بسم الله الرحمن الرحيم حضرة نقيب الصحافة الأستاذ محمد البعلبكي أيها الأخوة الأعزاء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
يسعدني أن أرحب بكم في هذا البيت العربي المسلم الذي كان وسيبقى بإذن الله رمزاً لوحدة المسلمين وللعيش المشترك بين اللبنانيين في هذا الوطن الذي يتطلع أبنائه بشوق للخروج من النفق المظلم إلى رحاب الوطن والأمة، ويسعدني في هذه المناسبة أن أتوجه بالشكر إلى بيروت ولأهلها وقياداتها على رعايتهم وعنايتهم ووفائهم للمفتي الشهيد حيث بادلوه العطاء بالعطاء والذين كانوا على الدوام طلائع حضارية حاملين لواء المحبة والسلام والأخوة بين العرب جميعاً ، وهم الساعون أبداً إلى غدٍ عربي مشرق في هذا الزمن الصعب التي تتداخل فيه المصالح والأنانيات الدولية والأطماع الأجنبية على أرضنا الطاهرة، فبقيت بيروت رغم جروحها النازفة رافعة لواء التصدي لكل مشروع معادٍ لهذه الأمة، وبقيت هذه العاصمة الخالدة أمينة على علاقتها وامتدادها التاريخي والجغرافي والحضاري مع محيطها العربي والإسلامي ، فكان المفتي الشهيد الخالد حسن خالد إبناً وفياً لهذه المدرسة الوطنية العربية بكل عمقها وحضارتها وتاريخها. وعندما نشكر بيروت إنما نشكر لبنان بجميع شرائحه البشرية لأن بيروت الدور هي الصورة المصغرة للبنان. كما أننا نتوجه بالشكر إلى اشقاءنا في الوطن العربي والعالم الإسلامي الذين شعرنا بأنهم فقدوا وفقدنا بالمفتي الشهيد قائداً ومفكراً ومصلحاً وموجهاً إسلامياً وإنسانياً . ايها الإخوة الأعزاء، لقد كان إيمان المفتي الشهيد بالمؤسسات كبيراً جداً ، لذلك فقد عمل كل ما بوسعه على تنشيط دورها في المجتمع الإسلامي فساهم مساهمة فعالة في بناء العديد منها وساعد في تطوير وترميم بعضها لتعود إلى ركب المجتمع ومتطلباته وأهمها إنشاء صندوق الزكاة، تنمية أوقاف لبنان ومشروع توسعة دار الفتوى ، مشروع المحاكم الشرعية ومسجد الإمام علي، مسجد الحمراء، ومسجد عين التنية ومسجد حلبا في عكار، ومشروع أزهر لبنان في البقاع ، مدرسة داريا ، دار الإفتاء في جبل لبنان ، وتطوير مؤسسات الدكتور محمد خالد، هذا إلى جانب تنمية وقف العلماء ومجلة الفكر الإسلامي وأربعة عشر مؤلفاً طبعت في العديد من دور النشر اللبنانية والعربية ،كما له نشاطات في خارج لبنان فبنى المساجد في بولونيا وأفريقيا وكان الكثير من الإنجازات الوطنية وتوثيق عرى الأخوة بين لبنان والبلاد العربية . كذلك فإن تكريمه يأتي في إطاره الطبيعي عندما نؤسس مؤسسة تحمل اسمه وتحقق أهدافه في خدمة المجتمع والإنسان. وإن إحدى الأهداف التي كان يسعى إليها رحمه الله هي مؤسسة تربوية على المستوى العلمي والفني الكبير ترعى من خلالها حاجات المسلمين التربوية والثقافية في مظلة من العيش المشترك التي يمتاز بها المجتمع اللبناني في حين تتكامل مع مؤسساتنا الحالية وتعمل على تنشيط الدعوة الإسلامية وتعزيز الموقع الإسلامي في لبنان انطلاقاً من سماحة الإسلام ورحابته وتواصله الإنساني والتي هي عنوان الحضارة العربية . وبمناسبة الذكرى السنوية الثالثة على استشهاد سماحة المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد وعربوناً للوفاء للمسلمين واللبنانيين عاهدهم الشهيد على خدمة مصالحهم على أتم وجه ، ووفاءً لذكراه الطيبة قررنا بعونه تعالى وبالتعاون مع المخلصين والأوفياء من أبناء هذا الوطن العربي والعالم الإسلامي تأسيس مؤسسة تربوية ثقافية تحمل هذه الرسالة النبيلة التي كان يحملها رحمه الله وتعمل إلى جانب المؤسسات الإجتماعية والإنسانية على بناء المجتمع . وقد استقر الرأي على تسميتها بإسم «مؤسسة المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد للتربية والثقافة » وبعد التشاور مع أصحاب الرأي والإختصاص توصلت اللجنة التحضيرية المؤلفة من فضيلة الشيخ الدكتور مروان قباني ، الدكتور روحي بعلبكي ، الأستاذ عصام حوري، الدكتورة زاهية قدورة، المحامي محمد أمين الداعوق ، المهندس محمد قباني ، الأستاذ محمد السماك، فضيلة الشيخ خلدون عريمط، الدكتور خالد قباني، الأستاذ منيح رمضان، الدكتور عبد الله عجوز، الدكتور يحي عباس، إلى وضع الإطار العام لغاية المؤسسة وتحديد أهدافها ومهماتها للمستقبل القريب. وسيشرف على هذه المؤسسة مجلس أمناء مؤلف من شخصيات لبنانية وعربية مهمة بالشأن العربي والإسلامي العام . غاية المؤسسة نشر العلم والثقافة والتربية بما يحقق خير ومصلحة المجتمع وذلك من خلال مرحلتين : المرحلة الأولى : بناء مركز إسلامي أو مجمع ثقافي ويتضمن : - قاعة للندوات والمحاضرات. - مكتبة إسلامية عامة تكون نواتها مكتبة المفتي الشهيد والتي يربو عدد مجلداتها على العشرة الآف. - مركز إسلامي للتخطيط والمعلومات والتوثيق. - مركز التشخيص ومعالجة المشاكل التعليمية. - تشجيع الدراسات الإسلامية والإنسانية وتقديم المساعدات والمنح التعليمية . المرحلة الثانية: بناء مدرسة مهنية في بيروت . وذلك لتسهيل سبل العلم والمعرفة للبنانيين ، وستتضمن إن شاء الله اختصاصات متعددة وواسعة في شتى المجالات ، فلبنان عامة وبيروت بشكل خاص بحاجة إلى مدرسة كهذه تستوعب أبناءنا وتوجههم التوجيه الصحيح للمساهمة في بناء هذا الوطن الذي عانى الكثير في السنوات الأخيرة . ويطيب لي في هذا اليوم الذي نشهد فيه ولادة هذه المؤسسة الثقافية أن أتوجه إلى إخواننا في لبنان والوطن العربي والعالم الإسلامي أن يكونوا الداعم لها بكل السبل لنتمكن معهم وبهم من الوصول إلى المستوى المطلوب في نشر العلم والثقافة والتربية لأجيالنا القادمة، والعاملة في سبيل صناعة غدنا ودورنا في هذا الزمن الذي تحاول القوى الكبرى أن تعيق مسيرة بلادنا وأمتنا وهي أمنية المفتي الشهيد التي نحرص على تحقيقها فنرفع من قيمة الإنسان بالعمل والمعرفة الحقة . ومن أجل ذلك كان قول المفتي الشهيد « إن حقنا في وطننا ليس ملكاً يتصرف به البعض وإنما هو أمانة نحملها في أعناقنا جميعاً لنسلمها إلى أحفادنا وإلى أجيالنا المقبلة وإن شريعة لبنان الحضاري هي شريعة الدين والعقل والعلم والمعرفة لا شريعة الهوى والقتل وهي شريعة اللقاء والحوار لا شريعة الخصام والدمار» وفقنا الله وإياكم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . |