|
|
|
أرشيف النشاطات والأخبار - إفطارات شهر رمضان المبارك السنوية
|
|
|
|
|
إفطار 2002 |
|
|
فندق الموفنبيك، الروشة - بيروت
كلمة رئيس المؤسسات المهندس سعد الدين حسن خالد أيها الاخوة الكرام، نلتقي اليوم و إياكم في هذا الشهر المبارك الذي «انزل فيه القراّن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان»، شهر رمضان، شهر العطاء والمودة، شهر التوبة و الغفران، ميزه الخالق عز وجل عن باقي اشهر السنة، انه الشهر الذي يكثر فيه التقرب من الله تعالى، ومن خلقه، و تكثر فيه الأيدي التي تعطي من ما منّ الله عليها من نعمه، لتطعم جائعا، ولتسد رمقا أو نقصاً، و لتعالج علة، وتأوي بائساً، وتساعد محتاجاً، وتبعث أملا لدى الكثير من العباد الذين لم ييئسوا من رحمة الله عز و جل. عشر سنوات مضت، و ما زلنا نلتقي و إياكم، لقاء المؤمنين بالله عز وجل، نتحلق معا حول مائدة الرحمن، مائدة الخير و البركة، مائدة شهر رمضان المبارك الذي نعيش نفحاته الطيبة وبركات خيره و نعمه. عشر سنوات من عمر المؤسسة، لم تكن لتبلغه لولا دعمكم المستمر لنا، المعطاء مادة و معنى، المساهم في تخفيف المعاناة عن اخوة لنا، و مساعدتهم من اجل مواجهة ما يعترضهم من تحديات يحفل به واقعنا الاجتماعي. و إننا إذ نبني على جهودكم الخيرة الآمال من اجل السير بالمؤسسة نحو الأفضل، لا يسعنا إلا أن نوجه الشكر لكم و لاخوة آخرين متواصلين معنا قلبا وقالبا، آملين أن نبقى وإياكم بفضل الله عز و جل و رعايته في هذا الطريق من اجل غد افضل.
أيها الأحبة ، يأتي شهر رمضان المبارك هذا العام بين غصة في القلب ودمعة في العين وبينهما ألم يقض المواجع غصة لما يحيط بعالمنا العربي والإسلامي من هموم وأحزان ، وما يتهدده من عواصف تنذر بشر مستطير. ودمعة ممزوجة بالأمل بتحرير تراب يمزج يوميا بدم الشهداء الأبطال في فلسطين، المكرمين برضوان الله تعالى، الذين يواجهون بأجسادهم الطاهرة دبابات الحقد والتدمير وصمت ألاقربين والأبعدين. و بينهما ألم يقض مواجع اللبنانيين من وضع اقتصادي متردٍ ومعقد ، انعكس سلبا عليهم فجعلهم محصورين بين حاضر يئنون تحت وطأته ومستقبل يجهلون ما يحمل إليهم.
أيها الاخوة ، لا يخفى على أحد ، أن امتنا العربية والإسلامية أمام تطورات في غاية الخطورة، نتيجة سياسة عدائية علنية تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية ضد العرب والمسلمين بدأت في أفغانستان وتجري وقائعها حاليا في فلسطين ، و تتجه رياحها نحو العراق المحاصر منذ ما يزيد عن العشر سنوات. وقد انتقلت الولايات المتحدة من الموقع المنحاز لإسرائيل في الصراع العربي/ الإسرائيلي ، إلى موقع الطرف المعادي علنا للعرب والمسلمين، حيث نرى ما يحدث في الولايات المتحدة من تمييز بحقهم،، وما يحصل خارجها من تهديدات و افتراءات تطال العرب والمسلمين دينا و دولا وقادة وشعوبا ، توّجت بالقرار الخطير الذي اتخذته الولايات المتحدة باعتمادها القدس عاصمة للكيان الصهيوني. إن العرب والمسلمين مدعوون اليوم لرد التحدي الذي يواجهونه في فلسطين والعراق، وربما لاحقا في دول أخرى في عالمنا العربي والإسلامي، ورد التحدي لا يكون إلا بالموقف الصريح برفض العدوان قولا وفعلا ، وإذا كان القول يتطلب جرأة بإعلان المواقف التي لا لبس فيها ، فان الفعل يتطلب خطوات تكتيكية واستراتيجية وتذليلا أو تجميدا لكل الخلافات الداخلية بين أبناء الأمة الواحدة. ويتطلب أيضا خطوات دفاعية على كافة الأصعدة من اجل المواجهة و رد العدوان. وقد رأينا بالأمس القريب أن توفر الحد الأدنى من التضامن العربي والإسلامي المرفق بالجهود التي قامت بها سوريا من خلال موقعها في مجلس الأمن الدولي قد أثمر إحباطاً للمحاولة الأميركية بالتسلل من خلال الأمم المتحدة لشن العدوان على العراق.
أيها الأخوة الأعزاء، نأتي إلى لبنان لنرى ضائقة اقتصادية لم يسبق لها مثيل ، إذ أن الفقر يشارك معظم اللبنانيين حياتهم اليومية ، ويقض مواجعهم في لقمة عيشهم وفي متطلبات الحياة ، فيزيد همومهم هما وقلقهم قلقا ويجعلهم بين نارين ، نار البطالة من جهة ونار المستقبل المجهول من جهة أخرى ، لم يعد هناك أحزمة للبؤس في لبنان بل أصبح البؤس حزاما يلف معظم اللبنانيين قاطعا أنفاسهم ، واللبناني المتعب لم يعد قادرا على تحمل المزيد من الألم ، أمام ما يرهق كاهليه من تأمين أدنى مقومات الحياة من خبز يومي وشربة ماء وشمعة يستظل بنورها. ونحن أمام هذا الواقع الأليم ، لا يسعنا إلا أن نسأل العلي القدير أن يمد بعونه أولياء الأمور في هذا الوطن من فخامة رئيس الجهورية العماد أميل لحود و دولة رئيس الحكومة الأستاذ رفيق الحريري و يسدد خطاهم في مساعيهم الهادفة إلى تخفيف المعاناة عن كاهل المواطنين. وفي هذا المجال فإننا نرى بارقة أمل تلوح بالأفق من خلال الجهود المتضامنة حكما و حكومة من اجل نجاح مؤتمر باريس 2 علنا نكون بذلك قد خطونا خطوات ثابتة نحو الخروج من النفق.
أيها الأخوة الكرام، إن اللبنانيين مدعوون اليوم وأكثر من أي يوم مضى للتضامن فيما بينهم، وسط ما ينذر به الجو الإقليمي والدولي من عواصف تتجه نحونا. وما يقلقنا أننا نرى أن الاختلاف بالرأي أحيانا يتحوّل تجاذبا سياسيا طائفيا ، والملفت في الأمر أننا نرى القيادات والمراجع الدينية التي هي ثروة في هذا الوطن، ولها مواقع وطنية كبيرة إلى جانب مواقعها الدينية، نراها تشارك بالحياة الوطنية من منطلق وطني، في حين أننا نرى بعض السياسيين يتخذون من طوائفهم ستارا لحماية مصالحهم الشخصية فيحولوا بذلك طوائفهم وقوداً يستخدمونها في حروبهم وقضاياهم. ومن هنا لا يسعنا إلا أن نعود معكم إلى ما قاله سماحة المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد (رحمه الله) منذ ما يزيد عن عقد ونيّف من الزمن، من أن «الطائفية السياسية والساسة الطائفيين كلاهما ينتفع بالآخر ويتغذى عليه وكل ذلك على حساب لبنان وسلامته و ازدهاره»، ومن هنا نقول أن حصانة هذا الوطن هي في فصل الطائفية عن العمل السياسي، مع مراعاة حدود الله في ذلك، وأن إلغاء الطائفية السياسية ستكون خطوة فاعلة جدا في هذا السياق، وهذه الخطوة لا بد أن تتكامل مع خطوات أخرى تتخذها الدولة في شتى المجالات التشريعية والقانونية والتنفيذية. كما أن على المجتمع مهمات أيضا في هذا المجال ، من خلال تفكيكه لجميع الهيكليات التي نتجت عن التداخل المزمن الحاصل بين الطائفية والعمل السياسي. لا شك أن الأمر يتطلب جرأة وتضحية، وإذا كانت التضحية واجبا تتطلبه المصلحة الوطنية، فان الجرأة متوفرة لدى الكثير ممن يتحملون المسؤولية الوطنية في لبنان.
أيها الأحبة، لا يمكن أن يكون الإيمان بالله حاجزا بين البشر، ولا يمكن لأحد كائنا من كان أن يكون حائلا أمام إيمان الإنسان بربه. والوطن الذي حرر الأرض من نير الاحتلال الإسرائيلي، مطالب اليوم بتحرير الإنسان فيه من نير آخر، نير الطائفية المتغلغلة في بعض الأنفس المريضة، المتقوقعة في أقبية التعصب المتناثرة فوق صدور اللبنانيين. ونحن كلنا ثقة و أمل بأننا كما شهدنا التحرير في عهد فخامة رئيس الجمهورية العماد أميل لحود، أن نشهد أيضا دق المسمار الأول في نعش الطائفية السياسية و ما يتفرع عنها من أبواب الشرذمة و التفتيت. نشكر سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور محمد رشيد رضا راغب قباني لرعايته الكريمة. ونشكر جميع الأخوة الذين لبّوا دعوتنا هذه،على أمل اللقاء بكم في العام المقبل وتكون امتنا العربية والإسلامية في أحسن حال، والحمد لله رب العالمين.
| |
|
|
|
|
|
جميع الحقوق محفوظة - في حال أردتم إستعمال نص أو صورة من هذا الموقع, الرجاء إرسال خطاب رسمي لمؤسسات المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد |
|
|