كلمة رئيس المؤسسات المهندس سعد الدين حسن خالد بسم الله الرحمن الرحيم أيها الأحبة، نلتقي اليوم وإياكم في هذا الشهر المبارك شهر البر والمغفرة، شهر الخير والتقوى، لقاء الأخوة الصادقة، واجتماع على الخير للصالح العام ومد يد العون للفقير والمحتاج وما أكثرهم في ايامنا هذه لقاء الود والتقدير لكم من مؤسسة تحمل اسم رجل كبير من رجالات هذه الأمة، قدم ما قدم في سبيل نهضة المجتمع ومن اجل وحدة الوطن أرضاً وشعباً ومؤسسات، رجل لم يبخل بأي شيء في سبيل وطنه وأمته ويأتي لقاءنا اليوم مميزاً مفعماً بأصدق مشاعر المحبة، كيف لا ونحن في ظل رعاية رجل كبير من رجالاتنا العظماء ومرجعاً أساسياً في العلم والورع والتقوى القائد الفذ في الدين والدنيا الخلف الخير للسلف الخير، نعاهد سماحتكم بأننا سنكون دائماً كما عهدتنا مظللين بنور عباءتكم، ورهن إشارتكم في خدمة كل الشرفاء من أبناء هذا الوطن، ولقاءنا اليوم فرصة لنتصارح في شؤون البلاد والعباد لندلي بدلونا الإيجابي من على هذا المنبر منبر رمضان المبارك فمن هنا تأتي عظمة هذه الأيام وبركة هذا الشهر لتكريم الإنسان بالتعاطف مع حاجاته والإحساس بمعاناته والعمل على التخفيف منها، فالإسلام العظيم لا يقتصر على العبادات والمناسك والزكاة وتحسين الأخلاق وتهذيب السلوك، بل الإسلام هو نظام متكامل يعالج جميع شؤون الإنسان الضرورية لوجوده، وفي طليعة هذه المسائل القضايا الإقتصادية التي تعتبر عصب الحياة في المجتمع الإنساني، فما ضاعت أمة كان لفقيرها نصيب من غنيها، أو كان لضعيفها حق عند قويها، والله لا يضيع أجر المحسنين، ومؤسسة المفتي الشهيد حريصة كل الحرص على أن نتلاقى معاً من أجل كرامة وقيمة الإنسان في هذا الوطن وكثيراً ما كان الإنسان المؤمن محور نشاط المفتي الشهيد على مدى ربع قرن من مهامه الدينية والإجتماعية والوطنية والسياسية، وقد آثرنا كمؤسسة بفضلكم أن تكون غايتنا وهدفنا التربية والثقافة لإيجاد جيل لبناني عربي مؤمن بالله وبوحدة الوطن وعيشه المشترك وقد حققنا وبحمد الله تعالى وبدعمكم أشواطاً كبيرة من الإنجازات في هذا السبيل، فقد استطاعت بعون الله تعالى ودعمكم مساعدة الآلاف من الأسر في بيروت وفي كثير من المناطق اللبنانية على الصعيد التربوي والإجتماعي والصحي الغذائي بالإضافة الى فتح آفاق أبناءنا على التطور التكنولوجي والتقني الذي أصبح جزءاًً من مقومات العصر ونعلن لكم وبإعتزاز كبير بأن المؤسسة افتتحت منذ أشهر مركز الشيخ حسن خالد الطبي الذي يتضمن اختصاصات عديدة ومختبراً للتحاليل الطبية والأشعة وهو على مستوى راقٍ من الخدمة والمعاملة الذي نأمل زيارتكم له لتروا بأم العين نموذجية هذا المشروع. أيها السادة، في كل عام نلتقي لنتداول في آمالنا وآلامنا، لنرى اليوم كيف أن الحالة الإقتصادية والإجتماعية تمر بظروف كثيرة وصعبة بدأت معالمها تظهر في الشارع اللبناني وفي مؤسساته التجارية والإجتماعية وشهر رمضان هذا العام يأتي في ظل ضائقة معيشية صعبة طالت الكثير من أبناء هذا الشعب الطيب فجعلت المجتمع بأكمله يرزح تحت أثقال متعددة، وآلام المواطنين الذين نكاد نسمع أنينهم، ونلتمس حاجاتهم لقلة الموارد، وفقدان فرص العمل وفقدان الضمان الصحي الناجع، وغلاء المعيشة، كلها أمور تدعونا لإعادة النظر في أولوياتنا، فالبناء اليوم لا بد أن يرتكز على العنصر البشري الذي بات حاجة ملحة وضرورية ولا يكون ذلك إلا بتشجيع المبادرة الفردية التجارية والمهنية، وكما الشأن الإجتماعي لا بد أن يكون من أولويات اهتمامنا أيضاً، وتنشيط المؤسسات الأهلية ودعمها، لتكون سنداً للدولة ومؤسساتها، خاصة بعدما أثبتت هذه المؤسسات جدارتها في في ضمان تماسك المجتمع وصموده. من الأمور المسلم بها، أيها السادة، أن الطريق الوحيد للنهوض بلبنان الجديد هو طريق التنمية الإقتصادية بمفهومها الشامل، لأن التنمية تتضمن برامج ومشروعات تستهدف الزيادة في الدخل القومي عن طريق تنمية الإنتاج ومن ثم زيادة دخل الفرد، غير أن التنمية الإقتصادية لا بد أن تكون ضمن خطة، فالتخطيط وسيلة لبلوغ الأهداف، كما وأن التخطيط لا بد أن يكون أسلوباً علمياً وضرورة إنسانية ، لأن الإنسان هو الذي يحرك عمليات التنمية الإقتصادية ويبذل الجهد في تنفيذ برامجها التي تلقى بين يديه ويحولها إلى واقع ملموس، ولهذا فإن نجاح أية خطة للتنمية الإقتصادية إنما يتوقف على مدى استجابة الأفراد لها وإيمانهم بما يحققونه من تقدم مادي وبشري واستعدادهم للتحمل والتضحية في سبيل تحقيق أهداف التنمية الإقتصادية، فالمواطن يريد أن يرى بأن الحلول للخلاص من الأزمة الإقتصادية تسير في اتجاه سليم، وهو على استعداد لأن يشارك بشتى الوسائل ودفع إلتزاماته الضريبية وغيرها المعقولة والمقبولة تجاه الدولة ويتحمل ويصبر على أن يلمس في المقابل خدمات تعينه على العيش وتؤمن مستقبلاً كريماً له ولأبنائه وأحفاده. والمشكلة أيها السادة، ليست في نظامنا الديمقراطي، ولا في حريتنا، ولا في تنوعنا الثقافي ولا في قدراتنا المادية، وإنما المشكلة كل المشكلة في الممارسة والتطبيق، فقد آن لنا بعد كل هذه الإستحقاقات أن نبني بعقل منفتح وروح وطنية صافية لأجيالنا وطناً له دوره الفكري والإقتصادي ويكون لشبابه وتطلعاتهم المستقبلية حصة من العمل والبناء على أساس الكفاءة والفرص المتساوية. أيها السادة، يمر علينا شهر رمضان ونحن وسط تحديات كبرى من حولنا، فنرى يومياً مأساة إخوتنا الفلسطينيين وهم يذبحون كل يوم أمام أعين العالم المتمدن قولاً الحاقد فعلاً، نرى حممهم الفتاكة تتساقط على أبناء الشعب الفلسطيني، غير آبهين بإتفاقات كانت مجحفة أصلاً، ولا بمقدسات تنتهك حرماتها كل يوم ولا بنداءات يجف حبرها بنوايا مطلقيها أو بنيرانها. والمؤسف في هذا الجو المؤلم، وضع أمتنا العربية المشتتة المواقف بين خلاف من هنا وتردد من هناك، بين فقر مدقع من هنا وحصارات وقتل وقصف من هناك، بين لا مبالاة من هنا وإنفراد من هناك. ووسط ذلك نرى جهابذة السياسة والإعلام الغربي يصبون جام حقدهم على أمتنا، فيدعون ماكرين إلى وقف العنف المتبادل في فلسطين، فيساوون بذلك بين حجارة لرماة عراة الصدور وبين دبابات وطائرات لإرهابيين مدججين بأحدث ما توصلت اليه تكنولوجيا القتل الإسرائيلية ومن وراءها، حتى أنهم يحملون الضحية المظلومة مسؤولية إرهاق جلاديها. واليوم تشاهدون الأحداث في افغانستان وكيف أصبحت الحمم والقنابل العملاقة بقوة تدميرها للحجر والبشر عنواناً مثيراً على شعب فقير، هو أعجز حتى من أن يحمل ملابسه، هذا إن كان يملكها أصلاً. إن هذه الحرب الذين يحاول البعض من الحاقدين على أمتنا، أن يصورها على أنها صراع حضارات أو بين الإرهاب ومكافحيه أو حرب من أجل العدالة أو الحرية، أو حتى حرب على المسلمين، تعددت تسمياتهم ولكن للحقيقة أنها حرب الغرب ضد الشرق، إنها حرب ضد قيم الشرق وثرواته وتاريخه ومستقبله، إنها حرب البديل ضد الأصيل. لقد مرت علينا وعلى الأجيال الماضية الكثير من هكذا جولات من العدوان والطغيان ولكنها كانت جميعها تزول وتنكفىء بفعل إرادة أبناء هذا الشرق الأبي، هذه الأرض الطيبة،، أرض الكرامة والإنسان، أرض الرسالات، أرض المؤمنين بالله عز وجل. يحاولون لصق شبهه الإرهاب، المستورد منهم أصلاً ، بأمة كانت ضحيته، وما تزال منذ عشرات السنين، نرى حقدهم بأبشع صورة بتطاولهم على مقدساتنا الدينية والدنيوية، ووصل الأمر بهم إلى اعتبار أنه بمجرد كونك عربياً أو من أصول عربية أو أنك تتكلم العربية، دليلاًً كافياً لتوقيفك أو لمراقبتك أو لتجريدك من ثيابك أو لتجميد أموالك أو ربما لقتلك، أنه منتهى الحقد والكراهية، منتهى العنصرية، ولعل ما حدث للعرب والمسلمين في هذه المرحلة لا بد أن يكون دافعاً قوياً لكل الخيرين من أبناء هذه الأمة من أصحاب الرساميل والأعمال والإستثمارات، أن ينتبهوا جيداً وأن تبقى خيرات هذه الأمة داخل ارجاءها، وأن لا تبنى مستوطنات مالية واقتصادية خارج دنيا هذه الأمة، وأن تكون استثماراتنا قلاع وحصون في أرضنا تتغذى بها كل شرايين هذه الأمة. أيها الأخوة الأعزاء، لقد رأينا كيف كانت ألسنة الحقد الغربي على أمتنا تتناغم في ما بينها، متطاولة على بلاد الحرمين الشريفين وعلى أولياء الأمور فيها إنه الحقد على عشرات السنين من عطاء المملكة العربية السعودية الغير المحدود للأمتين العربية والإسلامية. وأخيراً حط رحال حقدهم عندنا ويهددوننا بالإقتصاد الذين كانوا هم أصلاً بلاءه ويبتزوننا به، حالمين بإكراهنا على التخلي عن دماءنا وعن كرامتنا وعن عزتنا، متوهمين أننا يمكن ان نعطي براءة ذمة لعدو لا ذمة له، لعدو يريدون الثأر له، عدو جرجر أذيال خيبته وخيبتهم بفضل مقاومة شريفة يريدون اليوم لصق شبهة الإرهاب زوراً بها، مقاومة قدمت الغالي والنفيس في سبيل تحرير الوطن، مقاومة سجلت أبهى صفحات من تاريخ هذه الأمة الأبية. سلمت يداك ايتها المقاومة البالسلة، وبوركت أيدي كل المناضلين الشرفاء وحمى الله القادة الأوفياء للتاريخ لهذه الأمة الأمناء على المستقبل. ايها الأخوة الأعزاء، نأمل من الله عز وجل ان نتجاوز في العام المقبل كل هذه الصعوبات، نوجه جزيل شكرنا لصاحب السماحة لتكرمه برعايته حفلنا هذا ونشكركم جميعاً على تلبية دعوتنا. وكل عام وأنتم بخير. |