كلمة رئيس مؤسسات المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد المهندس سعد الدين خالد بسم الله الرحمن الرحيم في شهر رمضان المبارك تطهر القلوب وترتقي الأنفس في معـارج الكمال ويعم خير الله على خلق الله ويشتد التواصل بين الناس وخاصةً المؤمنين منهم في هذه المناسبة المباركة العابقة بالإيمان والخير والعطاء يسعدني أن أرحب بكم جميعاً بإسمي وبإسم الهيئة الإدارية والهيئة العامة في مؤسسة المفتي الشهيد ، وأشكركم على تلبيتكم لهذا اللقاء السنوي الذي إعتدنا أن نلتقي فيه معاً لنضعكم، وهذا حق علينا، في أجواء ما قمنا به خلال عام مضى. لا شك أنكم تعلمون ، بأن المؤسسة قامت بهمة فتية آمنوا بربهم ، على أثر إستشهاد المفتي الراحل وعقدوا العزم على إستكمال مسيرة المفتي الشهيد الإسلامية والوطنية التي تدعو إلى المحبة والخير والتسامح والعروبة الحضارية المؤمنة ، على هذه الأسس حددت المؤسسة أهدافها وغاياتها ووضعت نصب أعينها برنامجاً طموحاً متعدد المراحل ولكن الظروف الصعبة الإقتصادية والسياسية والإجتماعية أعاقت مسيرتنا وأبطأت خطانا وهي ضريبة مسيرة النهوض الوطني التي نتحملها بكل أمانة وثقة. أيها السادة، إن أهدافنا التي نعمل من أجلها هي أهداف لتعزيز مسيرة السلم الأهلي ودعم المجتمع المدني بتخفيف الأعباء العصرية الطارئة عليه. وإن الكتيب الذي نضعه بين أيديكم اليوم يسلط الضوء على بعض الأعمال التي قامت بها المؤسسة بجهد متواصل من هيئاتها المتعددة وإن التقديمات التي قامت بها بالتعاون معكم ومع المحسنين الكرام في المجالات الثقافية والتربوية من تعليم مهني وتقني ومنح دراسية ومن محاضرات وندوات في مناسبات دينية ووطنية ومن تقديمات إجتماعية لأصحاب الحاجة تفوق طاقة مؤسسة فتية كهذه المؤسسة، وهي كتاب مفتوح لجميع المخلصين والمساهمين للإطلاع على أعمالها وللإطمئنان بأنها أمينة على رسالتها ونهجها. وعلى الرغم من هذا التواصل وهذا النهج لست أدري لماذا يتباطأ الدعم لتحقيق مشروعنا الثقافي والتربوي البعيد عن السياسة وحساباتها الضيقة والصغيرة ، ولست أدري لماذا توضع العراقيل أمامنا للحصول على عقار في بيروت لبناء هذا الصرح الثقافي والتربوي بينما هناك العديد من العقارات قدمت لهذا الموقع أو ذاك بحق أو بغير ذلك. أيها السادة. إن هذه المؤسسة تحمل إسم علم من أعلام لبنان والعالم العربي والإسلامي سجله حافل بالإيمان والخير والعطاء والمحبة والعمل الوطني خاصةً خلال الحرب العبثية التي عصفت بلبنان والمفتي الشهيد كان مفتياً للجمهورية اللبنانية ومن حقه على هذه الجمهورية أن تكرمه كما كرمها وحافظ عليها وعلى وحدتها ودفع حياته ثمناً لوحدة المسلمين ولوحدة اللبنانيين جميعاً ، إن تحقيق هذا المشروع الحضاري بات ضرورة حتمية لتبقى بيروت كما عهدتموها القلب النابض والدافئ والمحتضن لكل آمال وأحلام اللبنانيين والعرب جميعاً. فبيروت بالنسبة لنا هي الثقافة والعلم والتربية والإيمان والأخلاق والإنصهار الوطني هذه عناوين تشكل مقوماتٍ لبيروت ودورها ودور رجالها وأبنائها الذين حملوا بشرف وإباء قضايا المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج. فبيروت ليست حالة وصولية أو موقفاً ظرفياً آنياً لهذه المجموعة أو تلك تحلم لتحقيق مصالحها وغاياتها الضيقة مستغلة شعاراً هنا أو يافطة هناك وإنما هي فعل إيمان عميق وراسخ متجذر في هذه الأرض الطيبة ففي كل ركن من أركانها وفي كل زاوية من زواياها دم شهيدٍ ينطق بالحق وبالإيمان والأخلاق بأن بيروت ما كانت ولن تكون إلا رباطاً للعروبة الصادقة والإسلام الشامل والجامع ،ولن تكون مرتعاً للفساد والمفسدين ولا للفلتان الأخلاقي ولا للضلال أو المضللين ولا مكاناً لتزييف الإيمان وتشويه الأصالة أو تشويه دور المؤمنين الحقيقيين لأن بيروت تختصر بذاتها عمق الأمة وعقلها وضميرها فهي وأبناؤها مرآة صافية وصادقة لكل مشاكل وآمال الأمة العربية والإسلامية. أيها السادة. نقول هذا الكلام حتى لا تقزم بيروت بدورها وبدور رجالها وأبنائها فما تعودت بيروت إلاّ العطاء على صعيد الوطن وعلى صعيد الأمة فهي مع دمشق ومع القاهرة ومع الرياض وصنعاء والجزائر وفلسطين وكل عاصمة عربية من المحيط إلى الخليج فلا يعترضن أحد على مسيرة الإنماء والإعمار التي بدأت من بيروت لأن من بيروت تنطلق وحدة الوطن ومن بيروت يتحقق الإنصهار الوطني والعيش المشترك ومن بيروت تقرأ صحافة العرب وتغذى ثقافتهم وتطلعهم نحو السوق العربية المشتركة ونحو التكامل والتنسيق لأن بيروت صورة مصغرة عن هذه الأمة بأسرها. وقد جسدت بيروت هذه المعاني العظيمة بصمودها وبإنطلاق الشرارة الأولى للمقاومة ضد العدو الصهيوني عام 1982 وبوقوفها ودعمها للمقاومة الإسلامية والوطنية في الجنوب والبقاع الغربي ، وبدعمها ووقوفها صامدة ملتزمة وحدة المسار مع دمشق قلعة العروبة والإسلام التي جسدت حالة رافضة للعصر الإسرائيلي ولمؤامرات التطبيع التي هرول إليها البعض خوفاً على مصالحهم الشخصية الصغيرة أو طمعاً بالجلوس على مواقع وهمية ولذلك فإننا على يقين بأن الشرفاء والمخلصين في بيروت وكل لبنان لن يصابوا بالإحباط أو الإنكفاء أمام ثغرات تطفوا على الساحة اللبنانية. ولهذا فإننا جميعاً مؤتمنون على إنجاح مسيرة الحكم والحكومة وعلي مسيرة النهوض الوطني والإجتماعي رغم الثغرات والسقطات التي تبرز وتضخم لتحقيق أهداف وغايات أقل ما يقال عنها بأنها لا تصب في مصلحة بناء الوطن والمواطن، مع علمنا ويقيننا بأن المواطن يشكو ويإن من الأزمة الإجتماعية الخانقة والضرائب المتزايدة والأعباء المتراكمة. ومن هنا فإننا ندعو كل الأطراف العاملة على الساحة اللبنانية وخاصة في بيروت لأن يرتقوا في حواراتهم ولقاءاتهم ومعارضاتهم وموالاتهم إلى المستوى الذي يجعلنا قادرين على بناء الوطن وتحصين المواطن القادر على مجابهة الإستحقاقات القادمة سلماً أو حرباً. أيها السادة، ستبقى بيروت بكم ومعكم القلب والعقل والضمير والإيمان الذي يحكي قصة الإبداع والعنفوان لهذا اللبناني العربي الذي يجوب الدنيا لصنع المستحيل. ورمضان شهر الخير ومن خيراته هذا اللقاء الكريم حفظكم الله وأدامكم ذخراً لعمل الخير والمحبة. وكل عام وأنتم بخير.
كلمة رئيس مجلس الوزراء الدكتور سليم الحص أيها الأخوات والأخوة، اجتماعنا في مؤسسة المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد رحمه الله يختلف عن اجتماعنا في أي مكان آخر، فالمساحة التي يغطيها ظله الوارف الظليل لا تشمل بيروت وحدها ولا تشمل لبنان وحده، بل تمتد إلى بلدانٍ عربية وإسلامية كثيرة، وهو في لبنان لم يكن مفتي المسلمين وحدهم، بل كان مفتي الجمهورية اللبنانية . ولم يكن ليشغل بالتسمية الرسمية وحسب، بل أحبه المسلمون والمسيحيون معاً، إن هذا النفر المميز من رجال الدين الذي أوتوا اتساع الأفق في الرؤيا هم الخميرة الطيبة في المجتمعات البشرية، بهم تكتمل العروة الوثقى في الروابط الإنسانية، وبهم يكتمل الخير في الوجود، وهم يعطون الحياة معنى السعادة والأخوة ووحدة المصير في الشراء والضراء، فالإنسان أخو الإنسان أحب أم كره، وأقرب الناس وأحبهم إلى الله أنفقعهم لعياله، والشيخ حسن خالد كان رمزاً للعائلة اللبنانية كلها، للعيش الواحد وللوطن الواحد، وكان يجهر بدعواه هذه غير هياب ولا وجل في زمن كثرت فيه الأيدي العاملة على التقسيم والتمزيق والتفريق، وكثرت فيه القلوب الغليظة التي لا تحجم عن الفتك بكل رمز من رموز الوحدة اللبنانية ومن دعاة الوفاق الوطني، وسقط رحمه الله شهيد وطنيته، شهيد تقواه، شهيد أخلاقه الكريمة، وشهيد حبه لمجتمعه ولبني قومه ولوطنه. وفي هذا الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك نجتمع في إطار هذه المؤسسة التي تحمل اسمهن مؤسسة الشهيد حسن خالد لنتعاون جميعاً على البر والتقوى، وكانت هذه المؤسسة التي أنشأها أنجاله لتخليد اسمه مؤسسة خيرية تشهد لكل الأمور الخيرة التي أفضل ما يتركها إنسان مؤمن : الولد الصالح الذي يدعو لأبيه والصدقة الجارية والعلم الذي ينْتَفع به هذه المؤسسة التي فَعَّلها أنجاله الكرام وعلى رأسهم الأخ الصديق الأستاذ سعد الدين أمنت لكثير من المحتاجين الكثير من المساعدات التي تخفف عنهم أعباء الحياة، فهي ناشطة في المجالات العلمية والثقافية والتعليمية وهي ناشطة في مجال الطبابة والمداواة، وهي ناشطة في مجالات التقديمات العينية، ولئن شملت خدماتها المواطنين من خارج بيروت إلا أن معظم تقديماتها من نصيب بيروت وأهلها، فبيروت كانت عزيزة على قلب المفتي الشهيد حسن خالد وأهل بيروت كانوا أعزاء عليه كثيراً، ما بخل يوماً عليهم بجهد أو بمعونة أو بنصح، يرهق نفسه في سبيل راحتهم، وكم كان يتصل بي عندما أكون في موقع المسؤولية طالباً رعاية هذا أو مساعدة ذاك من أبناء بيروت في شتى دوائر الدولة، كما كان يتصل بكل مسؤول في الدولة، كان مثال الراعي الساهر على شؤون الرعية. إن خير ما نفعله وفاء لهذا الشهيد الكبير أن نبقى على مسافة قريبة من المؤسسة التي تخلد ذكراه نمدها بدعمنا لتبقى قادرة على تقديم العون للمحتاجين من أبناء مجتمعنا، وبذلك تطمئن روح الشهيد وترضى، إنني أحيي جهود القيمين على مؤسسة المفتي الشهيد حسن خالد وأخص بالذكر الأخ الصديق الأستاذ سعد الدين حسن خالد. وفقكم الله جميعاً وكل عام وأنتم بخير. |