضلين في سبيل لبنان وأمنه وعزته وسيادته، وفي سبيل القضايا العربية العليا.

   القسم السابق رجوع القسم التالي  

جميع الحقوق محفوظة - في حال أردتم إستعمال نص أو صورة من هذا الموقع, الرجاء إرسال خطاب رسمي لمؤسسات المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد
ارقام تهمك     فهرس الموقع     مواقع تهمك      روابط      من نحن       كفالة الأرامل و الأيتام    إتصل بنا     إدارة المؤسسة