كلمة رئيس مؤسسات المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد المهندس سعد الدين حسن خالد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، يسعدني أن أرحب بكم في مؤسسة المفتي الشهيد التي هي مؤسسة العطاء لأنها نهلت من مدرسة الإسلام والوطنية والعروبة وما زالت تعمل لجيل صاعد من اللبنانيين تتجسد فيه روح المحبة والتسامح والإنصهار الوطني في وطن يحتضن جميع أبنائه بتطلعاتهم وطموحاتهم وتساهم في دعم مسيرة الصمود والنهوض الوطني والإجتماعي والأخلاقي بالتعاون مع مجتمعنا ومحيطنا العربي لنصنه مستقبلاً مشرفاً تسوده القيم الأخلاقية والعدالة التي رعت إليها رسالات السماء. أيها الأخوة الأعزاء، يسعدني أن أقف في هذه الذكرى ، الذكرى السادسة عشره للغزو الصهيوني لبيروت وإنطلاقة المقاومة ، وقفة عز شامخة لكل لبنان ولبيروت الأبية بالذات التي وقفت بكل أبنائها وقفات مشرفة ، فكانت مثالاً في الوطنية ومثالاً في العروبة ومثالاً في العطاء والفداء ، فأعطت العدو الصهيوني دروساً لن ينساها أبداً . في هذه الذكرى الأليمة لحصار وغزو بيروت نتسأل … لماذا بيروت ؟ … بيروت ، لأنها تمثل البعد القومي العربي والبعد الإسلامي ، وبيروت لأنها المحطة المشرقة من محطات بلادنا العربية ، وبيروت لأنها تختزن الطاقات الفكرية والإبداعية ، بيروت لأنها وقفت في وجه كل المحاولات المغرضة والمفتتة لشعبنا العربي ، بيورت التي إنطلقت منها المقاومة الوطنية ، وبيروت التي إنطلقت منها أولى عمليات المقاومة ضد العدو الصهيوني وفتحت الباب على مصراعيه في وجهه مخططاته ، بيروت لأنها إحتضنت الثورة والثوار وصمدت صمود الأبطال وقدمت الدم والشهداء الأبرار ، من المتحف إلى الحمراء ورأس النبع والطشريق الجديدة وغيرهم من مناطق بيروت ، بيروت لأنها إحتضنت وإختصرت فيها كل هموم الأمة العربية . لقد دنسوها فوطنوا أرضها ، ونالوا من شعبها وسلبوا خيراتها بعد أن مروا بمناطق أخرى عزيزة على لبنان فعاثوا فيها الظلم والإستبداد والطغيان . أيها الأخوة الأعزاء، لم يصنع الله الذاكرة في خلق الإنسان ليقع الإنسان في أسرها فتقف في وجهه وتعرقل أعماله ونضاله وحياته وإنما خلقها ليتعلم الإنسان دروساً وعبراً من تجاربه وتجارب غيره من البشر ، فى يقع في الخطأ مرات تلو المرات . إن إجتياح لبنان من قبل العدو الصهوني وحصار بيورت وغزوها ودكها بالقنابل والمدمرات ، ليست ذكرى نجتمع من أجلها ونتكلم عنها وحسب، وإنما هي ذكرى لكي نبحث في الإعماق عن الأسباب والمسببات وعن الحق والصمود في وجه المستجدات ، إنها ذكرى نبحث في أعماق تفكير عدونا إليه بضربة اليد الواحدة فنسحقه ونحرم عليها القيام أو حتى التفكير بأي عمل مثل هذا العمل اليوم أو بعده ، إنها دعوة لتنشيط الذاكرة اللبنانية والذاكرة العربية لكي تتذكر وتقدر عدوها الواحد ومخططه الإرهابي لغزو المنطقة بفكره وإقتصاده وتفتيتها . إن هذه الذكرى الأليمة بنتائجها والمشرفة بصمود أبنائنا الذين أكدوا مرة أخرى أن بيروت سيدة العواصم العربية ، تتطلب منا الكثير من الإرشاد والتوعية ، وتيسير العلم الذي يفتح الأذهان وينير القلوب ، ويسهل إطلالة الناس على الحق والحكمة والتعاون المثمر في وجه محاولات الشرذمة والتفتيت التي يتبعها العدو الصهوني للسيطرة على مجتمعنا وللرد على محاولات المساومة والإبتزاز والتطبيع التي يسعى إليها بإحتلاله أرضنا وسجنه لإخواننا ، وخداعه لإمتنا. إن دورنا في مثل هذه المناسبات وغيرها وخاصة المؤسسات الأهلية التي تعني بالشأن التربوي والثقافي ، هو مواجهة خطط التطبيع ببرنامج متكامل ومكثف من خلال الندوات والمحاضرات والمناسبات الثقافية والوطنية والإعلام الواعي والمدرك ، حتى يكون كل مواطن على بينة من خطورة هذه الآلية الصهيونية ، الساعية للتوسع من خلال غلاف يسمونه السلام . أيها الأخوة الأعزاء، إن كل ما نقدم لن يتحقق إلاّ إذا إبتدأنا بأنفسنا وتوجهنا جميعاً لبناء وطننا ومجتمعنا بخروجنا معاً من كهوف المذهبية الضيقة وانفاق الطائفية المنغلقة لندخل في رحاب الوطن وطن الإنسان والعدالة والقيم الإجتماعية ، وطن تتقدم فيه الكفاءات وتشاد في المؤسسات ويغلب فيه رجال العلم والحكمة والجد على أصحاب المطامع والمصالح . بهذا المبدأ ومن هذا المنطلق يمكننا تحقيق أهدافنا في الوقوف بوجه العدو المتربص بنا وببلادنا وبأمتنا ، لأننا أن لم نؤمن بوطننا وبعروبتنا وبأمتنا وكياننا حق الإيمان وشعرنا بالإنتماء حق الإنتماء فإنه لن يكون لنا إلا النكسة تلو النكسة والخسارة تلو الخسارة . |