ومنذ توليه منصب الإفتاء حول سماحته دار الفتوى من مركز للمناسبات إلى مركز للخدمات وخلية تعمل بجد ونشاط لمصلحة المسلمين وطاف بدار الفتوى في معظم بلاد الدنيا واستطاع بمقدرته الفائقة في معاملة الناس أن يكون بحق قائداً ومرشداً للطائفة الإسلامية . وقد طور دار الفتوى التي كانت عند استلامه المسؤولية تضم المفتي وقلة من الموظفين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد ، بحيث أصبحت تضم مجلساً شرعياً ومديرية عامة للأوقاف ومجلساً استشاريا وهيئة إغاثة وإعمار وصندوق الزكاة ، كما عزز الكلية الشرعية التي أطلق عليها اسم « أزهر لبنان » وأنشأ كلية الدعوة الإسلامية ومجلة الفكر الإسلامي ، ومركز دار الفتوى الطبي والمركز الإسلامي في عكار إضافة إلى بناء وتشييد وترميم المساجد على مستوى لبنان ، وإنشاء مستوصفات في بيروت وخارجها ، وكذلك دعم المؤسسات الإسلامية الاجتماعية الأخرى كدار العجزة ومؤسسات الدكتور محمد خالد ودار الأيتام الإسلامية ، وبذلك جعل من مؤسسة دار الإفتاء أماً لمؤسسات عديدة تتسابق في خدمة الإسلام والمسلمين . وقد انتعشت الدعوة الإسلامية في عهده وارتفعت موازنات الأوقاف في المناطق كلها ، لأن سماحته كان يمد المناطق كلها بالعون ويؤمن لها المال اللازم للمشاريع الإنمائية بالإضافة إلى زياراته المتكررة للمناطق للاطلاع على إداراتها وحسن سيرها والوقوف على حاجاتها. انطلق الشيخ حسن خالد في حياته العملية من جذوره الإسلامية الأصيلة فمنذ تسلمه منصب الإفتاء تحمل مسؤولياته بوعي وأخلاق وحافظ على الأمانة ، وسار بجد وفعالية ففتح قلبه وشرع داره فأصبحت دار الفتوى بيت المسلمين ودارهم جميعاً ، تعاون مع المخلصين من أصحاب الخبرات ، وأعطاهم زخماً باستقطاب كفاءات شابة وإيجاد كوادر متخصصة ، محدثاً نقلة واضحة في إطار مسؤولياته ، لأنه كان يؤمن بالعمل المؤسساتي وبأن العمل الفردي يرحل برحيل الفرد مهما صغر أو كبر، ويبقى العمل الجماعي والمؤسسي ، وقد انبثق نهجه هذا من تراثنا المجيد ، إذ لطالما كنا نحن سباقين في هذا الميدان ، وتاريخنا حافل بما قام به الأجداد في القرون الوسطى يوم كانت عواصمنا مزدهرة بالمؤسسات بدءاً بمكة إلى المدينة فدمشق إلى بغداد ونيسابور وخراسان ، وما وراء النهر ، إلى بلخ وهراة والبصرة والموصل والقاهرة والقيروان وغرناطة وطليطلة في إسبانيا وباليرمو في صقليا التي كانت كعبة يقصدها كثير من علماء أوروبا ليتتلمذوا على أيدي الأساتذة المسلمين . كانت هذه العواصم تعج بالمؤسسات الدينية والعلمية والتعليمية ، والمؤسسات الإدارية والمالية والإجتماعية بدءاً بمسجد قباء إلى الكتاب إلى المدرسة ، إلى منازل العلماء ومجالس العلم والمناظرة إلى الربط والزوايا والخوانق الصوفية وحوانيت الوراقين والمكتبات ، والمعاهد العليا ، كالمراصد الفلكية ودور العلم كبيت الحكمة والنظامية والمستنصرية وكذلك البيمارستات والمشافي الثابتة والنقالة ، هذا بالإضافة إلى المؤسسات الإدارية ممثلة بالدواوين وبيت مال المسلمين ودار الحسبة والقضاء وغير ذلك من إنجازات ومؤسسات ، ومن هذا التراث الحافل انطلق الشيخ حسن خالد في العمل . وأول ما سارع الشيخ حسن خالد إليه هو تعديل المرسوم الإشتراعي ذي الرقم 18/55 بما يحقق مصلحة الأوقاف الإسلامية ويضبط إدارتها وينمي ريعها ويؤمن رعاية شؤون المسلمين متجاوزاً العقبات التي كانت تعترضه والعراقيل التي كانت تقف في طريق الإصلاح . ومن الضروري أن نذكر بأن المفتي الشيخ حسن خالد قد عمل بوحيه الإسلامي الديني والحضاري . على تكريم المرأة وتعزيزها ودعمها والتعاون معها فقد أيد ترشيح سيدة لعمادة كلية الآداب من دون المرشحين من الرجال عام 1971 كما تمثلت المرأة في المجلس الاستشاري لدار الفتوى وأنشأ دائرة نسائية لصندوق الزكاة منبثقة من لجنة صندوق الزكاة . |