إذا كان الاسلام واحداً فلماذا يتفرق المتدنيون به؟ وإذا كانت القضية الوطنية واحدة فلماذا يتقاتل الوطنيون؟ **** لا كرامة لوطن يفتقد فيه المواطن عزته وكرامته. **** المقاومة حق مشروع لكل الشعوب التي تتطلع الى الاستقرار والحرية والسيادة وتقرير المصير. **** إن وحدة المسيحيين مسؤولية سياسية إسلامية ووحدة المسلمين مسؤولية سياسية مسيحية **** إن شريعة لبنان الحضاري هي شريعة الدين والعقل لا شريعة الهوى والقتل، وهي شريعة اللقاء والحوار لا شريعة الخصام والدمار **** إن أي فئة من الفئات لا يمكنها ان تبني لبنان على صورتها، سواء كانت حزبية أو طائفية أم عنصرية. **** إن لغة التخاطب مع العدو الدخيل على الجوار تختلف عن لغة التخاطب مع الشقيق المتعاون في حمى الديار. **** الكرامات التي يعتدي عليها العدو الاسرائيلي خليقة بأن تثير ضمير العالم ليتحرك الى جانبنا. **** إن تحرير الوطن يكون بتحريره من العدو الاسرائيلي وتوفير السيادة له كاملة غير منقوصة. **** إن الواقع المقطّع الأوصال والضائع في متاهات اللا أمن واللا استقرار، يُشجع كل صاحب غرض لأن يحقق غرضه، وخصوصاً العدو الإسرائيلي الذي يريد أن يلعب بالنار ويستغل الظروف. **** إن أعز نداءٍ إلى قلبي هو المحافظة على وحدة هذا الوطن وقوته وأن تعيشوا في ظلاله اخوة متلاقين متحابين في السراء والضراء فالقيمة الحقيقة للمواطن هي بما يعطي وطنه من مواهب لا بما يحققه لنفسه من مكاسب **** ان الخطر على لبنان من داخله إذا وزنت الوطنيةُ فيه بميزانين. **** من يطبق القانون بحزم في جهة ويتردد في تطبيقه في جهة أخرى يرد موارد الظلم. **** حريُّ بلبنان، أنشودة التلاقي بين المتدينين، أن يكون رائداً من رواد الحضارة الروحية في عصرنا. **** الطائفية هي تشنج صارخ بقشور الدين وانغلاق وحشي على الإنسانية وضياءها. **** إن لبنان بلد التلاقي الروحي لا الإبتزاز الديني، وان التدين ممارسة صادقة لحقيقة الدين وانفتاح مطلق على الإنسانية بأسرها. **** إننا نريد للبنان أن يكون بلد التعايش السياسي لا التعايش الطائفي. **** إن حقنا في وطننا ليس ملكاً يتصرف به البعض كما يهوى ويشتهي إنما هو أمانة نحملها في أعناقنا جميعاً لنسلمها إلى أحفادنا وإلى أجيالنا المقبلة. **** إن تحرير الوطن ينبغي ان توازيه حركة تحرير المواطن وتحقيق المساواة الوطنية التامة. **** إن من يزن العدل بميزانين يخطئ في حق لبنان. **** وحدة المسلمين والمسيحيين في وطنٍ واحد مسؤوليةٌُ لبنانية مشتركة **** إن تحرير المجتمع اللبناني لا يقوم إلا بتكامل الطاقات الإسلامية والمسيحية. **** المواطن اللبناني لا يكون كبيراً إلا إذا بسطت السلطة الشرعية ظلها على كامل تراب الوطن **** إن لبنان لا يمكن أن يكون إلا على صورةٍِ من التجانس البديع بين جميع طوائفه **** إن نهوض لبنان وتقدمه مرهونٌ بتحقيق العدالة والمساواة بين اللبنانيين ومناطقهم **** الطائفية السياسية والساسة الطائفيون كلاهما ينتفع بالآخر ويتغذى عليه وكل ذلك على حساب لبنان وسلامته وازدهاره. **** إن دعوتنا لوحدة المسلمين ليست إلا دعوة لوحدة اللبنانيين. **** إن أخطر العبودية المعاصرة هي عبودية الإنسان لأهوائه وشهواته التي أحبطت مستواه الخلقي والاجتماعي والحضاري. **** إننا لسنا من هواة إثارة الهالات من حولنا ولا نحب أسلوب العمل الفوضوي ولسنا تجار مبادىء. **** عروبة لبنان هي الشرط الأول لبقائه سيداً حراً مستقلاً. **** إن الإنهيارات الخلقية والإجتماعية على صعيد الأفراد والشعوب، ما هي في الواقع إلا نتيجة طبيعية لفقدان القدرة لدى الإنسان المعاصر على إقامة التوازن الدقيق بين الروح والمادة. **** إن مهمتنا هي أن نحكم بالعدل في نطاق صلاحياتنا وأن نطالب بالأفضل لشعبنا في نطاق الأدب والحكمة. **** لا ديمقراطية ولا عدالة بوجود الطائفية. ****
Mar 2024 28
الخميس 18 رمضان 1445
حكـــــمة الاسبـــــوع




لا تستح من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه



سجـــــل الإصدقـــــاء
رســائـــل التضامـــــن
رســــائـــل التــحيـــة
الـــــى الشــــــــــهيد
16 أيار
روابــــــــــط
المســـابقة التشجيعيـة
اســـــتفتــــــــاء
هل انت مع سحب المبادرة العربية للسلام نتيجة المجزرة الاسرائيلية على سفينة المساعدات؟
إشترك نتائج
   على المنبر
المناسبة : خطبة المفتي خالد في عيد الأضحى المبارك - جامع العمري 1973م- 1394هـ
التاريخ: 1973-12-24
المرجع : للتأكد من المرجع لاحقاً

الحوار اللبناني مبنى على المغالطة، والحوار الدولي أيضاً
قضية فلسطين قضية عدالة
يهاجم مواقف السياسيين المتناقضة اسألوا أنفسكم لأية غاية في الله تتصادقون وتتخاصمون؟

بعد التكبيرات،
الحمد الله الذي خلق الكون وجعل ما فيها متجهاً إلى غاية وجعل كل غاية تنطق بتوحيد الله الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، لأفراده بالعبودية، وتخصيصه بالذكر والتسبيح والصلاة، وفاقاً للآية الكريمة: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ»

وأصلي واسلم على نبيه المصطفى، محمد بن عبد الله، خاتم النبيين والمرسلين، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. اللهم يا علام الغيوب وأسرارها، إليك تتوجه القلوب ببصائرها، سبحانك وأنت الواحد الأحد.

لا يتوحد الخلق إلا في توحيدك، ولا ينتظم الكون إلا في طاعتك، ففي مثل هذا اليوم من كل عام، تتجلى وحدة المسلمين، حينما تحج إلى بيتك العتيق ألوف من الناس وألوف، تعب من معين روائك، فلا هي من رحيقه ترتوي أو تشبع، ولا أنت من كريم عطائك تصد أو تنسى.

في مثل هذا اليوم من كل عام، تتجلى وحدة المسلمين، حينما تتحول القلوب إلى حناجر تهتف بصوت واحد لبيك أللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك.

وتتجلى وحدة المسلمين عندما تتلاشى الأجساد لتصبح أشباحاً بيضاء اللون بلون النقاء تقف خاشعة بين يديك فلا هي تتأذى من شيء من قساوة الأرض، ولا أنت تحجب شيئاً من رحمة السماء.

في مثل هذا اليوم من كل عام، تتجلى وحدة المسلمين، حينما تموج حشود المؤمنين في طواف موحد حول الكعبة، وتسعى بسعي موحد بين الصفا والمروة، وتقف وقفة موحدة على عرفات، ساعتئذ تتوجه القلوب إلى عزتك بالذل، وتلهج الألسنة إليك بالدعاء، تفيض العيون من خشيتك بالدمع، وتتحرك الضمائر لنعمتك بالشكر. وأنت رب كلما عرفت لك القلوب بالذل، أكرمتها بالإعتزاز، ولكما خاطبتك الألسنة بالدعاء، سبقتها بالإستجابة، وكلما تطلعت إليك العيون بدموع الخشية، غمرتها بفيض الأمان، وكلما بادرتك الضمائر بالشكر، تفضلت عليها بالمزيد من النعم، فسبحانك لا متفضل علينا سواك، ولا ملجأ لنا غيرك، ولا حمى لنا إلا فيك.

وفي مثل هذا اليوم من كل عام، يلتقي المسلمون بمشيئتك، في رحاب عدلك، تحدوهم القيم اليت بها أمرت، لينهلوا من فيضها، ويعبوا من معينها، كل خير ورضى وبركة.

انهم يجتمعون على أخوة في الإسلام هي أقوى من أخوة الأرحام ويعرفون محبة الله هي أسمى من محبة البشر، ويكتشفون آفاقاً للإنسانية ، تتجاوز ضيق الأنانيات، فيعلموا ان ليس للإنسان من حقيقة إلا وهي أثر لحقيقتك، وليس للقيم الإنسانية من وجود إلا من رحاب ألوهيتك، وليس للإنسان من كرامة إلا من سخاء فضلك، من تعاون أمرت بإشاعته بين الناس، أو محبة زرعت بذورها في القلوب، أو سعي إلى الرزق باركت به سواعد العاملين. أو لم تجعل يا رب سعي هاجر عليها السلام بين الصفا والمروة رمزاً لفريضة السعي على الإنسان ليوفر لنفسه مؤونة الحياة وشرفها؟ سبحانك وأنت القائل: «وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى، ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى، وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى».

أو لم تجعل يا رب رمي الجمرات رمزاً لعزم الإنسان على محاربة منأجل سلامة الإنسان وكرامة، وحجب دم الإنسان؟

سبحانك اللهم وأنت القائل: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً».

أو لم تجعل يا رب رمي الحجرات رمزاً لعزم الإنسان على محاربة شيطان نفسه القابع في دخيلته، المختبىء في أنانيته، العامل على هدم كيان إنسانيته فيه؟

سبحانك اللهم وأنت القائل: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ، إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ».

أيها الأخوة المؤمنون،
 إذا كان المسلمون يتوحدون في مثل هذا اليوم الكريم من خلال قيامهم بمناسك الحج فإنهم كذلك يتوحدون في كل عبادة في الإسلام في كل يوم لأن الوحدة هي أساس الإسلام، لأنه دين التوحيد العظيم الذي ترجحه بداهة العقل، جواباً لازماً عند تساؤل القرآن الكريم: «يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ».

وإذا كان الأمر كذلك أيها المؤمنون، فأنه حرى بنا نحن المسلمين في كل مكان، أن نستمد من معاني الوحدة في الإسلام، قيماً ومفاهيم ومبادىء، توحد بيننا بالحق، والعدل، وتغسل قلوبنا بالتسامح والمحبة.

وحري بنا أيها الأخوة، إذا كنا ندعو إلى ذلك، ان نبدأ بأنفسنا في لبنان فنحاسبها على ما ترى من حرص على المحبة والتعاون، لنرى مدى التزامنا بدعوة التوحيد، وما يلزم عنها من معاني الخير والرضى والبركة.

أيها المؤمنون، أسمحوا لي أن أقول أننا ما زلنا بعيدين عنها، وبالتالي عن حقيقة التوحيد، أن كان ذلك في ممارستنا السياسية الوطنية أم في سلوكنا اليومي.
أن ذلك يتجلى كل اليوم، ولقد تجلى بكل أسف، بشكل حاد، أثناء المناقشات السياسية الأخيرة، وسقط التعاون، وانحسرت ظلال الخير، وتلونت الحقائق بلون الأنانيات، وخرج المتناقشون مجرحين جميعاً، بلا استثناء، فجرحت لذلك، قلوب اللبنانيين دعاة الوحدة والخير والمحبة والتعاون.

لمصلحة من أيها الأخوة، تتراشقون بالتهم، وتوزعون الأقاويل، وبتربص بعضكم ببعض الدوائر، والعدو يرشقكم كل يوم بسهامه، ويوزع بعضكم افتراءاته، ويقعد لكم ولإخوانكم كل مرصد ليعذر ويبطش ويخرب.

لقد بدا لنا، ونحن نتطلع على مصلحة لبنان من خلال وحدته وان المناقشات السياسية والتصريحات الصحفية لم تلتزم بمنطق الجدل، ولم تأخذ بأصول الحوار، الذي من شروطه الأساسية إسقاط التناقض، والقضاء على التباعد، والجمع بين المتفرقات. لقد بدا لنا ونحن مع جميع المخلصين نتطلع إلى وحدة لبنان، ان الحوار اللبناني في الداخل، لم يوفر في الكثير الأكثر، إلا التناقض والتباعد والتفرقة، والعلة ليست في الحوار طالما ان للحوار مبادىء، إنما العلة في المتحاورين طالما في القلوب أهواء.

ولقد أصبح للحوار السياسي حول المفاهيم الواحدة منهجان متعارضان، وللمفهوم الواحد معنيان متناقضان، المنهج والمعنى بلون إذا كان الإنسان داخل الحكم، وبلون آخر إذا كان الإنسان خارج الحكم.

فالمشاركة معدومة، والمطالب مخذولة، والكرامات والمصالح مهدورة، إذا كان المتحدث خارج الحكم، أما إذا كان هو نفسه يتحدث من موقع السلطة، فالعكس هو الصحيح، وإذا المشاركة متحققة، والكرامات مصونة.

ويتساءل الناس بسخرية وأسى، وهم ينظرون إلى الشخص نفسه وهم يسمعون... أي الأفكار هو  الفكر، وأي السياستين هي السياسة، بل أي الوجهين هو الوجه؟ وأي اللسانين هو اللسان؟

والأمر كذلك عندما يجري الحوار بين الأحزاب حيث يظلل البعض حبيس مواقفه المسبقة، وأسير أفكاره الجاهزة، التي كانت له منذ خمسين عاماً أو يزيد، تحكمه ولا يحكمها، توجهه ولا يوجهها، لا يعمل ما يدور حوله من تغيير، ولو علم لرد فوراً برفض عصبي، لا علاقة له بالتفكير، ثم يتحدث تارة عما يعتقد بأنه لا يمس، ويؤكد على ضرورة أبقاء الحال على حاله، بمنطق قوامه اليأس والتخاذل والاستسلام.

والغريب أنه لا يقدم للناس في أية حال، اي اجتهاد يكسر طوق الجمود، أو يساعد على مد جسور التعاون بينه وبين الآخرين، كل ذلك استئثاراً بامتيازات يظن أنه يفقدها مع التغيير، أو تمسكاً بمواقع يعتقد أنها تنهار مع التطور، فيفضل مكاسب الحاضر على مراهنات المستقبل، ويقلب منطق الفجار على منطق الأبطال، ومنطق الإنعزال على منطق التعاون، ومشاعر البغض على مشاعر المحبة، وتكون النتيجة تكريس الجمود ثم التباعد بين المتحاورين، وافتعال الفرقة بين الناس، والبقاء في مأزق العتيق من الأفكار، ويصبح شأن الذين يدعون الحوار، شأن عائلات الإقطاع في غياهب التاريخ، ولن تتعلم على مر الأجيال، شيئاً من التجربة، ولم تنس من أحداثها شيئاً على الإطلاق، ويستمر الحوار لدى الساسة...

ويتساءل المواطنون المجهدون حتى يفرخ الحوار خيراً على فوائد المحرومين، وأمناً في قلوب الخائفين، واسقراراً في حياة المغلوبين الذين يؤرقهم المجهول، ويزعزعهم القلق، ويذهلهم الضياع؟

ونحن لا ننكر ان الحوار السياسي، كانت له في بعض أشكاله بعض ايجابيات مشكورة دفعت باللبنانيين في طريق الوحدة، والمحبة والتعاون .

وقد بدأت هذه الإيجابيات تكسر جليد التقليد في بعض المعقول،وتتخطى الأفكار الجاهزة في الأذهان، ابتداءاً من الخروج من مبدأ طائفية الوظيفة، ومروراً باعتماد مبدأ التعطيل يوم الجمعة، ووصولاً غلى توفير ارادة الدفاع التي بدت حين اسقاط طائرة للعود في الفترة الأخيرة، ثم الى اعتماد مبدأ التسلح من الدول العربية... ان هذه الخطوات وان كانت ما تزال على عتبة العمل، إلا أنها بالنسبة إلينا تشكل علامات مشجعة تؤكد لنا أن مبدأ التعيير في لبنان ممكن، وأنه إذا حدث التغيير، فإن لبنان لا يخرب كما يتوهم البعض، بل أن هناك من أشكال التغيير ما يزيد من تلاحم المواطنين فيما بينهم، ويخلق أشكالاً للتعاون بين صفوفهم، يدفع بلبنان إلى مزيد من التقدم والازدهار.

ويبقى السؤال المطروح بالرغم من كل ذلك، إذا كان الحوار يؤدي إلى هذه الأشكال من النمو الوطني والوحدة الوطنية، فلماذا لا تستمر سياسة التغيير، وتنمو سياسة تخطي الأفكار المسبقة، فتكون لدى المسؤولين الثقة والشجاعة الكافيتان، نطرح بهما سياسة التواكل، لانتهاج خطة عربية لبنانية واضحة للدفاع، وننبذ مشاعر التردد لنعطي الجنسية اللبنانية لاخواننا المكتومين، ونقصي نوازع الأنانية لنقيم دعائم العدالة الإجتماعية لجميع المحرومين.

لقد اتضح للجميع بعد مؤتمر الرباط، وبعد مؤتمر الأمم المتحدة اللذين استأثرت قضية فلسطين بضميرهما، أن سياسة السلام والمن والرخاء في العالم ينبغي أن تسير في طريق فلسطين، في طريق هذه الصيغة العادلة التي تطرحها منظمة التحرير للعيش في عدل ومساواة واخاء بين المواطنين، مسلمين ومسيحيين ويهوداً على أرض فلسطين.

ونحن في لبنان، إذا كنا ندعو إلى هذه الصيغة، وقد دعونا إليها في الأمم المتحدة، فينبغي أن نكون أول السائرين في طريقها، في تحقيق العدالة بين  المواطنين لدينا في اشاعة المساواة بين  الطوائف، في رفع مستوى اللبنانيين المحرومين، من درجة الذل والحرمان إلى درجة الشرف والكرامة، بشكل تكون معه جديرة بالنضال، قادرة عليه، متلهفة إليه، فإذا كان الأمر كذلك، فذلك يعني عندنا ان سياستنا كلها ينبغي أن تتوجه إلى المستقبل عن هذه الطريق، طريق فلسطين، وإذا كانت فلسطين اليوم تجد طريقها من لبنان، فذلك المبدأ يحتم أن تكون طريق لبنان هي فلسطين بالذات.

أيها المؤمنون،
لقد كان الحوار على الصعيد العربي العام أكثر إنتاجاً، وأشد فاعلية منه على الصعيد اللبناني الداخلي، فأدى إلى مزيد من التماسك القومي، وإلى مزيد من الصلابة في مواجهة العدو الإسرائيلي المتربص بنا، وإلى الكثير مما نطمح إليه من معاني الخير والتعاون والوحدة سواء كان ذلك على صعيدالأفكار، أو على صعيد المبادىء، أو على صعيد المواقف، وهو ما جعل منظمة التحرير الفلسطينية في موقف النضال المشترك، وفي عرض قضية الحق والعدالة والحرية على العالم في الأمم المتحدة أقوى مرتكز وأصلب عدداً وأعمل أثراً.

ولقد كان للبنان بفضل هذا الحوار العربي التاريخي، الذي وحد ما بين الأخوة، شرف الحديث باسم هذه الوحدة العر بية بالذات، فقام بدوره بصدق وشرف وإيمان.

وبعيداً عن المبررات الإعلامية الرسمية التي رأت أن حديث لبنان عن فلسطين في الأمم المتحدة، إنما كان بدافع من التزام لبنان بقضايا العدل والحق والواجب، نقول ، من واجبنا، أن نؤكد، وبدافع من التزامنا القومي، ان حديث لبنان عن فلسطين في الأمم المتحدة كان أيضاً، وقبل أي اعتبار آخر التزام من البنان بالعروبة، لأنه التزام لا يتوقف عند حدود النطق باللسان، ولا يكتفي بتلاوين الوجه وقسماته، إنما يتجاوز ذلك كله إلى الالتصاق بأصالة التاريخ، والخفقان بقلب الحاضر، والتطلع إلى شرف المصير.

ان واقع لبنان هذا، هو الذي يجعلنا نرى ان قضيتنا في الرباط واحدة، وان قضيتنا في الأمم المتحدة واحدة، وان شعوبنا العربية تمثل أمة واحدة، ان هذه الوحدة، هي قدرنا لكل عمل مشترك، وتعاون مشترك، ووجود مشترك، ان التفكير المشترك عندما يكون كذلك مبنياً على مثل هذه الأسس، هو وحده الكفيل بأن يقودنا إلى الإستفادة من القيم الإنسانية، وبهذا المعنى يصبح التزام لبنان بالعروبة الأصيلةفيه مقدمة ضرورية لالتزامه بقضايا العدل والحق والإنسانية في كل مكان من العالم.

ان تجربتنا في الأمم المتحدة تعلمنا شيئاً اساسياً ينبغي أن يكون واضحاً أمامنا علىالدوام، هو أنه إذا فقد لبنان هويته العربية فقد دوره بين العرب، وفقد دوره في العالم، وفقد دوره في صعيد الإنسان في كل مكان.

من هنا كانت ضرورة التركيز على تراثنا العربي وتنمية لغته وكنوزه وثرواته في ثاقفتنا وجداننا، وتحضيرأجيال من اأبناء مؤمنة بلبنان العربي، وبقيمة العربية الحضارية، وأدواره الرسالية الإنسانية، والوقوف في وجه المحاولات المريضة التي تريد بشتى الوسائل سلخ لبنان عن حقيقته القومية وجوهره الإنساني.

أيها الأخوة المؤمنون،
إذا كان الحوار في الإطار المحلي قد أدى بعض ما عليه من مستلزمات الوحدة، وغذا كان الحوار على الصعيد العربي قد أدى الكثير مما عليه من مستلزمات التعاون، فإن الحوار العالمي ما زال يتعثر على طريق المراوغة، ويعرقل بالتالي نتيجة لذلك مساعي السلام، في العالم عامة وفي منطقتنا بشكل خاص. إن سياسة الإرهاب والتسلط والمسخ والتوشيه ما زالت في أساس هذا التعثر الدولي، ويبدو لنا أن الولايات المتحدة الأميركية هي محور كل ذلك، وفي ممارستها له مع دول العالم، وفي خضوعها له في علاقاتها مع اسرائيل.

إن سياسة الإرهاب والتسلط والمشخ والتشويه الأميركي لا تتمثل في المعاملة التي لقيها الوفد اللبناني في الأمم المتحدة فحسب إنما تتمثل أيضاً وبشكل اساسي في الأسحلة الأميركية الموجهة إلى صدور العرب في كل مكان وفي الصواريخ الأميركية التي أطلقت على مكتب منظمة التحرير في بيروت، وفي الأموال الأميركية الطائلة التي تدفع إلى إسرائيل في كل حين، وفي الضغوط الأميركية على دول العالم للوقوف في مواجهة الدول العربية في معركة البترول، وفي المؤتمرات الثنائية التي تبذل فيها أميركا محاولاتها للتحول بأوروبا عن التعاون مع العرب، وفي الإشاعات التي تطلقها أميركا نفسها ثم تنفيها حول الاستعدادات الأميركية العسكرية لغزو بلادنا، كل ذلك للإبقاء على التوتر المستمر، وخلق جو من القلق الدائم، ولزعزعة الوحدة العر بية وضرب الصمود العربي.

أيها الأخوة الأحبة،
ان الولايات المتحدة الأميركية نفسها تخضع هي نفسها لسياسة الإرهاب والتسلط في علاقاتها مع إسرائيل، فقد صرح بذلك أكبر قادتها العسكريين السيد براون بقوله ان وسائل الإعلام والمصارف ومجلس الشيوخ نفسه، كلها مرافق تقع تحت سيطرة اسرا

   القسم السابق رجوع القسم التالي  

جميع الحقوق محفوظة - في حال أردتم إستعمال نص أو صورة من هذا الموقع, الرجاء إرسال خطاب رسمي لمؤسسات المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد
ارقام تهمك     فهرس الموقع     مواقع تهمك      روابط      من نحن       كفالة الأرامل و الأيتام    إتصل بنا     إدارة المؤسسة